خصوصيات تاريخية – اخبار انيفرار https://niefrar.org Wed, 18 Sep 2019 13:50:22 +0000 ar hourly 1 https://wordpress.org/?v=6.4.3 91258333 الحياة الاقتصادية “من كتاب أنساب بني أعمر إيديقب للأستاذ محمد فال بن عبد اللطيف” https://niefrar.org/?p=35 https://niefrar.org/?p=35#comments Wed, 18 Sep 2019 09:23:34 +0000 http://niefrar.org/wordpress/?p=35 كان المجال الحيوي لأهل أعمر إيديقب كما رأيت قلب إيكيد و كانت بئرهم ذا المساجد هو العاصمة الأولى للزوايا أيام الجماعة و قبل خروج المغافرة و كان جل اعتماد الناس في معاشهم على تنمية البقر و الزراعة المطرية و ما عرفوا الإبل و الغنم إلا بعد الجيل الثاني بعد شربب و كانوا زمن شربب أهل خيل و كان لناصر الدين فرس حسب ما ذكره اليدالي . و كان الكثير من الزوايا يرى أن البقر أشد ملاءمة للاستقرار و طلب العلم و القيام بنواميس التزاويت و أما الإبل فصاحبها عندهم على خطر إذ ربما مال به طلب الطياش إلى نوع من الطيش و الجهل و التباعد عن خلق الزوايا بخلاف البقر فإنه لا يحتاج إلى رعاية ما دام الخصب موجودا أضف إلى ذلك أن الإبل عرضة للنهب من القبائل المغيرة التي قد تجيء من الشمال و البقر لا غرض لهم فيه لعدم صبره على العطش . و كان أول من تملك الإبل من أهل أعمر إيديقب سكم بن محمذن بن أعمر ثم أبناء المامون بن محمذن بن أعمر خصوصا آل شيبة و آل الشيخ أحمد بن الفاضل و كان من دأبهم أن رعاة البقر يقيمون معهم في الحي أما رعاة الإبل و الغنم فإنما يعاملونهم على بعض منافعها . وكان الزوايا يتفاخرون بطول المكث في الدار الواحدة حتى كان من علامات المجد و السؤدد أن تأكل الأرضة أوتاد البيت لطول مكثه و كان أهل أعمر إيديقب آخذين بهذا المنحى لا تزال حاضرة منهم مقيمة بالبئر و قد يلجئهم الجدب إلى التنقل لانتجاع المرعى في شكل ما يسمى بالعزيب و لكن سرعان ما يعودون إذا جاء الله بالحيا و غالبا ما يلجئون إلى أرض الخط شمال شرقي روصو قال أحمد سالم بن سيد محمد في إحدى استسقائياته :

غيث يحك ببركه أبلادنا *** ثمت يلقي بالخطوط الكلكلا
أرض متى ما أقحطت أبلادنا *** و نبت بنا فهي المعول أولا

و أما الزراعة فكان منها زراعة بشنه و تاغليت و هناك أحراث معروفة بكثرة المحصول و أدركنا أحراثا معروفة منها حرث الشيخ أحمد بن الفاضل بانياركن و حرث ابنه محمدن شمال انيفرار و حرث أحمذ بن زياد المسمى زرع المبجوج جنوب انيفرار الكبير و حرث للمبارك بن سكم عند لعظيميه اشتراه و نجد في الوثائق القديمة ذكرا لكثير من الأحراث منها حرث لآل ألف بن الزبير اشتروه بقطيع من البقر وهذا يدل على أنه كانت لهذه الأحراث مردودية . و كان لهم جزء كبير من مزارع الركيز يستغلونه مباشرة أو بواسطة الأجراء و لكن غالب الحراثة كانت حراثة اشركاش حتى إن هذا الحي كان يعير بذلك على سبيل المزاح كما أن لكل قبيلة من قبائل البلاد ما تعير به و هي عادة معروفة في العرب منذ الجاهلية فقريش تعير بالسخينة و تميم بأكل الضب و لكل بطن من بطون مهنض أمغر ما يعيرون به و ما كان لي أن أذكر ذلك و مما يعير به إيدابهم الدقيق و مما قيل لهم في هذا المعنى :

ذا ابهنض وَرَسِنَن لِهْنَ *** لِهْنَا رَشْنْ ماه بايح
وَرَاوَنْ إذْ ثْرَنْ بِشْنَ *** إذْ راشْ أذَ افِّ صالح

وترجمة هذا الكاف البربري من امريميده أن إيدابهم لا يقر لهم قرار و القرار عندهم غير مباح ( لشدة ثقتهم بأنفسهم ) و أحرى إذا وجدوا بشنه و وجدوا لها رمادا صالحا لقليها .
و مما قاله إيدابهم أو قيل على لسانهم في هذا الصدد من الشعر البربري :

تَمْكَكْ يَلَّ ايلّن اكْنُون *** اشَا دنَنَان كِيفْ اسكُظَنْ
…. ….                *** بزكر إذا نويش اثَظَنْ
أجَّجِنَّانْ آرَنْ اللونْ *** ورتا ني آجَج بَرَبْظن

و ترجمة هذا الكاف بالعربية نحمد الله على أن زرع السودان يصل إلينا فور خروجه من سنبله و أن نبات اشركاش قد بلغ سبع ورقات في حين أن أضاة بو زكري و أضاة انو يش مملوءتان ماء فهذا مؤذن بوفرة الحصاد وأن حميرنا خضر ليس فيها حمار أبقع و في هذا تلويح بالخروج على المذهب الديماني إذ كان من عادة بني ديمان استهجان الحمير غير الخضر و فيه إشارة أخرى أعرضنا عن ذكرها .
و كان من اقتصاديات الناس كذلك بيع العلك للنصارى و كانت تجارة تمارس منذ قرون و تتأثر بالصراعات الأوروبية و كان هذا الحي يمتارون من ادويره و هي أبو دور شرقي دكانه وكانت في طريقها محطات معروفة و كانوا يأتون بما يحتاجون إليه من لباس و زرع و حوائج أخرى و ازدهرت هذه التجارة حتى كانت العامة و أهل المجون يضربون مثلا فيقولون إني أفضل هذا الأمر على أبي قادما من ادويره و كانوا ربما اضطرهم الحال إلى الامتيار من ضواحي بوغى و كيهيدي و هذا في العصر المتأخر و أما في القديم فكانت تجارتهم إلى المراسي الأوروبية على المحيط إلا الزرع فكانوا يأتون به من شمام و كانت لـه رحلة معلومة زمن الربيع . و في أواسط القرن الرابع عشر للهجرة انتقل كثير منهم من ادويره إلى روصو ثم إلى السنغال و منهم من استقر في المذرذرة و كانت هذه التجارة هي أهم اقتصاد الحي إلى عهد قريب . و كانوا ربما ذهبوا إلى آدرار للامتيار من تمره و كان أول من سن هذه الرحلة سيد بن سكم حسبما بلغنا . و كان الذهاب في الميرة محكا تعرف به الرجال و تسبر مؤهلاتهم و كان لـه أد بياته و متطلباته من حكمة و حنكة و قوة بدنية و خبرة بالناس و الأرض و الممرات الصلبة و أماكن الخوف و غير ذلك و قد تقدم كلام والد بن خالنا في وصف ما يتعرض لـه المسافرون .
و من مصادر الرزق أيضا ما يسمى بالكبظ و هو وظيفة عرفية سنوية تؤخذ من اللحمة و من على شاكلتهم معروفة و معترف بها عند بدء الخريف .
ولما جاء المستعمر الفرنسي أجبر الناس على الالتحاق بمدارسه بهدف أن يكَوُّن منهم موظفين محليين فكان الأمر في أول الأمر قاصرا على أبناء الشيوخ و الأعيان فتخرج منهم المعلمون و الموظفون و المترجمون .
من كتاب أنساب بني أعمر إيديقب للأستاذ محمد فال بن عبد اللطيف

]]>
https://niefrar.org/?feed=rss2&p=35 1 35
مثل ضربه العلامة محمذن بابه بن داداه رحمه الله تعالى https://niefrar.org/?p=65 https://niefrar.org/?p=65#comments Wed, 13 Feb 2019 09:40:14 +0000 http://niefrar.org/wordpress/?p=65 هذا مثل ضربه العلامة محمذن بابه بن داداه رحمه الله تعالى:

أترضى أن تمر بأرض فيها مواضع كثيرةُ الجواهرِ دونَ التقاطِها بعضُ عسرٍ وتتركها لعسرها وأنت قاصد أرضا لا بد من إتيانك لها ومقامك فيها أبدا ذات جوع وشدائد ولا حيلة لك فيها لشيء إلا بما أخذت من الجواهر التي مررت بها وفيها مواضع أخر فيها جنى تتلذذ به في ذهابك لكن إن قدمت الأرض التي تقصد ينقلب حيات وعقارب وغير ذلك مما تتأذى به غاية التأذي. أما الأرض التي بها مواضع كثيرة الجواهر ومواضع فيها جنى تتلذذ به ثم ينقلب بعد ذلك حيات وعقارب فهي الحياة وأما الأرض المقصودة فهي ما بعد الموت وأما ما تمر به من الجواهر التي في التقاطها بعض العسر فهو الحسنات وأما الجنى الذي تتلذذ به في ذهابك لكن إن قدمت الأرض التي تقصد ينقلب حيات وعقارب فهو المعاصي.

