مدخل:
ذات يوم صيف قائظ من بدايات القرن الماضي، قرر السيد المختار بن باب بن الولاي أن يضع عن عاتقه عصا التسيار ، فاستقر بأسرته الصغيرة بين مضارب حي حلال قرب بئر انيفرار. تأقلمت الأسرة سريعا مع البيئة الجديدة وقد ساعد في ذلك الانسجام، ذكاء وحصافة الوافدين وانفتاح وكرم المستقبلين.
اجتهدت السيدة امنيان بنت مختاري في تربية ابنها البكر أحمدُّ سالم و ابنتها الوحيدة تاتي – خصوصا بعد وفاة زوجها المختار- و حرصت على أن يتلقيا في سن مبكرة،أكبر قدر من العلوم المطروقة في ذلك الوقت من قرآن و فقه و أدب دون أن تنسى التركيز على البعد الأخلاقي ،فتشبع الأبناء بقيم و أخلاق من يعيشون في أكنافهم.
لعبت الأسرة المحترمة فيما بعد دورًا بارزًا في الحياة الثقافية والاجتماعية لمجتمع انيفرار حيث كانت خيمة أهل الولاي بمثابة ورشة صناعية تزود الحي بكل ما يحتاجه من مزادات الماء، وحلي النساء، وحاويات للكتب، ومواعين البيوت وزخارف الخيام من أثاث وحصير و خيام تقي الحر و فراء تقي القر. كما كانت خيمة أهل الولاي بمثابة النادي الثقافي والترفيهي الذي يتسع للجميع دون فارق.
لعبت أيضا نفس الخيمة دور المكتبة المركزية حيث كان الأعصار يجلبون إليها كتبهم كلٌ حسب ذوقه وتخصصه فتتاح للكل مطالعة كتب ليست ضمن مكتبة أسرته.
كما كانت فضاء ثقافيا وعلميا يرتاده شباب تجمعهم الفئات العمرية، ليراجعوا دروسهم من شتى الفنون مشفوعة بنقاشات حول نوازل الساعة فقهية كانت أو لغوية أو غيرها.
ولا نكون مبالغين إذا قلنا إنه تخرج من هذه الخيمة أجيال بمستويات علمية مرتفعة كان لهذه النقاشات والمراجعات والمطالعة والتبادل المعرفي دور أساسي في تكوينهم.
إضافة إلى ما ذكرنا آنفا فقد كانت تلك الخيمة مركزا للتكوين على جميع آلات الدست وأدبيات الفتوة و أدب الزمان ، فهي لا تخلو من رواة لشعر الأعراب و نحاة الصرف والإعراب ، ومن متخصصين في فني لغن و أزوان ومن متذوقين لعلمي المنطق والبيان و نسابين لعدنان وقحطان و مؤرخين لأيام العرب من بنى عبد المدان إلى بنى أحمد بن دامان…
كما لا يفوتنا هنا أن نشير إلى أن خيمة أهل الولاي كانت فضاء ترفيهيا مسليا ففيها مكان معد لمجلس “اسرند” مع ما يصاحبها من متعة ونكت ونوادر تشحذ الذهن بعد يوم من الجد. وكان من أيامها المشهودة نهائيات رائعة جمعت الشيخين التاه بن سيدى والأمير بن عبد الرحمان، وخلدها الشاعرمحمد بن باكا في إحدى روائعه الشعرية رحم الله الجميع وأسكنه فسيح جناته.
و لاغرابة أن تخرج لنا تلك الحقبة جيلا من الأدباء، حصلوا قسطا من العلوم وتشبعوا بالأخلاق الإكيدية، من بينهم فتى يدعى أحمدُّ بن الولاي.
تربى الفتى أحمدُّ تحت خيمة أهل الولاي، وقد بدت عليه مبكرا مخائل النجابة، فدرس القرآن على الإمام بداه بن البصيرى -أثناء إقامته في انيفرار-، كما أخذ قسطًا من العلوم المحظرية عن الشيخ محمذن باب بن داداه ، وكان الشيخ يحبه و يعجبه جده وفهمه للنكت الدقيقة.
