الرئيسية / مؤلفات / رسالة في الحث على اتباع السلف للشيخ محمذن باب بن داداه رحمه الله

رسالة في الحث على اتباع السلف للشيخ محمذن باب بن داداه رحمه الله

المؤلف:

هو شيخنا وشيخ مشائخنا العالم العلامة الورع القدوة البركة بقية السلف الصالح محمذن باب بن داداه بن محمذن بن ألجد بن الزبير بن حامدت بن ألفغ عبد الله بن أعمر إديقب, صاحب التصانيف المفيدة والأنظام العديدة, وقد سبق أن نشرنا من مؤلفاته: كتاب النقول الشاملة ,كما أوردنا له بعض الفتاوى والأنظام.

مصدر الكتاب:
تمت طباعة هذه الرسالة من كناش الشيخ حامد بن يحظيه رحمه الله ومعها تسليم القاضي أحمد سالم بن سيد محمد رحمه الله , وتمت مقابلتها على نسخة أخرى عند أسرة المؤلف لعلها بخط ابنه أحمد رحمه الله وهي مذيلة بتقريظ الشيخ العلامة محنض باب بن امين بخطه.
موضوع الرسالة:

كما جاء في عنوانها في بعض نسخها هو الحث على اتباع السلف والتنفير من التلاعب بالدين وفتح أبواب الفتن.
وقد اشتملت هذه الرسالة الموجزة على عدة نقاط مهمة منها أن نصوص الشرع ينبغي أن تؤخذ من مصادرها الصحيحة وأن يُرجع في فهمها إلى أهل العلم العارفين بذلك, وأنه يجب اتباع السلف وحسن الظن بهم والتماس أحسن المخارج لهم.

هذا نص الرسالة:
بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على نبيه الكريم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى أصحابه أما بعد فهذه رسالة جمعها شيخنا محمذ باب بن داداه في الحث على اتباع السلف والتنفير من التلاعب بالدين وفتح أبواب الفتن قال بعد البسملة والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ما نصه:
أما بعد فهذا شيء من كلام الكتب المعتمدة جمعته لعل الله أن ينفع به من أراد الانتفاع ففي رسالة أبي سالم العياشي: الذي عند المحققين من أهل المذهب أنه لا ينبغي إظهار المخالفة ومصادمة نصوص المذهب في أمر لـه أصل في السنة وإن لم يبلغ درجة غيره في الصحة فإن ذلك مما يثير الخلاف ويوقع في التشويش على العوام بل ولو كان المشهور خلاف ما جرى به العمل فلا ينبغي التشويش على الناس بذلك وحملهم على خلاف ما مضى عليه عمل الناس في الأعصار المتطاولة مما لـه أصل في السنة, وفي كتاب سنن المهتدين للمواق ما يكفي ويشفي انتهى منها بلا واسطة.

وهذا الكلام نقله عبد الباقي الزرقاني عند قول خليل في الجماعة وإن بدار وسلمه محشوه ونقله صاحب الميسر ثَمَّ, ونقل القباب في شرح قواعد عياض أن أبا عمر بن عبد البر قال لشيخه أبي عمر الإشبيلي -حين قال لـه إن أحاديث الرفع صحت عنده- : هلا رفعت فيُقتدى بك؟ فقال: أنا لا أخالف رواية ابن القاسم لأن الجماعة اليوم عندنا عليها, ولأن مخالفة الجماعة فيما قد أبيح ليس من شيم الأئمة انتهى بلا واسطة.
لكني لما نظرت كلام القباب عثرت على سهو وقع للعياشي في رحلته حيث جعل أبا عمر ابن عبد البر هو الذي سئل عن ذلك والسائل أبو عمر كما قدمنا.
وفي اختصار نوازل البرزلي: لا يجوز لمن لا يأخذ عن الأشياخ الفتوى في شيء, وهو منصوص للمتقدمين ولو كان ينظر الكتب.
وفيه عن ابن العربي عازيا للغزالي: ومن قلد عالما اتبعه في كل ورد وصدر, ولا يجوز لـه اختيار أطيب المذاهب عنده لموافقة غرض الطبع وإن فعل ذلك فلَهْوٌ, كما لا يجوز للمجتهد العدول عما أداه إليه اجتهاده انتهى بلا واسطة.
وفي نور البصر للهلالي أن من أفتى بشيء وليس من أهل العلم أنه لا يجوز لمن اشتهر بالعلم أن يسلمه, ولو كان صوابا, خيفة أن يفتي بشيء آخر ليس بصواب ويقال إنه صواب لتسليم من اشتهر بالعلم لشيء قبله انتهى.

وفي الصاوي عند قولـه تعالى: واذكر ربك إذا نسيت: لا يجوز تقليد ما عدا المذاهب الأربعة ولو وافق قول الصحابة والحديث الصحيح والآية, والخارج عن المذهب ضال مضل وربما أداه ذلك إلى الكفر انتهى.