وهذا مثل آخر يضربه في أهمية الاعتناء بفقه الصلاة فيقول: إن مثلنا مثل رجل عنده نوق إحداها مفقودة وأخرى لا يأتي بها الراعي إلا بشروط كثيرة والثالثة لا تأتي إلا مرة واحدة في السنة والرابعة هي التي تحلب كل يوم فينبغي الاهتمام برعايتها وسقيها وتنظيفها من القردان وتعهدها أو كما كان يقول رحمه الله

]]>
https://niefrar.org/?feed=rss2&p=65 4 65
نموذج من فتاوي العلامة أحمذو بن زياد رحمه الله تعالى https://niefrar.org/?p=46 https://niefrar.org/?p=46#comments Thu, 09 Feb 2017 10:37:15 +0000 نموذج من فتاوي العلامة أحمذو بن زياد رحمه الله تعالى:

” إعلاما للناظر أن بين شهادة الشهود بالهبة وبين ثبوت الهبة ثلاث عقبات الأولى تعديل الشهود بأن يعدلهم القاضي أو يعدل من عدلهم والثانية الإعذار في الشهود والثالثة حكم بشهادة الشهود فإذا حكم القاضي بشهادة الشهود بعد التعديل والإعذار ثبتت الهبة فإن كان ثبوتها في حياة الواهب صحت وصارت ملكا للموهوب له وإن كان ثبوتها بعد موت الواهب بطلت وصارت ميراثا على الواهب لتخلف ركن من أركان الهبة وهو القبول وشرط من شروطها وهو الحيازة ولا يصحان ويفيدان إلا بعد ثبوت الهبة في حياة الواهب.”

انتهى من خطه.

]]>
https://niefrar.org/?feed=rss2&p=46 4 46
جملة من الفوائد تتعلق بإيكيد https://niefrar.org/?p=38 https://niefrar.org/?p=38#comments Thu, 19 Jan 2017 12:45:21 +0000 الفائدة الأولى :

عاصمة إيكيد في القديم هي بئر أكننت أصله بالبربرية كما في كتاب الآبار أغننيت تصغير أكنن و هو أحد شجر التنضب على كثيبها الغربي وقع تحالف تشمشه في صدر القرن الثامن الهجري أو أواخر القرن السابع و كانوا يجتمعون فيه كل سنة لبحث مصالحهم و تجديد عهدهم تبعث كل قبيلة ممثلين عنها . و تقع هذه البئر على نحو أربعين كيلو مترا جنوب طريق الأمل على بعد عشرين كيلو مترا جنوب تند كسم . و لا تزال هذه البئر ظاهرة المعالم يعتني بها المقيمون على شأنها من قبيلة إيجكوج المحترمة أعانهم الله تعالى و إلى هذا الاجتماع يشير المختار بن حامد بقوله من قصيدة :

و قد كنا تشمشه ذوي حلوم ****رواسخ تستخـــف لها الهضابا
و كان لنا مقام كل حـــــــــول**** نقول بــــــــــــه فنفعله صوابا
تقوم به مشائخنا فندعــــــــو**** إلى الإحسان و العدل الشبابا
بجرعا بئر تنضب ليت عيشـــا**** بــــــــجرعا بئر تنضب طاب آبا

و كان من آخر ما جدد فيه تشمشه عهدهم إعلان 14 رمضان 1366 في مدينة اندر و نصه:

أحمد الله ربي و أشكره ملء فمي و أصلي و أسلم على محمد خير آدمي إخبار ضمنه إنشاء و يسر معناه إفشاء بأن أعيانا من أنوف الخمس و فتيانا كلهم في الشهرة كالشمس أدركوا ما فيه سعادتهم بالحدس فأكدوا اليوم ما أسسوا بالأمس فردوا بذلك شرفهم القديم و هو غض و استدار زمنهم كهيئته يوم خلق الله السماوات و الأرض فضموا عز بني بازيد و كرمهم و فضل بني يعقوب و علمهم إلى عقل بني ديمان و حلمهم و فتح بني يداج و يمنهم و بركة الألفغيين و إخباتهم لربهم و خوارق اليدمسيين و إباء أنفسهم فجر المجد ذيوله و سحب ثيابه و حدد سيوله جنوبا من أقصى بلاد السنغال إلى حدود المغرب الأقصى شمالا و طلع بحمد الله سعيدا و طاب وقتا و صار عيدا و يوما مشهودا و عسى أن ينتج ذلك إحياء السنة و نشر العلم و العمل به خالصا لوجه الله تعالى و يثمر المروءة بأنواعها ويؤكد الإخاء بين كل منهم مع بعض و المحبة بينهم و بين جميع المسلمين و يخرج الكسل و البطالة من قلوبهم و يزين بين أعينهم ترك ما لا ينبغي فيحيوا شيمهم و يجددوا عهودهم و يؤكدوها و يكونوا يدا واحدة على البر و التقوى نائين عن الإثم و العدوان مجتمعين على مصالحهم الخاصة بهم لا يقضون أمرا عليهم إلا عن مشورة ملأ من جميع بطونهم سلما لجميع المسلمين قائمين بأمور الدولة متواصين على الصبر و المرحمة واثقين بالنصر من عند الله و بالود في قلوب الناس فإنهم بحمد الله لم يعادوا قط قبيلة ما و لم يحاربوا حيا ما فتح الله لهم في حسن المعاشرة و من طالع شيم الزوايا رأى من أخلاقهم ما يحرك النفس إلى اقتفاء تلك الآثار فالمرغوب من عامة تشمشه و خاصتهم أن يقوموا في اتفاق الكلمة و تجديد العهود بساق الجد .

و قد قرظ هذا الإعلان العلامة محمد عال بن عبد الودود بأبيات منها :

أتانا كتاب طيب الطي و الــــنشر***** يترجم عــــــن ملء الجـــوانح بالبشر
يخبر أن الخمس ضــــــموا خلائقا ***** تجمعن فيهم لا افـــترقن مدى الدهر
فعادوا كما كانوا وطابت نفوسهم***** فلا طي أو بـــــار الجراب على النشر
و قد أكدوا ما أسسوه و إننـــــــــا***** قبضنا على ما ضمه الخمس بالعشر

الفائدة الثانية :

الأمور التي تعاقد عليها تشمشه هي التمسك بسنة رسول الله صلى الله عليه و سلم حتى تكون لهم طبعا و ديدنا و عدم مداخلة الظلمة و عدم طروق أبوابهم و الاعتزال عنهم قلبا و قالبا و الصبر و الحلم و الأناة والامتناع عن دفع المغرم لحسان مهمى كلف الأمر و مداراتهم اضطرارا طبقا للقواعد الشرعية و العزوف عن الدنيا و حسم مادة الخصومة فيما بينهم و مع غيرهم و قلة الطمع فيما بأيدي الناس و أن يكونوا يدا واحدة على الظالم . و في عيون الإصابة لمولود بن المختار خي أن الزوايا بنوا أمرهم على آية من القرآن و هي قوله تعالى : لئن بسطت إلي يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك .
الفائدة الثالثة :

