نتحف قراء موقع انيفرار الكرام اليوم بمديحية رائعة جدا و نادرة للعلامة القاضي أحمد سالم بن سيد محمد رحمه الله :
مغان قد عفت بربى الثمــــام***لقد هــــــاجت عقابيل الغـرام
ومغنى حول نجد البير شــرقا***بحــــــيث المرخ دوخل بالثمام
وحول السرحة العــــوجــاء دار***لعـــــــــــمرك إنها دار السـلام
ديار قد عفون من أم أوفــــى***ومن جمل و هندَ ومن أمـام
لياليَ لا أحاذر من سليمـــى***ولا هند الصدود ولا قــــــــطـام
وإذ عصر الصبا غض نضيــــــر***وإذ عــــــنا الحوادث في منــام
وأيام المسرة مقبـــــــــــلات***وأيام المساءة في انصـــــــــرام
تعفتها السواري والغــــــوادي***وما تَذري الرياح من الرغـــــــام
ولما تــــــــــبق منها غيـر آي***تلوح كأنها رجـــــــــع الوشـــام
كأن دموع عيــــــني إذ رأتــها***جمان خانه سلك النظـــــــــام
فدع عنك الغوانـــي والـمغاني***وعد القول في خير الأنــــــــام
نبي حاز فضــــلا لا يدانـــــــى***وحاز على الورى أعلى المقام
نبي نوره ذا الكــــــــون طــــرا***تكون منه من بعد انعــــــــدام
نبي ماجــــــــــــــد بر كريــــم***نماه في فروع المجـــــــد نام
به المولى هدانا فاهـــتديــــنـا***وشفعــــــــــــه لنا يوم القيام
إذا أنشأت تمدحه فأطـــــلــــق***عنان النثر فيه والنــــــــــظام
فحسبك ما أتى في نونَ مدحا***وما في الضــــحى جا للتهامي
لقد حاز الجمال وكل وصــــــف***حميد بالكمال وبالتـــــــــــمام
فما الياقوت والمرجان يومـــــــا***يضاهي الوجه منه في القسام
ولا شمس تبدت في غمــــام***تدانيه ولا بدر التـــــــــــــــمام
ولا نور الأقــــــــاحي غب ودق***يحاكي ثغره حين ابتــــــسام
ولا فيض الأتــــــــــي زمان مد***كراحته ولا وكف الغـــــــــمام
وكائن من قليـــــــــــــل كثرته***وكم شخص شفته من السقام
وما ليث بعثر حول أجــــــــــــر***جياع عودت أكل اللحــــــــــــام
هزبر لم يزل في ساحتيـــــــه***مطرح بزة حــــــول الإجـــــــام
بأشجع منه إقدامـــــــــا إذا ما***تقابلت الكماة لدى اللطــــــــام
فسل عنه قريشا يوم بــــــدر***غداة أتوا بمــــــجرهم اللهــــام
كأن زهاءه أركان سلمــــــــى***أو الأركان من جبل الرجـــــــــام
قتام النقع منه كسا ضياء الــــ***ـــــــــــنهار فعاد لـــيلا من قتام
بكل طمرة جردا سبـــــــــــوح***وكل مطــــــــهم حسن المصام
بفارسه يكاد يطيـــــــــــر لولا***يثبطه بتقـــــــــــــــــــريع اللجام
عليها كل مدَّرع دلاصـــــــــــا***مضـــــــــــاعفة من الحلق التوام
مصاحب سيفِ هند مشرفي***ذليق حده عـــــــــــــضب حسام
ومعتقل من الخطي رمحــــــا***كأن سنـــــــــانه شــــمع النهام
وقوس من قسي النبع تشدو***إذا عنها رمى بالـــــــسهم رامي
يقـــــــود به سراة من قريش***ملاء بالجخـــــــــــيف وبالـــغرام
وشــــيبة منهمُ وسليل وهب***وعتبة وابنه وابـــنا هــــــــشام
