هذه رسالة فتاوي الشياطين جمعها العبد العائذ بربه محمد فال بن عبد اللطيف وقاه الله شر الشيطان وشركه ولم تزل عادة الأسلاف ضرب الأمثال للتشويق والتسلية والإفادة ولكل امرئ ما نوى.
سئل إبليس الكبير: أي المعاصي أحب إليك أن يقترفه ابن آدم؟ أبينوا لنا ذلك بيانا شافيا كما هو عادتكم.
فأجاب: أحب المعاصي إلي أن يقترفها ابن آدم بعد الشرك بالله هو البدعة لأن صاحبها يرى نفسه على شيء فلا يتوب منها أبدا إذ كيف يتوب مما يعتقد أنه قربة ثم الكبيرة المستمرة ثم الصغيرة التي يحتقرها صاحبها ثم الكبيرة غير المستمرة ثم الصغيرة التي يصر عليها صاحبها ثم الصغيرة غير المستمرة وهي المسماة بالصغيرة البسيطة التي يخاف صاحبها ويستغفر منها وبعض المباحات أحب إلي من هذا النوع لما قد يترتب عليها من الأشياء كالطلاق مثلا ثم بعد هذا تأتي المكروهات ومخالفات الأولى ولا يصار إليها إلا من حيث أنها غشاء الواجبات واعلموا أن هذا التفاضل المذكور إنما هو بين أجناس المعاصي بعضها مع بعض وإلا فقد يوجد التفاضل في الجنس الواحد كجنس الكبيرة غير المستمرة مثلا وضابط الأفضلية في ذلك عظم المفسدة الناتجة عنه وكثرة ما يترتب عنها من المفاسد وهي أشياء تكون في أكثر الأحيان خاضعة للزمان والمكان وبهذا المثال يتضح لك ذلك فالكبيرة التي يرتكبها عالم يقتدى به أحب إلينا من كبيرة يرتكبها من لا يقتدى به والكبيرة المجاهر بها أحب إلينا من المسر بها وقس على ما ذكرنا وفي هذا كفاية.
وسئل أيضا أي التأويلات أحب إليك؟
فأجاب: أحب التأويلات إلي تأويل آيات المتشابه بلا دليل ولاسيما ذلك الشغب والتشويش الذي يحدثه في العامة فإنه خير من الدنيا وما فيها ولذلك لم يزل المحققون من علماء الإسلام يخافونه حتى أنهم تركوا له بعض السنن والمناديب ولم أر أشد علي من هؤلاء ثم التأويل الذي يستحل به الناس الحرام ولاسيما فيما يتعلق بالدماء والأموال والفروج ومثله عندي تتبع الرخص الذي ينافي التكليف الذي هو مشتق من الكلفة ثم التأويل الذي يخصص آيات الوعيد وأحاديثه لأنها تنزع هيبة الوعيد من الصدور فلم أر في عمري كأهل الصدر الأول للإسلام كيف تركوا هذه الآيات على ما يبدو منها ولم يبحثوا فيها ثم التأويل في التوسع في المباحات ولا يصار إليه إلا من حيث أنه قيد تقيد به الغفلة عن الطاعة والفتور عنها ويتعلق بهذا السؤال الكلام على تأويل الأحلام فاعلم أن تأويل الأحلام باب من أبوابنا التي منها ندخل إذ بواسطته يخيل للشخص أنه على شيء من الكشف أو نحو ذلك حيث تلتبس عليه الرؤيا بالحلم فيظن أنه ولي من أولياء الله وقد نفعل هذا في اليقظة أيضا وهو أبلغ أثرا ومنه ما تسميه الأولياء اليوم الهاتف والإلهامات وغفلوا عن قوله تعالى إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته في حق الأنبياء والمرسلين.
وسئل أحد شياطين الشارات:ما تقولون في حضور حفلة هل الأفضل للشيطان حضورها أو يسقط عنه حضورها؟
فأجاب: لا ينبغي لشيطان ذكرت له حفلة وكان قادرا على إتيانها إلا أتاها وما ذكر عن إبليس من أنه أوكل بعض الناس على أنفسهم لم يثبت ولم تزل الشياطين من عهد إبليس إلى يومنا هذا يحضرون الولائم والحفلات ومحل الخصومة والسر في ذلك أن هذه المواضع مظنة للتضليل أكثر من غيرها ولأمر ما نهى عن حضورها علماء المسلمين هذا هو الحق في هذه المسألة.
وسئل أحد شياطين الساحل:هل يجوز أن يعطي إبليس الإجازة لأحد في التضليل؟
فأجاب: مما لا شك فيه ويجب اعتقاده أن التضليل كله مستمد من إبليس يفيضه على أعوانه وهم نوابه في البلاد يستمدون منه كل طرفة عين ولم يثبت أنه أعطى أحدا منهم الإجازة بمعنى أنه أصبح مستقلا بحيث أصبح لا يحتاج إلى مدد منه لأن مثل هذا لا يعقل نعم ورد أنه قال لفرعون بن الريان كيف ادعيت الربوبية وأنا الذي أضللتك لم أدعها ويمكن أن يفهم منه نوع من الإجازة لكنه مخالف للمعروف عند الشيوخ وما يروى من أنه قال لأهل الجالة هكذا يكون لم يثبت. وأما ترقيصه لابنه الذي جاء بالطلاق فمحمول عندنا على أنه إظهار للرضى لا على أنه إجازة وبالجملة فإن الذي عليه الناس أن إبليس لا يمكن أن يجيز في التضليل وكل تضليل يستمد منه مباشرة أو بواسطة وللمسألة غور لا يمكن بسطه هنا.
