كان الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور يحفظ القصيدة من أول مرة ، وقد عانى الشعراء في بداية عهده من هذه الموهبة ، حيث أنه كان يلقي هو نفسه القصيدة من حفظه فور انتهاء الشاعر من إلقائها بين يديه مدعيا أنه قد سمعها من قبل، و ما إن ينتهي حتى يبادر غلام له في المجلس باسترجاعها و كأنها من الشعر القديم، ولكي يزيد الخليفة من حيرة الشاعر يستدعى جارية أخرى تحفظ من القراءة الثالثة فتعيد لهم النص من حفظها فيخرج الشاعر يجر أذيال الخيبة.
وقد تفطن الأصمعي للحيلة و نظم قصيدة خارجة عن المألوف الشعري، و تخفى في زي أعرابي و أنشدها بين يدي الخليفة ، لكن الأخير عجز هذه المرة عن حفظ القصيدة من الوهلة الأولى، وانتهت معاناة الشعراء بعدما طلب الأصمعي من الخليفة أن لا تحول جودة قريحته دون جود كفه .
صوت صفير البلبل *** هيج قلبــي الثمل
الماء والزهر معا *** مع زهر لحظ المقل
تعد مسألة حفظ الأنظام التعليمية معضلة بالنسبة لمعظم طلاب المحاظر، حيث يعد حفظ المتون و الألفيات و الدواوين الشعرية عن ظهر قلب، أحد أهم الواجبات المحظرية اليومية. فبعض الشيوخ يدرس الأقفاف خلال رياضة المشي اليومية ، و الطريقة الوحيدة المستخدمة للحفظ – حتى وقت قريب- تعتمد على التكرار و إعادة القراءة حتى يترسخ النص في ذهن الطلب.
علـــــمي معي حيث ما يممت يتبعني *** قلــــــبي وعــــاء له لا بــــطن صندوق
إن كنت في البيت كان العلم فيه معي *** أو كنت في السوق كان العلم في السوق
يعود أقدم تسجيل تراثي على الأرض الموريتانية، إلى سنة 1957 م على هامش مراسيم تنصيب الأمير احبيب بن أحمد سالم بن ابراهيم السالم رحمه الله على عرش الإمارة التروزية. وهو عبارة عن شريط غنائي لا يتجاوز ثلاثين دقيقة يحكى فيه العميد محمدن بن سيد ابراهيم بعض “أمات لبتيت” ويغنى فيه الفنان الراحل محمد بن الميداح.
وبعد أن انتشر استخدام أجهزة التسجيل مطلع السبعينات، بادر العلامة كراي بن أحمد يورة سنة 1975 إلى توظيفها في تقديم دروس في السيرة النبوية و العقيدة و أحكام الصلاة من خلال تسجيل أشرطة باللهجة الحسانية ، يقرب من خلالها الأقصى من المعاني بلفظ موجز تفهمه العامة.
وقد لاقت أشرطة الشيخ كراي رواجا منقطع النظير لأنه استطاع من خلالها توصيل الكثير من العلوم الصعبة إلى العامة ،من خلال تمكنه من ناصية العلوم التي تناولها في مختلف أشرطته من جهة ، ومن جهة أخرى لتوظيفه لحاسة السمع في الحفظ و هو أمر جديد كليا على مجتمع البيظان فهم يحفظون ما يرون فقط. وقد نصت الدراسات الحديثة على فعالية نظرية التعلم متعدد الحواس ، حيث أكدت على أن الدماغ يتعلم بسهولة أكبر عندما يتم تحفيز عدة حواس معا خلال عملية التعلم.