وقد أبدى أحمدُّ رحمه الله في سن المراهقة اهتماما بصحبة الكبار وميلا إلى مجالس الأدباء والصالحين. ولا شك ان المساجلات التي سنتناولها في هذه القراءة تؤكد لنا حبهم له وحرصهم على تشجيعه في كل مراحل حياته. فهاهو القاضى أحمد سالم بن سيد محمد يحفزه على ضرورة إتقان عمله فيقول له:
شَغْلِتْ هَذَا الرَّاجِلْ غِبْطَ *** مَا يَعْجَلْ فِيهَ مَا يَبْطَ
مَا تِتْــــــــعَدَّلْ وَلاَّ تَبْطَ *** كُلْبُ وَقْتْ اذْيَابُ غَلْغَ
وِالرِّبْطَ تِفْصِلْ فِالـــرِّبْطَ *** وِالتَّاسِلْغَ فِالتَّاسِـــــلْغَ
كما يقدم له العلامة الشاعر محمد بن الشاه شهادة تقديرية رائعة بقوله:
اشعر إذا ما رمت أو فانثر***مدح الزعــــيم الفـاره الخير
أحمدُّ من نال على صــــحبه***منزلة أعـلا من المــــشترى
و إن يقل فيه سوى ذا نــــقل***لاهم لم نامـــــر ولم نحضر
لقد اخترنا أن يكون أدب المرحوم أحمدُّ بن الولاي هو موضوع القراءة الأولى من قسم قراءات أدبية. الذي نخصصه عادة لقراءة في شعر أحد الأدباء المتميزين.
مصدر النصوص :
ضاع الكثير من شعر السيد أحمدُّ بن الولاي بفعل عوادي الزمن وعدم التدوين ، وموت الرواة وخصوصا أدبه في مرحلة ريعان شبابه، وهذا هو ما دفعنا منذ شهر إلى الاتصال بنجله الأكبر محمذباب من أجل أخذ وتحقيق النصوص المتوفرة لديه، وقد أتحفنا مشكورا بالكثير من النصوص وفي مختلف الأغراض ورواها لنا من حفظه وهو أمر يذكر فيشكر له. كما اتصلنا بابنته الفاضلة مينا وروت لنا من حفظها نصوصا نادرة لوالدها فلها منا جزيل الشكر.
كما أتحفنا أخونا محمد فال بن احماد بقطع شعرية نادرة من غرض الإخوانيات كان قد كتبها من إملاء المرحومة تاتى بنت الولاي.وقد قمنا بترتيب تلك النصوص حسب الأغراض الشعرية المعروفة.
المنهجية المتبعة في القراءة:
سنقوم من خلال هذه العجالة باستنطاق جزء من نصوصه الشعرية و ذلك بهدف تحديد أهم محطات حياته، وعلاقته مع بيئته، والأغراض التي تناولها حسب الزمان والمكان، كما سنتعرف من خلالها أيضا على إخوانه و إخوانياته وعلى ما سأسميه أدبه العائلي.
يمكن تقسيم أدب السيد أحمدُّ بن الولاي إلى محطتين أساسيتين: أدب ريفي و أخر مدني، أو بتعبير أدق أدب انيفرار و أدب المذرذرة.
مميزات أدب احمدُّ بن الولاي:
يعد أحمدُّ شاعرا وناقدا على دراية واسعة بصناعة الشعر الشعبي. لذلك كان مقلا وكانت مقطوعاته قليلة ويركز على الكيف على حساب الكم، ومن الملاحظ انه يميل إلى الإيجاز ويتجنب الإطناب وينتقي ألفاظه من قاموسه المتميز.
كما أنه كان يتحكم في لغته وأسلوبه وترتيب عناصر جملته ليؤدي المعنى المراد بأكمل وجه. وقد أدخل أساليب فصيحة لم تكن كثيرة الاستخدام أو استخدمت للمرة الأولى في اللهجة الحسانية منها:
استخدام الجملة الإعتراضية ( امْشَ مُوَدَّعْ لِلصَّمَدْ مُحَمَّدْ )
الفصل بين المضاف والمضاف إليه ( نِخْتِيرَكْ بُصَايِتْ تَعْمَلْ بِدَّاهْ الخ )
حذف العامل بدلالة السياق عليه ( وِإلَى مَارَنْكَ مَارُ )
استخدام أسلوب البدل أو عطف البيان ( بِيهْ السّكْرْ انْتِظَارُو )
وهنا نتساءل هل تأثر الشاعر بثقافته العربية فاستنسخ أساليبها التعبيرية الجميلة في الأدب الشعبي أم أنه امتلك ناصية الحسانية فصار يتحكم فيها أم للسببين معا؟
ومهما كان الجواب فقد أغنى هذا الاستخدام نصوص أحمدُّ وأضاف إليها امتيازا حقيقيا.
