منافع العلك: اعلم أن من منافع العلك وأعظمها أنه كان في هذه البلاد بمثابة النقود تقوم به المتلفات وتشترى به المثمونات إلا أنه لم يبلغنا أن المهور كانت تدفع منه ولم يتجه لنا الآن السر في ذلك وكان العلك في القديم يباع في بلادنا هذه على الكيل ما كانوا يعرفون وزنه حتى احتكوا بالأوربيين من قريب وكانت وحدة الكيل عندهم هي المد كما سيأتي في الكلام على البديلة إن شاء الله تعالى. منافع العلك: اعلم أن من منافع العلك وأعظمها أنه كان في هذه البلاد بمثابة النقود تقوم به المتلفات وتشترى به المثمونات إلا أنه لم يبلغنا أن المهور كانت تدفع منه ولم يتجه لنا الآن السر في ذلك وكان العلك في القديم يباع في بلادنا هذه على الكيل ما كانوا يعرفون وزنه حتى احتكوا بالأوربيين من قريب وكانت وحدة الكيل عندهم هي المد كما سيأتي في الكلام على البديلة إن شاء الله تعالى وكان العلك أيضا هو العملة الصعبة التي تستجلب بها المواد التي لا تنتج محليا كالقماش والمرايا والسكر والتبغ والشاي ومن منافع العلك أيضا أنه يدخل في تركيب الكثير من الأدوية التقليدية حتى أنه قل أن تجد مرضا إلا وفي مستحضرات العلك دواء له قالوا ما عدا الأمراض البلغمية ونحن نذكر من ذلك ما اشتهر عند الناس فمنها:
ماسخة العلك: دواء ينفع في المرض المسمى بإكند وفي أمراض البطن تؤخذ كمية من العلك نحو ملء اليد فتطبخ في لتر من الماء مع كمية من الحب المسمى البشنة وبعض السكر فيشربها المريض ويأكل البشنة فيبرأ بإذن الله تعالى وهذا مجرب.
اندابزل: بزاي مشمة صادا بعدها لام مفخمة مفتوحة وهو مزيج العلك المشوي بالسكر مخلوطا بحليب وماء قال العلامة أوفى رحمه الله :
والناس يصفون هذا الدواء لأهل الحمى إذا كان مع لبن المعز وهو نافع في أمراض إكند والحموضة بصفة عامة وحدثني أحد الأصدقاء النبهاء أن من شرب منه كأسا بعد صلاة الصبح أمن من الغضب سائر يومه ولعمري أن هذه الفائدة نفيسة .
المثلوثة: هي عبارة عن خليط من العلك المشوي والسكر وعرق الحديد وهي نافعة في فقر الدم وفي إيكند.
أمل : بميم مفتوحة بعدها لام مشددة مفتوحة وهو خليط من العلك المشوي والزبد الطازج وينفع في التخم وإيكند.
أفلش: وهو خليط من العلك والصلاحة ثمر الغضا والماء ولبن الآدمي يصنع منه معجون يجعل في العين وهو نافع في الرمد ويطلق افلش أيضا على نوع من النبات يخلط بالمغرة نافع للرمد كذلك.
وأكل العلك صرفا ينفع في المرض المسمى بالمحور الناشئ عن الحموضة وفي المثل محور كمحور الأول أبكاه في المسجد وأرغمه على أن يبيع من نفيس ماله في فرشاشة من العلك فغضبت من ذلك زوجته فطلقها والأطباء التقليديون عندنا ينهون عن أكل العلك على اللحم قالوا لأن فيه ضرر عظيم على المعدة قال:
[| [( والعلك يوصف بالاعتدال****والنفع للصفراء ذو إسهــــال
يطرد ريحها ويدفع ضرر**** كل الحبوب ومع اللحم غرر )] |]
وذكر الطبيب محمد المام بن آجه للعلك كثيرا من الفوائد الطبية النفيسة انظرها في كتابه طب الأعشاب الموريتاني والقائمون عليه.