أكــــراي لا تبــــــعد فدتك نفوسنا *** فما كنت الإ العلم والخصلة البكرا
نشرت علوم الشرع سرا و جهرة *** فقــــــيدتها شـــعرا و أطلقتها نثرا
العلامة كراي بن أحمد يورة رحمه الله
اشتهرت أسرة أهل سيد الأمين بن باركلل بالعلم والصلاح حتى قيل إن ريقهم تدفع فيه البقرات الحوافل من شدة منفعته و بركته ، وقد ذكر الشيخ والد بن خالنا جملة مفيدة من كراماتهم في كتابه الذي جمع فيه كرامات أولياء تشمش. وينتمي إلى هذه الأسرة الشاعر الأديب ميلود بن أغلنصر و اسم اغلنصر الأمين بن ابن غازى علما بن سيد الأمين صاحب الصوت الشهير:
أيا غافر الذنب العظيم وساتره *** ويا من له ذلت رقاب الجبابرة
صنعت بنا في أول الأمـــر كله *** جميلا فاتبع أول الأمر آخره
ومنهم اليدالى بن أحمد بن ابن غازى كان وجيها عالما مصلحا ، له صلة بأميري الترارزة و البراكنة من طريق الصلاح وكذلك كان ابنه عبد الملك، كما ذكر المؤرخ المختار بن حامد في موسوعته.
وبنو عبد الملك ثلاثة هم العلماء الصلحاء محمذن والمختار والساهل ، كان المختار منهم فتى قومه و مبرزهم و من عقبه محمد الملقب دداه الصالح البركة القارئ الخطاط المثقف دفين مقبرة المذرذرة.
و من الساهل بن عبد الملك ابنه المختار الملقب اخليل وقد اشتهر بالعلم والصلاح والبركة و جودة الخط والفتوة .
وقد أشار الشيخ الأديب المختار بن حامد في مرثيته له إلي بعض خصال أسرة أهل سيد الأمين بن باركلل عموما و اخليل خصوصا، حيث جعل الاسم عين المسمى من خلال استخدامه لبعض مفردات الشيخ خليل كقوله فلا إشكال ، و ربع العبادات و مصطلحي السفر و الكتاب الذين يستخدمهما أهل التخصص في التفريق بين جزئي العبادات والمعاملات ، حيث ينتهي السفر عند البيوع و يبدأ الكتاب ،كما أشار أيضا إلى مقولة الشيخ اللقانى (نحن قوم خليليون إن ضل ضللنا) وغير ذلك من النكت المفيدة:
بنو ســـــيد الأمــــين لنا كالآبا *** نلوذ بهـــــم إذا ما الخطب نابا
عرفنا فيــــهمُ الـــــبركات حتى *** لقد عفـــــنا بريقهم ُ الرضابا
و لا نخشى أذى ما عاش منهم *** عبــــــاقرة و لا عارا و عابا
حنانك ذا الحــــنان فنحن قوم *** خلــــيليـــــون أبـــــناء و آبــا
وغــــادرنا – فـيا أسفا- خليل *** فغادرنا الـــــمصاب به مصابا
و ما بلـــغ الأسى منـــا عليه *** فلا إشكـــال فيـــه و لا ارتيابا
فقدنا من أفاضــــــــلنا خليلا *** لو أن فتى لفـــــــــضل آب آبا
فقدنا حاصــل التقوى امتثالا *** بمفــــقده و حاصــــلها اجتنابا
فقدنا الصوم والصلوات منه *** و من ربــــــع العبادات اللبابا
بليل تصـــطلى الأقواس فيه *** و يــــــوم ذاب من وهج لعابا
سنرضى مـــا قضاه الله فينا *** ونصبر إن في الصبر الثوابا
فنحن و إن فقــدنا السفر منه *** فإنا قــــــــد قـــــرأنا منه بابا
سقى الله الرحيق العذب عبًّا *** فعـَــلاً ذلك الـــــبحر الــعبابا
و آتى أهـله عيــــــشا هنيئا *** مريئا مســـــتلذا مســـــــتطابا
و لقيَّ الأم عائـــشة سرورا *** و أحـسن في المآب لها المآبا
أنشأ الشيخ أحمدُ بن اخليل مطلع الثمانينات المدرسة الصوتية للتوفيق للمحبة في الذات الإلهية العلية ، حيث أشرف من خلالها على إبراز العديد من الكنوز العلمية الدفينة في “المجامع ” الشخصية و المكتبات الخاصة.
الشيخ أحمدُ بن اخليل
ساعدت الحنجرة الذهبية للشيخ وتميز أدائه في سرعة انتشار إنتاج المدرسة وشيوعه في أنحاء الوطن.