أخلاق أهل إيكيد هي المعروف عند الناس باستدمين و ليست حكرا على بني أبهنض أمغر بل هي قول و عمل و سلوك و شيم امتاز بها ساكنو هذا الصقع و كساها كل بطن بمشربه الخاص و يقال لطبع أهل إيكيد طبع مضغ القتاد و هو ما يسمونه شجر أيروار قال محمد بن حمين :

أحسن ما أعد من عـــتاد*** للضيف طبع مضغ القتاد
يكفي سؤالهم عن البلاد *** ممن تـــــكون و بأي واد
ثم تتم غاية المراد ………

وقد اعتنى بجمع أخلاق أهل إيكيد العلامة المختار بن جنكي و باب بن محمودا الديماني و نظم الشيخ سيد محمد بن الشيخ سيدي جملا من هزل بني ديمان هي عنوان أخلاقهم و ذيلها الأدباء من بعده و كذلك نظم بعضها الفكاهي الشهير سيد بن آبود و من أشهر ظرفاء بني ديمان باب فال بن المختار بن محمذن بن يحيى وأحمد سالم بن اكريد الديماني ثم من بني باب أحمد و محمد فال بن امخيطرات والكور ضال و محمذن ميلود و باب بن الفظيل الديماينون ثم الفاضليون و حبذا بن الأمين بن انفع الديماني ثم من أولاد باركل و أنداه بن محمد بن الحص الديماني ثم الأبهمي و المختار بن الجد بن انديه الديماني ثم من أولاد بوميجه و محمذن بن آبود الديماني .
وقد بدأت ظاهرة استدمين تستلفت أنظار الباحثين و من كلمات بني ديمان الخالدة : لِمْرُوَّ تَعْكَبْ الصبر , الكذب حرام و الحَكّْ ما ينْكَالْ , ال كَال ال فاخْلاكُ ما يبْكَ فخْلاكُ شِ , استدمين ثلثين منُّ السَّبْلَ و الثلث لَوْخَرْ الاَّ السّبَل , وهذه نماذج تنبئك عن عمق غور القوم قلت و قد يسر الله لي أن جمعت مائتي قصة من قصص بني ديمان غالبها في نوادرهم .
ويقابل خلق بني ديمان ما يسمونه خلق “إيجك” بهمزة مكسورة بعدها ياء ساكنة فشين فارسية فكاف معقودة مكسورة كلمة بربرية معناها غيرنا و هو لقب أطلقه بنو ديمان على غيرهم كما يطلق اليهود لفظ الأميين على من سواهم و اليونان لفظ البرابرة على غير اليونانيين و يقصد به بنو ديمان كل طبع مستهجن عندهم و اشتقوا منه وصف مستبجك و من أظرف ما قيل في الفرق بين المشربين قول العلامة الأديب القاضي محمد سالم بن عبد الودود على سبيل الهزل قال :

الحمد لله الذي عـــــافانـــا ***مـــــــما به ابتلى بني ديمانا
من يأت منهم جميلــا قيــلا*** ورث مــــــــــن آبائه الجميلا
و إن أتى بغير ذاك قــــــالوا*** لم يأته عم لـــــــــه أو خال
و نحن إيجك متى منا أتــى****فتى جميلا قيل أبدع الفتى
و إن أتى بغير ذا لم ينقــــم*** شنشنة نعرفها مــــن أخزم

و مثله قول بعض الظرفاء يمازح صديقا لـه :

طبعك لا يليق بالقتاد****و أهله لشدة الفساد
تأكل ضحوة بلا توان*** بين البيوت و النسا الحسان
تفعل ذلك اتكالا أننا *** إيجك لا يضر شيء عندنا

قال أرباب هذ الشأن الديمين كله مبني على حسن الخلق و الرفق في الأمور قلت أخرج أبو نعيم في الحلية عن محمد الباقر أنه قال “من أعطي الخلق و الرفق فقد أعطي الخير كله و الراحة و حسن حاله في دنياه و آخرته و من حرم الرفق و الخلق كان ذلك سبيلا إلى كل شر و بلية إلا من عصمه الله” و في الحديث الشريف “ما كان الرفق في شيء إلا زانه و فيه إن الله ليعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف” أو كما قال صلى الله عليه و سلم.
الفائدة الرابعة :

عرف أهل إيكيد منذ قديم الزمان نوعا من شظف العيش فضلوه على كل خصب يمس بكرامتهم أو عزهم أو يؤدي بصفة ما إلى اضمحلال شخصيتهم قال والد بن خالنا في كرامات تشمشه يصف تدبير أهل إيكيد لمعاشهم بصيانة الزرع و يريد بالصيانة ما يسمى بالحسانية التصوان قال :

“ذلك أن الزرع يأتي من بعيد من أقصى البلاد على ضعف الدواب و قلة الزاد فإن دونه خرط القتاد من مهامه متلفات و مفاوز موبقات و أنهار في الطريق و خلف الأنهار بحر عميق سائل سكاب و هائل معطاب يغشاه موج كلما ألقي فيه فوج و من أنواع السباع و اللصوص و الخداع و غير ذلك كالاستكانة للحقير مع الإهانة فإن الغريب ذليل فالعز مطلوب و ملتمس و خيره ما نيل في الوطن على ما فيه من جد السير و المشي الفاحش و الإدلاج في الليل و ألم البرد و شدة الحر و تعاقب الكظة و التخم و الذرب و البشم و المآكل الرديئة بأثر الجوع الفادح و المقيل في العراء و المبيت في الهواء مقابلة السماء و قلة وجدان الدواء و كثرة شرب الماء في سيئ الإناء و من ضروب الضرر و صنوف الغرر و حسبك أن قالت عائشة رضي الله عنها لولا أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال إن السفر قطعة من العذاب لقلت إن العذاب قطعة من السفر” .

الفائدة الخامسة :

مما خص الله به أهل إيكيد من بين هذه الأصقاع أنه كان مسرحا لأول محاولة يقام بها لتأسيس الإمامة العظمى قال باب بن الشيخ سيدي في كتابه تاريخ إمارة إيدوعيش و مشظوف :

الزوايا و إن كانوا محتاجين إلى المزيد من الاستقامة و لا سيما في هذه الأزمنة فإنهم مع ذلك حملة الدين في هذه البلاد قاطبة قديما و حديثا لا تنازعهم في ذلك طائفة من طوائفها و لا تقاربهم و الأمر في ذلك أظهر من أن يظهر و أشهر من أن يشهر و العيان فيه مغن عن الخبر و العرب و إن كانت لهم الشوكة فللزوايا المناصب الشرعية كالإمامة العظمى التي اتفق عليها العرب و الزوايا قبل شربب لناصر الدين و كإقامة الصلاة و القضاء و تعلم العلم و الشهادة و التبرك و اللجوء عند الشدائد في الحياة و الممات و أمثالها و الزوايا عند العرب أكفاء و الزوايا لا يريدون لذلك من العرب إلا من تاب و حسن حاله و أفضل العرب يجعلون أفاضل الزوايا شيوخا لهم و يقلدونهم في أمورهم في العاجل و الآجل و لا يستنكفون منه بل يرونه فخرا لهم و أجرا و ذكرا فقد شاهدوا من ذلك و جنوا ثمرات ما هنالك .
الفائدة السادسة :

قال الشيخ سيد أحمد بن أسمه في كتابه “ذات ألواح و دسر” أن باب الدين بن ألفغ الأمين حين طرد السباع عن أرض إيكيد أحاط أرض إيكيد كلها بحظيرة عظيمة قال و كان أوائل إيكيد يعلمون حدود تلك الحظيرة و بها يسمى ملزم الزريبة أي أضاة الحظيرة المذكورة سميت تلك الأضاة بذلك لأنها من حدودها و بعض الناس يغلط في صانع هذه الحظيرة و يظن أنه شدار لقول الطفيل الكناني :

ازريب زربها شــــــدار **** أعل سترتهم و اغلكه
عار ما ريت أنت يالعار **** امـــــنين ادور تدخله