الأدب الريفي :
تميز شعر ول الولاي في هذه الفترة بسلاسة الألفاظ واختيار الكلمات المناسبة للغرض المنشود والابتعاد عن وحشي الحسانية، كما يتضح لنا أنه تناول فيها عدة أغراض شعرية مستخدما بحر لبتيت التام و أحيانا يحذو حذو لبتيت الناقص و حذو اجراد . وقد تجنب على الأقل في باكورة شعره أبحر الكدعة كلبير واسغير و ذلك عملا بنصائح عمالقة الأدب المعروفة.
الأغراض الشعرية:
تناول الشاعر جميع الأغراض الشعرية المعروفة من غزل ونسيب وتوسل واستسقاء ورثاء، كما يكثر في شعره أدب الإخوانيات.
ومن الملفت للانتباه أن جميع النصوص التي توصلنا بها لا تحتوي على نص واحد في المدح ، مما يؤكد مدى تمسكه بقيم المجتمع إذ ليس من عادة شعرائهم مدح الأحياء منهم، ولا على نص في الهجاء وكأنه حفظ وصاة ول هدار لأحد تلامذته حين قال له إياك والهجاء فإنه لا مسنون له.
وسنورد بعض الأمثلة من شعره للدلالة على تناوله لمختلف الأغراض التي أشرنا إليها سابقا.
النسيب:
أغلب الظن أن الشاعر تناول هذا الغرض أيام شبابه إلا أن الرواة لم يحفظوا منه شيـئا يذكر.
ولم نجد له في هذا الغرض إلا كافا واحدا يخاطب به الرجل الصالح دمين بن الحص حيث يقول :
لَعِتْ انْتَ دَمِينْ *** مِتْـــعَدَّلْ وُلْ الحِصْ
اتْحَاسِنْلْ مُدَّيْنْ *** عَنْدْ أَهْلْ ابَّيْرْ النِّصْ
الغزل:
من خلال طلعته الغزلية التالية تلاحظ تأثره بالبيئة الدينية المحافظة :
رَكْبِتْ ذِى النَّبْصَـرْ***لِـحْمَيِّـرْ لَخْـــظَــــرْ
وِمْشَ يِجَّـــــــرْجَرْ***مِنْ هُـونْ اصَّـــاتِ
وَابْكَـــيْتْ انْكَــــرَّرْ*** وَالـــــــــذَّارِيـَـاتِ
وِابْكَــــــاوْ إِلُــــوذُ*** بَــيْنْ أَصْحَبَــــاتِ
لَيْعَــــــاتِ أَعُــــوذُ*** بِكَــــــــــلِمَــــاتِ
أما النص التالي فيعكس الخصوصية الاجتماعية و محاولة الشاعر التساؤل عن كيفية كسر بعض الحواجز الإجتماعية السائدة آنذاك:
أَثْقَلْ شِ يَالصَّيْدَاتْ***عَوْدَانْ انْ جِــــدَّاتْ
اتْكَيَّــــــــمْلِ لَيْعَاتْ*** عَنْـدْ امْـــنَيْنْ انْجِيهَ
نَجْبَرْ فَمْ اشْـــوَيَّاتْ*** إِمَـــــــــــزُّونِ فِيهَ
أُلاَ نِكْدِرْ نِحْزِمْـــهَ***نِمْــــــــــشِ وِنْخَلِّيهَ
أُلاَ نِكْدِرْ نَحْكَـــمْهَ***أُلاَ نِـــكْدِرْ نِرْخِيــهَ
الحث على الأخلاق:
يبرز النص التالي شدة اهتمامه بمنظومة التقاليد والأعراف التي تنظم الحياة الاجتماعية في إيكيد. فالنص عبارة عن طلعة اعتذارية عن ترقيص نجله الأكبر محمذباب، الذي وهبه الله له بعد أن اشتعل رأسه شيبا قال :
اتْحَجْلِيبْ اعْيَالْ *** صَيْدَاتْ الهِمَّالْ
نِبْغِ بَـــــابَ فَالْ*** فِيهْ إِسَامِــــــحْنِ
وِلاَبَ مُحَـــــالْ*** يَسْوَ يَنْــــــــبَحْنِ
أبَّاتْ العِـشْرِينْ *** أَحْجْــــــلَبْ مِنِّ
وَانَ بُخَمْـــسِينْ *** إٍسْـــــــــنَ يَمَّنِّ
ويصرح الشاعر باستدمينه في مساجلة له مع الشيخ سيد محمد بن النجيب، حيث يروى أن أبناء الولاي أحمدُّ وتاتى رجعوا إلى انيفرار بعد رحلة علاجية إلى مدينة المذرذرة، فاستقبلهم الشيخ سيد محمد بن النجيب بكافه التالى:
