أعلن في ابَّير التورس فجر الثلاثاء الموافق فاتح السنة الهجرية عن انتقال القطب الرئيس محمد فال (لمرابط) بن قاضي القضاة محمذن (امَّيي) بن تاج العارفين محمدفال (بَبَّهَا) بن العلامة الولي محمذن (مَامَّيْنْ) بن شيخ الشيوخ أحمد(لمرابط) بن العالم العامل محمد العاقل إلى الرفيق الأعلى فإنا لله وإنا إليه راجعون.
ولد الفقيد سنة 1916وشبَّ وترعرع في منطقة إكيد فنال ما نال ولما يتجاوز عشرا من سنيه، فحفظ الذكر الحكيم وأتقن علومه ودرس الأمهات وفهم المتمات وتسور القضايا والموجهات، وموازاة مع ذلك تفوق في مدارس أبناء الشيوخ، وكان من الرعيل الأول من الإداريين الموريتانيين الذين تصدوا لتحدي بناء دولة على صحراء قاحلة وواد غير ذي زرع، عمل الإداري الحصيف في العديد من ولايات الوطن شاع فيها ذكره وحمد مواطنوها سيرته ولهجت ألسنة شعرائها بأمداحه ورضيت القيادة عن قراراته الصائبة ومواقفه الموفقة.
غياب الوالد امَّمْ لم يخص بئر السبيل وأهلها بل شاركتها بئر المساجد في حزنها فأعلامها منكسة ودروسها معطلة ونساؤها يندبن فتى العشير شعرا ونثرا ويبكينه دما وعندما.
غياب الرئيس لمرابط عن المشهد الإكيدي يمكن وصفه بالمؤيد والداهية الدهياء فالرجل وهبه الله خلقا عظيما وحنكة سياسة ورجاحة عقل استطاع من خلالها التأليف بين المتناقضات فجمع الكلى والعجى في شدق، والضب والنون في طبق فهو الشيخ المعمم والوجيه المقدم تصدر الزوايا عن رأيه وتأتمر العربان بأمره ويطوف به الهلاك في زمن المحل فيهش ويبش وتغيث “غواثة” إذا تأخر الغيث.
هو الباطل المرفوض ما أنت رافض * وأما الذي سلمته فالمسلم
مفقد لمرابط مصاب وطني فهو أحد رجالات ورموز جيل التأسيس، ولا شك أن اعتراف الدول العربية والإسلامية بالدولة الموريتانية الفتية كان يتطلب سياسيين من الطراز الرفيع يجمعون بين الحنكة والكياسة والدبلوماسية والثقافة الواسعة، وقد اجتمعت تلك الصفات النادرة في الإداري محمد فال بن ببها ووظفها في سبيل تعزيز مكانة موريتانيا على الصعيد الإقليمي والدولي.
رحيل الشيخ المربي محمد فال ترك فراغا روحيا لدى ذويه ومريديه ومحبيه فالرجل ولي من أولياء الله الصالحين يوصلك إلى الله مقاله وينهضك من الغفلة حاله، جمع زكن اميي وعلمه إلى ورع الخيت وإخباتها كما سرت إليه محبة جده ببها وألقى الله عليه قبول محمذن وصيت أحمد ومهابة محمد العاقل،
جمع لمرابط بين الشريعة والحقيقة، فكان حريصا على أداء الفرائض ونادرا ما تفوته تكبرة الإحرام في المسجد حريصا على الطهارة المائية مبتعدا عن الخوض في أعراض الخلق معرضا عن زخرف الدنيا محبا للصالحين والمساكين فتعود بنو غبراء طروق بابه فيلقاهم بثغر باسم وكف ندي ومن بلا من.
عاش الوالد امم قرنا وخمس سنوات عيسوية كان فيها كالمسافر الخريت الذي يعرف معالم الطريق فاكتفى من الدنيا ببلغة المحتاج وشحن “ملكاطة” العمل بالعبادات والنوافل وتدبر القرآن والكون والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالإضافة إلى الكثير من أعمال البر الخفية التي لا تعلم بها شماله ولا أفراد أسرته جعلها الله في ميزان حسناته وأسكنه فسيح جناته وجعل قبره الميمون روضة من رياض الجنة.
ورغم لهيب الأسى وهول الخطب إلا أن الولي الصالح أحمد بن ببها سيرتق الفتق ويرأب الثأى كما سيحمل السادة الفتيان المشعل ويسيرون على صراط مستقيم لا لغو فيه ولا تأثيم مهده الكريم بن الكريم بن الكريم.
تنتهز أسرة موقع أخبار انيفرار هذه السانحة لتقدم أحر التعازي وأصدق المواساة إلى عموم أهل مهنض أمغر وتخص بالتعزية أسر أهل ببها بن اميي و أهل أحمد بن ببها كما تعزي أيضا أسر أهل محمد صالح و أهل الشاه وترجو لهم الصبر والسلوان وحلاوة التسليم وإنا لله وإنا إليه راجعون