وأما عملهم فلا يتيح لهم ذلك بالأحرى ما عدا الطلاب والأساتذة الذين يقرءون الجرائد والكتب، ومما يدل على ما ذكرنا أننا نكون في التلفزة ننظر برنامجا حتى إذا حضر وقت نشرة الأخبار خرج من كان معنا من العمال وتركونا نحن الموريتانيين وحدنا نستمع النشرة، وكثيرا ما نلاقي أحدا فيسألنا من أي البلاد نحن فإذا انتسبنا له موريتانيين أنغض رأسه وهز منكبيه وهي عبارة عندهم عن الجهل بالشيء، وربما تكلف بعضهم فسألنا إزاء أي بلد فنقول شمال السنغال وجنوب المغرب فيطرق ولسان حاله يقول:وأما عملهم فلا يتيح لهم ذلك بالأحرى ما عدا الطلاب والأساتذة الذين يقرءون الجرائد والكتب، ومما يدل على ما ذكرنا أننا نكون في التلفزة ننظر برنامجا حتى إذا حضر وقت نشرة الأخبار خرج من كان معنا من العمال وتركونا نحن الموريتانيين وحدنا نستمع النشرة، وكثيرا ما نلاقي أحدا فيسألنا من أي البلاد نحن فإذا انتسبنا له موريتانيين أنغض رأسه وهز منكبيه وهي عبارة عندهم عن الجهل بالشيء، وربما تكلف بعضهم فسألنا إزاء أي بلد فنقول شمال السنغال وجنوب المغرب فيطرق ولسان حاله يقول:
[| [( سألنا عن ثمالة كي حــي *** فقال الحاضرون ومن ثماله
فقلت محمد بن يزيد منهم *** فقالوا زدتنا فيهم جهالــــــه )] |]
وكثيرا ما نلاقي بعض المثقفين منهم وهو يحسب الموريتاني نسبة إلى بلاد المرتنيك ، وهو خطأ لغوي لأن النسبة إلى المرتنيك مرتنكيين كما هو مبسوط في المعاجم كلاروس وغيره، والحق يقال أن هذا التجاهل أو هذا الجهل قبل أن نعرف سببه كان يثير عندنا سخطا نكاد نكتمه، فقد خرجنا من وطننا ونحن نحسبه كعبة البلدان وزنة العرش ومبلغ الرضوان لا يزهدنا فيه جدب في أراضيه ولا فقر في أهاليه فإذا بهؤلاء الأعلاج من الروم لا يعلمون له مكانا من الإعراب
[| [( وليس قولك من هذا بضائره****العرب تعرف من أنكرت والعجم )] |]
فصل: ومن عوائد الفرنسيين أنك إذا سألت أحدهم عن شيء وكان الجواب عنده غير حاضر يأخذ ينفخ بشدقيه ويحرك منكبيه حتى يجد الجواب ليلا يبقى الزمن خاليا، وهذه الحالة يحسبها من لم يعاشرهم غضبا منهم والحق أنها حالة يستدعون بها الذاكرة، وهي تذكرنا بما يقال عن الحكام زمن الاستعمار من أنهم كانوا كثيرا ما يغضبون ويزفرون على جلسائهم، ومن عوائدهم أيضا تحريك المناكب وهي معروفة عند الموريتانيين وقد كان شيخنا العلامة محمذن باب بن داداه ينهانا عن تحريك المناكب ونحن صبيان ويقول هو من فعل النصارى، ومن عوائدهم تقبيل الخدين عند السلام وعند وداع الأصدقاء والأقرباء سواء كانوا رجالا أو نساء شيوخا أو شبانا.