من كتاب أنساب بني أعمر إيديقب للأستاذ محمد فال بن عبد اللطيف

]]>
https://niefrar.org/?feed=rss2&p=38 4 38
أوراق نادرة تعود لسنة 1925 https://niefrar.org/?p=3217 https://niefrar.org/?p=3217#comments Mon, 14 Nov 2016 17:07:56 +0000 http://niefrar.org/wordpress/?p=3217 أتحف الاستاذ محمد فال بن عبد اللطيف موقع اخبار انيفرار بأوراق نادرة تعود لسنة 1925 , و حسب الأستاذ محمد فال فإن الأوراق قد تكون اقتطعت من دفاتر الشيخين الإداريين محمد صالح بن محمد سيديا او سيد محمد بن عبد الرحيم رحمهم الله  و قد أرجع ذلك إلى أن أعمارهما في تلك السنة في حدود الرابعة عشرة.
هذا ويجدر التنبيه إلى أن الأوراق حوَتْ دروسا من الجغرافيا تتحدث عن فرنسا  وهي بخط جميل جدا ومعها تصحيحات طفيفة بقلم أحمر مما يؤكد على أن التلميذ كان يكتب من إملاء المعلم.
و يشكر القائمون على الموقع الأستاذ محمد فال بن عبد اللطيف على ما قدمه و يقدمه لموقع انيفرار :

 

20160104071215 - Copie

الشيخ سيد محمد بن عبد الرحيم رحمه الله

398237_442503955764339_100000142153452_1843915_1655674189_n
الشيخ محمد صالح بن محمدسيديا رحمه الله

Capture5 Capture4 Capture3 Capture_2 Capture

]]>
https://niefrar.org/?feed=rss2&p=3217 1 3217
جكين في أدب أهل انيفرار https://niefrar.org/?p=444 https://niefrar.org/?p=444#comments Mon, 23 Feb 2015 13:14:04 +0000 خلال تصفحى مؤخرا لأحد الكنانيش الأسرية عثرت على بيتين للشاعر المفلق عبد السلام بن أحمدُّ باب بن الحص رحمه الله تعالى ، يخاطب بهما “جكين” بعد أن ثوى بها شيخنا الشيخ أحمد بن الفالل رحمه الله تعالى .خلال تصفحى مؤخرا لأحد الكنانيش الأسرية عثرت على بيتين للشاعر المفلق عبد السلام بن أحمدُّ باب بن الحص رحمه الله تعالى ، يخاطب بهما “جكين” بعد أن ثوى بها شيخنا الشيخ أحمد بن الفالل رحمه الله تعالى .
وقد فرحت جدا بحصولى على البيتين النادرين لأن عبد السلام كان يعد من ألمع شعراء أهل أعمر إديقب إن لم نقل أهل إيكيد فى زمنه ، لكن جل شعره عدت عليه عوادى الزمن فلم نتحصل منه إلا على قطع متفرقة لا تعطى صورة حقيقية عن مستوى شاعرية الرجل وجودة سبكه ومدى تمكنه من ناصية اللغة.
لكننى لما تأملت الأبيات وجدتها مطابقة فى المعنى لكاف كنت قد حفظته في الصغر يعزى للمرحوم لولى بن أحمد سالم بن علِ يخاطب به ” جكين” بعدما دفن بها الشيخ. و قد يقع الشاعر على الشاعر وقد يترجم الأديب للأديب.

يقول الأديب الراحل لول بن أحمد سالم بن علِ مخاطبا جكين :

[| [( جكــــين كانـــــت ما تمكن *** ألا يكــــدر حد ابجــكين
و امنين اله ذ الغوث اسكن *** عادت فى الساحل مدين
)] |]

ويقول الشاعر عبد السلام بن أحمدُّباب بن الحص فى نفس المعنى:

[| [( كنت في وحشة من أهل جكينا *** إن دعانا بهــا المقــام أبينا
فغـــــــدت لما أن ثوى برباها *** قرة العين في الثوى بجكينا
)] |]

يعقوب بن عبدالله بن أبن

]]>
https://niefrar.org/?feed=rss2&p=444 3 444
الحقيبة الثقافية … شعر الأستاذ محمد فال بن عبد اللطيف https://niefrar.org/?p=413 https://niefrar.org/?p=413#respond Sat, 13 Dec 2014 11:06:49 +0000 ننشر اليوم الأبيات الجميلة التى خص بها مؤخرا الشيخ الأديب محمد فال بن عبد اللطيف القاضى محمذن سيلوم بن المزروف
ويبدو جليا من الأبيات ان القاضى أهدى الأستاذ حقيبة تحوى بعض مصنفاته فجاءت الأبيات تنويها بمحتواهاننشر اليوم الأبيات الجميلة التى خص بها مؤخرا الشيخ الأديب محمد فال بن عبد اللطيف القاضى محمذن سيلوم بن المزروف
ويبدو جليا من الأبيات ان القاضى أهدى الأستاذ حقيبة تحوى بعض مصنفاته فجاءت الأبيات تنويها بمحتوياتها الثقافية

[| [( من الشيخ سيـــــــلوم أتتني حقيبة *** (وتأتي الفـــــتي الأمدادُ رغم غباوته)
حوت ماحوت من كل نور وحكمة *** بها فافتخرجــــهرا ونــــوه بها وته
مداد على رق يـــــروق لذي النهى *** لحــــسن ســــواده وحسن حلاوته
تلاوتها للجــــــــهل فيـــــــها إماتة *** وتحيي الفتى من بعد طول تناوته
بها قرت العيـــــنان من كل حاضر *** بها البـــدوي قد ذاق حسن بداوته
ينال بها حســــــن المقام ويشتفــــى *** بها القـــــلب من أدوائه وقساوته
ويتلو بها بالعــــشر والســـبع قارئ *** فيقرى ويرقى صاعدا في تلاوته
بنظـــم بديع في الجـــــــميع مبارك *** حلاوته مقــرونة بطــــــــــلاوته
هنــــيئا وشكرا شيخـنا- ولكـــم بها *** خـوالص عرفاني وحسن حفاوته
خوالص لم يخرج عن الحرف حرفها *** بـشـــــدته وهمـــــسه ورخــاوته
)] |]

الأستاذ محمد فال ولد عبد اللطيف

]]>
https://niefrar.org/?feed=rss2&p=413 0 413
استشفائيات شعراء “الوسط” للسيد المختار بن شيخ البيظان https://niefrar.org/?p=407 https://niefrar.org/?p=407#comments Sun, 30 Nov 2014 01:34:19 +0000 يعتبر غرض الاستشفاء بالشعر من أهم الأغراض عند شعراء أهل أعمر إديقب، فقل أن يخلو ديوان من قطعة أو أبيات يتضرع فيها شاعر إلى ربه ليشفي صديقا أو قريبا له من داء ألم به و من المعروف أن دعاء الشعر مستجاب.
وقد تحصلنا مؤخرا على نصين شعرين جيدين لشاعرين من أشهر شعراء عصر “الوسط” وهما قاضى الشعراء أحمد سالم بن سيد محمد و عالم الشعراء سيد محمد بن النجيب رحمة الله عليهما.يعتبر غرض الاستشفاء بالشعر من أهم الأغراض عند شعراء أهل أعمر إديقب، فقل أن يخلو ديوان من قطعة أو أبيات يتضرع فيها شاعر إلى ربه ليشفي صديقا أو قريبا له من داء ألم به و من المعروف أن دعاء الشعر مستجاب.
وقد تحصلنا مؤخرا على نصين شعرين جيدين لشاعرين من أشهر شعراء الوسط و عصر “الوسط” وهما قاضى الشعراء أحمد سالم بن سيد محمد و عالم الشعراء سيد محمد بن النجيب رحمة الله عليهما.
كان السيد المختار بن سيدأحمد رحمه الله من أبرز سادة قومه ، مشهور فيهم بالسؤدد و حسن الخلق والجود المعهود، وكان يُـلقى بالإحترام ، ويُحتفى به كلما حلَّ في أحد الأحياء الإيكيدية و لاغرو فهو كريمة قوم.
ويبدو أنه أصيب بوعكة صحية شديدة ، ألزمته الفراش مما ألجأ صديقيه الشاعرين إلى التوسل بالشعر رغبة فى شفائه. فحوت القطعتان ( البسيطية والسريعية) ، العديد من صفات الرجل التى توحى بنبله وشرفه وذكائه وظرفه وكرمه وطيب محتده…… يقول العالم الشاعر سيد محمد بن النجيب رحمه الله

