حديث الروح ……….عن صدمة الروح الموت ذلك الشيئ المخيف في تصور بعض الأحياء ليس فراقا.فعليا..وليس البداية.. هكذا شعرت الروح وهي ترتقي سلم الغيب قاصدة سكون البرزخ.. فرغم أنها من عالم آخر إلا أنها في البداية دخلت في حيرة كبيرة ولم تتمالك نفسها حتى أنها لم تستطع أن تقف على قدميها من هول الموقف.
ورغم أنها جاءت معها بشيء من المعرفة وغرفة من علم اليقين إلا أنها فوجئت بنفسها فلأول مرة تشاهد ذاتها بلا حاجز، على جهلها بالمكان وبالزمان ورغم أنها لم تجرب الحواجز في حياتها من قبل، إلا أنها شعرت بدخول ظرف جديد وانتقال جديد ومرحلة جديدة تفوق حيرتها وغرابتها التي كانت تعاني في قفص الجسم.
فقالت : لعله عالم البرزخ..أنا إذن بجنب ربي…أنا في الملكوت ..يا إله لكن ما لي أرى ؟ ما ذا أرى؟ هل أنتهت مرحلة الجسم؟ يا لسعادتي.. كانت الصدمة قوية ولا منفذ منها..كانت تستمع لأهازيج من “عظال بيك” تتردد في طبقات ذلك التجلي المهيب، نغمات تطابق طعم الفناء الذي كنا نحتسيه في لحظات الدنيا، حين نسبح في بحار الحقيقة فنترك الاتصال بلا قصد، ثم إذا بنا نعود لأجسامنا وحياتنا ومألوفنا ونكون خلال ذلك في عمق الواقع ما بين ترف وطرب وعبادة…..لكنها تبعث الحياة في بقيتيها..هنا شعرت أن الفن متصل بالخلود..حيث أن كنه الجمال الذي يصلنا به ويستغرقنا متصل بالخلود..ويسكن بعيدا…في الفناء… وكان أول بارق أمل يصلها أنها ما زالت على اتصال بخيط رقيق من عالم الدنيا، انظر إنه فلان بن فلان فرح بعدنا وذلك فلان تغشاه صدمة فراقنا. ..ومازال يفكر كيف رحلنا، لن تدرك شيئا فحتى نحن لا نعلم…إنهم معي بقدر تخيل الوهم. هذا الفراق الجديد الذي لم أعتده رغم معاناتي الكبيرة والقيود المنيعة التي كانت تكبلني في السجن الذي كنت أقبع داخله منذ فترة الخلق وحتى ما بعد فترة آدم.. قالت الروح: إن عالمي الجديد ورغم ضبابيته إلا أنه على اتصال شبه دائم مع عالمكم يبدأ بفراقنا لأجسادنا، حيث أن بعض الأرواح تبقى على اتصال رغم اختلاف سجنهما حيث تقبع إحداهما في ظلمة الجسم والأخرى في الغيب..فتزوركم أرواحنا كما تزورنا أجسامكم ونستمع إليكم ونحزن لحزنكم ونفرح لفرحكم، مع اختلاف في كل ذلك…فلكلينا فهمه ومعرفته ومعاييره لما يحدث…أو ما سيحدث.. وهنا أمسكت عن الكلام….