لُكَانْ اللِّي تِكْدِرْ تِنْكَالْ***مَرِحْبَ بَهْلْ الــــوَلاَيَ
انْكُولُوهَ كَامِلْ بِكْــمَالْ*** يَغِيرْ اسْتَدْمِينْ ارْوَايَ
فأسرها أحمدُّ في نفسه، حتى أتيحت له فرصة الجواب اغتنمها وذلك إثر زيارة لأبناء سيدى بن النجيب للمذرذرة بعد ذلك بزمن فقال:
لُكَانْ المَعْهُودْ اتْمَرْحِيبْ***انْكُولُ عَنْـــــدْ البِدَايَ
مَرِحْبَ بَوْلاَدْ النَّـــجِيبْ*** يَغِيرْ اسْتَدْمِينْ ارْوَايَ
الإخوانيات:
وستقودنا هذه المساجلة القصيرة إلى تسليط الضوء على أسلوب الشاعر في المساجلة أو لكطاع، فأغلب إخوانياته كانت رائعة شكلا ومضمونا ، ويبدو أنه كان موفقا جدا في جوابه لكل الشعراء الذين يباغتونه دائما في المساجلات ، إذ قل أن تجده مفتتحا مساجلة بكاف لكن على العكس تجد كافه ختاما مسكا لها. وفي هذا المنحى يمكن أن نسجل الملاحظات التالية التي استوقفتنا:
*دفعت جودة شعره ودماثة أخلاقه من هم أسن منه إلى السجال معه كشعراء من عصر الوسط .
*شجعت شهرته وخبرته في الشعر الحساني من هم أصغر منه سنا إلى السجال معه كشعراء من عصري قريش والوسط.
*توفيقه الدائم في إيجاد مخرج وجواب مقنع للشعراء الذين يبتدرونه بهدف إرباكه.
*أغلب الإخوانيات التي تحصلنا عليها عبارة عن كافين باستثناء اكطاع واحد جمعه مع الشيخ عبد المؤمن بن الحمد بطلعتين. وهذه أمثلة على الأنواع الثلاثة التي أشرت إليها آنفا:
مع عبد المؤمن بن الحمد :
ويروى في سببها أن ول الولاي أوصى عبد المؤمن الذي كان مسافرا إلى ادويرة أن يجلب له مبردا، لكن عودة عبد المؤمن تأخرت بسبب عارض وتأخرت معها الوصية، فبينما ول الولاي يوما في انيفرار إذ توصل برسالة من طرف عبد المؤمن تتضمن الطلعة التالية :
عَظْمِ مِدَّكْـــــدَكْ يَغْفَرْلِ*** وِزْنَادِ كَبْـــــــــظُ وُلْ إعْلِ
وِ امْبَعد عن فركان أهل *** ويد ما فــــــــــيه سفاي
وفذ كاع اعكبت احجل *** لسمـــــعو ول الولاي
مفروظ عن يرســـــل***اعظم وزناد امــــن الغاي
أيرسل عن عــــــرظل *** طلعت لخلاط الى غاي
لغلان ذيـــــــك أيرسلل*** عن نرسلل كيـــــــــتاي
والكيت عملة ورقية تستخدم في ذلك العهد كما أنه لقب أطلق على نسوة من نفس الفئة العمرية (عصر الكيتيات)
فأجابه أحمدو بالطلعة التالية التي تعتبر نموذجا حيا من أدب النقائض، وقد ألمح فيها إلى تأخر المبرد ثم بدأ الرد على النقاط المثارة الواحدة تلوالأخرى:
هذا لكان الحــــكن بعــــد ***يتعـــــــــدل كامل ماه رد
نكلزلك شظــــي من مبرد*** واجيك امعاه اعظم غاي
واطلع عد بالتــــــــــقصد***تعرظه وفــــــــــطن نساي
كيفت تعرف والتيجكريت *** عرفت حالته واكـــراي
ماه كيتـــــــاي كاع اتليت*** الله إحشــــــــــــم كيتــأي
مع أحمد سالم بن سيد محمد :
كان الإمام الحجة بداه بن البصيرى مقيما في انيفرار من أجل إكمال بعض المتمات وكان رحمه الله يتولى الإمامة ويقوم بتدريس القرآن لبعض شباب الحي.
