تأملات – اخبار انيفرار https://niefrar.org Mon, 27 Mar 2023 14:35:34 +0000 ar hourly 1 https://wordpress.org/?v=6.4.3 91258333 رمضان وحدود الحادثية https://niefrar.org/?p=343 https://niefrar.org/?p=343#comments Mon, 27 Mar 2023 13:56:41 +0000 رمضان في ثقافتنا الاسلامية هو قطعة من الزمن تمتد على مدى شهر قد ينقص قليلا يمسك خلالها الانسان المسلم العاقل البالغ عن شهوتي الفم والفرج بقصد، من بيان الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر وحتى تغيب شمس النهار تماما.

وقد خص الله عباده المسلمين بهذا الشهر العظيم ليطلعهم على بعض ما للانسان من قدرات خارقة قد لا يستخدمها لغيرالحاجة الماسة. و يعتبرهذا الشهرفرصة كبيرة لادراك بعض النعم التي يسرح فيها الانسان دون أن يعي ذلك وليطلع الانسان كذلك على مستويات قيّمة من الجهاد والتحدي حتى يصطدم اضطراره بالايمان ورغبته بالصبر حتى يبتلى في رغباته الضرورية.

ولكننا نبالغ حين نصف الأمر بالامساك عن هاتين الشهوتين بأنه تحد لاضرارنا كبشر فكيف لو أننا أمرنا بهجر النوم بدلا من الشهوة الأولى وماذا لو حرّم عيلنا البول والتغوط بدلا من الشهوة الثانية؟…ترى كم ساعة سنقدر على الصبر ومن منا سيصلح صيامه حينها؟.

رمضان هو سلم للرقي بالانسان من حضيض الحادثية لقمم الصفاء والوعي إلى الحضرات العليا والمقامات السامية التي قلّ أن تخطر على القلب فقد لا نشعر ونحن نعيش لحظات من حياتنا الطبيعية أننا نصعد نحو الحقيقة أننا نسمو بخطى متسارعة صوب رزم الغيب المتشابكة حيث نفقد طعم الحياة وملذاتها اختيارا وعن قصد ونعوض ذلك بالصبر والجهاد والصمود من أجل نتيجة أعظم ستدوم وتدوم أكثر مما يمكن أن يصل إلية خيالنا الثابت والذي ينحصر في مألوف بنيتنا التصورية.

إنه شهر الجهاد …وفيه نذوق معنى كلمة الجها دتلك الكلمة التي كنا نسمع عنها في القصص ونراها في الكتب …هوشهر نجتاز فيه نحن البشر حدود الحادثية هو فعلا زمن يؤهلنا للتغير يضع أمامنا فرصة جديدة لاخيار علم آخر نطلقه على أنفسنا وجنس جديد ننتمي إليه ليس البشر، لو دام هذا الشهر أكثر لو دام سنة ونحن ملتزمون بنظامه الموحد فإننا سنخرج عن جنس البشر، لأن جانب الحادثية الذي يلتصق بنا قدما قابل للتغيير وهو ما يهبنا ماهية ثابتة أما حين نخرج على هذا الجانب المتغير ونتحدى حدود حادثيتنا و قدراتنا بقصد ومن دون مقابل، فإن ماهيتنا لابدّ تتغير وحدنا هو الآخر سيتغير.

ديدي نجيب

]]>
https://niefrar.org/?feed=rss2&p=343 1 343
رسالة من مفردات رمضان https://niefrar.org/?p=187 https://niefrar.org/?p=187#comments Tue, 13 Apr 2021 07:01:11 +0000 http://niefrar.org/wordpress/?p=187 لكل ظرف من ظروف حياتنا العادية مجموعة من المفردات تتعلق به نفسيا واجتماعيا، وترتبط به عادة وذهنيا، حتى نغوص في أعماق البحث والتنقيب عن وجود علاقة أصلية أو فرعية أو وضعية تجمع بين ذلك الظرف وهذا المعجم السياقي الملصق به، فكل ما أهل رمضان، وعدنا إلى قراءة القرءان، والتفكير في معانيه وتلاوته وكل ما يتعلق به من قريب ومن بعيد،إذا بنا نصل إلى أهل القرءان وهنا تبرز مفردة أخرى لا تبتعد كثيرا عن التلاوة والقرءان، ولهذه المفردة جوانب عدة وزوايا مستقيمة يمكن أن ينظر منها إليها، ودونها يقف الحد والإحصاء.

ونخص هنا بالذكر عبد الرحمن ولد الطالب تلك المفردة التي لا نريد أن نخرج من ظرف رمضان، ومن أحاديث القرآن حتى نكتبها بماء الذهب وبقلم ابن مقلة ونقرؤها بتلاوة عطرة بصوت داوود مرتلة برواية ورش.