[| [( لله حمدى على برء الفتى الرجل *** مختار قومهم المختار في الأول
مخـــتارهم علما مختارهم صفة *** مختارهم مفردا مختارُ في الجمل
فالاسم فـــيه و معـناه قد اجتمعا *** وقل َّ ما اجـــتمعا هذان في رجل
فالله يحفـــظه حــفظا و يــــكلأه *** من كـــل موذ و مكروه من العلل
أبقــاه مولاه فــــي أمن و عافية *** دهرا طـــــويلا بجاه خاتم الرسل
)] |]

يقول القاضى أحمد سالم بن سيد محمد رحمه الله

[| [( ايا ربنا المخــتار جنــك اشفه *** و شــر تقـــليب الزمان اكفه
و أعطه بــــــعد الشفا صحة *** و طول عمر يوق من ضعفه
فهو الفتى ما شئت في مجده *** و في ذكــــائه و في ظــــرفه
في حمــله الكل و في جوده *** و بســـطه عنــــد قرى ضيفه
فالخـــلق يرجــــوه ربيعا له *** إن يخـــلف النجوم في صيفه
و الحمد لله علــــى بـــــرئه *** من بعـــد ما أشفى على حتفه
و الحمــد لله عــلى ســــعيه *** يمشى على رجليه في غـرفه
لا زال في خــير و في نعمة *** من نــــعم الله و في لــــطفه
)] |]

]]>
https://niefrar.org/?feed=rss2&p=407 1 407
تاريخ الأوبئة في موريتانيا .. الجزء الأول أوبئة الحيوان https://niefrar.org/?p=391 https://niefrar.org/?p=391#comments Fri, 10 Oct 2014 15:41:11 +0000 بين يدي تقريرٌ ووثيقة طريفان جدا: أما التقرير فقد كتبه إداري فرنسي حاول من خلاله أن يضع مقاربة لما يسميه: “المدينة القروية”، ويقترح من خلال مقاربته الذكية تلك ضرورةَ وضع حد للبداوة الموريتانية،

وإنشاء قرى تجمع بين الطابع الحضري للمدينة وبين الطبيعة البدوية للمجتمع الموريتاني.

ويخيل إليَّ أن المهندس السويسري-الفرنسي العالمي لكوربزييه (Le Corbusier) ، نظر في هذا التقرير قبل وضعه لمخطط مدينة نواكشوط المعماري العام نهاية خمسينيات القرن الماضي، ذلك المخطط الجبار الذي يعكس عبقرية لكوربزييه وطموحه الإبداعي والذي لفه النسيان دون أن يرى النور مع الأسف.

ومما استوقفني في هذا التقرير الطريف ما ذكره كاتبه من أن الموريتانيين لا يميلون إلا إلى عنصر واحد من الإدارة الاستعمارية وهو الطبيب البيطري، لسبب بسيط وهو أنه يداوي أنعامهم وهي أعز شيء في حياتهم.

إذا لم تسيطر على الإنسان فسيطر على الحيوان

هذا عن التقرير أما الوثيقة فعبارة عن رسالة موجهة من الإدارة الفرنسية بسينلوي بالسنغال ومكتوبة باللغة العربية إلى جميع ساكنة موريتانيا، وتتعلق بأمراض الحيوان، والتدبير الفرنسي المتعلق بعلاجها.

فقد فهم المستعمر مبكرا، بعد أن واجه إعراضا مستحكما من طرف الموريتانيين، ومقاومة متراصة في وجهه، أهمية التنمية الحيوانية في حياة الناس، وكيف يمكن أن يكون في اعتنائه بحيوانات الساكنة وعلاجها مَعْبَرا لتوطيد قوته، ومَسْلَكا لبسط نفوذه، وتَوَسُّلا لربط صلات ثقة مع المواطنين.

هذه الوثيقة طبعت في سينلوي في العشرية الثانية من القرن العشرين وصاغتها الإدارة الفرنسية باللغة العربية، وقد فهم الفرنسيون أن الاعتناء بالحيوان في موريتانيا وفهم أمراضه وعلاج ما هو شائع من تلك الأمراض ووضع حد لانتشارها يدخل في سياسة السيطرة والتحكم. فإذا كان الموريتانيون ينفرون بطبيعتهم من المستعمر، وتسمح لهم بداوتهم المتأصلة العريقة، وأرضهم المنبسطة المتسعة بالانقطاع عن الإدارة الاستعمارية، فإن هذه الإدارة جعلت من الحيوان وعلاجه وسيلة للتقرب من الساكنة، فإذا تمنعت السيطرة على الإنسان تم التوسل إلى تلك السيطرة بالحيوان.

وهذا نص الوثيقة:

إعلام إلى أهل موريتان

إنا نعلم أنه ليس عندكم من المال إلا الماشية، فإذا حل بها مرض يوشك أن تبقوا بلا مال. إن عمل التنمية يتكفل بحفظ ماشيتكم، ودواءِ ما حل بها من الأمراض، فإنه يجعل تحت يدكم العمال والأدوية بلا ثمن. وعلى كل حال ليس عليكم أن تَقضُوا شيئا ولو العجول التي كانت تطلب منكم لشَرْطة “بودَمْعَه”؛ لأن عمل التنمية عنده فضة بين المال، أي الفضة التي تقضون في العشر.

وأما العمال فإنهم أيضا عندهم رواتب يُقضوْن منها وتُقضى لهم مؤنة السفر من فضة بيت المال. وأقول لكم أيضا: إنكم ليس عليكم أن تدفعوا شيئا من مالكم لا فتيلا ولا نقيرا سوى ما كان من الضيافة العادية. إن العمال سيمرون كل عام على مواشيكم للشَّرْطةِ، وإن كانت عندكم دوابُّ مرضى يمكنكم أن تطلبوا من الشَّرطة أو رؤسائهم أو الحطام الإعانة في دوائها.

إن الأمراض التي يعالجها عمل التنمية هي:
بودَمْعَه، بوگيْمَه، بوجْنيّحْ.

أما بُودَمْعَه : فلا بد أن يشرطَ كل بقرة لم يصبها قبلُ، وقد وجدتُ الآن شَرطةً جيدةً تحمي منه عامين أو ثلاثة، وربما حَمَتْ مدى الحياة، فإنها أجود من السابقة ولا بد من الشرطة كل عام، فبسبب ذلك يُنْفَى المرض كما وقع منذ أعوام في بعض المواضع.

وأما بوجْنيّحْ وبوگويْمَه: فإنهما ربما قتلا كثيرا من الماشية في بعض المحالِّ، وربما صدرت إلى الإنسان من لحمها وجلدها أمراض قاتلة.

بومگعار : إن بومگعار يكون أحيانا معضلا، وإن وقع في قطيع فلتُطلب الشَّرطة لذلك الحيوان.

ومن الأمراض التي تعالج في عمل التنمية “التّابُورِيتْ” في الإبل والبقر، وما يقع من أوجاع البطن في البقر والغنم، ومنها أيضا الجرب وغرْجِي.

أما التابوريت فعندها شرطتان تُبْرِئان المصاب، وشرطة واحدة تحمي من المرض مدة ستة أشهر، ففي هذه الأشهر يمكن للإبل أن تذهب إلى موضع يعض فيه الذباب إن احتيج إلى ذلك.

وأما أمراض البطن فعندها أدوية تشفيها وتمنع من رجوع المرض، فإن اجْتهدتم في دواء ماشيتكم تكون أجود مما هي عليه الآن ثمنا وحالا.

الجرب: يمكن أن يداوى في يومين فقط.

غِرْجِي: يمكن حواؤه وحفظ باقي الماشية إن أخبِرَ أوانَ وقوع المرض.

وباختصار جميع أمراض الماشية ممكن دواؤها.

وكل ما احتجتم له من الخبر فاطلبوه من عمال التنمية الذين حولكم، يمكنكم أن تُعِينَوا عمل التنمية في معالجة أمراض الماشية إذا أعلمتم العمال بكل مرض وقع حولكم، وطلبتم الشَّرطة في كل عام عند اجتماع الناس في الآبار.