فصل: ومن عوائدهم اقتناء الكلاب بكثرة حتى إنه في أرض فرنسا ثمانية ملايين كلب حسب الإحصاءات الأخيرة، منها ستمائة ألف مسجلة في سجل الكلاب، ومنها مليون ونصف يحمل ميسم صاحبه، وهذه الكلاب أنواع منها السلوقي ومنها الجرماني ومنها هذا النوع المعروف في موريتانيا، والكلاب عندهم مدللة لها مكانها في السيارة ومخدع للنوم وتغسل صباحا ومساء بالماء والصابون ويشترى لها أطيب اللحوم، حتى أنه يوجد مؤسسات خاصة ببيع هذا النوع من اللحوم كما يوجد أطباء بيطريون متخصصون في أمراض الكلاب، وكثيرا ما ترى الشيخ الهرم الذي أحيل على المعاش وبيده كلبه يطوف به في الشوارع “يسدره” كما نقول بالحسانية كما نفعل نحن بالجمال، وكذلك ترى المرأة العجوز كذلك، وبعض النساء يفضل القطط على الكلاب لأسباب غامضة، ويظهر أن هذه الكلاب الأوربية لما تصل إلى أي درجة من التمدن فهي ما زالت تلقي برازها أنى شاءت سواء عندها الشارع والرصيف وغيرهما.
وقد بحثت مع بعض الأصدقاء سبب ولوع الأوربيين بالكلاب فلم نجد له تفسيرا معقولا إلا أن تكون الأنانية التي قامت عليها الحضارة الأوربية قد جعلت الإنسان يفقد الطمأنينية والأخوة والمشاعر المتبادلة التي يحتاج إليها وهو المدني بالطبع مما جعله يختار هذا الحيوان وهو الذي يرمز إلى الوفاء والإخلاص فيجعله صديقا وفيا لا من الإنس ولا من الجن، وربما يفسر بعضهم كثرة الكلاب بقلة الرجال الناتج عن الحرب العالمية الثانية إلا أن هذه الحرب قد انتهت وتكاثر الرجال ولكن الكلاب ما زالوا كثرة.
فصل: ومن أبلغ ما توصف به البيوت الأوربية ما كتب به إلي من مدينة مرسيليا أخونا محمد سالم بن عبد المؤمن وقد رأيت أن أثبت الفصل بكامل نصه قال: “ولا أكاتمك أني تعبت من المجاملة فقد قلت إن كل ما رأيت يعجبني فنار الحطب والدخان يجول في الغرفة والسمر مع الشيخ السخيف وحفلة الرقص وأطعمة تعملها الجدة ولا يعلم ما تجعل فيها إلا الله والغرفة الضيقة التي أعدت لنا والشيخة وكلبها كل هذا لا بد أن أقول إنه يعجبني ولا بد أن أكررها وأحجلب الكلب وأحدث الشيخ عن السباق والفرس فهو الموضوع الوحيد الذي يعرف عنه شيئا ويتحدث عنه إذا صحا وإذا سكر أضف إلى ذلك قبلة للشيخ وقبلة للشيخة صباحا ومساء” .
فصل في ذكر باريس وبعض مشاهده: وقد زرناه مرارا وتكرارا والحمد لله على ذلك، وذلك أنا لم نزل نسمع من الأساتذة وغيرهم أن من زار باريس فكأنما زار الدنيا كلها فكل الصيد في جوف الفراء كما يقال، وهي أجمل مدن الدنيا وأكثرها سكانا وأكثرها عمارة، وقد أسس زمن الرومانيين الأولين على حافة نهر السين وليس بإمكاننا أن نصف كل ما شاهدناه فيه فهناك كتب خاصة بمشاهده ولكننا نذكر من ذلك ما لا يسع جهله إن شاء الله.
فمن ذلك برج إيفل وهو برج عظيم بناه المهندس إيفل في آخر القرن التاسع عشر وهو مطل على نهر السين ذي قوائم أربع في كل واحدة منهن معراج يعرج بالمتفرجين إلى ثلاث سماوات في كل سماء مجهر كبير يستطيع الناظر أن يرى به ما خفي من المدينة إذا كان الجو صاحيا والصعود إلى هذه السماوات يقابل دفع رسم معروف دفعناه وركبنا في صندوق فعرج بنا إلى السماء الثانية ونحن نحو من خمسين رجلا.
ومن مناظر باريس متحف اللوفر وفيه كما قيل لنا ما لا عين رأت ولا أذن سمعت من الطرف والآثار التاريخية القديمة الشرقية منها والغربية ولم ندخله وهو كثير الازدحام بالزوار. ومن مناظر باريس قلعة مونبارناس وهي قلعة أسطوانية الشكل تطل على جميع المدينة ترى من مسافة بعيدة جدا كنخلة السويكي في بلاد الخط، وفيها مكاتب ومتاجر وقد تمنى بعض الأصدقاء على وجه الدعابة أي يصنع على سطحها شايا وشواء في أحد أيام الأحد في الصيف، والذين يعرفون قواعد الفن المعماري يرون هذه القلعة غلطة لا تغتفر لأنها بأسلوبها الحديث تفقد المنظر الكلاسيكي بعض روعته، فهي كالنغمة الشاردة حسب تعبير أهل الغناء.