طرأ سفر عارض على الإمام بداه، فطلب من القاضى أحمد سالم بن سيد محمد أن يتولى الإشراف على تدريس ول الولاي، فأراد القاضى أن يختبر تلميذه الجديد ففاجأه بالكاف التالى:
ول الولاي فيك أخير***تم أسمعل واللوح اكراه
مانك تلمـــــيدي يغير*** اعليك اموصـــــين بداه
لكن التلميذ الأديب أجاب بكاف لا يقل فنيا عن كاف شيخه مبدعا فيه أسلوبا جديدا هوالفصل بين المضاف والمضاف إليه بفعل فقال:
نختيرك بوصايت تعمل***بداه اليـــــــن اج بداه
وان نسمعلك كنت اكبل*** بداه أنسمـع زاد أراه
اما إخوانياته مع منهم أصغر منه سنا فسنورد منها ماجمعه بالأديب الكبير المرحوم محمد بن باكا وشعراء من عصر قريش:
يقول محمد بن باكا:
يل طبعك فات أزك*** فهل المودن والبادي
سبك تلمـــيدي حك *** حك سبك تلمــــيدي
ويبدو واضحا انتهاج الأديب لإستراتيجية الهجوم المعاكس في الجواب فيقول:
بتلاميدك حك إزيدك *** ومفاوتهم فالتكري
مندرت كان اتلاميدك*** داير فيهم تلميدي
ويقول محمدن بن اللا بن أبن:
يحمدو من سابك تمش***عدللى سبت منكـفت
ولل ممغوط يفــــــلش***حكـــــلل عدلل سبت
فيجيبه بأسلوبه السلس والأديب مبينا أن الخدمة المطلوبة تتطلب وقتا أكثر وأيضا سيكون الأجر أكثر:
سبت منكفت يفلش***ما تتعدل كون افسبت
أيتأت زاد اعليه ش*** فالممغوط ما يــتأت
يحل أحمدُّ ضيفا بانيفرار بعد التقري و ماصاحبه من تغير في العوائد ومنها معاملة الضيوف. فيبعث له أحمدسالم بن ابا بكاف يطرح فيه إشكالية المعاملة الجديدة للضيوف المقربين:
اللي وسان بحسانك*** ما جيتك فالحين امبكر
انحان نعرف يكانك*** تناد ولل تخـــوطر
فيجيبه أحمدُّ ببديهيته المعتادة متنصلا من الجواب عن سؤاله:
حاسن لحسان إلعاد***أبيه اشطر ولل لا تشطر
نادين لعت اتــــــناد *** أخوطرن لعت اتخوطر
التوسل بالصالحين:
كما أشرنا كان أحمدُّ مريدا للشيخ محمذباب بن داداه ومما هو معروف أن الأخير متخرج من محظرة أهل ألما التي جمعت بين الشريعة والحقيقة.
وقد حدثني بعض الثقات الذين عاصروه أن الصفحة الأولى من كناشه الشخصي مكتوبة بخط الشيخ محمد سالم بن ألما. وتبرز طلعته التالية تعلقه بأشياخه ومحبته وتقديره لهم وحسن ظنه بهم ولوذه بجنابهم كما ينوه في آخرها بالشيخة أيم بنت أحمدُّ سالم بن عم رحمها الله:
لشياخ عيـــــط اعلن***حاسن بيهم كايل عـن
كايل عن حاسن ظن ***بشيـــــاخ ملان عالم
يالعالم لفــــقيه السن***يسن لفقـــــــــيه العالم
يمحمد سالم يـــــمن***أيمن يمحـــــــمد سالم
زورت امن لمـــــن ***أ زورت لجميع امسالم
ملان لجــــــــن امن *** وادير فالزر السالم
أياملان جـــــاز عن*** أيم منت احمدو سالم
كما نجد له أيضا في غرض التوسل بالصالحين كافين رائعين من اسغير، في زيارة له لمقبرة جكين حيث قبر الشيخ أحمد الفاضل وابنه امحمد سيديا وحفيده عبد الرزاق رحمة الله عليهم أجمعين:
يالشيخ أحمد يا امحمد *** يا عبد الرزاق
زايركم يلكــــــوم فبلد*** للفتح المطـــاق
زايركم ياهل ازريب***لياسر مشــتاق
بيكم تصلح كل غيب***أيبراك لرزاق
الرثاء:
تناول الأديب أحمدو أيضا غرض الرثاء حيث نظم مرثيته الشهيرة إثر وفاة صديقه الأديب الشاعرمحمد بن امو رحمه الله. و قد استحسن النقاد تلك المرثية ، حيث أبان فيها عن تمكنه من ناصية الأدب الشعبي وأبرز فيها نضوج تجربته الشعرية .
