الرئيسية / سلسلة مقالات الأستاذ محمد فال بن عبد اللطيف / أنقذوا أدب الفكاهة … الأستاذ محمد فال ولد عبد اللطيف

أنقذوا أدب الفكاهة … الأستاذ محمد فال ولد عبد اللطيف

سبق لي أن كتبت في أواسط الثمانينات من القرن الماضي مقالا: شبه دراسة عن الفكاهي الشهير باب فال بن المختار رحمه الله وقد نشرت هذا المقال جريدة الشعب في أحد ملحقاتها التي كانت تنشرها آنذاك.

وأذكر أنني في ذلك المقال لفت النظر على ضرورة إعطاء بعض العناية للموروث الفكاهي الوطني محاولا تنميطه واستكناه مختلف مشاربه ومناحيه، علما بأن بضاعتي في هذا المجال مزجاة، وقدرتي على البحث في خفايا الموروث الشفهي والمكتوب محدودة جدا.سبق لي أن كتبت في أواسط الثمانينات من القرن الماضي مقالا: شبه دراسة عن الفكاهي الشهير باب فال بن المختار رحمه الله وقد نشرت هذا المقال جريدة الشعب في أحد ملحقاتها التي كانت تنشرها آنذاك.

وأذكر أنني في ذلك المقال لفت النظر على ضرورة إعطاء بعض العناية للموروث الفكاهي الوطني محاولا تنميطه واستكناه مختلف مشاربه ومناحيه، علما بأن بضاعتي في هذا المجال مزجاة، وقدرتي على البحث في خفايا الموروث الشفهي والمكتوب محدودة جدا.

وها أنا أعود اليوم مجددا الكرة لأطرح الموضوع على بساط البحث مستنهضا همم أولى الهمم العوالي من الباحثين والأساتذة والمثقفين ليدرسوا الفكاهة الوطنية ويجمعوا ما تشتت منها قبل ان يذهب أهله فيذهب بذهابهم أدب كثير ممتع. والسبب في طرحي للقضية من جديد هو أني عثرت على طبعة جديدة من كتاب الفكاهة في الأدب أصولها وأنواعها للدكتور أحمد محمد الحوفي عضو مجمع اللغة العربية وأستاذ الأدب بكلية دار العلوم في جامعة القاهرة، وهو كتاب شيق جيد جمع إلى صرامة العلم والتوثيق طرافة السرد والتعليق فذكرني الطعن وكنت له ناسيا.

قال في مقدمة كتابه هذا: “في حياة الأفراد والجماعات مراحل من الكد والجد قد تصل بهم الى النصب والإجهاد، ولو طال الزمن بنصبهم وإجهادهم لبلغ بهم إلى السأم والملال فلم يكن بد من فترات تتخلل ساعات العمل المضني، أو التفكير المتصل، يتخفف فيها العاملون والمفكرون من أثقالهم، ومن قسوة أعمالهم، بل أن ذوي البطالة كثيرا ما يملون البطالة ويضيقون بالفراغ الخاوي ويشعرون بالحاجة إلى سماع نغمات تحدو نشاطهم وتضفي إلى حياتهم الراكدة الوانا من الجدة والمرح، وخير ما يتجدد به نشاط هؤلاء وأولئك هو الضحك والفكاهة، لا فرق في ذلك بين بداة ومتحضرين، ولا بين علماء وجهال، ولا بين كبار وصغار”.

والمؤلف في هذه الفقرة يضع التأسيس النفسي والفلسفي لضرورة الإستجمام في حياة الفرد ثم المجتمع وهذا كله في التدليل على أهمية الموضوع من الناحية النفعية البحتة، بقى ان أقول لكم ان حب المرء لموروثه الحضاري يجب ان يكون عاريا من كل سبب نفعي لأن الحب إذا كان كذلك فإنه الى زوال: ورحم الله أبا الطيب حين يقول:

[| [( وما أنا بالباغي على الحب رشوةً *** ضعيف هوًى يبغي عليه ثوابُ )] |]