إنه صوت علا على الصمت ومزّق سؤر الظمأ، والصدى، وطردهما من رغبة الصائم، وأحيى النشاط في أذهاننا وأجسامنا، وأعاد الروح إلى أبداننا، فحضرنا ما بين مستمع مفتون بالجمال والحسن، ومنصت يشعر حدود الغناء،
وحافظ يبحث عن أشياء يألفها وأخرى سمع عنها، وناقد يدرس الإلقاء ويطبق نظرية التلقي.

إنه مظهر من مظاهر اللطف، وتجل لعالم التوفيق والقدرة، ومظهر كذلك من مظاهر الكرامات والخوارق، وأشياء من تلك الأمور المألوفة في ثقافتنا هنا بين الكثبان…

ورغم أن الناس تتفاوت في الشعور بالكلمات والأشياء والظروف، إلا أنه من البديهي في ذهن الفطن أن الكلمات المتزنة في السماع تأخذ من مساحة الذهن نصيبا متكافئا وكذا من الأهمية والوعي، قبل أن تدخل في السياق والتركيب! فحسبك أن يتعلق اسمك بالقرءان، وتذكر مع مفردات رمضان، فتلك والله نعمة من المنان.

ثم إنّ للتواضع والموافقة و الإحترام فضلا لا يدع للشخصية مجالا للمقارنة والتصنيف، بل يفسح لها الطريق واسعا للولوج في أفئدة العام والخاص.

ديدي بن أحمد سالم

]]>
https://niefrar.org/?feed=rss2&p=187 2 187
حديث الروح. بقلم ديدي النجيب https://niefrar.org/?p=3840 https://niefrar.org/?p=3840#respond Thu, 02 Nov 2017 17:01:12 +0000 http://niefrar.org/wordpress/?p=3840
حديث الروح ……….عن صدمة الروح الموت ذلك الشيئ المخيف في تصور بعض الأحياء ليس فراقا.فعليا..وليس البداية.. هكذا شعرت الروح وهي ترتقي سلم الغيب قاصدة سكون البرزخ.. فرغم أنها من عالم آخر إلا أنها في البداية دخلت في حيرة كبيرة ولم تتمالك نفسها حتى أنها لم تستطع أن تقف على قدميها من هول الموقف.
ورغم أنها جاءت معها بشيء من المعرفة وغرفة من علم اليقين إلا أنها فوجئت بنفسها فلأول مرة تشاهد ذاتها بلا حاجز، على جهلها بالمكان وبالزمان ورغم أنها لم تجرب الحواجز في حياتها من قبل، إلا أنها شعرت بدخول ظرف جديد وانتقال جديد ومرحلة جديدة تفوق حيرتها وغرابتها التي كانت تعاني في قفص الجسم.
فقالت : لعله عالم البرزخ..أنا إذن بجنب ربي…أنا في الملكوت ..يا إله لكن ما لي أرى ؟ ما ذا أرى؟ هل أنتهت مرحلة الجسم؟ يا لسعادتي.. كانت الصدمة قوية ولا منفذ منها..كانت تستمع لأهازيج من “عظال بيك” تتردد في طبقات ذلك التجلي المهيب، نغمات تطابق طعم الفناء الذي كنا نحتسيه في لحظات الدنيا، حين نسبح في بحار الحقيقة فنترك الاتصال بلا قصد، ثم إذا بنا نعود لأجسامنا وحياتنا ومألوفنا ونكون خلال ذلك في عمق الواقع ما بين ترف وطرب وعبادة…..لكنها تبعث الحياة في بقيتيها..هنا شعرت أن الفن متصل بالخلود..حيث أن كنه الجمال الذي يصلنا به ويستغرقنا متصل بالخلود..ويسكن بعيدا…في الفناء… وكان أول بارق أمل يصلها أنها ما زالت على اتصال بخيط رقيق من عالم الدنيا، انظر إنه فلان بن فلان فرح بعدنا وذلك فلان تغشاه صدمة فراقنا. ..ومازال يفكر كيف رحلنا، لن تدرك شيئا فحتى نحن لا نعلم…إنهم معي بقدر تخيل الوهم. هذا الفراق الجديد الذي لم أعتده رغم معاناتي الكبيرة والقيود المنيعة التي كانت تكبلني في السجن الذي كنت أقبع داخله منذ فترة الخلق وحتى ما بعد فترة آدم.. قالت الروح: إن عالمي الجديد ورغم ضبابيته إلا أنه على اتصال شبه دائم مع عالمكم يبدأ بفراقنا لأجسادنا، حيث أن بعض الأرواح تبقى على اتصال رغم اختلاف سجنهما حيث تقبع إحداهما في ظلمة الجسم والأخرى في الغيب..فتزوركم أرواحنا كما تزورنا أجسامكم ونستمع إليكم ونحزن لحزنكم ونفرح لفرحكم، مع اختلاف في كل ذلك…فلكلينا فهمه ومعرفته ومعاييره لما يحدث…أو ما سيحدث.. وهنا أمسكت عن الكلام….
]]>
https://niefrar.org/?feed=rss2&p=3840 0 3840
ديدى النجيب يكتب بعث مكان في إنسان… https://niefrar.org/?p=3582 https://niefrar.org/?p=3582#respond Wed, 23 Aug 2017 10:21:38 +0000 http://niefrar.org/wordpress/?p=3582 عرفته رجلا واحدا يسكن بين كثبان من رمل موحشة، بعيدا عن كل دلالات التعالي والكبر والرقي. لم يبتعد حين أراد أخذ العلم في صغره..أو قل أنه لم يذهب إلى غيره..