وأقول لكم أيضا إن هذا العمل بلا ثمن فإذنْ لا تخشوا أن تطلبوا الإعانة في أمراض الحيوان. ويمنع على العمال أن يسألوا الفضة أو الحوائج، وإن وقع ذلك عندكم فابعثوا شكوى إلى الحاكم.

ومع ذلك فلا بأس أن تعينوا عمال التنمية إن احتاجوا إلى ذلك بإعطاء واحد ومراكب تعينهم إلى محل يذهبون إليه من العمل عندكم. انتهت الوثيقة.

وقد ذكرت الوثيقة “الشَّرطة ” وهي عملية التلقيح التقليدية التي كان الموريتانيون يقومون بها، كما ذكرت عدة أمراض وأوبئة شهيرة تصيب الإبل والبقر وغيرها من الأنعام مثل: بودَمْعَه وبوگويْمَه وبوجْنيّحْ وبومگعار والتّابُورِيتْ وغرجي والجرب. وهي أمراض مشهور سأتعرض للتعريف بها أو ببعضها في الفقرة التالية.

الأوبئة الحيوانية والتاريخ الموريتاني

تحدثت الحوليات الموريتانية عن الأوبئة التي تصيب الحيوان وتصيب الإنسان، فقد ذكرت تواريخ تيرس وإينشيري والترارزة أن سنة 1802 كانت تعرف في تلك المناطق بعام “جرب الإبل” وهو مرض مشهور يصيب الإبل وتصحبه حكة فينتج عنها مع طول الوقت اختناق الحيوان المصاب وربما أدى إلى موته.

وقد ذكر محمد عبد الله بن البخاري بن الفلالي بن مسكة الباركي رحمهم الله في كتابه العمران أن عم أبيه الحاج بن مسكة كان أول من عالج جرب الإبل علاجا ناجعا مستعملا “لبن الفرنان” وهو السائل ذو اللون الأبيض. وكان علاجه قبل ذلك بالكبريت وهي حجارة لها معادن مشهورة، أو يعالج بالقطران وهو مكلف لأنه يستجلب من المغرب.

وربما عالجوه ببول الإبل غير المصابة يخلط بالبعر المفتت مع حشيشة تسمى “المخينزة” ويعرف الخليط باسم “العگيدة”، وهي غير مضمونة النتيجة.

وفي اعتقادات الموريتانيين أن الجرب والجراد لا يظهران إلا في سنوات الخصب. ويعتقدون أيضا أن جرب الإبل جالب للبركة فيقولون: “إلى جربتْ كثرت”.

يعرب الموريتانيون قديما “الفرنان” باليتوع وهو تعريب غير دقيق، فاليتوع كما في القاموس وفي تاج العروس “كل نباتٍ له لبنٌ مسْهِلٌ محْرِقٌ مقطعٌ” وعد الفيروزآبادي والزبيدي من أنواعه سبعة. وعلى هذا الأساس فالفرنان يتوع و”تورجة” أي العشر يتوع كذلك، و”أم لبينة” يتوع، فهي كلها نباتات محلية ملبنة.

تذكر حوليات تجگجة أن سنة 1816 تعرف في منطقة تگانت باسم عام كعوان وهو مرض يصيب الإبل وتختلف الرعاة في تشخيصه فهو عند البعض مرادف لمرض “اتْگرْگِيرْ” الذي يصيب الإبل عندما تأكل أنواعا من الحشيش فتظل ترغو حتى تموت، واتْگرْگِيرْ مرض معد.

وكعوان عند بعضهم يصيب الإبل عندما تصاب بسوء التغذية ويرادفه في هذه الحالة “اتلغْزِيمْ “. وعند بعض ثالث فإن كعوان سببه انتقال الجمل من مكان ظليل إلى آخر مشمس.

وتذكر تواريخ الحوض في ولاتة والنعمة وحوليات تجگجة وتيشيت وأنظام التاريخ في الگبلة أن سنة 1865 تعرف باسم عام بوريه أو عام “غِرْجِي” وهو مرض يصيب البقر والإبل يسمى ما يصيب البقر منه “غِرْجِي” وهو قريب من السل الرئوي الذي يصيب الإنسان. وقد عم داء البقر جميع المناطق الموريتانية فتحدثت عنه جميع تواريخ البلاد. ويذكر ابن انتهاه الشمسدي في تاريخه أن سنة 1890 تعرف بعام “غرجي” كذلك.

وتذكر حوليات ولاتة وحوليات تجگجه وحوليات الگبلة وغيرها أن سنة 1891 عرفت باس م “عام بومرارة” ، وهو مرض يصيب البقر يشبه اليرقان حيث يصفر البقر ويصاب بالهزال.

وقد كان وباء بومرارة شاملا أغلب مناطق موريتانيا وقد استمر سنتي 1891 و1892 كما في كتاب الأعداد لابن احبيب اليدمسي.

وقد ذكر الشاعر أبو بكر بن محمذن بن أبي بكر الديماني الفاضلي الملقب بكنْ في أبيات له حوادث وقعت سنة 1992 كمرض بومرارة وكمصرع نفر أولاد أحمد بن دمان بخروفة، وكوفاة اثنين من أبناء محمذن بن أحمد بن العاقل وهما سيدي الأمين والمختار امو رحم الله الجميع. يقول أبو بكر (بكنْ):

[| [( شيئان إنْ فقدا لا شيءَ بعدَهما ۞ ولا يشدُّ إلى الدنيا إذنْ خَبَرُ
أبقاهُما الله ما أبقَى الزمانُ بِنا ۞ أبناءُ أحمدَ بنْ دَمَانَ والبَقَرُ
أودَى الزمانُ بما في الكونِ من بَقرٍ ۞ وآلُ خندُوسَه قدْ أودَى بهم يَمَرُ
والسادَةُ الغُرُّ آلُ العاقِلِ انتقلتْ ۞ إلى جوار العُلَى من ربِّهمْ نَفَرُ
)] |]

وفي تاريخ البرابيش أن سنة 1890 عرفت بمنطقة أزواد بعام باروش الخيل، وهو مرض الخيل والغنم وأعراضه كثرة الدموع وحكة ومخاط يسيل من أنف الدابة. وكان أهل الخيل إذا أرادوا تفادي إصابتها بباروش يتركونها دون ركوب خلال شهر أكتوبر.

هذا جانب من تاريخ الأوبئة التي تصيب الحيوانات في موريتانيا وسأتناول إن شاء الله في جزء ثانٍ تاريخ الأوبئة التي أصابت الإنسان الموريتاني أسمائها وتواريخها وتوصيفها وتأثيرها على السكان.

انتهى.
[| [(
الدكتور سيدي أحمد ولد الأمير
باحث موريتاني مقيم بقطر
للاتصال بسيدي أحمد ولد الأمير:
ahmeds@aljazeera.net
ouldlemir63@gmail.com
)] |] ]]> https://niefrar.org/?feed=rss2&p=391 1 391 مدينة الرَّگبة بمنطقة البراكنة .. “دار ندوة” القرن التاسع عشر بموريتانيا ! https://niefrar.org/?p=386 https://niefrar.org/?p=386#comments Mon, 29 Sep 2014 13:08:28 +0000 لا تكاد تخلو كتابات المستكشفين الأوروبيين عن بلادنا، وخصوصا منها ما كتبوه عنا قبل القرن العشرين، من قصص غريبة، تجمع التاريخ بالأسطورة، وتروي الحقائق وقد خُلِطت بخيال ..

فيصبح النص أقربَ إلى الرواية الأدبية، منه إلى سرد الوقائع ..

ويصير التقرير مادة عجائبية، تغذّي تطلّع الأوساط السياسية والمالية الأوروبية، الساعية إلى بسط نفوذها على العالم، وتداعب مشاعرهم التوسعية، وتحرك مشاريعهم الطامحَة إلى الهيمنة ..

وتزيد كتب الرحلات هذه، وما فيها من قصص جذّابة، وتقارير متخيّلة، في تعلق الساسة الأوروبيين، وأرباب المال والصناعات بذلك المستكشف الذي يملك، حقا أو كذبا، معلومات عن إفريقيا لا يعرفها سواه.