ولعل قائلا يقول: ومن أدراك أن في الموروث الموريتاني فكاهة حتى ندرسها ونحللها، فالحكم على الشيء –كما يقولون- فرع وجوده وتصوره؟ لهذا القائل ولأمثاله نقول: ما من شعب إلا له فكاهة حتى الشعوب البدائية التي تعيش في الأدغال وتعيش على جنا ثمار الاشجار، ناهيك عن شعب هو مجمع البحرين: البحر العربي والبحر الإفريقي، وخلاصة العرقين، جمع إلى ذكاء الصحراء وفطنتها دماثة النهر وحسن خلقه، تراكمت عليه مع رمال العصر الرابع تراكمات حضارية تلاقت وتلاقحت فكانت مصدر غني وثراء وعطاء.

على أن عقلاء المناطقة لما عرفوا الإنسان بأنه الحيوان الناطق حكموا بمساواة هذا الحد للرسم الذي يعرف الإنسان بأنه الحيوان الضاحك فحيث يوجد الإنسان يوجد الضحك والفكاهة، فليبحث عنها الباحث الجاد فعدم الوجدان –كما يقول المناطقة – لا يستلزم عدم الوجود. أما أنا فمع قلة حيلتي وقرب نجعتي فأول نص له صلة بالفكاهة –فيما أظن- مما عثرت عليه هو نظم الشيخ سيد محمد بن الشيخ سيدي لبعض من هذه الطائفة، ولكن ما نظم –رحمه الله- هو عنوان لما لم ينظم كما صرح به هو نفسه في نظمه.

ثم إن ما نظم إنما هو مشرب واحد من مشارب الفكاهة الموريتانية المتعددة المشارب حسب الأذواق والأمزجة والمحيط الثقافي والاجتماعي. فما ضر –وهذا ما أدعوا اليه بكلام أولاد حمزة- لو تجرد كوكبة من الباحثين والأساتذة الجامعيين لهذا الموضوع فتشبعه بحثا ودرسا فتكون بذلك قد قضت ديْنا كان في عنق الأمة الموريتانية جمعاء.

والذي اقترحه بخصوص منهجية البحث – مع أن العوان لا تعلم الخمرة- هو التنقيب في كتب الأدب والتاريخ والتراجم والتقاليد المروية لجمع المادة المبعثرة ثم توثيقها وتصنيفها إلى أنواع يدور كل نوع منها على أصل واحد.

وكان من التذكير بأن النوادر الفكاهية الواردة بالعامية لا بد من إيرادها بالعامية الحسانية أو بإحدى اللغات الوطنية إذا كانت انما نزلت بها، وهذا الأمر لا بد منه فقديما قال الجاحظ : ” ومتى سمعت حفظك الله نادرة من نوادر العوام وملحة من ملح الحثوة والطعام فإياك أن تستعمل فيها الإعراب أو تتخير لها لفظا حسنا أو تجعل لها من فيك مخرجا سريا فإن ذلك يفسد الإمتاع بها ويخرجها من صورتها ومن الذي أريدت له ويُذْهب استطابتهم إياها واستملاحهم لها” . فليكونوا على بال من ذلك.

الأستاذ محمد فال ولد عبد اللطيف

منشور في موقع الوكالة الموريتانية للأنباء يوم 10/04/2011

تعليق واحد

  1. /تلميذكم وابن تلاميذكم وابنكم البار -إن شاء الله-محمدن بن مناح يقول:، أتيتم في المقالة بالمفيد****كعادتكم وبالـرأي السديد
    فقد آن الأوان لما طلبتم****سواء للطريف وللتـــليد
    فلا يألوا ببدءالبحث جهدا***فإن الأمر أصبح كالأكيـد
    وقدأوضحتم الطرقات حتي ***تـــراءت للذكي وللبليد
    ولست جذيل هذالفنّ لكن ***أحاول شرح نظم الشيخ[سيدي]
    هوابن الشيخ سيدي ذاك يكفي**لنيل الحاج من شيخ فريد
    صلاة الله يتبعها سلام ****علي الأمـــــــين بلا حــدود

اترك رد