يقودهــــــــم اللعين كأن كلا*** مــــــــــن القواد يجذب بالزمام
وقابل جيشـــــــهم طه بوجه***طـــــــــليق مثل مصباح الظلام
وكافحهم بجمع لــــــــن يبالوا***بـــــقرح في الحروب ولا حِمام
كأنهمُ بطعـــــــم الموت ذاقوا***مـــــداما أو ألذ من المــــــــدام
كأن المختشى هــــو من وراء***يجيء إليهــــــــمُ لا مــن أمام
فتي من بني الأوس الأعالي***وآل الخــــزرج الشـــــــم الكرام
وفتيان جحاجح من قــــــريش***يــــــلاذ بهم إذا اشتدت صرام
إذا أخذوا الرماح فكل جـــــــرح***على الأعـقاب لا الأقدام دامي
وإن هم أقدموا فدم الأعـــادي***ســريعا من شؤون الهام هامي
وإن أخذوا القسي فكــل قوس***بها يرمون حمراء الســـــــــهام
سيوفهمُ وإن كانـــــــــت ثمانا***فمنها الضرب كالــمطر السجام
وخيلهمُ وإن قلَّت كثـــــــــــير***لدى ملــــــــقى عدوهم الفئام
فلاقوهم بطـــــعن لا يبــــارى***وضــــــــرب صادق مثل الضرام
فما لبثوا أن انكشف الأعادي***وجاء النصر مـــــــــنكشف اللثام
وجاء ملائك الرحمن تتـــــرى***عـــــــلى بلق من الخيل العظام
فأسلم شيخ نجد من أواهم***وأدبــــــــــــر ذا حصاص مستدام
وقال لهم أرى ما لـــــم تروه***فــــــــــما لكمُ وما لي من مقام
ففل الجيش جيشهــمُ وبزوا***وقــــــــسم جمعهم شر اقتسام
فهم ما بين عان في إسـار***ومقــــتول بلاعــــــــــــــمه دوامي
ومفدي وممنــــــــون عليه***ومــــــــرحوم بلا رحم محــــــامي
وأدبر من نجا منهـــم مجدا***يـــــــــــــرى منجاته أعلى اغتنام
متى ير كالسواد يخله خيلا ***تـــــــشد عليه من خيل التهامي
فأصبح دين طه فـــي اقتبال***وديــــن سواه أمسى في انعدام
وأصبح أمر طه فــــي ارتفاع***وعـــز وازدياد وانــــــــــــــــــتظام
وأصبح صحبه فـــي كل خير***وفي فــــرح وفي بشــــــر مدام
واصبح غيرهم فـــي كل ذل***ونقــــــــــــــص وانكسار وانثلام
وفي أحد وفي الأحــزاب أبلوا ***بـــــــــلاء قطع الأطماع سامي
وغيرهما من الغزوات فـــــازوا ***بـــــما شاؤوه في كل اصطدام
وما ظفر الأعادي بعد بـــــــدر***من المخــــــــــــتار إلا بانهزام
فلم ينفـــــــــك من غزو لغزو***ويـــــــــــجمع بين صلح وانتقام
ويعلوا الأمر شــــهرا بعد شهر***وعـــــــــــاما بعد عام بعد عام
إلى أن أظهر الإســــلام صبحا***وقام بناؤه أقــــــــــــــوى قيام
فأصبح ظاهرا في كـــــل مصر***وفـي يمن وفي نجــــــد وشام
وماز الدين من كره ونــــــــدب***ومـــــــــاز الحل منه من الحرام
فهم ما بين غاز في غــــــــزاة***وقـــــــــــائم ليله جوف الظلام
وتال سورة في كل حيـــــــــن***وصـــــــــــائم يومه حق الصيام
نبي آيه للحــــــــــــــصر فاتت***فــــــــــــلا تحصى بأنواع الكلام
فقد جاءت له الأشجار تمشي***لدعـــــــــــــوته لها مر الجــهام
وساق ابن الجموح غدا للمس***بإذن الله مـــنه ذا الـــــــــــــتئام