ومن هذه المناظر قوس النصر بناء عظيم على هيئة القوس بناه الإمبراطور نابليون الأول بمناسبة انتصاره في حروبه ولم نتمكن من دخوله، ومنها مشهد الكونكورد وهي محل سجن الباستيل الشهير الذي كان يسجن فيه المغضوب عليهم من طرف الملك، وقد أحرق وحطم بعد الثورة وقد نصبت مكانه بناءات وتماثيل، ومن تلك البناءات عمود من أحد المعابد المصرية.
ومن هذه المناظر حديقة لكزمبورج وهو عبارة عن حديقة عمومية واسعة يجتمع فيها الناس أيام الربيع ويخلو كل حبيب بمحبوبته وكل عاشق بمعشوقه فيفعلون ما يشاءون على مرأى ومسمع من الناس بذلك جرى عرفهم أن يتسافدوا تسافد الحمر الأهلية لاسيما في زمن الربيع والصيف.
فصل: وفصل الربيع هو أجمل الفصول في أوربا، تكتسي فيه الأرض ثيابها السندسية الموشاة بالأزهار والأنوار من كل لون وفن
[| [( تخجل الدر واليواقيت من نو***ر رباها البيضاء والحمراء )] |]
ولا يبدأ الربيع الحق إلا في شهر إبريل نيسان ومايو أيار ولذا يقال الورد أيار، وفي هذا الفصل تظهر الشمس ويصفو الجو فيكون كما قال ابن الرومي:
[| [( أتاك الربيع الطلق يختال باسمـــا**** من الحسن حتى كاد أن يتكلما
وقد نبه النوروز في غسق الدجى**** أوائل أرض كن بالأمس نوما )] |]
وفي أوائل هذا الفصل تكثر الأمطار وتخضر الأرض، والمطر في تلك الأرض لا يغير من نشاط الناس لأنه غالبا ما يأتي على شكل “أردان” وربما كان به رعود وصواعق.
فصل: وأرض أوربا خضراء طول السنة وبقرها كثير اللبن وله وبر ولحمها سمين وأهلها يفضلون لحم البقر على لحم الضأن والمعز والإبل لا يوجد منه شيء وكذلك الخيل، وكنا نتمنى أن تكون بلادنا كأرض أوربا في دوام الخضرة والخصب ونتعجب من ذلك منشدين قول الشاعر:
[| [( عجبت من الرزق المسيء إلهه**** وللترك بعض الصالحين فقيرا )] |]
إلا أننا نعلم علم اليقين أن لله تعالى ذكره في ذلك حكمة بالغة لا تدركها عقولنا سبحانه لا يسأل عما يفعل وهم يسألون.
فصل: والحياة في أوربا وديعة وجميلة لمن كان كثير الفضة وكان يؤمن بالله واليوم الآخر وحضارتها لها سحر وجاذبية لما توفره من الملاذ والمرافق المادية، ولكنها عوراء لا تجد للجانب الروحي فيها شيئا مما جعل بعض النشء يرفضونها ويطلبون الاستقرار والطمأنينية النفسية في الفلسفات والعلوم الشرقية كاليوجا والتصوف مثلا، والتفسير الشائع بين الموريتانيين لسر تقدم أوربا على العالم الإسلامي في مجال الدنيا هو أنه تعالى قال في حقهم إنهم يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا، وهو رأي حسن لو كان له مستند في التفسير، والتفسير التاريخي الذي أصبح مسلما به أنها امتداد للحضارة العربية التي هي امتداد للحضارات اليونانية والمصرية والسومرية، والحضارة الإنسانية واحدة يحملها من كل عصر طائفة من البشر توفرت لهم الظروف الطبيعية، وهذا موافق لما جزم به ابن خلدون في مقدمته ولما يراه المفكر الجزائري مالك بن النبي رحمه الله تعالى.
