الرئيسية / الاخبار / بحث فقهي حول طبيعة العقد بين مالك جهز التنقيب وعامل الحفر. بقلم الدكتور الباحث محمد فال بن المختار

بحث فقهي حول طبيعة العقد بين مالك جهز التنقيب وعامل الحفر. بقلم الدكتور الباحث محمد فال بن المختار

عرضنا اليوم!
مازلنا في إطار البحث عن العلاقة بين مالك الجهاز والمنقب ، وزاد البعض الحفار ، وربما يزيد مشارك آخر شركاء جدد.
ولتحديد موضوع البحث فنحن نبحث حالة معينة وهي “أن يشارك شخص بشراء جهاز تنقيب يسلمه لمنقب لينقب به عن الذهب ويتقاسموا النتيجة”.
فهل نحن في هذه العملية أمام إجارة بمجهول ؟ أم هي شراكة كما في القراض؟أم هي “شركة أبدان” ؟
نبدأ بشركة الأبدان :
وتسمى “شركة العمل” وهي أن يشترك اثنان فأكثر فيما يتقبلان بأبدانهما في ذممهما من العمل وهي شركة صحيحة .
قال خليل :وجازت بالعمل إذا اتحد أو تلازم وتساويا فيه أو تقاربا وحصل التعاون، وإن بمكانين،وفي جواز اخراج كل آلة واستجاره من الآخرأو لابد من ملك أوكراء؟ تأويلان.
نلاحظ عن طريق الإستقراء البسيط أن الشركة في هذا النوع بالأبدان، وفي قضيتنا شارك أحد الأطراف بماله فقط ولم يشارك ببدنه كما في القراض.
القراض:
القراض هو مما كان في الجاهلية فأقر في الإسلام لأن الضرورة دعت إليه لحاجة الناس إلى التصرف في أموالهم وتنميتها بالتجارة فيها.
قال في المقدمات: “كَانَ الْقِرَاضُ مَعْرُوفًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَأُقِرَّ فِي الْإِسْلَامِ لِأَنَّ الضَّرُورَةَ تَدْعُو إلَيْهِ لِاحْتِيَاجِ النَّاسِ إلَى التَّصَرُّفِ فِي أَمْوَالِهِمْ وَتَنْمِيَتِهَا بِالتَّجْرِ فِيهَا، وَلَيْسَ كُلٌّ يَقْدِرُ عَلَيْهِ بِنَفْسِهِ فَيَضْطَرُّ إلَى الِاسْتِنَابَةِ عَلَيْهِ وَلَعَلَّهُ لَا يَجِدُ مَنْ يَعْمَلُ لَهُ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ لِجَرَيَانِ عَادَةِ النَّاسِ بِالْقِرَاضِ فَرُخِّصَ فِيهِ لِهَذِهِ الضَّرُورَةِ، وَاسْتُخْرِجَ بِسَبَبِ هَذِهِ الْعِلَّةِ مِنْ الْإِجَارَةِ الْمَجْهُولَةِ عَلَى نَحْوِ مَا أَرْخَصَ فِي الْمُسَاقَاةِ وَشِرَاءِ الْعَرَبَةِ بِخَرْصِهَا وَالشَّرِكَةِ فِي الطَّعَامِ وَالتَّوْلِيَةِ فِيهِ. اهـ”
والقراض والمقارضة لغة أهل الحجاز والمضاربة لغة أهل العراق ، وإنما جوز للحاجة، فاختص بما يروج غالبا، وهو النقد المضروب. أنظر كتاب إعانة الطالبين على حل ألفاظ فتح المعين.
وهكذا نلاحظ بجلاء أن قضيتنا ليست مضاربة،إذ من شروط رأس مال المضاربة و هو محل عمل المضارب، أن يكون بالدنانير والدراهم ، والأموال تختلف اختلافا بينا ظاهرا في صفاتها كما هو معلوم .
وعلى العموم فشروط رأس مال المضاربة هي أن يكون :
– نقدا من الدراهم والدنانير؛
– وأن يكون معلوماً؛
– وأن يكون عينا؛
