أعلن في العاصمة نواكشوط مساء الجمعة الماضي عن انتقال روح السيدة خديجة الملقبة خدِّي بنت محمدفال بن الداهي إلى الرفيق الأعلى، فإنا لله وإنا إليه راجعون.
ولدت الفقيدة في انيفرار سنة 1956، وشبت وترعرعت في أسرة علم وصلاح وتقوى، فوالدها هو الشيخ الصالح والأديب الأريب محمدفال بن الداهي، وأمها العابدة الصالحة يُمِّ بنت محمدفال بن الحمدْ، أما جدتها من الأم فهي الشيخة آمنة بنت الشيخ أحمد الفاضل، فجمعت خدي في أديم واحد بين صلاح وعلم أهل محمد العاقل، إلى “ازْكَاوِيَّة” وأخلاق أهل الحمدْ، إلى زهد وكرم أهل الشيخ أحمد الفاضل، وبعد وفاة والديها، أصبحت بنتا برة بشقيقتها مريم بنت الداهي، فظلت إلى جانبها تقف عند أمرها ونهيها، وتساعدها في تربية الأبناء والقيام بشؤون المنزل العامر حتى وفاتها سنة 2013، والغريب أن عشر سنوات إلا عشرة أيام هي المدة الفاصلة بين تاريخ وفاتيهما.
تشبعت الفقيدة من قيم وأخلاق أهل إكيد، فعضت بالنواجذ على تلك الطباع الحسنة، وجسدتها على أرض الواقع، فكانت دستور الخمس يمشي على قدمين، كما كانت نموذجاً للمرأة الإكيدية الصابرة الحليمة المثقفة، لاتغادر بيتها إلا لصلة رحم، أو عيادة مريض، أو مشاركة فرح أو ترح مع أقاربها، وغالبا ما يكون خروجها ليلاً، كانت خدي بنت الداهي هادئة الطباع موطأة الأكناف، عفيفة قنوعة، حصان رزان ما تزن بريبة، تحب الخير للمسلمين، وتنصحهم وتدعو الله لهم في أوقات وأماكن الاستجابة، ويشهد كل من عرف الفقيدة عن قرب بحسن الخلف فلم تر قط متشجنة ولم ترفع صوتها على طفل أو عامل، وكان حضورها ينشر الطاقة الإيجابية بيننا ويدفعنا حديثها إلا التفاؤل بالمستقبل.
كانت خدي عابدة زاهدة تخفي عباداتها، وتحرص على إقامة الصلوات في الوقت مع الطهارة المائية، والإكثار من النوافل في جوف الليل، كما كانت تواظب على أورادها من قراءة القرآن والصلاة على الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم، وقد رزقها الله الاستقامة ولعمري فهي أكبر الكرامات ولا يلقاها إلا ذو حظ عظيم.
يتفق أهل انيفرار على مسالمة خدي بنت الداهي، وحرصها على صلة الرحم، وتعزيز أواصر المودة بين الأقارب والأهل، وقد عاشت محببة معززة مكرمة، ونالت احترام وتقدير الصغير قبل الكبير، فأخلاقها الراقية وخبرتها في فن التعامل مع الناس، واحترامها لهم وعدم تدخلها في خصوصياتهم وشؤونهم الداخلية، وشخصيتها المستقلة، وقناعتها التامة عما في يد الغير، صفات جعلت منها شخصية محببة ومحترمة ومؤثرة في محيطها.
استجاب الله دعاء الشيخة خدي بنت الداهي، فمتعها بصحتها واستقلاليتها حتى آخر لحظة في حياتها، فلم تثقل على مسلم، وتوفيت مساء الجمعة بعدما أدت صلاة العشاء الأخيرة، وصلت نوافلها الاعتيادية، ولم نزل نسمع من الأكابر أن من توفي وليست في ذمته صلاة فقد فاز فوزا عظيما. وقد أم جموع المصلين على جنازتها ولي الله محمذن بن محمودا، وووري جثمانها الثرى في مقبرة “أغودس” فدفنت بقرب قبر والدها الشيخ بباه وأختها مريم وشقيقها الشيخ أحمد سالم حلت بأضرحتهم شآبيب الرحمة والمغفرة.
وتنتهز أسرة موقع أخبار انيفرار هذه السانحة لتقدم تعازيها القلبية الصادقة إلى عموم أهل انيفرار وأهل ابير التورس وأهل التاكلالت، كما تخص بالتعزية أسر أهل امين بن الداهي، وأهل أحمد سالم بن الداهي، سائلة المولى عز وجل أن يرزقهم أجر الصبر وحلاوة التسليم، وأن يتغمد الفقيدة برحمته ويجعل قبرها روضة من رياض الجنة.