فصل في ذكر بعض من لقينا من الموريتانيين في باريس : منهم صديقنا القديم عبد الرحمن بن حمزة المستشار في سفارة موريتانيا في باريس والممثل لموريتانيا في منظمة اليونسكو فأوسعنا إكراما ومباسطة ومحاضرة ولسان حاله ينشد:
[| [( وإن كريم الأصل كالغصن كلما**** تزايد من خير تواضع وانحنى )] |]
فأرانا نموذجا من الأصالة الموريتانية التي حافظت على قيمها وشاركت في الحياة العصرية ومرت عليها جميع فتن الحضارة ولم تتأثر بها، وهذا التبر النادر والكنز الثمين لا يظفر به إلا سعيد مثله فعشنا معه مدة في حياة موريتانية ملؤها الفرح والسرور وزار بنا جميع معالم باريس
[| [( وكانت في دمشق لنا ليال**** صرفناهن عن ريب الزمان )] |]
فصل: وهذا نادر جدا وذلك أنك قل أن ترى رجلا لبس هذا الزي الأفرنجي ورطن بلغة الإفرنج وبيده علبة السجائر إلا وهو متنكر لأصله ووطنه وأهله ودينه وعرضه، وأندر من هذا أيضا المحافظة على العهد ولا تجدها إلا عند أولي النفوس الشريفة والأصول الكريمة ممن لا يطغيه أي منصب لأنه أكبر من كل منصب فالمنصب يتشرف به لا هو يتشرف بالمنصب وما أقل هؤلاء، فإن عهدك بالواحد من الأصدقاء يكلم الناس ويمشي في الأسواق موطأ الأكناف حتى إذا أسعفه الحظ وعين في أحد المناصب تنكر لأصدقائه وحسب أنهم أصل بلائه وهذا يدل على دناءة نفسه وكونه غير أهل للمنصب الذي حازه ولسان حاله ينشد:
[| [( ولله سر في علاك وإنما**** كلام العدا ضرب من الهذيان )] |]
فصل: وممن لقيناه أيضا أخيارهم بن عبد الوهاب ونعم من هو فتوة وثقافة وكرما، جاء إلينا في مدينة بلوا وذهب بنا إلى باريس حتى استرحنا معه ثلاثة أيام في بعض الفنادق
[| [( كالغيث إن جئته وافاك ريّقه****وإن ترحلت عنه جد في الطلب )] |]
ولعل أوجز ما سجلت في هذه الزيارة ما كتبت به لأحد الأصدقاء في موريتانيا فقلت له: لقد زارنا في هذه الأيام أخيارهم وهو كذلك.
فصل: وممن لقيناه أيضا أحمد بن باب متدرب موريتاني قضيت معه أنا وعبد الله بن محمذن أربعة أيام في ضواحي باريس فأكرمنا غاية الإكرام جزاه الله خيرا.
فصل: ولقينا أحد الموظفين القدماء ومعه واحد أو اثنان من الموريتانيين في أحد المطاعم التونسية فأنعشنا وجودهم بجوارنا.
فصل: ولقينا أيضا بعضا من الطلاب ولم يألوا جهدا في مباسطتنا ومؤانستنا ولكن ظروفهم المادية لا تسمح لهم ببلوغ ما يريدون من إكرامنا
[| [( أرى نفسي تتوق إلى أمور**** فيقصر دون مبلغهن مالي
فلا نفسي تطاوعني ببخـل **** ولا مالي يبلغني فعالــــي )] |]
ولم تسمح لنا نحن ظروفنا أن نعينهم، ضعف الطالب والمطلوب.
فصل: ومدة إقامتنا في فرنسا لم نشرب خمرا والحمد لله ولم نأكل خنزيرا ولو نشهد قمارا ولم ندخل موضع ريبة، أما مدينة بلوا فلا يوجد فيها من المسلمين غيرنا في ما أعلم إلا جزائريان يعملان في أحد المصانع ومغربي يعمل في المصنع النووي الفرنسي اسمه القاسمي وهو ذو دعابة وله حظ من الثقافة يحفظ من شعر شوقي بك قال: إن الحب في أوربا هو على نحو قول شوقي:
[| [( نظرة فابتسامة فسلام*** فكلام فموعد فلقاء )] |]
إلا أنه مكان فلقاء يشير إشارة مجونية، وهذا النوع من الروي بالإشارة لم يؤثر عن غير أبي نواس، والقاسمي هذا نهاني عن لبس الجبة في ابجاما وقال لي هي فخر ولكن في غير فرنسا، وكان كثيرا ما ينشد إذا رآنا: وكل غريب للغريب نسيب .