طعامية العلك: ولقد طرح اقتيات الناس للعلك مشكلة طعاميته وما يترتب عليها من منع بيعه بالطعام نسيئة وهل هو طعام ربوي وقد اختلف العلماء في بلادنا في ربويته فمنهم من قال بها محتجا بأنه مقتات مدخر وعلى رأسهم العلامتان محنض باب وحبيب الله بن القاضي وقد نظم فتواهما بهذا الصدد الفقيد حبيب بن الزايد فقال:
[| [( وبيعنا الزرع بعلك ذي أجـــل **** منعه إلهنا عز وجــــــــــــل
أفتى بذا محنض باب القاضي **** وابن حبيب الله نجل القاضي )] |]
ومنهم من نفى ربويته وعلى رأسهم محمد فال بن زياد وأحمد سالم بن سيد محمد محتجين بأن حد ابن عرفة للطعام الربوي لا ينطبق على العلك في بلادنا هذه لأن غلبة استعماله عندنا لغير الأكل والغلبة في الاستعمال للأكل هي مناط علية الربا وإن الطعامية نسبية بحسب الزمان والمكان وجلبا لذلك نصوصا كثيرة لأهل المذهب وقد مضى عمل الناس على جواز بيع العلك بالطعام نسيئة وهذا يقتضي أن العمل جرى على أنه غير طعام ربوي ومنهم من اعتبر هذا العمل مستندا إلى قاعدة أن الضروريات تبيح المحظورات لا غير فعدها العلامة اتاه بن يحظيه بن عبد الودود بين مسائل اضطر إليها الناس ولا مستند لها شرعا فقال:
[| [( أرى موقف الشرع الحنيف من البنك**** كتأجيل مطعوم يبدل بالعلـــــــــك
وأجرة راع عندنا وتهيــــــــــــــــــؤ**** وونكال والإحسان ينظم في السلك
مسائل عن ضر تعودها الـــــــورى**** وليس لها في الشرع شيء بلا شك )] |]
ولا شك أن العلك وإن كان مقتاتا فإن الغالب في استعماله إنما هو في الصناعات والدواء بل قد عدوا أكله من القوادح في الشهادة وهو متجه وقد حدثتنا كتب التفسير أن أهل المؤتفكات وأهل سدوم من إخوان لوط كان من عادتهم مضغ العلك يستعينون به على بعض ممارساتهم الشائنة . ومن أظرف ما يحكى في هذا الباب أن أحد العلماء ممن يقولون بربوية العلك نزل ضيفا عند صديق له لا يقول بها فلما حان وقت العشاء قدم المضيف إلى ضيفه قدحا مملوءا علكا وعليه غطاء وقال دونك العشاء فلما كشف الضيف الغطاء ورأى أن ذا إنائه علكا قال ويحك هل يأكل الناس العلك قال له المضيف أنت قلتها ألم تقل إنه طعام مقتات مدخر. نعم قد يؤكل العلك في المجاعات الكبيرة وفد حدثت روايات شفهية أن قد وقعت في هذه البلاد في أوائل القرن الثاني عشر الهجري سنة شهباء أتت على الأخضر واليابس وتسمى هذه السنة حواط وكان من خير غذاء الناس فيها العلك المشوي ويزعم أهل إيكيد أن حكيما من أوائلهم قال لأهله أريت دار مهاجركم أرض أسدها الذئب ومرضها الجوع وفاكهتها دقيق العلك يعني إيكيد هكذا سمعنا من مشائخ أهل إيكيد وعجائزهم سجعا صنهاجيا فترجمناه لك لسانا عربيا وقالوا في أكل العلك الأولى دواء والثانية غداء والثالثة داء وقد يؤكل العلك تفكها يخلطونه بالسكر ويسمى هذا الخليط بالجنة قال بعض الظرفاء لم أر أحب إلى الصالحين والعلماء من الجنة لا أقول جنة الآخرة وإنما جنتكم هذه التي تصنعون من السكر والعلك.. ومن استعمالات العلك ما كان الرجال عندنا في القديم يصنعون لدهن رؤوسهم كانوا يخلطون العلك المشوي بالزبد الطازج وقد أدركنا من يستعمله وهو طيب الرائحة من خير ما ترجل به اللمم ومن أغرب ما يلاحظ أن صانعات الجلود عندنا لا يستعملن العلك غراء في صناعتهن يفضلن عليه استعمال العيش والأرز والنشاء سألت إحداهن يوما عن سبب ذلك فقالت العلك غراء ضعيف لا يصلح لضبط الجلود وإنما يصلح للكاغد ونحوه.