وقد خالف فيها عادته فجاءت طويلة إلا أن طولها لم ينقص من قوة شاعريتها وجزالة ألفاظها وهي تعد بحق من عيون المراثي في المنطقة.
ونظرا لقوة سبكها واشتمالها على العناصر المطلوبة في المرثية فقد صار الشعراء بعده عيالا عليه في هذا الغرض و منها :
امش مـــــــــــــودع للصمد***محـــــمد وا خلعــــــــن بعـــد
مصيب فمــــــــــــت محمد *** غير الـــــله اتبـــــــرد ســـم
محمد مثلو مالو لعــــــــــــد***ما كــــــــــط افعل فـــعل إذم
ألا كط امللى سمع حــــــــد*** سادر ش خــــــاسر من فـــم
خصال ما تكدر تنـــــــــــعد***محمـــــــــــــــــــــلمُّ مخـــلمُّ
أمخلم ذيل أخت محمــــــــد *** امخــــــــــلم بو مــــــــحلم
*****
لخلاق ألمرو والــــديـــــــن***والفـــــــــتو والطبع الزيـــن
هذ عند الكــــيم فالحيــــــن *** حصلـــــهم محـــــــمد لـــــم
اتم زاد الا عــــــند ليـــــــن***فالضــــــــــــريح امعاه التـــم
مثل يوكف بين العيـنيـــــــن*** بحر العلم اغرف من جــــــم
حافظ سورات معلومـــــــين*** و الموزون امنـــــين إهـــــم
مانل ينواع لثنــــــــــــــــين*** ما فيــــــــــهم ش كاع إخـــم
ولجـاو البرانييــــــــــــــــن*** أعاد فيهـــــم حــد إبيــــــــــم
يسو واعر يسو هيــــيــــــن*** ذاك ابلد محـــــــــــمد لـــــم
الأدب العائلي:
تناول الأديب أيضا خلال إقامته في الريف بعض المساجلات الطريفة مع بعض أفراد عائلته مثل زوجه السالمة بنت بومبيرد و أخته تاتي. و أغلب هذه المساجلات تمت بالشعر الفصيح ، ولا يخفى فيها التأثر الجلي بالوسط الثقافي والعلمي الذي يعيشون فيه . وسنورد أمثلة من هذا النوع من الأدب:
بين أحمدُّ وزوجه السالمة:
في هذه الأبيات التي هي من نوع من الأدب يدعى بازريكة ( وتعنى مزج اللغة الدارجة مع اللغة الفصحى في الشعر) تطلب منه زوجه السالمة بنت بومبيرد رحمة الله عليها أن يعد لها قدحا من الخشب وتعده بوجبة شهية إدامها الدهن الحقيقي فتقول:
أيها القـــــين المفدى*** حكـــلل غرولــل مدا
و لا تقل مان صايب*** إنى عجــــــلانة جدا
سأصنع لك تبـــــــخا** في مرجن من تنكردا
ودهنها عندى حاصل*** وليــــــس دهن فلندا
فيجيبها أحمدُّ بأن مزادة السقي فيها فتق يحتاج إلى رتق من طرف سيدة صناع اليد فيقول:
أيتها القينة السالــــــــــمة***قربتنا مشقوقة القائمة
لا تعجلى حكلل عن رقعها***فإنك الحاكمة الفاهمة
ولنا أن نتصور الجو الثقافي السائد آنذاك فالكل يعبر عن طلبه بالشعر، وكأنه لغة التخاطب العادية ، وهذا السجال لا يخلو من الطرافة ومن إلزام الطرف الاخر بإتقان عمله.