ومن المسلمين في بلوا أيضا سيد كي المالي يعمل في أحد المصانع وهو بشوش الوجه طيب الأخلاق، قال لنا إنه يسمى أبا بكر الصديق وأنه يعرف الموريتانيين في مالي، ومنهم أيضا شاب نيجيري لا يحسن إلا الإنجليزية وهو يشرب الخمر وقال لنا إنه مسلم وهو يبغض البابا ويسبه ولا يفرح بأعياد النصارى.
فصل: وأما مدينة طورس فقد حدثنا الأصدقاء أن بها جالية كبيرة من المسلمين وأن أهلها لهم مسجد يصلون فيه الجمعة، وقد توقف الأصدقاء في شرعية هذه الجمعة المقامة في بلد لا يخضع للسيادة الإسلامية، فأجمع أمرنا على التسليم لأنا لا نحيط بجميع مذاهب الشريعة الإسلامية وإن كان مذهبنا أنها لا تقام في أرض الحرب.
فصل: ولم يدخل شهر يونيو حزيران حتى كنا قد مللنا من فرنسا كل الملل وأصابتنا السآمة، فصرنا لا نفرج لشيء ولا نتسلى بلعب، فصغنا تقارير مقتضبة عن تدريبنا فاستلمها منا مدير التدريب، ثم ذهبنا إلى باريس فأقمنا به بين بقية الأصدقاء والمفتشين مدة أسبوعين، حيث تم تسفيرنا إلى موريتانيا يوم الثلاثاء كما بدأكم تعودون.
فصل: وقبل رجوعنا إلى موريتانيا اشترينا هدايا السرور وكان غالبها مسكا وقماشا، وتجول في باريس من فاته التجول الأول، ولما كانت الليلة التي قبل ذهابنا لم يكد أحد منا ينام لشدة التأثر والشوق والفرح والقلق أيضا.
فصل: وأقلعت بنا الطائرة عند الحادية عشر صباحا، ونزلت في بوردو نزولا ليس كنزولها الأول فقد كان الجو صاحيا والشمس طالعة والجو معتدل ونحن راجعون، فأكملنا بعض الإجراءات الإدارية ثم أقلعت بنا إلى موريتانيا، وكانت كلما حلقت على مدينة سمتها لنا مضيفة الهواء، فمما سمت لنا مدينة سالقة من بلاد الأندلس ثم مدينة سبتة ومليلية ثم الدار البيضاء ثم مراكش ثم العيون ثم انواكشوط، وتناولنا غداءنا في الطائرة وشاهدنا فلما سينمائيا.
فصل: ولما نزلنا في مطار انواكشوط تلقانا بالحر والغبار والفوضى ولكن الأذى ممن تحب سرور وقلنا الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن إن ربنا لغفور شكور.
قال المؤلف وإلى هنا انتهى ما سمح به القلم وفاضت به الذاكرة من سرد أنباء هذه الرحلة الميمونة، وأنت ترى كيف أبرزتها لك في سرد تاريخي غير خال من التحليل العميق والاستطراد البديع، وقد كنت فرغت من تسويدها منذ زمن فعاقني عن تبييضها الشواغل والحمد لله، وكان الفراغ من تبييضها يوم 25 ذي القعدة سنة 1401 من هجرة سيد المرسلين الموافق 25 سبتمبر 1981 م والحمد لله .
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك. اللهم صل على سيدنا محمد عبدك ونبيك ورسولك النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم عدد ما أحاط به علمك وخط به قلمك وأحصاه كتابك وارض اللهم عن ساداتنا أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعن الصحابة أجمعين وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين. سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.
محمد فال بن عبد اللطيف
[الجزء الأول->http://www.niefrar.org/spip.php?article234] [الجزء الثاني->http://www.niefrar.org/spip.php?article239]
هاذ زين حته
وخيرت بالعلامة الصالح الاديب اطال الله بقائه
وخيرت بالصالحين