كان إذا ذكر اسمه في المحافل العلمية والفكرية نظر ذوو المكانة إلى بعضهم شزرا ،  وكادت قلوبهم تبلغ الحناجر، فله وقع في أفئدة من له وعي بتاريخ الثقافة، فبحضرته تلبس الناس دروعا سميكة من اليقظة والاحتراز.

ورغم ذلك كان يتقن كل فنون الترف، والهزل وله مواهب في ذلك متعددة، ويقرض الشعر ويحكي من الأدب الحساني أحسنه، و”اينزل”.

وامتزج في ذهنه أسلوب خليل حتى كان تعبيره مختصرا على نهجه المختصر، مفتونا بأسلوبه في حذف ما يعلم للاختصار، وكانت ألفية ابن مالك نهجه في التعبير ومعيار فهمه لكلام الناس.

سار أبناؤه الكبار على الدرب، وحصدوا ثمرة ذلك يوم حصاده، وكما غيره من أبناء الدنيا قد حطت بساحته رسل الحدثان، وكان له موعد من النسيان، حين غادرت بعض أجزائه بقعة ميلاده، والدهر عسر ويسر والناس كالناس والدنيا لمن ملكا.

وكان ضريحه يزار في حياته، ونسيم أرواحه يشفي من العلة المجهولة، وماؤه عين الصفاء والنقاء رحيق يشتهى وعبق كالشذا.

وكانت الصدمة القوية في ذلك العالم الذي بدأ بالهجرة نحو الحياة، وأرخى عنانه لكل جديد.

وبقيت في عمقه أصوات خافتة تمسك على الجمر حفاظا على بسمته النادرة، ثلة من الأبرار أولائك النفر الذين جلسوا بجانب ضريحه، يأكلون الخبز ويسقون الماء، ويزيحون المكان ليتجلى في خلدهم رغم الغياب.

أترى المكان إنه كالإنسان يعيش عمره الطبيعي في الزمن، وله دورة حياة، نعم إن مكان يغادر..ولا يسعفه الزمان، رغم أنها انتكاسة نمطية في البنية التصورية، وتحد عظيم للذهن البشري أن يشعر لغة بلا مكان، كل ذلك يحدث داخل الإنسان وفي شعوره فقط، فالحنين لغة تضيع من قاموس الناس في عصر انفصل فيه الزمان عن المكان وبقية اللغة بين الوعي والغياب.

اليوم وقد عدنا فتية من صغاره نبعث من رحم الاتحاد والصبر ولا نريده أن يرحل عنا ..

فليبلغه من بلغه أننا في حاجة إليه أكثر من ذي قبل، فليعد وليمكث بيننا، فله مكان ولنا زمان.

بقلم ديدى النجيب 

]]>
https://niefrar.org/?feed=rss2&p=3582 0 3582
ازروكية” الافتراضية https://niefrar.org/?p=3020 https://niefrar.org/?p=3020#respond Tue, 19 Jul 2016 15:12:02 +0000 http://niefrar.org/wordpress/?p=3020 كل يوم بعد يوم يقترب منا عالم الافتراض كما نقترب منه، ويصبح مألوفا كأي غرفة من غرف منزلنا ندخلها لمختلف الأغراض.
ومع تقدم الزمن واستمرار التصادم بين طبيعة الإنسان و احتكاكه بالناس في الواقع وبين شخصيته في عالم تمثله به صورة وكلمات يرسلها إلى غيره، تولد ثقافة اجتماعية جديدة تأخذ عند كل قوم منحى موافقا في الغالب لديدنهم الذي تلقوه في حيهم الذي عاشوا فيه بداية حياتهم.
هذا وقد بدأت نتيجة التصادم بين الإنسان في عالميه تخرج للعيان وبدأنا نشعر ذلك في بعض ما يجمعنا من مواقف وأحداث ينعكس بعضها على الصفحات الافتراضية بقصد أو بلاوعي من صاحبها.
حتى أننا أصبحا اليوم ونحن هنا في الافتراض نشاهد جميع التصنيفات التي نصف بها شخصية الإنسان في الواقع، حسب منشوراته وتعليقاته وإعجاباته، فظهر استبتيك الافتراضي و لكياسة الافتراضية والثقل الافتراضي والخجل الافتراضي ولعكر الافتراضي وازروكية الافتراضية واستدمين الافتراضي والمطابقة الافتراضية وهناك مزدوج اتموليح والثقل والغسلة، كما أشار علي أحد الزملاء أنه تختلف ازروكية الأديب عن ازروكية الفتى بالتأنيث والتذكير.
إلا أن بعض هذه التصنيفات لم تكن دقيقة عندنا في الواقع، حيث يختلف الناس في إطلاقها في الواقع تبعا لبيئتهم ولعواطفهم ومواقفهم من الآخر، ما جعلها هنا تبدو أوضح منها في الواقع، وذلك باعتبار أن “الفيس بوك” كما أسلفنا عالم يختبر لاوعي الإنسان ويستفز مكبوتاته ويعكس الجانب الخفي من شخصية الانسان؛ وكأنه يتجسس على شخصيته المكتومة، ما يجعل الكائن الافتراضي يتيه وكأنه بمفرده. .