كنت قد تحدثت في مقال لي سابق بعنوان .. “العريف مارت وقرابة ثماني سنوات في محصر الترارزة” ، عن ذلك العريف الفرنسي الذي كان جنديا في مشاة البحرية الفرنسية، والمسمى “أرنيست مارت” ..

وكيف ساقته الأقدار إلى أن يسكن في حي أمير الترارزة، ويعيش مع الأمير اعلي ولد محمد الحبيب ..

وكيف جعلت الصحافة الفرنسية في نهاية تسعينيات القرن التاسع عشر، وخصوصا سنة 1892، من قصته مادة غرائبية وحديثا عجائبيا، وفصّلتها تفصيلا ..

وذهبت إلى تشبيه قصته بملحمة الأوديسة اليونانية الشهيرة في الآداب الأوروبية القديمة.

وفي هذا المقال .. سأقدّم للقارئ ترجمة لتقرير صحفي، نشرته جريدة “لاجوستيس” La Justice الفرنسية، الصادرة بتاريخ 11 أغسطس آب 1890، حول ما سمّته الصحافة الفرنسية، في نهاية القرن التاسع عشر، “مدينة الرَّگبة بمنطقة البراكنة” ، وكيف كانت هذه الحاضرة -المتخيّلة في ظني- محلَّ اهتمام خاص من لدن الصحافة، وكانت موضع متابعات صحفية دقيقة.

في هذه المدينة، وحسب هذا التقرير، مدارس عامرة، وسوق قائمة، وبضائع رائجة، ولها قدسية خاصة عند سكان موريتانيا، فهي مزار يجمع العلم والبركة والتجارة والعمارة، ومع كل هذا لا يبوح ساكنتها بسرها ولا يكشف أهلها عن كنهها، بل يريدونها أن تظل مغيّبة عن تطلّع الأوروبيين، وبمنأى عن فضولهم ..

وهو ما جعل منها مادة استكشاف أوروبي مثير بامتياز في العشرية الأخيرة من القرن التاسع عشر.

مدينة الرَّگبة.. العلم والمال

هذا هو النص بعد ترجمته من أصله الفرنسي ..

“تلقّى أحد زملائنا الصحفيين، بريفيسك “السنغال”، معلومات مهمة حول مُقام زميل لنا آخر، وهو السيد ليون فابير ، بين ظهراني البراكنة.

عاد فابير إلى فرنسا، بعد مقام طويل في إمارة البراكنة، الواقعة شمال السنغال.

وقد حل فابير بهذه الإمارة للمرة الثانية، في سفر قاده إلى تلك البلاد.

ورغم النصائح المتعددة، والتي أنذرته، وأنذرت غيره من المستكشفين، فإنه لم يلقَه هناك إلا الحفاوة البالغة.

حلَّ مواطنُنا فابير، مشكلا ظل مستعصيا، ألا وهو إمكانية الإقامة بين ظهراني هذا المجتمع البيضاني، ذي السمعة السيئة، في هذا الجانب من إفريقيا.

وهي سمعة تشبه إلى حد بعيد ما يشاع عن الطوارق في الصحراء.

في السنة الماضية (1892) استطاع فابير الحصول على عطف ورضا الأمير سيدي اعلي ، وعطف حاشيته، بل وعطف أبرز زعماء القبائل.

وفي هذه السنة الجارية (1893) نال فابير عطف سكان البراكنة جميعا، حيث عقد صداقات مع كبار شيوخ الزوايا ..

وقد حصل من هؤلاء الشيوخ على معلومات دقيقة حول موضوع كبير ومثير للفضول.

ويتعلق الأمر بمدينة مقدسة غامضة الأخبار، ومبنية بالحجر والطوب، وقريبة من الرگبة.

وهي بمثابة “دار ندوة” للزوايا، حيث يأتي الطلاب من كل فج عميق لدراسة القرآن.

وتشكّل هذه المباني أيضا، مثابة للقوافل التجارية القادمة من داخل البلاد، حيث يخزّن هنالك كمٌّ هائل من البضائع.

ونجد فيها تسعة عشر بناءً، تشكّل خانًا ينزله دأبا تجار مغاربة قادمون من بعيد.

أليس هذا شيئا عُجابا !

أن توجد مدينة صغيرة، مبنية في بيئة تقطنها قبائل بدوية بالأساس، تعيش تحت الخيام ؟!

لا نعرف عن مدينة الرگبة سوى حكايات رواها أفارقة مسلمون، زاروها، وقد لاقوا هنالك جحودا ..

غير أن التفاصيل التي أعطاها فابير عن هذه المدينة، توضح خبرها بشكل حاسم.

أما الشك في حقيقتها، فليس واردا، ما دام فابير يحمل معه المخطط المعماري لهذا الخان الغريب.

يبقى الشيء المجهول حتى الآن، وإن كان من الأهمية بمكان، ألا وهو معرفةُ شبكة الطرق التجارية التي تمر بمدينة الرگبة، من أين تجيء، إليها وإلى أين تنطلق منها ؟؟

إن هذا الخانَ الغريبَ غيرُ بعيد من النهر، حيث يوجد على مسيرة أيام قليلة منه سيرا على الجمال.

غير أن أيا من القوافل التي تصل إليه، لا نجدها تواصل سيرها إلى مرسى دگانة، الذي لا يصله إلا قوافل البيضان فقط، وهي تحمل إليه الصمغ العربي كل سنة.

إن هذه الغرائب سيوضحها لنا في أكتوبر القادم، زميلنا فابير، الذي لن يتخلف في تلك الفترة عن الموعد الذي أعطاه له زوايا الرگبة.

إن مما يجعلنا نجهل كل شيء عن هذه المدينة، انغلاقُ السكان في تلك المناطق أمام الأوروبيين الزائرين.

ولا يعود جهلنا لمدينة الرگبة لكون هذه المناطق مغلقة أمامنا فحسب، بل لأنه ومنذ رحلة كل من مَاجْ وبوريل لهذه المناطق، لم يجرؤ أي أوروبي على الذهاب هنالك، لاستكشاف الضفة اليمنى للنهر، اللهم إلا إذا استثنينا زيارات قصيرة لمحلة الأمير سيدي اعلي، عندما يكون نازلا قرب مرسى دگانة.

علينا أن نتجاوز هذه العقبة، خصوصا وأن فابير الذي ساكن هؤلاء البيضان، قد أكد أنهم ليسوا بتلك الدرجة من السوء، ولا بتلك الدرجة من الغلظة، التي نصمهم بها.

خصوصا أننا إذا استطعنا ان نضمنَ صداقتهم، فسنجد أنهم أوفياءُ، كما كان أجدادهم من العرب والبربر.

إن مواطننا فابير في النهاية اعتمد أسلوبا سديدا للتقرب منهم، حيث كان يداوي مرضاهم ويعالج جرحاهم، وكانوا يزدحمون بكثرة على بابه عند “رگ المرسى” .

إن الشخص منا إذا أثبت أنه مفيد للمجتمعات الإفريقية، فإنه سيعيش بسلم بين تلك الشعوب، كما هي الحال بين ظهراني البيضان، وهو ما حصل مع فابير.

ومما يحكى .. أنه في هذه السنة، وخلال نقاش عام في محلة الحراطين، طرحت فكرة جادة ..

وهي .. هل يمكن للحكومة الفرنسية أن “تبيع” هذا المسافر، ليبقى في منطقة البراكنة ؟

وقد عرضت هذه الفكرة على فابير ..

وقد أضحكته كثيرا .. كما نظن.

لم تكن هذه الفكرة الاستبدادية في الحقيقة، سوى ترجمة للصداقة الحقيقية التي يكنّها البيضان لهذا الضيف الفرنسي.

إن ليون فابير، الذي عاش مع هذه الشعوب البيضانية، قد أنجز لقاءات غنية، في أشهر مارس وأبريل ومايو ويونيو من هذه السنة (1893)”.

انتهى النص المترجم.