وقد وضع الشيخ نفسه تحت تصرف جميع طلاب العلم فهو لا يتقاضى أي أجر مقابل التسجيلات رغم المجهود الشاق الذي تكلفه، كما أن تسجيلاته خالية من الأخطاء المخلة بالوزن والمعنى، نظرا لخلفيته المحظرية و حفظه لأغلب المتون عن ظهر قلب.
وقد حضرت شخصيا تسجيلا قام به لألفية ابن مالك في النحو نزولا عند رغبة جدنا محمد اليدالي بن أبن ، وقد لفت انتباهي أنه قلما ينظر إلى المتن طيلة تسجيله للشريطين الذين لم يأخذا ساعتين من وقته فتبارك الله أحسن الخالقين.
سجلت المدرسة الصوتية في باكورة إنتاجها شريطا يحتوى على الألفيات و اللاميات و أنظام القبض، وقد تداولته النخب العلمية، ثم بعض أنظام الشيخ محنض باب بن امين كسلم المرتقين والمباحث الفقهية، كما قامت بتسجيل منظومة قرة العينين في غزوات سيد الكونين للقاضي سيلوم بن المزروف إضافة إلى العديد من المتون المحظرية الأخرى كعبيد ربه و ابن عاشر و الألفية و بعض الدواوين الشعرية كديوان الشيخ المختار بن حامد.
يعمل الشيخ حاليا إماما لمسجد في دولة الإمارات العربية المتحدة ، ويشرف أبناؤه حفظهم الله على المسجد و الزاوية التجانية الذين أسسهما في الحي الجنوبي من مدينة المذرذرة، كما خرجت المدرسة أيضا جيلا من الشباب المنشدين الذين يحاكون أداء الشيخ فجزاه الله خيرا عن الإسلام والمسلمين.
سلم المرتقين (الشيخ محنض باب بن امين) جزء 1:
سلم المرتقين جزء 2:
سلم المرتقين جزء 3:
سلم المرتقين جزء 4:
المؤرخ و الأديب المختار بن حامد رحمه الله
الفية ابناء سيد الفال ( المختار بن حامد):
لامية أهل انيفرار و أهل ابيرتورس (المختار بن حامد):
الفية إدوداي ( المختار بن حامد):
الأستاذ محمد فال بن عبد الطيف
رد الأستاذ محمد فال بن عبد الطيف على لامية أهل انيفرار و أهل ابيرتورس:
الشيخ حمدا بن التاه
رد الشيخ حمدا بن التاه على لامية أهل انيفرار و أهل ابيرتورس:
يعقوب بن عبد الله بن أبنْ
جميل جدا ولا غرو
أرجو أن ترفعوا لنا تسجلات الألفية لابن مالك إن كانت موجودة
وجزاكم الله خيرا
لاحول ولاقوة الا بالله
المرجو تنزيل الفيه بن مالك للشيخ احمد بن خليل
لا فض فوك،ولا شلت اناملك، ولاجف حبرك ،ولانبضت كلماتك.
اود من فخامتكم ان تتحفنا بلامية حمدا مكتوبة.
وشكرا
أين هي المباحث الفقهية جزاكم الله خيرا
جميل جدا…الرجاء إتحافنا بالمزيد من شعر العالم والأديب “ميلود بن أغلنصر” رحمه الله!!! أو أين يمكن أن أجده؟ فقد تعذر علي الوقوف على المزيد من شعره عدا هاذان البيتان أو بيتان آخران نسبهما “التاه” إليه فى موسوعته…وشكرا
الرجاء ان تتكرموا علينا بتسجيل نظم المباحث الفقهية للشيخ احمدو ل اخليل بارك الله فيكم
الرجاء بارك الله فيكم نظم المباحث الفقهية بصوت الشيخ الفاضل احمدو ول اخليل حفظه الله
أكثر من رائع أستاذنا
وأرجو أن تتحفنا ببعض قصائد المختار ولد حامدن (مثل: مشت بيني وبين الشعر هندي)بحكاية ولد خليل
أكثر من رائع ، ما شاء الله لا قوة إلا بالله.
دامت أناملك.