وقد اختلف اهل آسكر في تعريف ازروكية كما اختلف “هل افيسبوك” في امتثالها، ويرى بعضهم أنها ضد “الكز”، وقد عرفها بعضهم أنها صفات وأقوال تظهر شخصية الإنسان بوضوح و يبدو صاحبها جليا وعلى بابه، ويصفها بعضهم أنها مستوى من الغياب الاجتماع ناتج عن قلة الانتباه وضعف الوعي “الآسكري”، وهي في نظر بعضهم ظهور حقيقة الإنسان قبل حينها وعدم أخذ الحيطة في امتثال إملاءات المجتمع الأصلي والتهاون في تجنب محظوراته.
أما “ازروكية” الافتراضية فلم تبتعد من الأخرى لكنها اختلفت عنها قليلا وجاءت كالظل لها وتظهر أكثر في بعض المنشورات كما تظهر في التفاعل مع بعض المنشورات التي تتجاوز أحيانا حدود اللياقة الاجتماعية في العادة والعبادة حسب المستويات العمرية وجنس الإنسان.
ومن الجيد هنا أن نتناول قضية الصداقة الافتراضية لنشير على عجل إلى انها اختيار من طرفين ولا تلزم أحد طرفيها باعتبار الآخر غير صديق، فهي تراض وتوافق ولكنهما سيجدان نفسيهما مضطرين لأخذ موقف كل من صديقه الجديد الذي يعرف له واقعا غير الصداقة، وخصوصا إذا كان لهما ماض وحياة مختلفة .

وليس من الغريب إن يجد “ازرك” مكانا مثاليا في عالم مارك الأزرق؛ حيث أن مجرد إنشاء حساب جديد يتطلب من الإنسان أن يتملص من وصايا مجتمعه، ويعرف بنفسه، ويبدأ في استزريك والخروج على ذاته.
عالم مارك ورغم ما يوجد به من ما يخالف الطبع الأصيل للانسان البدوي ذي الشخصية الرزينة، إلا أنه يوجد به بعض من مازالوا يقيمون على ديدنهم الأول متمسكين بخلفيتهم الأولى لم يزغهم عنها زائغ، حتى أن بعضهم لم يجعل لنفسه ولا لحسابه صورة أخرى على حسابه، ومن النادر أن يكتبوا شيئا أو يتفاعلوا مع المنشورات وغالبا ما يكتفي أحدهم بالإعجاب ، وفي أولائك يقول الشاعر:

إن في الفيس لدينا فطنا @تركوا التدوين خوف الخنى
نظروا نظرة توجيه لنا@ميزت بين ظلام وسنا
وإن رأوا منا قليلا صالحا @سألوا عنا وقالوا مالنا
وإذا رأوا منا نقيضا طالحا @حسنوه لنراه حسنا
وكذا المرأ جميل عنده @ ما يرى غير جميل زمنا

وقد انتبه بعض المفكرين إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي ما هي إلا استفزاز نفسي أو اختبار نمطي لإظهار شخصية الإنسان الراسخة في خلده والتي يخفيها دائما ويحاول أن يظهر بخلافها، حيث أنه لا وجود للافتراض فما إن ينفعل الانسان تحت أي تأثير وبأي اسم مستعار حتى يمكن تحديد اتجاهه النفسي، ومساره الاجتماعي وفق بعض الاعتبارات التي يعرفها أهل “ذلك الفن” ويميزون بها غيرهم.

ديدي النجيب

]]>
https://niefrar.org/?feed=rss2&p=3020 0 3020
ميلاد النص بين فضول المعلقين ورغبة الكاتب https://niefrar.org/?p=2951 https://niefrar.org/?p=2951#respond Fri, 27 May 2016 19:28:40 +0000 http://niefrar.org/wordpress/?p=2951 النص مضغة من الكاتب تولد قبل الكتابة بعصور من الصمت، ويأخذ ميلادها وخروجها لعالم القراءة برهة من التردد بين أفق المتلقي واصطدام الكاتب بأطراف البنية الواقعية.

