ألقى الشيخ محمد فال بن عبداللطيف في الليلة الأولى من تظاهرة الأسبوع الثقافي محاضرة بعنوان : “التصوف عند أهل انيفرار” ويسر موقع أخبار انيفرار أن ينشر اليوم نص المحاضرة كاملاً ليستفيد منه القراء
بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على نبيه الكريم
تكاد كلمة التصوف في المصطلح العام أن تكون مرادفة لمفهوم الإحسان الوارد في حديث جبريل الشهير قسيما لمفهوم الإيمان والإسلام ومن هذا المنطلق لا شك أنه من الطبيعي أن يكون مخيم أهل انيفرار على حظ لا بأس به منه لاعتباره نموذجاً حياً للمجتمع الزاوي الذي تخلى عن حمل السلاح بعد حرب شربب وتمحضت عنايته بجمع العلم بجميع فنونه والعمل به تطبيقا وذوقا ثم بثه بين أفراد المجتمع.
وقد كان التصوف يتجلى في مقومات النسك المعروفة من ورع وامتثال واجتناب وقد لا نكون بحاجة إلى تفسير هذه المفاهيم فلا يخلو منها كتاب.
وقد حصل المتحلون في انيفرار بهذه الأخلاق من عاجل البشرى بقدر لا بأس به من الكرامات الظاهرة المتواترة وأهمها التوفيق للاستقامة، والعض على السنة فضلاً عن الخوارق الكثيرة الخارجة عن نواميس الكون التي نالها عباد الله الصالحون وإذا كان لابد من ذكر مثال على هذه الطائفة فإننا نذكر العلامة المقرئ الورع عميد المجموعة ألفغ عبد الله بن عمر إديقب وأخاه سيدي الأمين الذي ملأت شهرته الآفاق.
ويمكن تقسيم الممارسة الصوفية في حي انيفرار إلى مرحلتين:
– مرحلة التصوف العفوي الذي لا يخلو منه أي زاوي بل أي مسلم وكان الناس يعتمدون فيه على ما ورد في القرآن العظيم والسنة النبوية ثم ما في المؤلفات المقررة كنظم المرشد المعين لابن عاشر والرسالة لابن أبي زيد القيرواني وإحياء علوم الدين للغزالي وخاتمة التصوف لليدالي.
– المرحلة الثانية: مرحلة التصوف المؤسسي الذي يمر عبر الطرق الصوفية وقد كانت الخلفية الأصيلة للمجتمع الإيكيدي هي النفور من هذه الطرق والتحذير منها حتى أنهم ربما وصفوا بالإنكار على كل من يدعي شيئا زائدا على الاجتناب والامتثال.
ولكن هذه الجبهة تم اختراقها بظهور أعلام من مقدمي الشيخ سيديا الكبير الذين فرضوا أنفسهم دينيا وأخلاقيا بل وسياسيا من أمثال الشيخ أحمدو بن اسليمان والشيخ أحمد ابن الفاضل رحمهم الله وأصبحت منطقة إيكيد وبالأخص منطقة انيفرار تربة صالحة تنمو فيها الطرق الصوفية دون أي عرقلة تذكر.
ومن أشهر الطرق التي عرفتها المنطقة الطريقة الشاذلية ومن أكبر روادها في المنطقة عبيدي بن محمذن بن ألفغ عبد الله فعندنا بخطه سلسلة أوراد أخذها من هذه الطريقة. ولكن هذه الطريقة لم تظهر إلا بعد ذلك ومن أشهر من أخذها محمد بن محمذن بن عم أخذها عن الشيخ محمذن فال بن متالي وله في مدحه أبيات.
ثم بعد ذلك عن طريق مقدمي الشيخ محمد سالم ابن ألما: العلامة الشيخ محمذن باب بن داداه والشيخ أحمد سالم بن ألفغ عبد الله.
ثم الطريقة القادرية ومن أشهر من أخذها العلامة محمد فال بن أحمد بن المنجي أخذها عن الشيخ سيديا الكبير عن طريق المراسلة ونجد محمد فال في أنظامه التوسلية يتوسل بشيخه الشيخ سيديا والشيخ الكنتاوي حسب تعبيره.
ومنهم العلامة أحمذ بن زياد وأبناؤه أخذ الطريقة عن الشيخ أحمدو بن اسليمان وكان الشيخ أحمدو يلقب أحمذ بن زياد بأنه قرة عينه وحبيبه وقد أخذ عن أحمذ بن زياد أبناؤه محمد فال ومحمد الأفظل ومحمد محمود ومحمد عالي رحمهم الله.
وممن أخذ عن الشيخ أحمدو بن اسليمان ألفغ عبد الله بن محمذن بن ألف ومحمذن باب بن حنبل رحمهم الله.
