كنت مرة في مهمة داخل ولاية تگانت و جمعتني سهرة أدبية مع بعض المثقفين و طلب مني أحدهم أن أفرق له بين بعض المفاهيم الشائعة مثل استدمين و اتمحصير و اكلام أولاد دمان و كلام إدابلحسن فقلت له إن الإجابة على هذا السؤال تحتاج موهبة القرافي في تحديد الفروق وأكدت له أنه لم يسقط على الخبير و لكني سأحاول أن أقرب له بعض تلك المفاهيم حسب فهمي المتواضع.
فكلام بني ديمان يمتح من طباعهم وهو مبني على الاختصار بحيث يقتصر المتكلم على ما يمكن المخاطب من فهم مراده مثل قول أحدهم لصهره لبگر ذالعام ينطح .. وأحيانا تغني لغة الجسد عن الكلام و قال اهل إگيد قديما في تعريفه عن ثلثين منو السبلة وثلثو لوخر الا السبلة.
و علق القاضي سيلوم بن المزروف على هذه العبارة بقوله إنه سبلت حد ابعقلو و يقوم استدمين عموما على الكناية و التورية والإيجاز و اختيار الكلمات المهذبة و عدم توجيه النقد المباشر.
اما اتمحصير فمشتق من المحصر و هو مصطلح لا يطلق في إگيد إلا على مضارب حي الأمير و اهله وحاشيته وهم المتكلمون بالحسانية المتفننون في أساليبها و يقوم اتمحصير على البلاغة وسرعة البديهة و توظيف فقه اللغة و يتميز بالصراحة في حدود اللباقة فقد ينتقد المحصري تصرف أحدهم لكن لايجرح شعوره بل يصوغ ذلك بأسلوب بليغ طريف للغاية كجواب انضات منت سيد ميله رحمة الله عليها للحاكم الفرنسي الذي شكى إليها من وصف أهل المذرذرة له بالدمامة فقالت له السيد الحاكم انت اص أعدل من أزين.
أما كلام اولاد دمان فبينه مع اتمحصير عموم وخصوص حيث أنهما يخرجان من مشكاة واحدة مع ميول كلام اولاد دمان في الغالب إلى الطرافة. مثل قولهم إنهم سيخبرون رسول الله صلى الله عليه وسلم في عرصات القيامة بأن إحدى المجموعات أطلقت عليه اسم إميجن و تعني هذه العبارة بالبربرية اسم محمد.
أما كلام الحسنيين فيقوم على اللفظ وتغذيه ثقافتهم العالمة حيث يوظفون فيه الأساليب البلاغية كالتشبيه و مراعاة النظير و أسلوب الحكيم وغير ذلك … ومن أمثلته تشبيههم لسوق جديدة بتفرغ زينة بمختصر خليل في الطول وكثرة الأبواب والوعر… والله أعلم
من صفحة الأستاذ يعقوب بن عبدالله