وترافق عملية ميلاد النص في البنية التصورية للإنسان جملة من الانزلاقات ترسو بعدها سفينة الكائن الجديد بين الحالة النفسية للكاتب وجملة الألوان المعرفية التي تسكن في خلده، وفق أبعاد مألوفة ويستحضر خلال ذلك أصوات جمهوريه؛ الذي يتلقى اللغة أوان بروز النص للوجود والجمهور الذي يسكن الكاتب في صمته، ولكليهما غذاءه الذي يطلب عند ميلاد النص، حينها يصاب الكاتب بالانقسام إلى شخصين أثناء ذلك، أحدهما يلبي مطالب جمهوره المتلقي للمادة التي تصدرعنه، وجمهور يشاركه أنصاف كلماته و على رغبته يتم انتقاء العبارات اللائقة ، حيث يصبح كمن يضع رجلا في ذاته وأخرى يودعها لغيره فهو حين الكتابة كمن يتصبب عرقا، لا كمن ينام، أو كمن يصنع غذاءا لقوم مختلفين منهم من لا يذوق الملح ومنهم من لا يذوق طعاما بلا ملح، ويبقى الكاتب صريع ثنائية تأخذ بتلابيب فكره وتنذر كلماته حتى يقسم أن يمسك عن الكتابة حتى يصطلح الفريقان، فرغم أن اللغة ملكا للمنصت والتعبير للمعبر الذي لا يريد شيئا؛ بقدر ما يريد أن يزيح عن نفسه بعضا من الفضول الذي سيكنه.
من هنا تبدو الكتابة مختلفة عن التأليف والبحث، فالباحث يجمع مادة كانت موجودة ويجعلها في خدمة موضوعه، فهو يطيع جمهوره ويبحث عن ذوقه ولا يجد في ذلك عائقا أمام وجوده في النص، فهو مثل رجل ثري لديه صغير مدلل يتفانى في جلب كل ما يهوى صغيره، كما المؤلف لديه طريق يسلكه في تأليفه وله سوابق يجترها وقد يتجاوزها قليلا، وبعيدا من كل ذلك يوجد الكاتب، الذي لا يعبأ بشيء من ذلك فهو يبدأ من نفسه، ولا ينتهي حتى يرضيها، ويكتب كما يتنفس ويؤكل وينام أو كأي ضرورة من تفاصيل حياته التي تجعل منه إنسانا بالفعل، ولا دخل له في اختيار ما يريد فكثيرا ما تحدث بينه الحروب الصامتة مع حروفه قبل أن يثور على نفسه ويمنحها حق الحياة، فالكاتب يحارب من أجل وجوده ولا قدرة له على تغييب ذاته عن بقيتها، إنه يتألم حين يمنح حروفا من صمته لخدمة شيئ آخر.
ففي حين يجب على الباحث والمؤلف أن يتابعا بجدية ووعي كل التعاليق التي ترافق أعمالهما، يجب على الكاتب أو المصاب بالكتابة أن يتجنب النظر في ردة فعل الآخرين، فهم في واد وهو في واد، وأضحكني مرة أن طلب مني أحد الكبار أن أكتب له عن شيء سماه، وتحيرت في شيء أمنحه له مقابل أن أتمسك بكلماتي وأتركها لي، فحين يمنح الكاتب أسلوبه لإرادة أخرى في خلق الكلمات فإنه قد ألقى بنفسه إلى التهلكة، فذلك أعسر عليه من حمل الراسيات على كتفه، حين نكتب تحت الطلب فإننا نكون أقرب لمن يكذب أو يهدم نفسه، وتبقى الحسرة تطاردنا في الداخل.

إن علاقة النص بكاتبه وجود أبدي لا يعرف له سبيلا عن طريق اللغة؛ إنه جزء من وجوده متصل بحسه وتربطه به أكثر من علاقة، وقل أن يوفّق النقاد أو القراء المتحمسون لتفكيك الوجود النصي والغوص في ماهية الكاتب في جمع شمل الاثنين، حيث يصلان في الغالب عن طريق الذوبان في نقاط تلاقي الدوال بمدلولاتها، إلى إثبات أحكام مسبقة أو فرضيات راسخة في أذهان مجتمع الكاتب، وقل أن يمنحا وقتا لحقيقة التكامل الوجودي بين الرجل وكلماته.
أما بالنسبة لي فعلى الأقل أحترم كل التعاليق ولا أرى لها تاثيرا على ما أكتب حيث أني لا أملك في نفسي قدرة ولا أي تأثير على ما أكتب،وحين استحضر كل تلك التعاليق التي ترافق كتاباتي السابقة ما بين قارء يقف عند حدود اللغة ويفقه مدلولاتها وبين مجامل طيب وناقد يشيرضمنيا إلى شيء لا يريد قوله، فإنني أنصفهم كما أنصف نفسي؛ فأحيانا أغضب من شيئ كتبته وأحيانا أعود إليه وكأني أطالع جديدا لم أبصره سابقا، هكذا يولد النص بين دفتي الإنسان ..وجود متصل نترصده كلنا لوجود ثغرة قابلة للكشف وغالبا ما نفشل في ذلك.