– وأن يسلم رأس المال إلى العامل.
قال ابن رشد: “اتفقوا على أنه يجوز بالدنانير والدراهم واختلفوا في غير ذلك”.
قال أبو حنيفة: “لا تكون المضاربة إلا بالدراهم والدنانير”، وهو قول أبي يوسف ، وعلّلَ السرخسي ذلك بأنَّ ما يحصلُ للمضارب فيها يكون ربحَ ما قد ضمن، بخلاف العروض؛ لأنها أمانة في يده، وتتعيّن بالتعيين.
قال مَالِكٌ: “لاَ يَصْلُحُ الْقِرَاضُ إلا في الْعَيْنِ مِنَ الذَّهَبِ أَوِ الْوَرِقِ وَلاَ يَكُونُ في شَيْءٍ مِنَ الْعُرُوضِ”.
ومن الحنابلة: ، قال ابن قدامة: “وما جاز أن يكون رأس مال الشركة جاز أن يكون رأس مال المضاربة”.
ومع هذا فقداختلف الفقهاء في جعل رأس المال من النقدين أو العَروض على قولين:
– القول الأول: أنه لابد أن يكون رأس مال المضاربة من النقدين، وعدم جواز جعل رأس المال فيها من العروض. وإليه ذهب جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكيّة والشافعيّة والحنابلة في رواية.
واستدلوا على ذلك: بأنَّ رأس مال المضاربة إذا كان عَرضاً كان فيه غرر؛ لأنه يقبض العرض وهو يساوي قيمة ما، ويرده وهو يساوي قيمة غيرها، فيكون رأس المال والربح مجهولا.
وقد سبقتْ مقُولة الإمام مالك في الموطأ.
– القول الثاني: جواز كون العروض رأس مال المضاربة. وإليه ذهب ابن أبي ليلى، وحماد بن أبي سليمان، وطاووس، والأوزاعي، وهي رواية عند الحنابلة جاء في المغني: “وقال الأثرم: سمعتُ أبا عبد الله يُسأل عن المضاربةِ بالمتاع، قال: جائز”. ينظر: المغني (5/11).
و مما رجح جواز كون العروض رأس مال في المضاربة: أن حاجةَ الناس داعية إلى القول بجوازه؛ لأن العامل قد يجد من يدفع له عروضا، ولا يجد من يُطيه دراهم أو دنانير، ومنع ذلك فيه مشقةٌ وتضييق على الناس، ومبنى المسألة على الاجتهاد وإلا فلم يردْ دليلٌ يُلزمُ كونَ الأثمان رأس مال في المضاربة دونَ ما عداها؛ ولذا فلا مانعَ من القول بجواز المضاربةِ بالعروض:(يُنظر المضاربة في الشريعة الإسلامية ص149-167، شركات الأشخاص ص201).
ونختم عرضنا اليوم بما ذكره أبو الحسن الرجراجي في كتابه ” منَاهِجُ التَّحصِيلِ “حيث قال : الأصول أن المساقات والقراض، وكراء الأرض، وسائر الإجارات أصول مستثناة من قواعد الغرر والجهالة.أنظر منَاهِجُ التَّحصِيلِ.
وبما فِي التَّنْبِيهَاتِ : “لَا خِلَافَ فِي جَوَازِ الْقِرَاضِ وَأَنَّهُ رُخْصَةٌ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ الْإِجَارَةِ الْمَجْهُولَةِ وَمِنْ السَّلَفِ بِمَنْفَعَةٍ”.
تنبيه:

وإن بجزئي على كلئ استدل@@@ فذا بالإستقراء عندهم عقل
وعكسه يدعى القياس المنطقي @@@ وهو الذي قدمته فحقق
وإن بجزئي على جزئي حمل @@@ بجامع فذك تمثيل جعل.

ونترك الباب مفتوحا لمن أراد المشاركة بأسلوب علمي هادف.

الدكتور الباحث محمد فال بن المختار

اترك رد