موسم العلك: لاشك أن أكثر مناطق البلاد علكا الحوضان واركيبة والقبلة وهذا قبل جفاف السبعينات الذي قضى على معظم القتاد فغير الخريطة العلكية التي كانت معروفة ويختلف زمن ظهور العلك بحسب المناطق والأعوام قال صاحب الوسيط ولا ينضبط قانون ذلك لأنه يكثر في جهة سنة ويقل فيها أخرى والغالب أن بوادره تظهر في شهر نوفمبر تشرين الثاني وينتهي في شهر مايو آيار حين يورق القتاد ويروى عن الحكيم الفال بن باب أحمد الديماني أنه كان يقول إذا دخل شهر إبريل انخفضت رقبة الملقاطة وارتفعت رقبة الناقة يعني أن كمية العلك المجتناة تأخذ في التناقص مع زيادة اخضرار الشجر وإيراقه وقد يأتي المطر في فصل الشتاء فيتضرر العلك منه ولذلك كان أبغض شيء إلى أهل العلك قالوا شر مطر ينزل من السماء مطر الشتاء لأنه لا عشبا أنبت ولا علكا أبقى وإذا بلغ العلك أوجه قيل هذا زمن اطريط وأصل هذه الكلمة فرنسي كما لا يخفى ومعناها معالجة العلك وشراؤه وهو الموسم الذي يكثر فيه لقط العلك ليباع للمراكز التجارية على الشاطئ أو على ضفة النهر وقد أصبحت هذه الكلمة تستعمل مجازا لكل من صلح حاله في أي نشاط يقوم به يقال هذا زمن اطريط ويقال قامت البريكة وأصل هذه الكلمة فرنسية والبريكة علم على خنشة تحوي مائة كيلوجرام والمراد بها بريكة كرتة في السنغال فقد لاحظ بائعو العلك عندنا أن هناك ارتباطا بين قيامها وبين ربح العلك فإذا قامت بريكة كرتة ربح العلك وإلا فلا ومعنى قيامها أنها بلغت أقصى ثمنها وحكي أن أحد ظرفاء التجار كان غائبا عن بلده زمن موسم العلك فسأل أحد القادمين من بلده عن حال الناس وحال العلك هنالك فقال له عهدي بهم وقد قامت البريكة فقال أقامها الله وأدامها.
قال أرباب هذا الشأن درجات لقط العلك خمس:
الأولى: اتسفريد ولعل أصلها بربري وهو الخروج لطلب العلك ساعة من نهار دون الإمعان في ذلك فلا يبتعد صاحبه عن المحلة بل يكتفي بما وجد في العرصات القريبة.
الثانية: اتبوكيس مصدر بوكس على وزن فوعل وهو أن يذهب الشخص في طلب العلك أحد طرفي النهار ولا يبتعد كثيرا وقد يكون ذلك بمناسبة شغل آخر يقوم به كرعي جمال أو علم أو زيارة حي قريب.
الثالثة: الفزعة وهي أن يذهب الشخص جل يومه في طلب العلك متجردا لذلك ويبتعد عن المحلة موغلا في الطلب كأنه مأخوذ من فزع في أثر العدو إذا سار وهي فصيحة قال الكلحبة العريني :
فقلت لكاس ألجميها فإنني**** حللت الكنيف من زرود لأفزعا
الرابعة: اللقط وهو أن يتجرد الإنسان لطلب العلك بحر يومه ولا يخلط معه شغلا آخر ولا يكون إلا عن كثرة العلك.
الخامسة: اتكيديل ولم يظهر لنا وجه اشتقاقه وهو الفناء المطلق في العلك وهو مقام أهل البضلان وإنما يكون عند كثرة العلك أو نفاقه.
ظريفة يحكى أن أحد الفزعة ممن تحقق بمقام اتكيديل كان يذهب في الثلث الأخير من الليل ولا يرجع إلا بعد صلاة العشاء وذلك من كثرة العلك فلامه أقاربه وأهله على ذلك وأمروه بالإجمال في الطلب فلما أكثروا عليه قال لهم لحاكم الله أما تعلمون أن ترك السكر والأرز في الخلاء لا يجوز .
ذكر اللاقطين: كان لقط العلك في الزمن الأول قصرا على الطبقات الكادحة من المجتمع وكانت الطبقات الأرستقراطية من المحاربين والزوايا غالبا ما يترفعون عن لقطه مع أنه لا شك أن كل واحد منهم ربما كانت تراوده فكرة اللقط لولا الحظر الاجتماعي المفروض عليه وحدثت أن أحد أعلام الزوايا كان يقول على وجه التظرف سامح الله أجدادنا فكم حرمونا من أمداد العلك الهنيء يعني أن الأجداد بأنفتهم عن لقط العلك وتركهم ذلك عادة متبعة في خلفهم قد حرموهم ثروة هائلة من العلك ولا شك أن خصب العلك كان إذا حصل استفاد منه المجتمع بجميع طبقاته وكان من عادة اللاقطين أن يغادروا المحلة صباحا أو مساء زرافات ووحدانا وقد يحملون معهم شرابهم وطعامهم إذا عزموا على قضاء يومهم كله خارج المحلة.