]]>
https://niefrar.org/?feed=rss2&p=2951 0 2951
كيف نضع حواجزا وجودية داخل البنية الواقعية؟ https://niefrar.org/?p=2907 https://niefrar.org/?p=2907#respond Wed, 27 Apr 2016 14:09:03 +0000 http://niefrar.org/wordpress/?p=2907 تتسع مساحة البنية الواقعية التي نمارس بها وجودنا كلما استعت ثقافتنا وزاد وعينا بالكون وزادت حماستنا للمعرفة، وللابحار في المقارنة بين أبجدية الواقع وتجلياته وبين ما يسكننا من أبنية تصورية عن منحنيات الزمن، حين نمنح أنفسنا وقتا متسعا لمطابقة الوجود والمعرفة لدراسة نقاط الاختلاف والتباين بينهما؛ والتي يتجسد أغلبها في بنيتنا الواقعية.

ونقصد بالبنية الواقعية لحظة الوجود التي يرصدها الحس عند ميلاد الانتباه والتي تتسع لتشكل جملة الحياة بعد أن يضفي عليها المجتمع جرعة من المألوف فتتسع أكثر وتجد لنفسها سلفا في التاريخ، ويأتي القادمون فيتشبثون بها أكثر فتصبح أشياء أخرى.

هذا ولا يمكن ولوج البنية الواقعية دون مراعاة جملة من المبادئ قد يعيش الانسان عمرا طويلا ما مر بها ولا فكر حولها ولا جال بها فكره، فهي ليست ذهبا ينقب عنه ويبرز ولا فضة تجمع وتكنز.

فلكل إنسان في هذه الحياة مهما كانت ثقافته ومستواه العقلي لحظة يعود فيها إلى ذاته، وهو لا يدري ليناجي في نفسه قضية لا تفارق فكره، ومن الناس من يلفظ شيئا من ذلك في استجاباته العادية، ومنهم من يسيل أو يفيض أثناء حديثه الجاد بشيئ مما يسكنه، وغالبا ما تستحوذ الجملة الواقعية على إدراك بعضنا حتى يذوب في الواقع، وقد يبلغ به ذلك أن ينسى ذاته ووجوده برهة من الزمن وهو حاضر في واقعه غائب عن ذاته، لكنه أيضا يوجد من تنطبع عنده الأحداث والأشياء وجملة الواقع بوعي غائب، فيحضر في ذاته ويغيب في واقعه، حتى أنه يعيش عوالما وجودية ويسرح بها وهو في تمام وعيه وفي قمة تركيزه في بعض أبواب الواقع، وقد يفسد عليه ذلك قيمة الواقع، فهو يتجاوز البنية الوجودية بفعل وعيه الداخلي لأشياء أخرى.

نحتاج في حياتنا إلى ابتكار حواجز فكرية ووجودية وواقعية تعزل بين عوالمنا المتداخلة وتفصل بين قطع الصمت التي نعيشها أثناء عملية عودة الادراك، وتقينا من اصطدام فهم الآخر بشعورنا ،وتقينا تشتت وجودنا ، حتى نستطيع أن نشارك الآخر نكهة الواقع ونضحك معه.
إن ضرورة انشاء حواجز وجودية في الذات هي حلم معرفي عند الانسان الذي بلغ مبلغا من تجاوز المدلولات أمكنه من إدراك تجلي الشيئ في نقيضه إلى جانب مشاركته الآخر شعوره تطابق المعاني ومقاصدها.
إن بناء حواجز تفصل بين الخيال والواقع والحقيقة يحتاج لوقت ولتجاوز الكثير من العقد والكثير من الاعتبارات.

12750856
هل نعلم أن اذاهننا مشحونة بالواقع، ومشحونة لدى بعضنا بالحقيقة ولدى بعضنا بالتصور؛ فبعضنا يمكث أكثر من نصف حياته في الغياب والتصور والمقارنة والتحليل، وبعضنا يذوب في لحظته؟
إننا لا نشعر ضرورة إنشاء حواجز وجودية في حياتنا إلا حين نستيقظ على حادث جلل أو على ما يناقض مألوفنا، أو حين نبحر في العبث واللهو حينها نعود تلقائيا لتفكيك الواقع والعودة للذات ونمضي في ذلك حتى نتجاوز بنيتنا الواقعية، ونبدأ في تبرير جميع أعمالنا وأفعالنا، وقد نصل إلى مقارنة الصورة النمطية التي نملك عن أنفسنا وبين صورتنا الجودية الماثلة، وقد لا نجد نتائج تقنعنا بالعودة لمشاركة الآخر عالمه الخاص.
إن الحواجز الوجودية التي يلزمنا بناؤها لا تنشأ بالفولاذ والأسمنت والتراب، ولا تتطلب مبلغا ماديا عظيما، لكنها ترتكز في ضبط النفس وإبعادها من منطقة التأرجح بين المعرفة والخيال و بين الحلم والممكن، والابتعاد عن مقارنة النتائج بالأسباب، والبحث عن قيمة تعويضية لتبرير الوجود الاضطراري الذي نتخبط به.