وفي المعيار من جواب للتازغدري: قال ابن الماجشون: ينبغي صرف اللفظ إلى معنى بخارجه وإلا بطلت الأمور, قال تعالى: فاعبدوا ما شئتم من دونه, وقال: واسجدوا لله واعبدوا, فهذا أمر والأول نهي واللفظ سواء, فلا ينبغي لأحد أن يعتمد على ما يرى في الكتب حتى يكون عارفا بقواعد العلم ومقاصد العلماء ومقتضيات الألفاظ, وما يحمل على الحقيقة منها وما يحمل على المجاز, لأنه إذا كان عارفا بذلك فَهِم الأمور على وجهها فما جرى منها على القواعد حمله عليها وما خرج عنها رده بالتأويل إليها, فإن لم يكن عارفا بذلك فحظه السؤال والتقليد, وإن لم يفعل وعول على فهمه وقع في الخطأ أو الكفر وهو لا يشعر, فيحسب أنه على شيء فنعوذ بالله من الجهل المركب انتهى.

وقول الشافعي بقراءة المأموم في الجهر ذكره الغزالي في الإحياء وغيره ونسبه ابن العربي لمالك وصححه, لكن الباجي شيخ أشياخ ابن العربي نسبه في المنتقى للشافعي فقط وعزا لـه قولا آخر أنه إن قرأ المأموم في حالة الجهر بطلت صلاته وقلت في نظم لي:

 وعنه أيضا قد روي إذا قرا *** في الجهر بطلان الصلاة قد يرى

ولي أيضا:

مفت بما شذ ولــــو في مذهـــــبه *** جا في الرهونـي أمرنا بأدبــه
عن صاحب المعيار في النكاح في *** في غيرها قولان فيه ذا يفــــي

 

انتهت رسالة الشيخ محمذن باب بن داداه رحمه الله.

وكتب عليها العلامة أحمد سالم بن سيد محمد القاضي :
أما بعد فإنه مما يرشح مقتضى هذه الرسالة ما قاله الإمام المازري المسلم لـه أنه بلغ رتبة الاجتهاد أو كاد ونصه: المازري لست ممن يحمل الناس على غير المعروف المشهور من مذهب مالك وأصحابه لأن الورع قد قلَّ والمتحفظ على الديانات كذلك وكثرت الشهوات وكثر من يدَّعي العلم ويتجاسر على الفتيا, ولو فتح لهم باب مخالفة المذهب لاتسع الخرق على الراقع وهتكوا حجاب هيبة المذهب وهو من المفسدات التي لا خفاء فيها.
قال الشاطبي بعد نقله: فانظر كيف لم يستجز – وهو المتفق على أمانته – الفتوى بغير مشهور المذهب ولا بغير ما عرف منه بناء على قاعدة مصلحة ضرورية أي قلة الورع في كثير ممن يتصف لبث العلم والفتوى فلو فتح لهم هذا الباب لانفسخت عرى المذاهب لأن ما وجب للشيء وجب لمثله انتهى.
وينضم لهذا قول القرافي: عبادة كل مقلد لإمام معتبر صحيحة بالإجماع انتهى.
وقد نقله الرهوني في حاشيته وسلمه واستدل لـه ولابن الشاط في حاشيته على الفروق.
فكيف بعد هذا الإجماع يعدل عن تقليد صاحب المذهب المشهور المعتبر وقد صح لاعتبارية مالك ما لم يصح لغيره من غيره من الأربعة, وشهد الكثير من تابع التابعين أنه المعني بخبر تضرب أكباد الإبل وشهدوا أنه حجة على غيره, فكيف يعدل بتقليده تقليد من لم يره العلماء أهلا للتقليد ولا للاجتهاد, وكيف يصح تبديل تقليد من حكي الإجماع على صحة عبادة تقليده بمن ليس كذلك ولا قريب منه, فاعتبروا يا أولي الأبصار وقدروا لخطواتكم فيمن تقلدونه قبل الخطى.
كتبه معضدا لرسالة العلامة محمذن باب بن داداه أحمد سالم بن سيد محمد.

وقال العلامة محنض بابه بن امين يقرظ هذه الرسالة

رسـالة الـشيخ تـعطى مـن تـأملها *** شتى فوائد منها كان أملها
صغيرة الحجم إن عدت صحائفها *** غزيرة العلم إن فصلت مجملها
فـقه صـحيح وأنـقال مـسلَّمة *** أظـن نـابت جـيل الـعصر أهـملها
غـطى سـفى رمل عاتى الغي منهجها *** وقدّ بردة هاديه ورملها
أبـــدت فـتـيـلته نـــورا فـأخـمـدها *** أهـــدت …. نـــورا فـأخـملها
والـحمد لـله لا تـنفك طـائفة *** تـشيل مـن غمرات الجهل مثملها
تـهدى برفع منار الدين أرمدها *** تغنى بأعلاق علم الشرع أرملها
أضـنـى الإلــه أعـاديهم وأكـملهم *** وزاد مـولى أيـاديهم وأكـملها

وفي الشطر الثاني من البيت الخامس كلمة غير مقروءة وضعنا بدلها نقاطا, وفي هامش الأصل تعليقا على قوله: آخر البيت الرابع: “رملها” أن معنها: لطخها بالدم.
والله الموفق.

محمد الأزعر بن حامد

تعليق واحد

  1. والله إنها رسالة جيدة وكانها تعنى اهل زماننا هذا جزيتم خيرا وكفيتم ضيرا

    فيما يخص كان النقاط من الشطر الئانى فقد قال لى الأستاذ سلام انه يظن ان البيت
    أبـــدت فـتـيـلته نـــورا فـأخـمـدها *** أهـــدت خميلته نـــورا فـأخـملها “نورا الثانية بسكون الواو والله تعالى اعلم”

اترك رد