ذكر البضلان: وإذا نبغ العلك بكم كبير في أماكن بعيدة عن المحلة خرج إليه اللاقطون وبنوا حوله خيما أو أعرشة فسكنوها وصاروا يرتادون العلك من مكان قريب وتسمى هذه الخيم أو الأعرشة بالبضلان جمع بضل محركة وهو بمثابة العزيب لأهل الإبل والشاء ومكان اتكيمير لأهل الصيد واشتقوا منه فعل بضل بالمكان إذا أطال الإقامة فيه وحياة أهل البضلان تجمع بين الجد والمرح نهارهم كد وعناء وليلهم رقص وغناء لا يكاد طبلهم يسكت طول ليله ولهم عادات عريقة في النضال بالأعمدة التي يلتقطون بها العلك وكيفية النضال أن يرمي العريض منهم عموده كما يرمي بالحربة فإذا استقر عموده في مكان رمي المتحدى بفتح الدال بعموده فإذا أصاب بحربة عموده عمود العريض صار العريض منضولا أي مغلوبا في النضال والمتحدي ناضلا أي غالبا في النضال والعكس بالعكس ويترتب على ذلك بدل خطر يعطيه المنضول حسب قواعد متفق عليها ولهم أدعية ورقى يستعيذون بها ساعة النضال منها أن يقول صاحب العمود الذي يخشى أن ينضل شد بد عينك فيه الهند يدفع بذلك شر منافسه حسب زعمه وقد يصنعون طبولا خاصة يؤلفونها من أعمدة اللقط والمدق والهاون على كيفية مخصوصة تحدث صوتا يشبه صوت الطبل وتسمى اللجبة التي يحدثها طرب أهل البضل آبلل بلامين مغلظتين أولاهما مضمومة والثانية مكسورة وأهل البضل لا يعرفون اللبن ولا اللحم إلا نادرا وإنما يتعيشون مما تنبت الأرض من الحبوب طبيخا أو مقليا وحبب إليهم منها الفول السوداني المسمى عندنا كرت يشربون عليه الشاي ويحتسون الحساء وقد يفتح بفنائهم تاجر سقط دكانا يوفر لهم مواد معاشهم مقابل جزء مما جنوه وإذا لم يكن تاجر بعثوا أحدهم بشيء من علكهم إلى أقرب حاضرة فيأتيهم بما يتزودون الأسبوع والأسبوعين ومن شأن أهل البضل إكرام الضيف وقل أن يصدر عنهم زائر إلا بحباء علكا أو غيره معروف ذلك من خيمهم سواء كان الزائر قريبا أو غيره وما ورد في الأدب الشعبي مما يخالف ما ذكرنا فإنه من باب النادر الذي لا حكم له……….
يتبع في الجزء الثالث قريبا إن شاء الله
معلومات مهمة عن العلك:
اكاسيا سنغال هي شجرة ايروار وهي تنتج أجود نوع من الصمغ.
تتصدر السودان قائمة المصدرين بحوالي 30 الف طن ثم اتشاد 20 الف طن.
يستخدم العلك صناعيا في صنع غراء الطوابغ واغلفة الرسائل كما يستخدم إضافة في صناعة الزيوت الحمضية كما يستخدم أيضا مثبتا للطعم ومثبتا للاصباغ.
في الصناعات الغذائية يرمز للعلك بالكود E414.
بقيت على المؤلف من تصنيف العلك ما يسمى محليا علكت الديماني وهي العلكة التي يلتقطها الفرد دون ان ينحرف عن مسار مهمته ولا تجرحه أشواك الشجرة ولايشق ثوبه.
وحسب تجربتي فإنها تكاد تكون معدومة لما يحف العلك من الأشواك.
وهذا يندرج في سياق ماذكر المؤلف من ان هنالك فئات اجتماعية كانت تترفع عن لقط العلك رغم الاغراءات المادية.
بحق يمكن أن نعتبر العلك عملة صعبة في ذلك الزمن.
أذكر أنه كان بإمكان الغلام ان يسفرد ساعة أو اثنتين دون أن يبتعد ثم يعود بملء كفيه من العلك وتاجر الحي يعطي كد اكد اي يضع العلك في كفة والمادة المشتراة في الكفة الاخرى والمواد هي كرت ولكسور
فقد كان الصغار يتحملون بعضا من نفقتهم.
أخ الصنكاوي
ذ الطلع ما طريت اله شي عاكب المره لول
ال مزالت فاصل فاتصلاح
ذيك الطلع ال ما فات جات اعل حالته
حد اخرص تافلويته لول والثالثه كان فيهم رواي اخر
قال الفنان الشهير محمد يحيى ولد الببان:
اعكاب ال يكيل فيه لبضل وال عند ينظل
لبضل ما تجبر ش من الظل ولا تجبر ش من ش خاطيه
اشبه من لخل وافضل لبضل مه ش يل يخزيه
ألله تحدر درجت لبضل
تصحيح للطلع
ماشاء الله هذا مفيد جدا
جزاكم الله خيرا
قال الفنان الشهير محمد يحيى ولد الببان:
اعكاب ال يكيل فيه لبضل وال عند ينظل
لبظل ما تجبر من الظل ولا تجبر ش من ش خاطيه
اشبه من لخل وافضل لبضل مه ش يل يخزيه
ألله تحدر درجت لبضل
طلعة على هذا النحو ربما أكون قد نسيت منها شيئا لطول عهدي بها