ديدي نجيب

]]>
https://niefrar.org/?feed=rss2&p=2907 0 2907
صناعة إنسان على يد إنسان غير “نعسان” ! https://niefrar.org/?p=2874 https://niefrar.org/?p=2874#comments Thu, 31 Mar 2016 08:16:32 +0000 http://niefrar.org/wordpress/?p=2874 أدركت وأنا في جلسة المساء بين جماعة من الأصدقاء أن إنسان اليوم بدأ يفقد جزءا من وجوده و”أنسنته” بفعل عالمه الافتراضي، وبدأ تعلقه بالافتراض واهتمامه بتفاصيله تحجبه عن واقعه الذي بين يديه، ومضى يزاحم البنية النمطية لديه عن الحياة ويزاحمها في ذهنه.
نعم لقد رمتني الحيرة في إحدى متاهاتها وأغلقت علي منافذ الخروج، وأنا أسير في طفولتي الافتراضية، وأنا ألقي بإنساني في السنة الثالثة من الحياة الافتراضية أبحر كل مساء في وجهة غير تلك التي ألفتها بالأمس، حيث لم يعد “وجه الكتاب” كما كان في البداية تلك المرآة التي تعكس لنا وجه الحياة على صفحة الانسان الافتراضي المخلص.

ولا أدري اين سيبلغ بنا الانسجام والتعلق والالتزام بعوالم الافتراضي التي أصبحت تأسرنا وتوجهنا وتسيطر على ترتيب لقاءاتنا فحين نعود لواقعنا نرى الحيرة تتسلل لأطرافنا وتخيم على بصرنا ونحن نحاول إزاحة حجاب الانطباع وغشاوة الاستعارة عن وجه الحضور ونميط لثام الافتراض عن دوال الأشياء المألوفة في واقعنا القديم، وتأبى المدلولات أن تعانق ذهننا و لا تريد أن تظهر كما هي .
إننا أصبحنا ونحن في الواقع كمن يحاول صناعة إنسان من ذاته إنسانا جديدا يهب للآخر مساحة من ذاته ويشعره بأنه فعلا ما زال إنسانا قابلا للبشرية ؛ إننا كمن يصنع إنسانا يقبل الحياة الطبيعية على أنها مرحلة من الالتزام والفرائض نتجرعها بصمت ونقبلها على أنها واجب علينا أن ننهيه بسرعة لنعود إلى وجودنا الجميل إلى عالمنا المنتقى الذي ندرك به المدلولات في انفصال من دوالها وهي تتبرج في حلل من حقيقتها.

twitter-psycho-1260x840

هل فعلا أصبح إنساننا النمطي غريبا في الواقع مترددا بين تجاذبات الانطباع وسلطة التفاعل، حيث أن الانسان خلال حديثه مع الانسان ومجالسته له إنما يبحث عن نفسه وعن شيئ مما يجد في ذاته ليطمئن أن هناك شيئ في الحياة يشبهه ويشعر ببعض ما يشعر به ويقاسمه بعض العقل والفهم واللغة فيسعد بذلك ، لكن حين يجد أشكالا مثله تماما لا تربطها به أي نقاط تلاقي فإنه سيعود للبحث عن كائن يفهمه ، منها أصبح من غير المستبعد أن ينظر بعضا بعضا ويقول : نعم إنه فلان فعلا أو يشبهه على الأقل ! أو كأن جزءا منا هنا يحدثنا عن جزءنا الآخر، لكن شيئا ما ينقصه.

فهل نجح الطفل الآمريكي في سجننا هنا في عالمه الصامت نتبادل الحروف والايحاءات، وكأننا حبات قمح تطبخ في مرجل يغلو، يجرب بعضنا قابليته للاشتعال والذوبان ويتعالى بعضنا الآخر على طبيعته النباتية ويتهرب إلى الصمود بعيدا عن ألسنة اللهيب التي تصله بعالمه.
وهنا نتساءل كيف بإمكاننا إعادة ترميم إنساننا حتى تتطابق المدلولات مع دوالها؛ و ليعود للتكامل والانسجام ويتجاوز البنية النمطية التي تحجبه عن رؤية الواقع على ماهو عليه؟ وحتى يستعيد شهيته لحياة الواقع ويجد في الواقع ما يقنعه بقيمة الآخر بعيدا عن الافتراض.