وعين قتادة ردت فـــــــــعادت***كــــــما كانت أو ا زين في التمام
وإن الضب صدقه بقــــــــــــول***وزارته الظــــــباء من الموامــــــي
وصار الجذل عضبا مشرفيـــــــا***بــــــــــإذن الله يقـــــطع بالدوام
وتسبيح الحصى في كف طــه***عـــــــــجيب مثل تسبيح الطعام
وحن الجذع مثل حنــــين ناب***فــــــــــــــــأسكته بلمس والتزام
واخبره ذراع الشــــــاة يومــــا***بـــــما قد كـــــان فيه من سمام
وقد أسرى به جبريل ليـــــــلا***وجـــــــاز به الطباق السبع سامي
فنال بذا الدلوج مقام صــــدق***تـــــــــــــقاصر عنه كل أخي مقام
وفي ميلاده قـــد كــــــان آي***له الأصـــــــــــنام أمست في زنام
ونار الفرس قد طفئت وكانــت***دوامـــــــــــا قبله ذات اضــــــطرام
وغاض الماء مـــــــاؤهمُ ولما***يـــــــــــكن من قبل إلا وهو طامي
وكسرى صرحه قد خــــر هدا***وأمـــــــــــــر قد عداه عن القيــام
ورؤيا الموبذان قد أفزعتـــــهم***لــــــــــــــشأن قد رأوا منها عُظام
وإن من آيه القرآن فاعجـــــب***لــــــــــــــه من معجز لسن الأنام
ألا يا أشرف الثقــــــــلين طرا***وملـــــــــــــــجأنا إذا صمت صمام
ومن نرجو لكشف الضر عــــنا***وتـــــــــــــــــفريج الملمات العظام
غرام الحب حبك يا حبيــــبي***بــــــــــقلبي مضــــــــرم نار الغرام
وشوق لقاء أرض أنت فيهـــــا***قـــــــد أغرى دمع عيني بانسجام
إذا ما أذكت الزفرات قلبــــــي***أســــــــــليه بوعـــــــد ذي التزام
وإني سوف أدنيــــــها بعنس***مــــــــــن العزم المؤيد بانــــــبرام
وطائرة تســــــابق فكر قلبي***فـــــــــــــتسبقه إلى البلد الحرام
وتبلغني الضريح ضــــريح طه***وأضـــــــــــــــرحة الخلائيف الكرام
صلاة الله يصـــــــحبها سلام***علــــــــــــيهم بالدوام من السلام
وأوقع وسط مســـجده صلــــاة***تطـــــــهرني وأبدأ بالســــــــلام
وأبردْ حر قلبي باجـــــــــــتـــياز***بـــــــــــــتلك الطاهرات وباللمام
وأشفي الجسم مني باحــتكاك***بتربتــــــــــــــــــها وشم والتثام
وأرمي العين في تلك المـرامي***وأشــــــــفي الروح مني بالمقام
فرمي العين في تلك المرامي ***جــــــدير بالمروم من المــــــرام
ونقضي حجة براء تـــــــــقضي***بــــــــــــحاجي وامحا كل اجترام
أرى البيت الحرام وما حـــــــواه***كـــــــــــزمزم والحطيم وكالمقام
وكالحجر المعظم أنتويـــــــــــه***بـــــــــتقبيـــــــل يكرر واســتلام
ومروة والصفا ومنى منانـــــــــا***بــــــــــــــقاع ذات يمن واحــترام
وإني أرتجي بمديح طـــــــــــه***مــــــن الرحمن تيـــــسير المرام
وستر عيــــــــــــــوبنا كلا وعزا***يــــــــــــدوم لنا ونصرا في الأنام
وغفر جميع ما اكتــــسبت يدانا***وتـــــــــــفريجا لدى الموت الزؤام
ونرجو في عواقبنا وعــــــند الـــ***ــــــــــــمنايا دائما حسن الختام اهـ