يقال إن أكذب صفحة في الجرائد و الانترنت هي الصفحة التى تتحدث عن الطقس وتتنبأ بما سيكون في غد و بعد غد من الحر والبرد ونزول المطر وهبوب الرياح وهيجان البحر، و أن تلك الصفحات لم تصدق في شيء مما هنالك إلا فيما يتعلق بطلوع الشمس وغروبها، أما ما سوى ذلك فإنما هو رجم بالغيب، يعدون الناس بالمطر وطوفان نوح ليوم كذا فيأتى ذلك اليوم جافا جفاف أيام الصيف الأولى، كأن السماء نسيت فيه أنها مسؤولة عن سقي الأرض، ويعدون بفترات من الصحو واليبس، فتلقي السماء بعزاليها أسبوعا كاملا دون توقف، ويعدون بالبرد فياتى الحر والسموم ، ويعدون بهما فيأتى البرد والزمهرير.
يقال إن أكذب صفحة في الجرائد و الانترنت هي الصفحة التى تتحدث عن الطقس وتتنبأ بما سيكون في غد و بعد غد من الحر والبرد ونزول المطر وهبوب الرياح وهيجان البحر، و أن تلك الصفحات لم تصدق في شيء مما هنالك إلا فيما يتعلق بطلوع الشمس وغروبها، أما ما سوى ذلك فإنما هو رجم بالغيب، يعدون الناس بالمطر وطوفان نوح ليوم كذا فيأتى ذلك اليوم جافا جفاف أيام الصيف الأولى، كأن السماء نسيت فيه أنها مسؤولة عن سقي الأرض، ويعدون بفترات من الصحو واليبس، فتلقي السماء بعزاليها أسبوعا كاملا دون توقف، ويعدون بالبرد فياتى الحر والسموم ، ويعدون بهما فيأتى البرد والزمهرير.
والغريب أن هذه التنبؤات مبنية على أسس علمية لا غبار عليها إلا أن معطياتها ونتائجها سريعة التقلب لأنها مبنية على قوانين طبيعية تتأثر بظواهر كونية لم يسيطر العلم بعد عليها أدناها موقع زحل من الشمس ومستوى الإشعاعات الكونية و ما يصعد إلى برج التبانة وما ينزل منه، وتأثير النقط السوداء وغير وغير.
من أجل ذلك لا ترى أهل الثقافة التقليدية منا – و لا سيما أهل البدو منهم- يعيرون هذه التنبؤات اهتماما كبيرا سواء كانت بشرا أو نذرا، ويفضلون عليها ما ورثوه من الأوائل في هذا الشأن فقد جربوا صدقه بنسبة مائوية تكاد تساوى نسبة نجاح الرؤساء في بعض البلدان في العالم الثالث.
إن لهم علامات يستدلون بها على قرب نزول المطر و لا تكاد تلك العلامات تخطئ ولهم في ذلك مقالات مأثورة و إشارات مفهومة.
و إذا كانت الكرة الأخيرة من فصل الصيف فترة يكثر فيها التنبؤ بالمطر والتكهن بعلاماته واستشراف أوان قدومه، مما ينجم عنه تراكم في الآراء واختلاف في هذا الموضوع ، فإن هنالك مسلمات يتفق عليها الجميع لأنهم علموها من التجربة، وربما خلطوها بأساطير لا بد منها لتفسير جميع الظواهر المرتبطة بنزول المطر في إطار منظومة من القواعد مقبولة منطقا وعرفا.
من هذه المسلمات أن ريح الجنوب هي ريح تحمل بشرى نزول المطر عن قريب عكس رياح الشمال فإنها رياح عقيم لا مطر فيها، بهذا نطق الشعراء فقال قائلهم يصف إشفاق الناس وتشوقهم لنزول الغيث:
[| [( وما رم الجنائب وهو نزر *** تغادره الشمائل كالرميم )] |]
والحقيقة أن هبوب ريح الجنوب يدل على اقتراب الجبهة المدارية التى هي من الظروف المواتية لنزول المطر، وكذلك الشأن فيما يسمى عندنا في بعض المناطق ب ريح الفلاني حيث يروى أن راعيا من من الفلانية (لا أدرى من أي العدوتين) ذهب يوما بقطيع له من البقر ليسقيه من بعض الآبار فلما كان في متوسط الطريق هبت عليه تلك الريح فرجع من فوره وقال: سأسقى بقرى من ماء الإضاء، فكان الأمر على ما وصف.
ومن المسلمات عندهم أيضا أن هذه السحب الرمادية اللون القادمة من جهة المحيط والمسماة عندنا ب آمريك (روي بدال وجيم مصرية) لا تدل على وجود المطر على الأمد القريب، ولكنها بشر خير بالمطر على الأمد المتوسط والبعيد، والسبب في ذلك في زعمهم أن هذه السحب لا تحتوى ماء و إنما هي بمثابة اسفنجات يابسة فلا بد لها من وقت كاف لتصل إلى نهر النيل بمصر لتشرب منه فتصدر ثقالا دلحا ، كل سحابة تعلم مستقرها ومستودعها وقد تحاور أختها في بعض شأنها.
وقد وظف الشعراء في شعرهم الاستسقائى هذه الأسطورة أحسن توظيف فترى الشيخ محمد المامى مثلا يقول في بعض أشعاره في هذا الموضوع:
[| [( صادرين امن النيل ابلحمال*** صادرين بيه املوك اصحاح *** جايين للقحط ابتبدال…. )] |]
ولشدة ثقتهم بالمطر الذى يعقب هذا النوع من السحب يروى أن بعض أحياء أهل البادية خاطبوا هذه السحب يوما وهي مارة بهم مشرقة فقالوا لها: لا تنسي الحالة التى تركتينا فيها.
ومن المسلمات عندهم أن السحب نوعان نوع متصل ونوع غير متصل أما السحب المتصلة فهي تلك التى تظهر في الأفق و لا يدرك الرائى ما تحتها لكثافته ورسوخه وهي بشير مطر و أما غير المتصلة فهي السحب التى تظهر في الأفق ولكنها منبترة الأصل سرعان ما تتلاشى أو تهوى بها الرياح في مكان سحيق و لا تدل على مطر و لا غيره.
ومن المفاهيم المستعملة عندهم في هذا المجال مفهوم “باب السماء” وهو الجهة التى يأتى منها المطر غالبا وهو في أرضنا هذه جهة الشرق والشرق الجنوبي والشرق الشمالي هذا معروف بالتجربة قالوا: وهذا إنما هو بالنسبة لشهور الخريف الأولى أما بعد تمكن فصل الخريف فإن الجهات كلها أبواب للسماء، قالوا: وذلك إلى شهر أيلول فيصير المطر قارا لا يرحل من مكان إلى مكان فلا يوجد فيه باب للسماء وعبارة باب السماء هذه مأخوذة من قوله تعالى: (ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر)
ولهم أيضا علوم يفرقون بها بين رعود الجود ورعود الصحو و أنواع البروق وقائد النو ويفسرون به قوس قزح والبرد الذى ينزل من السماء وغير ذلك.
بقلم الأستاذ: محمد فال بن عبد اللطيف
نقلا عن جريدة الشعب العدد 8727 الصادر بتاريخ 31 يوليو 2007