مدينة الرگبة بين الخيال والواقع

ترى .. ما حاضرة الرگبة المذكورة في هذا النص ؟

وما حقيقتها ؟

وهل وجدت فعلا مدينة باسم الرگبة في منطقة البراكنة ؟

وهل كان لها هذا الإشعاع العلمي والرواج التجاري ؟

نحن نعرف أن الرگبة وما يقع شمالها من أراض، إنما هو جزء من مرابع إديجبه ، القبيلة الزاوية الشهيرة.

والرگبة في منطقة البراكنة مشهورة، سواء تعلق الأمر بالرگبة نفسها، التي تطلق على مكان بعينه على ضفة نهر السنغال، ينكشف عنه الماء في الصيف حتى يمكن للمترجّل أن يقطع النهر على رجليه من ضفة إلى أخرى، ولذك سموها “الرگبة”، التي تعني المكان المرتفع بالحسانية.

وسواء تعلق الأمر بما جاورها من سهل يقع شمالها، تنتجعه قبيلة إديجبه بأنعامها، ويستغله المزارعون في فترات انكشاف مياه النهر.

هل المقصود عند المستكشف فابير بالرگبة، إنما هو أحدُ أحياء إديجبه، وخصوصا حي إداشفاغه ؟

وربما كان قد نزل عندهم وهم مصيّفون في أحد مرابعهم، فرأى عمارة مشيّدة، وشاهد مدرسة الكحلاء والصفراء العامرة بالطلاب، وشيوخها أهل حبيب الله بن القاضي ؟

ورأى حضرة أهل الشيخ القاضي الصوفية، وما فيها من مريدين ..

واطلع على القوافل التجارية التي كانت تنفض بالمنطقةَ نفضا ..

فجعل من الموضوع مدينة بعمارتها، وخانا بنُزُله، وبضائعَ وتجارة وقوافل، حتى يُسيل فابير بذلك لعاب تجا ر باريس ومرسيليا وبوردو ، ويجد عندهم تمويلا أكبر لرحلة جديدة ؟

ومن المعلوم أن تجار أوروبا في القرن التاسع عشر، متعلقون بالأسواق الإفريقية أشد من تعلقهم بأي شيء آخر، ففي تلك الأسواق تروج التجارة ويتضاعف الربح.

ومن هنا .. نفهم كيف أن فابير ضَخَّم ما رأى من مشاهد، وجمع إلى العناصر الواقعية بعض العناصر الخيالية، ليثير بذلك التجارَ الفرنسيين، وأربابَ السياسة ..

فحدثهم عن خانٍ مزدهر بالعلم والتجارة، وعن حاضرة غامضة الأخبار، منكفئة على نفسها، رغم رواج تجارتها، وعلو كعب ساكنتها في العلم ..

ولعل هذا كل ما في الأمر .. في تصوري.

من جهة أخرى .. يوجد بقرب الرگبة، قبر الأمير المختار بن آغريشي بن سدوم السيد بن عبد الله البركني رحمه الله.

وبالرگبة أيضا وقعت معركة شديدة من معارك البراكنة في 6 يونيو 1856

وكانت بين أمير البراكنة امحمد بن سيدي ، ومعه أولاد أحمد، ضد خصمه سيدي اعلي بن أحمدّ و، الطامح إلى الوصول إلى عرش الإمارة، والمتحالف مع الفرنسيين في سينلوي.

وقد حضر الشيخ سيديا الكبي ر هذه المعركة، مناصرا تلميذه الأمير امحمد بن سيدي، وقد انهزم الجيش الفرنسي الزاحف شر هزيمة، رغم عدته وعتاده، وترك وراءه 23 قتيلا وخمسة عشر جريحا.

ومات من جانب الأمير امحمد بن سيدي، أفرادٌ .. أفتى الشيخ سيديا بمعاملتهم معاملة الشهداء، ودفنهم بثيابهم.

سيدي اعلي الأمير القوي في نهاية القرن التاسع عشر

ورد ذكر الأمير سيدي اعلي مرارا في هذا التقرير الصحفي ..

ومن المفيد الحديث عنه هنا ولو بإيجاز ..

إنه سيدي اعلي بن أحمدو بن سيدي اعلي بن المختار بن آغريشي ، الذي يعد ثامن أمراء أولاد السيد من البراكنة.

تولى الإمارة أزيد من 35 سنة وذلك من 1858 إلى 1893م.

وقد تحالف مع امحمد بن هيبة، زعيم أولاد اعلي بن عبد الله، كما تحالف مع الشراتيت، وكانت علاقته حسنة مع الفرنسيين في السنغال، بينما اتسمت بالعداء مع أولاد أحمد، وأولاد نغماش، وإدوعيش “أبكاك”، ومع إمارة الترارزة ، وخاصة مع الأمي ر سيدي بن محمد الحبيب .

ويعود تعقيد علاقة الأمير سيدي اعلي، مع الأمير سيدي محمد الحبيب، لأكثر من سبب ..

فسيدي اعلي قد قتل سلفه الأمير امحمد بن سيدي، حليف الترارزة وصديق الأمير محمد الحبيب وابنه سيدي، كما استضاف في محصره اعلي الكوري بن أحمد ولد الليگاط، أحد أبرز معارضي أمير الترارزة، سيدي ولد محمد الحبيب، وكان أبوه أحمد ولد الليگاط “شقيق الأمير محمد الحبيب”، قد قتل بأمر من الأمير سيدي نفسه، في إمارة والده محمد الحبيب.

وقد تزوج اعلي الكوري ببنت سيدي اعلي بن المختار بن آغريشي.

كانت لسيدي اعلي أيام مع أولاد نغماش وأولاد أحمد من البراكنة ..

منها .. يوم المديبز سنة 1865 ويوم گيمي سنة 1874 ويوم الخليفي في نفس السنة ويوم الخير فيه سنة 1878.

وكان سيدي اعلي، خالَ أمير آدرار أحمد ولد سيدي أحمد ول أحمد ولد عيدة، المتوفى سنة 1899 حين سقطت عليه داره بأطار.

وقد أقام الأمير أحمد مع خاله سيدي اعلي من سنة 1872 إلى حدود 1888.

وقد التقى المستكشف فابير، بأمير آدرار أحمد بن سيدي أحمد، وهو في حلة البراكنة.

وقد شجّعه ذلك اللقاء على التواصل مع الأمير أحمد ولد سيدي أحمد، لما تقلد آدرار، وسافر نحوه سنة 1893 سفرا مشهورا ومنشورا.

كما كانت لفابير صداقة مع أمير الترارزة أحمد سالم ولد اعلي، وقد حضر إلى جانبه معركة الگانه، وهي غيضة تقع في “سهوة الماء”، شمال بحيرة الركيز، بمنطقة الترارزة.

وقد وقعت بها أول مواجهة عسكرية بين الأمير أعمر سالم بن محمد الحبيب، وابن أخيه أحمد سالم بن اعلي، المطالب بإمارة أبيه، وكانت الوقعة يوم 9 يوليو 1892.

وكان حضور فابير للمعركة صدفة، حيث كان في طريقه من البراكنة إلى آدرار.

ويذكر فابير أن طبول أولاد دمان وأولاد عايد، وهم أبرز أنصار الأمير أعمر سالم، كانت تصل مسامع جيش أحمد سالم بن اعلي.

كما يذكر أن 730 رجلا من البراكنة التحقوا بأحمد سالم بن اعلي، وعلى رأسهم ابن أمير البراكنة، أحمد بن سيدي اعلي، بأمر من أبيه.

ويشكك أستاذنا المرحوم محمد ولد مولود ولد داداه ، في رواية فابير هذه.

ويذكر أن أحمد سالم ولد اعلي، كان يوم وقعة الگانه، يزيد قليلا على 25 سنة ..

وأنه .. “كان شابا غاية في الوسامة والذكاء والحيوية”.

للاطلاع على نص رحلة ليون فابير نحو آدرار، مرورا بالترارزة وإينشيري، وهو نص بالغة الفرنسية، يمكن فتح هذا الرابط ..

النقر للوصول إلى N0037731_PDF_386_403.pdf

[| [(
انتهى
سيدي أحمد ولد الأمير
باحث موريتاني مقيم بقطر
للاتصال بسيدي أحمد ولد الأمير
ahmeds@aljazeera.net
ouldlemir63@gmail.com
)] |] ]]> https://niefrar.org/?feed=rss2&p=386 1 386