أعلن في العاصمة نواكشوط مساء الثلاثاء الماضي عن انتقال روح السيدة امبيريكَ بنت يعقوب بن عبداللطيف إلى الرفيق الأعلى فإنا لله وإنا إليه راجعون.
أتلزمنا ما لا يكون فيلزم
صروف الليالي مالها كيف تحكم
ولدت السيدة *امبيريك* مطلع عقد السبعينات من القرن المنصرم، في بيت عز وسؤدد وعلم وصلاح، فأبوها الشيخ المربي يعقوب بن لمرابط محمدن بن الشيخ أحمد الفالل، وأمها مريم الملقبة *”مَنْيَ”* بنت القاضي الرئيس أحمد سالم بن العلامة سيد محمد بن الشيخ أحمد الفالل.
أشبهت امبيريك مني خلقا وخلقا فكانت نسخة طبق الأصل من والدتها. فغلب عليها التواضع ونكران الذات وعدم الاغترار بما حباها الله به من النعم.
ترعرت *الشيخة امبيريك* في كنف جدتها لأم خديجة الملقبة *”أتُّ”* بنت عبد الرحيم، فتعلمت على يديها شيم الشمشويات، وقيم التونكليات، وأخلاق الأبهميات، فباتت تعتني بالقريب والجار، وصويحباتها يلعبن ب”الأوزار”.
أخذت امبيريك من والدها الشيخ يعقوب ورده وزهده في زرجون الدنيا، وإعراضه عن بهرجتها، فعرفت ولزمت فلا تراها إلا مقبلة على شأنها، تواصل بين الفرائض والنوافل والذكر الدائم مع الحرص التام على كتمان كلما يتعلق بعباداتها لأنها لم ترد بها سوى وجه الله.
فإلا يكنها أو تكنه فإنه
“أبوها” غذته أمه بلدانها
لن أكون مبالغا إذا قلت إننا فقدنا سيدة عز نظيرها اليوم في انيفرار، فليس في نسائنا من تفري فريها وليس فيهن من تحمل الكل مثلها وليس فيهن من تعرف أن الدنيا جيفة نتنة فلم تغتر بها.
يتفق كل من عرف امبيريك على مسالمتها، وابتعادها عن الغيبة والنميمة واجف، كما يتفقون على أنها لزمت بيتها فلا تخرج إلا نادرا، إما لعيادة مريض أو صلة رحم، أو مواساة قريب، أما حسن خلقها وسعة معارفها ولين عريكتها فحدث ولا حرج.
عاشت فينا الشيخة الصالحة عمرا عريضا حافلا بالعطاء والبذل وإكرام الضيوف والإعانة على نوائب الدهر، فكانت امبيريكة نموذجا للسيدة الإكيدية المثالية التي يكون بها الإغياء رحمها الله وأسكنها فسيح جناته.
أم الشيخ العالم *محمد فال بن عبد اللطيف* جموع المصلين، ونقل الجثمان الطاهر إلى مقبرة بئر السعادة، حيث ووري الثرى بين شيوخ كمل نالت الفخر بهم تلك البقع.
لقد هم الجنان بتأبين الفقيدة الغالية وعجز البنان عن مطاوعته، فلم أجد الألفاظ المناسبة التي يمكن أن تكون قوالب لمعاني امبيريك رحمها الله، فليعذرني الأهلون فما هذه الأسطر سوى نفثة مصدور صابر جالس تحت المقادير ينظر .. كاعد يتنيمش في تصرف المالك في ملكه.
أنتهز هذه السانحة لأقدم تعازي القلبية الصادقة إلى عموم أهل انيفرار وإلى دوحة المجد والشرف آل الشيخ أحمد الفال، كما أخص بالتعزية أسر أهل *أحمدو بن آكل* وأهل *يعقوب بن عبداللطيف* سائلا المولى عز وجل أن يرزقهم أجر الصبر وحلاوة التسليم ويشفي المرضى شفاء تاما لا يغادر ألما ولاوصبا ويبارك في الخلف الغالي ويجعلهم خير خلف لخير سلف وإنا لله وإنا إليه راجعون.
يعقوب بن اليدالي