اكْـضَيـْم ُ مقتات بطيء المأكل *** ودونه قدر يد من عمل
هذا البيت من الرجز أنشدنيه قديما أحد الظرفاء و قال لي إنه من نظم العلامة الشهير أحمد بن اجمد اليدالي صاحب الأنظام الرائقة المتداولة في الأوساط المحظرية وغيرها.
وهذا البيت يدل على رحابة صدور علمائنا الأقدمين وقلة تزمتهم إذ لم يشغلهم جد العلم والعمل أن يخصصوا جزءا من وقتهم الثمين للإحماض و النزول إلى مستوى العامي العادي المنهمك في تدبير شؤون الحياة اليومية، ومقاسات ظروف العيش البدوي ،فيقولون له شيئا يخففون به عليه من تلك المتاعب في شكل أنظام هزلية وغالبا ما يكون تحتها جد جاد.
ولعله قد يكون من المناسب أن نلم بشيء من تفسير هذا البيت خشية أن يقرأه من يفوته فهم بعض المصطلحات التى كانت متداولة في القديم ولكنها اليوم أصبحت غريبة عليهم.
*
*
*
*
*
*
هذا البيت من الرجز أنشدنيه قديما أحد الظرفاء و قال لي إنه من نظم العلامة الشهير أحمد بن اجمد اليدالي صاحب الأنظام الرائقة المتداولة في الأوساط المحظرية وغيرها.
وهذا البيت يدل على رحابة صدور علمائنا الأقدمين وقلة تزمتهم إذ لم يشغلهم جد العلم والعمل أن يخصصوا جزءا من وقتهم الثمين للإحماض و النزول إلى مستوى العامي العادي المنهمك في تدبير شؤون الحياة اليومية، ومقاسات ظروف العيش البدوي ،فيقولون له شيئا يخففون به عليه من تلك المتاعب في شكل أنظام هزلية وغالبا ما يكون تحتها جد جاد.
ولعله قد يكون من المناسب أن نلم بشيء من تفسير هذا البيت خشية أن يقرأه من يفوته فهم بعض المصطلحات التى كانت متداولة في القديم ولكنها اليوم أصبحت غريبة عليهم.
أما اكْـضَيـْم ْ ( همزة وصل بعدها كاف ساكنة ثم ضاد معجمة أخت الضاد فياء مثناة تحتية آخر الحروف فميم ساكنة)، فهو عبارة عن مستحضر يصنع من حب الهبيد المسمى عندنا بالشركاش (ويقال الكركاش بتقديم الكاف الأولى على الراء) يقلى ثم يسحق ناعما ثم يغربل ثم يدك ممزوجا بالسكر فيخرج منه شيء كالعصيدة ، اللون لون العيش والطعم طعم الشكولاتة أو قريب منه.وهذا الطعام هو من الأطعمة الشتوية لأنه دسم حار من الأول ، نافع في البرد طارد للجوع من خير ما يقدم بين يدي الشاي ، لكنه بطيء المأكل لأنه لا يؤكل مضغا بل يمص مصا و لذلك وصفه بعض الظرفاء بأنه طعام ذو غصة.
ولقد أفاد الناظم أن هذا الطعام التقليدي – على يسارته- لا يحصل عليه إلا بعد القيام بأربعة عشر عملا ، وقد عبر الناظم عن هذا العدد بكلمة “يد” على طريقة حساب الجمل المعروفة: الياء بعشرة و الدال بأربعة.
و يغلب على ظنى أن هذه الأعمال الأربعة عشر تبدأ بجعل الحظيرة على المزرعة وتنتهى بعملية تحلية اكْـضَيـْم ْ بالسكر مرورا بإزالة الأعشاب الضارة وحصاد الثمرة وتجفيفها و تحكيكها إلى غير ذلك.
و لقد أوحى إلي هذا البيت بفكرة إنشاء مصنع لتصدير هذا المستحضر و تسويقه داخل البلاد و هذا المصنع لا يتطلب تمويلا عسيرا فالمادة الأولية موجودة والطرق الفنية للقلي و الطحن والغربلة مستوعبة من الجميع، فلم يبق إلا مشكلة ظروف التعليب و ما يصحبها من إشارات وشعارات لترقية المنتوج والترويج له محليا و عالميا.
وهذا مما يسهل التغلب عليه إذ لا يعوزنا أن ننتج علبا من المعدن أومن الورق ونصور عليها صبيا جفرا غليظا ضاحكا و نكتب تحت صورته أن اكْـضَيـْم ْ هو الذى أضحكه و جعله عبل الساعدين قوي المنكبين، ثم نعبئها بكميات من اكْـضَيـْم ْ بأحجام متفاوتة، ونسجل في أحد جوانب العلبة طرق الإستعمال و التكوين الكيميائي مع ما تيسر لنا جمعه من فوائده الصحية.
و لعلنا إن قمنا بجمع ذلك و واكبناه بحملات إشهارية في وسائل الإعلام المسموعة والمرئية، سنقوم ببادرة لا بأس بها من حيث ترقية المنتوجات الوطنية و حل مركب النقص الذى يحول بيننا و بين الإبداع و الخلق، ويجعلنا لا نثق إلا بما يأتينا معلبا من الشرق والغرب. ولقد سرنى ما قرأت مؤخرا عن تجربة مماثلة قيم بها بشأن الثمرة المسماة محليا ب “توكة” المكناة بأم نفعين نفع داخلي يتمثل في لبها وخارجي يتمثل في قشرتها الخارجية الحلوة والنافعة في السكرى.
أما أسعار المنتوج فتكون تابعة للكلفة الإجمالية مع هامش معقول للربح مع إمكانية تكييف السعر مع نوعية ” اكْـضَيـْم ْ ” و درجة تركيزه وجودة شركاشه و هل هو مطعم بالسكر أم لا ، في كل ذلك مجال للبحث والنظر.
و ما نرانا لو كتب لنا النجاح في تأسيس هذا المشروع إلا سنكون قدوة لغيرنا من أبناء الوطن الغيورين على مصلحته فيقوم منهم قوم آخرون فيفعلون مثلها في النبق ومنجاغه و حب أيزن ومتر ، ناهيك عن الخروب و آز و أبيله ، فإذا فشت مثل هذه الروح في المجتمع فإن ذلك أكبر مؤشر على توجهه إلى الوجهة الصحيحة التى تؤدى إلى التقدم و القيام بالنفس و الإكتفاء الذاتي ، مع ما يصاحب ذلك من توفر العملة الصعبة و المساهمة في امتصاص البطالة و مرتنة العمالة. فهل من مشروع لترقية إنتاج اكْـضَيـْم ْ و تصديره.
الأستاذ: محمد فال بن عبد اللطيف
نقلا عن جريدة الشعب الصادرة بتاريخ19 شعبان 1435