كتب عبد اللطيف ولد يعقوب ..
يعتمد النحاة كثيرا في الاستدلال على صحة مذاهبهم الشاذة على ما يجدونه منسوبا إلى العرب الأقحاح قبل اختلاط العرب مع الأعاجم بعد انتشار الفتوحات الإسلامية و الأمثلة على ذلك كثيرة.
إلا أن الإستدلال بهذا الشعر من الصعوبة بمكان فلابد للمستدل به من معرفة جميع حيثيات ما يستدل به قائله و مناسبته و الأوضاع التي قيل فيها و توجهات قائله و نبذة عن حياته و و و حتى لا يضيف إلى اللغة ما ليس منها.
و لتقريب الموضوع أكثر أقترح عليكم ما يلي :
قائل يقول إن “الزايل” في الحسانية لا تطلق إلا على الإبل و البقر و آخر يقول إن الزايل تطلق على الحمار مستشهدا بالطلعة المشهورة:
ايدك، يلي رافد كايلت الستره ما فت اتخايلت
اعطين من هاذي حايلت الدني، هي رد اخبار
زايلت ايبل ولل زايلت ابكر ولل زايلت احمار
لا يخفاك أن هذا الأخير استشهد بطلعة لا ينكر أحد صحتها وصحة نسبتها إلا أنه استدلال في غير محله فإن ورود زايلت احمار في هذه الطلعة إنما هو من باب التورية فلا يستشهد بها على صحة استخدام البيظان لهذه العبارة و لا على وجودها في قاموسهم و سبب وقوع هذا المستشهد فيما وقع فيه هو عدم معرفته لهذا النوع من البلاغة وهو التورية التي لا يعرفها إلا من عرف المجتمع و ساكنه ليعرف مدلولات الفاظه و ما قد تدل عليه من غير مدلولاتها و تلك لعمري أعسر و أصعب.
ولو سلمنا جدلا ان الزايلة نطلق على الحمير أيضا للزم ان تكون الا خيرة بصغة الجمع ولأتى بها الشاعر عندئذ كذلك:
زايلت ايبل ولل زايلت == ابكر ولل زايلت احمير
أيو الي شايع عند اهل الحسانية استخدامو للحمير هو كلمة اظهر
فيقولون “اعريلي ظهر احمار”………
اكد ذاك اعود راجع ال عنها فايدتها الا اركوبها ولل ارفود اعليها
والله تعالى أعلم
زين حته ولا غرو
نظرة تدل على فهم صاحبها العميق لمكنونات هذه الظاهرة المسماة “اللغة”، وما ينبغي فيها وما لاينبغي ما شاء الله. بارك الله فيك. ولا غرو فأنت شبل من ذلك الأسد. رحم الله الشيخ يعقوب.