بين أحمدُّ وتاتي:
بعدما عم استخدام الشاي هذه الربوع ، تميزت منه عينات بالجودة ومن أجودها وأكثرها شهرة ذو الرقم 8147 ومع الزمن اختصر اسمها في سَتْ وتعنى الرقم سبعة باللغة الفرنسية.
وقد وسع أبناء الولاية الحقل الدلالي للفظة ست فجعلوها صفة للجودة العليا لأي منتوج. والنقاش الاتي في شكل أبيات فصيحة يحاول أن يحدد ستا للحم والدهن والفنانين. يقول أحمدو:
وسِتُّ كل الدهن دهن الغـــنم *** و لحمها إن كان للضأن نمى
و سِتُّ كل منشــــد وشاد *** منين في الحضر والبوادي
إلا أن تاتي كان لها رأي مخالف في ما يخص الفنانة منين ، فهي ترى أن تفضيل منين مقيد بعدم وجود الفنانة عيش بنت محمد اعل فقالت:
وقيدن أخي بذا و استثنى *** ما لم تكن عيش لنا تغنى
فاحتج أحمدو لقوله بأن عيش لم تطور الفن بل ثبتت على اللون لكلاسيكي فقال:
و لم تطور عيش نحية و لا *** شورا ولا غناية و لا ولا
وهو سجال يعبر فيه كل عن رأيه ويقرع فيه بالحجج مما يؤكد عمق ثقافة هذه الأسرة.
الشعر التعليمي:
النظم التالي يحدد فيه أحمدُّ حسب تجربته قواعد تحويل الوحدات بين الكيل التقليدي والوزن بالميزان العصري. ويعطي ضابطا للمطعومات الأكثر تداولا في تلك الفترة:
و كيلة الكار من اجغنات *** كيل وخمسون لدى الكفات
و تلك نفكة و أمــا مارِى *** فالكيل منه خرطة بالكــــار
والزرع كيله هنا ســـيان *** بالكار والكفـــات والميزان
اجغنات نوع من الزرع ، ومارِ بالكسر تطلق على الأرز بالصنهاجية المعروفة باكلام ازناك.
كما نبه المجتمع إلى ضرورة العودة إلى العلماء عند ظهور الموضات ، فبعد ما عم استخدام النساء لما يسمى محليا بالــبـُـفْ تساءل الشاعر المحافظ عن حلية النظر إليه مع تبيين العلة في ذلك فقال :
هذا البُـفْ اللى عاد عام *** والغيد أكحل من راصُ
يامندرت كانُ احـــــرام *** ولل جايــــــز تخراصُ
الإستسقاء:
يعتبرغرض الإستسقاء من الأغراض المطروقة لدى الشعراء في هذه المنطقة وخصوصا بعدما ضرب الجفاف بجرانه في موريتانيا منتصف الستينات، ويبدو أن الشاعر نظم عدة استسقائيات شهيرة يحفظها الشيوخ ومن أشهرها الطلعة التالية:
غيث أرضك يا الله المــــغيث *** لرض إلجـــــــات المحسوب
مجات الَّرْض أسحاب اتغيث *** لكلوبَ تمــــــــــــــش لكلوبَ
و فْْصل لكلوب يالســــــبحان *** فالغيــــث امن الحيوان اتبان
ومن الحَراثَ يلمــــــــــــــنان *** ألرض المجــدوب ذى النوب
لا ما جات السحـــــــــاب ا فْلـِبَّان *** تصبح لكــــلوب مكروب
والغريب أنه طلب من الله السقيا لثبات للقلوب أولا بدل سقي الحيوان ونبات المراعى والحرث لما رآه من شدة تأثير المحل على الناس.
ونختم هذا الجزء الأول بكاف مؤثر لأخته تاتي ، نظمته بعدما قرر أخوها الذهاب و الإستقرار نهائيا في المذرذرة سنة 1970 فقالت :
امنين امشات السالم *** عن بحمـــدُّ سالم
الا يعــــــــمله سالم *** وأحمدُّ سالم سالم
يتبع إن شاء الله
يعقوب بن عبد الله بن أبن
Your stylе is very uique in comparison to other people I’ve rеad stfuff from. I appreciate yoou fooг posting when you’ve got the opportunity, Guess I wіll just book mark this web site. Go to my web site
І needed to thawnk you for thiss excellent гead!! I ԁefinitely lovеed every little bit of it. I’ve got you bookmarked toօ сheck out neeա stuff you рost
merci yacoub c’est un travail intéressant et je me rappele bien de ould lwalaya yar7mou kan mgnanni 7atta.
continuer cet effort aranna vaslin vih.