ومن أقطاب الطريقة القادرية في حي انيفرار الشيخ أحمد ابن الفاضل أخذ مباشرة عن الشيخ سيديا ومكث معه أربعة أشهر وقد أخذ عن الشيخ أحمد جماعة من أهل انيفرار من أشهرهم محمد بن أحمد سالم بن عل وأبناؤه والنجيب بن محمد بن عبد القادر وسيدي بن أبن وابنته الولية الصالحة المشهورة فاطمه فال الملقبة أوا.
وممن أخذ عن الشيخ أحمد ابنه وخليفته الشيخ محمدن الملقب أد وابناه سيدي محمد ومحمد سيديا.
وعن ابنه أد انتشرت الطريقة في مخيم أهل انيفرار فقد أخذ عنه عامتهم نذكر من بينهم: إخوته: محمد سالم وعبد الرحيم وعبد الرحمن وعبد الله وعبد الفتاح.
وممن أخذ عنه أحمدو بن محمذن بن ألف ومحمذن وسيدي الأمين وعبد الله أبناء محنض باب وعبد الله بن سيد بن أبن.
وممن أخد عنه أيضا ابناه عبد اللطيف ومحمد العاقل وأبناء إخوته عبد الرزاق وأحمد سالم ابنا سيدي محمد وأحمد سالم الملقب الشاه ومحمد صالح ابنا محمد سيديا وحامد بن يحظيه ابن يام وسيدي محمد ابن النجيب وعبد المؤمن بن أحمد ابن الحمد ويحظيه ابن ابا والعلامة محمد عالي بن محنض الأبهمي.
وممن أخذ الطريقة القادرية من غير فرع الشيخ سيديا محمدُّ بن محمد بن ابا أخذها عن طريق الشيخ محمدُّ بن حبيب الرحمن.
أما الفرع الفاضلي نسبة للشيخ محمد فاضل فظل مقتصرا على أفراد معدودين أخذوا الورد عن الشيخ سيدي محمد التاكنينتي نذكر منهم أبناء يحظيه ابن محمد بن عبد القادر.
ومن أقطاب التصوف في منطقة انيفرار ولي الله الكامل أحماد بن محمدُّ ابن ابا وليس له انتماء معروف إلى إحدى الطرق فقد كوّن في قرية انيفرار حضرة صوفية استمر عطاؤها ما يزيد على عشرين سنة تفرغ خلالها للتدريس وإرشاد المريدين وكان يربيهم بالحال والمقال فتاب على يديه كثير من المخلطين من شتى أنحاء المنطقة وظهرت على يديه الكرامات الباهرة والكشوفات الظاهرة فاستفاد منه مريدو جميع الطرق هذا فضلا عما يقوم به من الأعمال الخيرية لصالح الفقراء والمساكين وأبناء السبيل وما يبذله لإصلاح ذات البين وتوحيد اللحمة والائتلاف بين كافة المجموعات.
– الطريقة الثالثة الطريقة التيجانية وقد ظهرت في الحي في أوائل السبعينات من القرن الماضي وقد أخذها عدد لا بأس به من الأفراد عن طريق مقدمي الشيخ إبراهيم انياس رحمه الله من أشهرهم ولي الله محمد اليدالي بن عبد الله بن سيد بن أبن رحمهم الله.
وبوجه عام يمتاز الحضور الصوفي في انيفرار بجملة من المميزات منها:
أولا: البعد عن المراسيم والطقوس التي غالبا ما تصاحب الممارسة الصوفية عند الطرق.
ثانيا: المبالغة في التواضع والبساطة وإنكار الذات على حساب بذل العلم ونفع الآخرين.
ثالثا: اعتبار مفهوم العبادة غير قاصر على الصيام والصلاة بل يشمل كل ما فيه منفعة للمسلمين لذلك كان من شعارهم العمل على أن يغنوا أنفسهم “عما لدى المخلوق” فلا يسألون الناس إلحافا.
أما الكتب المعتمدة عندهم في ميدان التصوف فالغالب عليها الطابع الفقهي ومن أشهرها إحياء علوم الدين للغزالي وخاتمة التصوف لليدالي ومطهرة القلوب لمحمد مولود ورسالة السلوك إلى ملك الملوك للحلبي وحكم ابن عطاء الله وشرحها لابن عباد وابن عجيبة ولطائف المنن لابن عطاء الله ولطائف المنن للشعراني والإبريز في مناقب سيدي عبد العزيز الدباغ وطبقات الأخيار للشعراني والكوكب الوقاد للشيخ سيدي المختار الكنتي وجنة المُريد من الشيطان المريد للشيخ سيدي محمد الخليفة وعامة رسائل الشيخ سيدي المختار والشيخ سيدي محمد الخليفة والشيخ سيديا الكبير فقد عني بجمعها بين دفتين وخطها يعقوب بن عبد اللطيف رحمة الله عليه ومن العجيب أن المرحوم أحمد بن دحيم حدثني قبل أن يجمع يعقوب هذه الكتب أنه رأى في المنام “أن مجمع أهل أد سيجدد”
والسلام عليكم ورحمة الله.