كانت مفاجأة كبرى بالنسبة إلي ذات مرة فى ذالك المساء الهادئ ….
عندما اتصل علي أحد اصدقائى السنغاليين ليبلغنى بـأن هناك شيخا طاعنا فى السن يتلهف للقائى !
ترى ماذا يريد ؟سألت نفسي بكل استغراب ..
اتفقنا على موعد معه فى الأيام المقبلة غير أن صاحبنا أحس بدنوِّ الأجل وخاف أن تفوت الفرصة قبْل لقائنا فأوصى علي الصديق الوسيط بأنه سيلقى ربه بعد قليـــــــــــل وأن أهم تركة عنده وهي أعز ما يملك : مكتبــــــــــــة عربية زاخرة بالعلوم والمعارف ويرجوا منى الإشراف عليها والمحافظة عليها من كل جانب فهي ثمرة حياته على حد وصفه , بعد الوصية أسلم الروح إلى بارئها من دون أن نلتقى رحمة الله عليه ,كانت مفاجأة كبرى بالنسبة إلي ذات مرة فى ذالك المساء الهادئ ….
عندما اتصل علي أحد اصدقائى السنغاليين ليبلغنى بـأن هناك شيخا طاعنا فى السن يتلهف للقائى !
ترى ماذا يريد ؟سألت نفسي بكل استغراب ..
اتفقنا على موعد معه فى الأيام المقبلة غير أن صاحبنا أحس بدنوِّ الأجل وخاف أن تفوت الفرصة قبْل لقائنا فأوصى علي الصديق الوسيط بأنه سيلقى ربه بعد قليـــــــــــل وأن أهم تركة عنده وهي أعز ما يملك : مكتبــــــــــــة عربية زاخرة بالعلوم والمعارف ويرجوا منى الإشراف عليها والمحافظة عليها من كل جانب فهي ثمرة حياته على حد وصفه , بعد الوصية أسلم الروح إلى بارئها من دون أن نلتقى رحمة الله عليه ,
شعرت بالزهو والمسؤولية بعد وصية ذالك الرجل الحكيم ووقفت وقفة إجلال وتقدير له واحتراما لمقامه.
بدأت العمل وقمتُ بجدولـة المكتبة وإحصائها , لم يبق فن من الفنون إلا وجدته أمامى بداية من تفاسير القرآن التى زادت على الخمسين تفسيرا ثم الحديث الشريف وعلومه والسيرة النبوية والتاريخ والتراجم مرورا بعلوم الفــلك والطب والاجتماع ونهاية بكتب التصوف والاجتماع والفلسفة .
على رفوف المكتبة تجد الأضداد والنقائض حيث ’’الفتوحات المكية ’’لابـــــــــــن عربي بجانب كتب التوحيد السلفية و’’حكم ابن عطاء الله’ ’ تكبح جماح ’’طوق الحمامة ’’لابـن حزم فيما تزدان الرفوف الأخرى بروائــــــع الأدب وذخائر اللغة من ’’الكامل ’’للمبرد و’’البيان والتبيين ’’للجاحظ و’’أدب الكاتب ’’و’’رسالة الغفران’’ إلى طـــه حسين و’’الأيام’’ و’’حديث الأربعاء ’’
’’مقدمة ابن خلدون’ ’ رائدة علم الاجتماع تشكوا الغربة والضياع عبــر ’’أغانى الاصفهانى ’’إلى ’’الأمالى’ لأبــــى علي القالى فيما ’’الموشحـــــــات الأندلسية ’’ ترنوا إلى عصورها الذهبية شادية من ’’نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب وذكر لسان وزيرها لسان الديــــــــــن ابن الخطيب’’ إلى غير ذالك من روائع الأدب العربي والإسلامي ,
بعدما نقبت فى أرشيف هذا الرجل الحكيم وقرأت عن صولاته وجولاته فى حلّه وترحاله وجدته أحد أبناء مدينة ’’سُـــكُون’ ’ إحدى مدن الجنوب السنغالي تلك المدينة التي أنجبت العالــــم الكبير ’ ’ الشيخ أحمد دم’ ’ صاحب التفسير الكبير الذى طُبع مؤخرا بعد أن مضى عليه أربعون عاما فى أدراج مكتبة جامع الأزهر بالقاهــــرة مخطوطا ينتظر الطبع وبعد إشعار الرئيس عبدا لله واد بضرورة طبعه كتراث إسلامي سنغالي أصدر الأوامر بطبعه ونشره وهو ما تحقق بالفعل وكان يومُ تسليمه لأسرة المؤلف يوما مشهودا امتزجت فيه الأبعاد الدينية والروحية بالمصالح السياسية والاجتماعية بمدينة ’’ سُكـُـــــــــون’’ وهي أيضا نفس المدينة التى قِيس فيها ظِلُّ الزوال ونظمه الشيخ محمد اليدالى بأبياته الشهيرة :
للظلِّ أقدام بكلِّ بلدةِ *** تُعرفُ وهي فى بلاد القبلةِ
دَجأُ وخمسة بلاظلِّ تلا ***ها أجدهُ واجعل يُنيِّر أولا .
’’سُكُـــــــون’’ وإن أنجبت الشيخ أحمد دم ومن بعده أقوى أباطرة الإعلام السنغالي الذين يتربعون على مجموعة ’’سِدْ ’’ ومعهد’’ إِيزِيكْ’’ لتكويـــــن الصحافة إلاَّ أَن صاحب المكتبة ’ ’ الحاج عثمان كّي’ ’ أسكنه الله فسيح جناته سيبقى فى خــــــــــــلدى إلى الأبد
فإن يك قد وافاه الأجل قبل لقائنا فقد التقيت به لاحقا عبر كتبه النادرة ومذكراته وأرشيفه الضارب فى القِدم فحُقّ لمدينة ’’سُكُـــــــــون’’ أن تتحرك زهوا وطربا ولِمكتبته الزاخرة أن يفوح شذاها كلما هبت ’’رياح الجنـــــــــــــوب ’’
محمدِّن ولد عبد الله ولد أحمدُّ
تعليق عليما كتبه ذ/محمدن بن عبدالله بن احمدو -حفظه الله عن مكتبة عثمان كي رحمه الله :بقلم ذ/محمدن ولد عبد الله بن أحمد [مناح]
أولا بادئ ذي بدء أبشرك أخي ذ/محمدن،أن [كنزالغلامين الذي جاءفي القرآن في قصة[موسي والخضر عليهما السلام ]كان مجموعة من الحكم]
وثانيا :أقول لكم:
أأستاذنافي الأصل نلتم تصدرا**** وفي الفرع ما في الأصل أصلا وأكثرا
فوفقك الله الكريم لحفظما***** ورثت عن الأجدادخلقا ومظهـــرا
فأنت علي نهج قويم كمثلهم**** فسر في طريق المجد حتي تصــــدرا
صلاة وتسليم من الله ربنا **** علي من أتانا بالنجاة مبشـــرا
مكتبة ابت إلا ان تبقى صامدة فالحاج عثمان جعلها فى يد مأمونة ما شاء الله كان الله فى عونك اخى محمدن