يعقوب ؤ ظهرت ول اهلٌ ** يبدع بدع اهل الولايـــه
والاّ يـا ربّ لا فـــصلٌ ** عن هذا البدع اي اروايه
معالجة متميزة لموضوع متميز اهنئك اشتاذ يعقوب على هذه الدراسة العميقة فى ادب وحياة هذا الاديب، كما اهنئك على الموقع الذى ولد ناضجا وهو امر لا يستغربه من يعرف البيئة التى ولد فيها.
هنيئا ايضا لنا نحن الجياع الى الثقافة المؤسسة على دعائم صلبة مثل دعائم ثقافة انيفرار.
هذه معالجة متميزة حقا فى ادب متميز اهنئك على حسن اختيارك ودقة منهجيتك.
اهنئك ايضا على هذا الموقع الرائع الذى يبدو انه ولد ناضجا ومو امر ليس مستغربا فى بيئة مثل انيفرار تستطيع ان توفر لمواليدها هذه التغذية التى اغدقت على هذا الموقع.
اخيرا، هنيئا لنا نحن حياع الثقافة هذا المرعي الخصيب.
أشكرك يا يعقوب على ماقمت من سبر اغوارادب أحمدو ولد باب _ الولايه- وهنيئا لكم ولكن احمد له فى الغزل مقطوعات مازالت محفوظة ومعروفة واذاسألت من يسئل احدا ams. ;qmvh.
Félicitation Yacob pour ce travail de recherche complet et abouti, le style romanesque de l’introduction et la fiabilité des données collectées . T’as parlé d’une certaine Tente de “Tatti” dans la quelle fut né beaucoup de Chefs-d’œuvre poétique et autre, nous suggérons de créer une rubrique spéciale pour raviver le patrimoine de cette fameuse tente.
يقول أحمدو ول الولاي في رثاء العلامة محمد عال ولد محنض:
محمد عال ول الناه@ امش عن شور العال
غير احمدن لله الداه@ من عاكب محمد عال
عرض قيم ممتاز
شكرا لك أخي إلى الإمام
موضوع جيد وكما يقول البظان “ماه بران” على موقع انيفرار
جزاك الله خيرا على هذه اللفتة الكريمه على الأديب الكبير احمدو ول الولاي التى ماشاء الله “بردت فيه لخلاك’ فنفضت الغبار عن جانب من التراث انيفرارى إنيفرارى إن صح التعبير
في مقال أجد نفسي فيه في الصالون الأدبي والتاريخي والاجتماعي للأهل انيفرار، وجدتني وأنا في الغربة أتوقف آلاف المرات ثم أعود للسابق لأعود للماضي حيث كان أحمدو ول الولاي رحمه الله كالشامة البهية في الخد في مجتمع انيفرار الطيب،
إنه حديث يكاد يكون بحجم اكبر المكتبات حديث قد صاغ حقبة من تاريخ انيفرار واستطاع أن يوصلها للاخرين من غير حاجة لكتب أخرى تشرح فكرته, وهذا من الإعجاز النادر،
أخي يعقوب هذا المقال لم يكن ليعرف النور لولاك, فلك تحية أخوية وتقدير و لكل حرف كتب هنا.
وفي نهاية المطاف ,, سأقطف كغيري بعضا من زهور المقال بل من زهور الموقع لأضعها في مكتبة الجهاز.
عبدالله ول المختار ول أبوبي المملكة العربية السعودية
دراسة رائعة جدا تعتمد منهجا تحليليا جيدا ، و تضيء كوامن النص و تقف عند المسكوت عنه منه ، محاولة استجلاء كوامن الشاعر و إعادة تسليط الضوء على صوره الفنية الرائعة .
أحسنت يعقوب كدأبك أن سلطت الضوء على نصوص شاعر كادت أن تندثر و تختفي في الذاكرة كما اختفى ذكره . شكرا لك يعقوب على العمل الجيد و ننتظر الأجزاء الأخرى منه على أحر من الجمر .