منذ نعي الشيخ الحافظ أحمد سالم بن ابَّا رحمه الله، وأنا أسترق السمع والنظر لعلي أظفر بمرثية أخي الأود محمد فال بن زياد، فما خاب ظني لما اطلعت مساء اليوم على رسالة منه يسألني فيها بكل تواضع ونكران للذات عن وجهة نظري في مرثيته، وهل سمعتم أن السَّامري قيم شعر المتنبي؟
– حفظ محمد فال -حفظه الله- ديوان المتنبي عن ظهر قلب، وتمثله عقله الباطن فأصبحت معانيه وأخيلته تتراءى رقراقة بين ثنايا شعره.
– مرثية جميلة فِيهَ طُعْمِة شعر أهل زياد وطول نفسهم، اختيرت ألفاظها بعناية واصطيدت معانيها بدراية القُلَّبِ الناقد.
– بحر الخفيف يطرب العيش وما يهتز له العيش يطرب له أبناء ديمان، ومحمد فال ممسك بناصية الخفيف والدليل على ذلك العتن اعل الإفلاقات.
– اشتملت المرثية على بعض التوابل والمحسنات البيانية الِّ كِدْ الكِدْ، كالاستعارة والكناية والطباق ومراعاة النظير .
حق للدين أن يشق البرودا
و صواب من مقلة أن تجودا
غربت منه شمس فضل و عز
ذبحت منه للوريد الوريدا
قد بكتها مآذن و صفوف
تذرف الدمع ركعا و سجودا
ثلمة في العلى و رزء عظيم
وقعه كان في النفوس شديدا
أحمد سالم توارى سموا
و لقد عاش في الوقار فريدا
أقفرت بعده محاريب حق
كان مسعاه في علاها حميدا
عرفت فضله العشيرة و الضي
فان والمعتفون بيضاً و سودا
ذاك شيخ قد حاز في الدين و السؤ
دد و المكرمات شأواً بعيدا
فسل الذكر عنه تلق خبيراً
و إماماً مجوداً و مجيدا
و سل الفقه عنه و النحو و الأش
عار و الرأي مصدراً و ورودا
و سل النصح و المروءة و الأخ
لاق و الصدق و القرار السديد
لم يزل يقتفي سبيل جدود
في التزاويت يقتفون جدودا
منهج محكم تلوا في علاه
سند الدين كاملاً و مديدا
رب بوئه جنة الخلد في الفر
دوس الأعلى فوزاً سما و خلودا
و لنا في البدور خير عزاء
فحري بمثلهم أن يسودا
فلهم في العلى تراث من المج
د منيف طود يسامي السعودا
طيب أصل و طيب فرع تحامى
مجمع الفضل طارفاً و تليدا
رب حطهم بالأمن و ارفع مقاما
تهم و اكفهم مريداً حسودا
و أقم دائم الصلاة على النو
ر صلاة سلامها لن يبيدا