وسئل أحد شياطين لعكل: ما هي أنجع وسيلة لتضليل شيخ من بني فلان مصر على السنة ومشهور مذهب مالك وعقيدة الأشعري عنده الكفاف من العيش وله حظ من العلم؟
فأجاب: العادة في مثل هذا أن يؤتى من جهة الكبر ورؤية الفضل على الغير وقل أن يخطئ سهمهما وإن لم ينجح في تضليله فليؤت من جهة التشديد في الدين وتحريم الحلال والتضييق على المسلمين في معاشهم وإفتائهم بالورع وإن لم ينجح في تضليله فليؤت من جهة تكفير المسلمين والعوام وإن لم ينجح في ذلك فلا بأس بعرض الطرق الصوفية عليه لعله يزل في متاهاتها فإن لم يضل فاعلم أنه من عباد الله المخلصين فتجنبه فليس لك عليه سلطان.
وورد سؤال من أحد شياطين الشرق: أيهما أحب العلم أم الجهل؟
فاختلفت في ذلك الفتاوى والإجابات فأجاب أحد شياطين تكانت بما نصه :
العلم أحب لأنه أشد خطرا والجهل قد يعذر به بعض الأحيان وإنما كان العلم أشد خطرا لأنه داع إلى التكبر ورؤية الفضل على الغير ثم هو حجة على صاحبه وتعلمون ما قيل في فسقة العلماء وقد يدعو إلى التنافس والتحاسد وشرار العلماء خير من الدنيا وما فيها هذا ما ظهر لنا في هذه المسألة مع أننا لا ننكر فضل الجهل.
وكتب شيطان من أهل لعصابة: أما بعد فقد تأملنا ما كتب فوق فرأيناه صادرا عن فكر صحيح وذوق مليح لكنه قد تقرر في المذهب المنصوص أن المكروه بذاته خير من المكروه بالعوارض وهذه العصا من العصية فما حسنات العلم إلا حسنة من حسنات الجهل إذ كل ما ذكر من حسنات العلم إنما هو في الحقيقة صادر عن الجهل لمن له أدنى بصيرة فالحسد والكبر والتنافس ما هي إلا بنات الجهل فكن ممن يفهم الأمور.
وأجاب رئيس جامعة الشياطين في ألاك بما نصه: قال إبليس عبادة الجاهل أحب إلي من فتور العالم والعابد أحب إلي من الفقيه وهذا نص على أن الجهل أحب إليه من العلم ولا يعدل عن النص إلى تجويز العقل.
وورد نفس السؤال على شياطين إكيد فأجاب أحدهم بما نصه: أما بعد فقد ورد علينا سؤال من أرض الحوض نصه أيهما أحب العلم أم الجهل وقد مال إلى تفضيل كل طرف فريق من العلماء والذي نراه وندين به أن الجهل أفضل وما ذكر أحد المفتين من أنه يعذر به لا يصح إذ لو كان يعذر به لم يطلب شريعة الإسلام من الناس التعلم ثم إن كون العلم مطلوبا شرعا في الإسلام دليل قاطع على أن الجهل أفضل منه ولا ينكر هذا إلا مكابر.
وكتب أحد شياطين إكيد في نفس السؤال أما بعد فالذي يظهر لي أن هذا السؤال لا معنى له لأنه من المعلوم أن طلب العلم عبادة مطلوبة شرعا في الإسلام فهو بهذا الاعتبار لا يمكن أن يكون أفضل من الجهل فهذا ينبغي أن يكون محل اتفاق. وأما باعتبار كثرة المفاسد الناشئة عن أحدهما فلا شك أن الجهل أكثر مفسدة لأن مفسدة العلم التي تنتج عنه إنما هي الحقيقة من نتائج الجهل فبهذا الاعتبار أيضا لا يمكن أن يتوقف في أفضلية الجهل وأما أن يكون تفضيل العلم لاعتبار آخر فعلى القائلين به أن يبينوه ولا أراهم يجدونه لأن ضابط الأفضلية كثرة المفاسد كما في الفتاوى الإبليسية.
وسئل أحد الشياطين الذين يسكنون المقاطعة الخامسة عن نازلة صورتها: ما جوابكم في عصابة من بني آدم المسلمين يلعبون الأوراق هل الأفضل لنا أن نسول لهم لعبها بقوة وإكثار حتى تفنى فيشترون غيرها أم ما العمل؟ فقد كثر الخوض في هذه المسألة.
