الرئيسية / فيسبوكيات / عِجْل امْبَيْكِتْ رَاهَ
القطب و الولي الصالح أحماد بن ابا رحمه الله

عِجْل امْبَيْكِتْ رَاهَ

 

كرامة جديدة لجار الرسول احمادَ بن ابَّا رحمه الله

سكن الشيخ أحمادَ بن محمدُّ بن ابَّا -أو جار الرسول كما يحب أن يكنى- مدينة المذرذرة أواخر الستينات، حيث مارس التجارة في حانوت يُطل على شارع صغير يقع جنوب الشارع الرئيسي ويوازيه، يختلف زبناء ذلك الحانوت ومرتادوه حسب تغير مراحل النهار ؛ فيتحول ضحى إلى دست إيكيدي صرف، يفييء إليه الملأ، بعدما تدبروا أمورهم الإدارية و العلاجية و التجارية، فتدور الكؤوس ، ويخوض الحضور في علوم القوم ونوازل الصنكة، التي غالبا ما تكون في فني العادات والتعبد، ويختمون حديثهم عادة ببعض النكت الهزلية؛ تلطيفا للجو وإشراكا لجلسائهم الآخرين الذين لاذوا بالصمت في بداية الحديث.

أما إذا ضربت وقت الزوال مِيدِى، فيتحلق زوار الحانوت من الأقارب والصالحين، حول مائدة الشيخ، فيباسطهم ويوفر كافة طلباتهم؛ التي تجمع بين الضب والنون، لكن كرم الشيخ وتواضعه يسهلان جمع المتناقضات على عكس قواعد المناطقة.

 عِدْ احْــــــمَادَ فِالقُدَامَ *** سِـــــــتْرَ دَاخِلْهَ تِــتْكَرْكَطْ

أوُلْ الحَمْدْ أفَـــالِ لاَمَ *** هَاذو كَاعْ أسْبَطْ مِنْ لسْبَطْ

في المساء تزور الحانوت لدات الشيخ أو “كوم الوَسَطْ” كما يعرفون في ذلك الوسط،  كالشيخين محمد العاقل و الشاه ابني الشيخ أحمد الفاضل، و أحمدسالم بن بيباه، وأحمدُّ بن أحمنَّ، فيجلسون على حصير في ظل البناية ، وينعقد المجلس فظن خيرا ولا تسأل عن الخبر. يقول ول هدار في مدحته الشهيرة لهذا العصرْ:

عَصْرْ الوَسَـطْ مَا يِثَّاثَ *** عَنْ مَدْ اكْبِـــيرْ أعَثْعَاثَ

كُلُّ لِلــَّطامِعْ غَـــَّياثَ *** مِكّينْ افْلحْرُوفْ اتْبَسَّطْ

الـــلـُّــــفْ ابّ آتَ آثَ *** اجَّـــــمْ أحَ آخَ اصَّـــــطْ

 

 يصلى الشيخ العشائين في الجامع، ويزول تقلعا ويخطو تكفؤا باتجاه “الزر الكبلي”  رفقة بعض أقاربه الملازمين له.

بعد انتهائه من أوراد ناشئة الليل ؛ يجلس “خادم رسول الله” مسندا ظهره إلى  الحائط مستقبلا القبلة ، تفوح من ثيابه رائحة عطر زكية، وبيده سبحة لا تفارق يده اليمنى، وإذا ما دخن “امَّانَيْجَ” ، يلوك قطعة من الحلوى قبل أن يعود للذكر سرا.

   يتحلق – في مجلسه المهيب- بعض أقاربه ومريديه إضافة إلى ثلة من الزوار قدمت تلتمس دعاء الشيخ لصلاح هّمِّ ،أو كشف غَمِّ ، أو الفوز بابن عمِّ.. يسود الصمتُ المجلس أوقاتا طويلة ،فالشيخ  كثير الصمت دائم التفكر، ثم يقطع صوتُه الجهوري ذلك السكون فجأة ،ناقثا برقائق التصوف ودقائق علوم القوم، فيأخذ كل جليس قسطه، ظنا منه أنه هو المقصود بالكلام، وأن الشيخ  أجابه عن ما تكنه جوانحه دون أن يسأله، فيرجع إلى بيته جذلان النفس مرتاح الضمير، وربما يجمع طريق العودة بين بعض الحاضرين، فيتنازعون في فهم مراد الشيخ، كل يؤوله حسب هواه وما أسر في نفسه، وتلك لعمري صفة كاشفة للولي المتمكن.

حدثني الشيخ الوقور بد بن عبدالله -رحمه الله-، أنه كان ملازما للشيخ في تلك الفترة، حيث كان يوكل إليه بعض أموره الخاصة كالبيع للزبناء وإعداد الغداء وغير ذلك…، وكانت عادته في التربية، أن يزهد مريديه في الدنيا الفانية، ويشحذ هممهم لكي يتوقوا إلى الترقي في المقامات العليا، ويقول لهم إن الجسم المروض على الطاعات تخف روحه، فتجول في عالم الملكوت ثم تعود لصاحبها بغرائب الحكم… إلى غير ذلك من فيوضاته الربانية الكثيرة.

الشيخ بد بن عبدالله رحمه الله

 الشيخ يدَّ بن عبدالله رحمه الله 

في إحدى الأماسي النيرة – يقول بدَّ بن ادَّا – خاطبنا قائلا: أرأيتم أن رجلا أراد أن ينتقل من دار إلى دار أكان يبقي في الأولى شيئا؟ فقلنا له لا طبعا ، فقال: عليكم بالصدقة فإنها تدفع البلاء وتزيد في العمر، وإن الميت ليتمنى الرجوع إلى الدنيا كي يَصَّدَقَ؛ لما شاهده من عظيم أجرها. ثم أخبرنا أيضا : أن أحد الصالحين سئل عن ماله؟ فقال شيئان؛ الرضي عن الله والغنى عن الناس.

أثار كلام الشيخ فضول الحاضرين، فطفقوا يناقشون العلاقة النسبية بين الرزق والعمر، والحكمة في تفاضل الأرزاق بين الناس، وروى البعض أقوالا في ذلك المعنى، وفجأة تدخل الشيخ قائلا: إن الله ضمن للعبد رزقه في كتابه المحكم، لكنه أخفى عنه الجزئيات المتعلقة بذلك، لكي يتفرغ لإعمار الأرض والقيام بالخلافة، وساق لنا مثالا تقريبيا كعادته فقال:

إذا كانت جماعتنا هذه على علم بأن غداءها غدا، متعلق في لحم عجل يملكه سيدات بن المعلوم، يرعى خلا امبيكت راه، فلا شك أنها ستبدأ يومها بالبحث عن أخبار العجل، وهل أصبح جسدا له خوار أم أكله الذئب، كما أنها ستستعلم عن الجزار الذي سيشتريه، وفي أي ساعة سيذبحه، وهل سيتم كل ذلك في الوقت المعهود لكي لا يتأخر الغداء عن وقته المعتاد…

وستأخذ هذه التحريات منا الكثير من الوقت، ولن نركز على واجباتنا الدينية والدنيوية. وبعدما قرب لنا الشيخ تلك النكتة الدقيقة، انفض مجلسنا، ثم خلدت إلى النوم يقول محدثي.

يتواصل  إن شاء الله

من صفحة المدون يعقوب  بن اليدالي

تعليق واحد

  1. والله ال وخيرت نفعنا الله ببركة شيخنا الشيخ أحماد ول محمدو ول اباء

اترك رد