اتصل بي زوال اليوم السيد الشيخ بن احماده ليخبرني بصدور كتاب جديد لشيخنا محمد فال بن عبد اللطيف عنوانه” موجز الأخبار في نسب الأنصار” فبادرت بالذهاب إلى منزل المؤلف، حيث أطلعني على المنشور الجديد ويبدو أنه انتهى من تبييضه في الخريف الماضي وأهداه للشيخ علي الرضى بن محمد ناجي الذي أشرف بدوره على طبعه ونشره؛ ولا أجد غرابة في ذلك فعلاقة أهل البيت بالأنصار تعود إلى بيعة العقبة الأولى (ولولا الهجرة لكنت أمرءا من الأنصار). يلاحظ المتتبع للغزوات الاسلامية علاقة غريبة تربط شهداء الأنصار بالرقم سبعين، فشهداء أحد سبعون، وكذلك شهداء بئر معونة وجسرالمثنى وحديقة مسيلمة، ويبدو أن مراجع السيرة قد احتفظت لنا بأسماء من شهد العقبة وبدرا ومن استشهد في أحد وفي بئر معونة.
قرأت الموجز مرتين وأجلت فيه طرفي كرتين، فوجدته مفيدا للمبتدئين وضروريا للمتخصصين؛ فقد ضم بين دفتيه معلومات نادرة حول مشاهير الأنصار والأنصاريات، وقد اعتمد المؤلف على أربعة مراجع هي : جمهرة أنساب العرب لابن حزم، والاستبصار لابن قدامة، والحلة السيراء لليدالي ونظم البشير ولد امباريكي، وقد اختار المصنف طريقة الجدولة المختصرة لسرد المعلومات؛ حيث قسّم الصفحة إلى أربع خانات؛ الأولى للقبيلة والثانية للبطن والثالثة للفخذ والرابعة للمشاهير، كما خصّ كل خانة بلون معين، كالأخضر للقبيلة والأزرق للبطن مثلا… جاء الكتاب في ثمانين صفحة من الحجم الصغير، بدأت بترجمة مفصلة للمؤلف كتبها الأديب الشاعر محمدن ولد امد، تلتها مقدمة موجزة صدّر بها المؤلف كتابه، وقد استهل بقبيلة الأوس جريا على قاعدة مسموعة عند العرب تقضى بتقديم بعض الأشياء على مثيلاتها، كالشمس والقمر والسمع والبصر وربيعة ومضر والأوس والخزرج. اختصار الجدولة المعهود لم يمنع المؤلف من أن يشير إلى المعلومات والنكت الضرورية المتعلقة بالمشاهير الذين تم ذكرهم في الكتاب ، وقد اخترنا نماذج من ذلك .
- أوس بن خولى هو ممثل الأنصار في مراسيم دفن الجسد النبوي الشريف.
- عمرو بن أخطب الأنصاري دعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجمال فبلغ مائة عام وما في رأسه إلا نبذ من شعر أبيض
- شباذ بن حديج بن سلامة بن أوس ولد ليلة العقبة، وأمه أم عمارة بنت عدي.
- أبو زيد الأنصاري جد أبي زبد النحوي صاحب الغريب من فخذ بني جشم بن الحارث بن الخزرج
- أبو اليسر أخر من مات بالمدينة من البدريين.
- حرام بن أبي بن كعب هو الذي صلى خلف معاذ فخرج من إمامته لما طوّل .
- ـ كان بلال يؤذن على ظهر بيت أم علي بنت خالد من بني وائل
- ـ فخذ خزيمة بن ثابت ذي الشهادتين هم بنو خطمة من بني شجم بن مالك بن الأوس ، وعرابة بن أوس من فخذ بني حارثة من بطن بني حارثة بن مالك بن اوس (النبيت)، وفخذ عبد الله بن أبي بن سلول هم بن سالم بن عوف المعروف بالحبلى.
- ـ ذكر المؤلف من أسلم من اليهود مع حلفائهم حيث ذكر عبد الرحمن بن الزبير بن باطا وزيد بن سعنة وأخواه اسيد وثعلبة وأسد بن عبيد القرظيون مع فخذ بني حبيب من بطن بني عمرو بن عوف بن مالك ، كما ذكر مخيريق بني النضير مع بني سالم بن عوف، وعبد الله بن سلام وابناه يوسف ومحمد مع القواقل.
- ـ كما أشار المؤلف أيضا لبعض الأنصاريات اللائي تزوجهن المهاجرون، كحبيبة بنت خارجة من بني مالك بن الأغر زوج أبي بكر الصديق، وسهلة بنت عاصم من بني عبيد بن زيد زوج عبد الرحمن بن عوف وخولة بنت فهد زوج حمزة بن عبد المطلب.
أبرز المؤلف خلفيته في معرفة رجال الحديث حيث نبّه إلى أن أبا سعد الزرقي هو صاحب حديث “الندم توبة” و” التائب من الذنب كمن لا ذنب عليه ” والحارث بن أقيش من بني عمرو بن جشم حلفاء بني عبد الأشهل هو الذي روى حديث :”إن في أمتي لمن يشفع في أكثر من ربيعة ومضر” وعبد الله بن عمرو بن قيس الذي يعرف بابن أم حرام هو الذي روى حديث “أكرموا الخبز”، كما نبه أيضا إلى مشاهير الشعراء فذكر أن فخذ حسان بن ثابت هم بنو فغالة، وكعب بن مالك من بني سلمة وعمرو بن الاطنابة من بني مالك بن الأغر وأبو قيس بن الأسلت من بني وائل؛ أما قيس بن الخطيم فهو من بني ظفر. وقد لفت انتباهي في أسماء المشاهير الأنصارية أن بعض الأسر تشتق أسماء أبنائها من نفس جذر الكلمة، كسهل وسهيل صاحبا المربد من بني غنم بن مالك بن النجار، ومعاذ ومعوذ ابنا الحارث بن رفاعة بن سواد (عفراء أمهم)، ومظهر وظهير عمّا رافع بن خديج ، حويصّة ومحيصّة من بني حارثة وأسعد وسعد ومسعود أبناء زرارة النجاريين وأنس ومؤنس أبناء فضالة وبشر ومبشر ابناء الأبيرق من بني ظفر، ومعوذ ومعاذ بنا عمرو بن الجموح.
يعقوب بن عبد الله .
أخي يعقوب أفدت وأجدت وأمتعت وأنت تجول بنا جولة الخبير العارف في هذا المؤلف النفيس ، حفظ الله الأستاذ محمد فال وجزى الله الشيخ الرضى بن محمد ناجي خيرا الجزاء