فأجاب: الذي يظهر لي في هذه المسألة التفصيل فإن كانت العصابة المذكورة في بلد يوجد فيه بائع الكرت فلا إشكال في وجوب تسويل اللعب بقوة وإن لم يكونوا في مكان يوجد فيه بائع الكرت فقد اختلف العلماء في مثل ذلك فمنهم من قال بوجوب التسويل لأنه لا يعلم متى يهدي الله هذه العصابة وترعوي عن لعب الكرت ولله نفحات لا تخضع لضابط فمن الممكن أن تصبح هذه العصابة من عباد الله المخلصين ولهذا لا ينبغي التسويف بإضلالهم ومنهم من قال إن الضابط في ذلك أن رجاء كثرة التضليل كتحققها وعلى هذا لا ينبغي أن يسول لهم لعبها بكثرة حتى تفنى لأن البطالة القليلة الدائمة خير من بطالة يوم واحد ثم إن توبة الله على عباده لا تضر معها كثرة الذنوب فلا محل لخوف الفوات الذي ذكرتم ومنهم من قال بالتخيير قال لأن كلا القولين له وجه ومنهم من ذهب إلى الترجيح فرجح القول بوجوب التسويل قال لأن القليل النقد خير من الكثير المؤجل الذي لا تؤمن عواقبه ثم إن الكرت إذا نفدت فإن في وسائل البطالة الكثيرة غيرها غناء ومعلوم أن القناعة من القواعد التي نص عليها إبليس في مذهبه وعليها يتخرج كثير من أعماله وتسويلاته فلا ينبغي لشيطان أن يتردد في وجوب التسويل في مسألتنا هذه.
قال كاتب هذه الأحرف والذي نراه ونعمل به هذا القول الأخير.
وسئل عن نفس النازلة أحد شياطين إكيد فأجاب بما نصه الحكم أن ينظر إلى هذه العصابة فإن كانت من أهل العبث والبطالة فالمذهب التخيير وإن لم تكن منهم فالمذهب عدم التسويل لأن الشأن في تضليل هؤلاء هو طريقة التدريج لأن الباطل بالنسبة للنفوس الطيبة كالحق بالنسبة للنفوس الخبيثة فلا بد في قبولها إياه من التدريج حتى تتقبله شيئا فشيئا هذا هو صميم الحق في المسألة فلا ينبغي أن يعدل عنه.
وسئل شيطان من أهل آمشتيل أي العلماء أحب إليك؟
فأجاب: من يفتي العامة بالأشد ويفتي الخاصة بالرخصة لأنه بالأولى ينفر من الدين وبالثانية يبتغي رضى الناس.
وسئل أيضا: أي العبادات أحب إليك؟
فأجاب: ما خالطها رياء وإذا سلمت من الرياء فالتي للنفس حظ فيها وضابط ذلك أن تميل نفس الشخص إلى إحدى عبادتين متساويتين من غير مرجح شرعي وهذا في الغالب وإلا فقد يكون للنفس حظ في عبادة راجحة شرعا.
وسئل أيضا: ما قولكم في عابد يعبد الله ليفتح عليه؟
فأجاب: ما دام العبد يعبد الله لغير مجرد عبادة الله فلا بأس وأما إن كانت لمجرد عبادة الله فمثل هذا لا ينبغي أن يغفل عنه حتى يفسد عليه أمره بطريق ما.
وسئل أيضا: ما تقولون في شخص يحب الجنة؟
فأجاب: لا خير فيه لأنه يعظم ما عظم الله وأحب إلي منه الذي يدعي انه لا يعبد الله طمعا في جنته وهو ليس في ذلك المقام وإنما كان أحب إلينا لأن الدعوى دليل على رعونة النفس وليس ببعيد أن تنتج عنها مفاسد كثيرة وذلك هو المطلوب.
وسئل عن رأيه في تحرير المرأة ؟
فأجاب: كان أحب إلى أبينا إبليس من حمر النعم.
وسئل عن “الميني جيب”؟
فأجاب: هو خير ما صنع شياطين القرن العشرين ودليل على صحة قول الشاعر كم ترك الأول للآخر.
وورد على خنزب الأصغر هذا السؤال: ما العمل في الوسوسة في الصلاة؟ فإنا رأينا طرق الأشياخ في ذلك تختلف فأحببنا أن تعطونا في ذلك الوجه الأكمل حتى نتبعه فإنه قد كثر الخلاف في هذه المسألة حتى خفنا أن يتفاقم الأمر.
فأجاب بما نصه: الوسوسة في الصلاة باب عظيم ……….
يتبع قريبا بحول الله
وخيرت بالعلامة محمد فال ولد عبد اللطيف واطال الله بقائه ونفعنا ببركته
هذاكما شيخنا واستاذنا في مقدمته وقد قال خليل بن اسحاق المالكي في مقدمته واعتبرمن المفاهيم مفهوم المخالفة فقط وشيخنا يقول ضمنيا أنه يعتبر من المفاهيموالدلا لات _ المخالفة للمعني الظاهر والدلالة المخالفة فجزاه الله حيرا عنا وعن المسلمين وأطال عمره وكتب متصفح ومشارك غني عن التعريف.
نصائح وفتاوى فى قالب روائي منقطع النظير افدتم واجدتم يا موقع انيفرار فجزاكم الله خيرا