ديد النجيب

]]>
https://niefrar.org/?feed=rss2&p=2874 2 2874
تزاحم العوالم https://niefrar.org/?p=2684 https://niefrar.org/?p=2684#respond Sat, 20 Feb 2016 10:48:01 +0000 http://niefrar.org/wordpress/?p=2684 تزاحم العوالم خلال حياتنا الجادة نعيش عدة عوالم مختلفة بين يقظتنا ونومنا، ومنا من يشعر تزاحم تلك العوالم بحدة، حتى أنه ليبصر ذلك التعاقب في حيثيات واقعه وجسمه وما حوله، وتذهب به العوالم أحيانا حتى يخرج من الدنيا، وهو ينظر ويمسك بوجوده في العدم. وتعيده فرضيات الحياة ومستلزماتها لليقظة والوعي ليدرك أنه عليه أن يفكر في الدنيا ويمنحها بعضا من نفسه، فيتقلب به المقام لعالم آخر يجوب درجه بقبول وانحناء. وقيل إنه يظهر في الحلم بقية من اللقاء الذي حدث بين الأروح في عالم الذر، فيحدث أن ترى من لا تعرفه وتحدث من تعرفه بما يستحيل عندك في العادة، وتفعل ما لا تعي وتسمع وتحفظ وتحكي ما لم تسبق لك به معرفة. ويشاهد ذلك عندما نرى ما يناقض مألوفنا في الرؤيا او يخالف عاداتنا وطبعنا في الواقع او نرى ماضيا لم يحدث بعد او مستقبلا مألوفا جدا ندرك تفاصيله بكل دقة وهو لما يحدث في حياتنا، بل نظل ننتظره ويؤرقنا توقعه. و لاحدود بين الأرواح فهي تخترق العوالم وتختزل كل مراتب الوجود في لمح البصر، ولا راحة للأرواح فهي من مادة الحياة وهي تلتقي وتتفاعل رغما عن الاجسام والظروف ولا يحجبها زمان ولا مكان. وقد ينعكس شيئ من هيمانها على طبعنا فتصارع الروح الجسم بطبيعته المحسوسة ونشعر نحن ذلك هنا في الزمن والمكان وقد نصنفه مرضا عرضيا ونشفى منه بالدواء، وقد لا نفهمه ولا الطبيب المداويا. ومن صراعهما الدائم يحدث الاتزان في الانسان فهو مركب متزن متناقض الصميم ويعيش تناقضا لا مناص له منه، وكلما اشتد الصراع بينها كلما شعر الانسان بالحياة أكثر، وحين يغلب أحدهما على الآخر عرجت حياته ومالت عن مستقيم الانسانية، فالحياة السليمة وسط بين الحادثية والاصطفاء. وقد يقول قائل ما أجمل هذا لو كان كاتبه غير انسان بشري، اذ كيف استطاع انسان ان يطلع على شيئ من ماهيته وهي كنهه، ويعود الأمر في ذلك الى اختلاف طرق التفكير وتناسب الوعي بالذات والتقدم في مراتب الادراك، ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها، والله لطيف بعباده.

]]>
https://niefrar.org/?feed=rss2&p=2684 0 2684
الحياة في الدنيا https://niefrar.org/?p=2627 https://niefrar.org/?p=2627#respond Wed, 20 Jan 2016 13:37:19 +0000 http://niefrar.org/wordpress/?p=2627 بين مقامات الأكوان تتجلى حقائق الانسان في حضرة العيان، فتحجب الحادثية والظروف ما يحجبان. ويبقى ضباب ثائر بين الحيرة والصمت، يشعره بعضنا ويتجاوزه الآخر . سأتجاوز الدنيا إلى الحياة لأصف فترة من الوجود تتجلى في لحظات من الحقيقة والجمال والألم والجد والشك واليقين تتعاقب علينا جميعا ونشاهدها في الآخر. ونتوقعها كثيرا وتحيرنا أكثر ونثق بها وتتكرر لأكثر من مرة أمام عيوننا وتملأنا غبطة وغضبا وسرورا عند كل لقاء. ولأن أكثر ما يلفت انتباهنا في هذا الكون هو هذه الحياة التي استيقظنا ونحن نبحر في أعماقها بكل وعينا دونما استشكال لحقيقتها وعلاقتها بوجودنا وما يربطها بالزمن، ودعانا الفضول إلى النظر في بنية “الحياة الدنيا” هذا المركب الاضافي الذي نقبع به ونحن على علم بجميع أبعاده المعرفية معرفة اقتناع لا معرفة تصور، لكن معرفتنا به تذوب في بنية الواقع الماثل في عيوننا، فتلتبس علينا جملة من المعاني التي نتخبط بها بين اللحظة والأخرى، وهنا نتساءل عن الفرق بين الحياة والدنيا؟ هذا ولكل بيئة ثقافة تزود الذهن بحقائق راسخة تشكل غلافا معرفيا عند بني تلك البيئة عن الأشياء قبل تجربتها وقبل بلوغها، ما يضع حواجزا تصورية تحول بين الانسان ومباشرة الحقائق الدفينة عن الاشياء في الكون، فيكتفي بتنمية تلك التصورات الموروثة عن الأشياء.

الحياة دورة تبدأ من الوجود الأول للكائن الحي في عالم النمو..والحياة علم على النمو والتكاثر والانتقال من صفة لضدها بعد زمن معلوم في غلاف من المألوف يحجب التغير ، والحياة دليل على الوجود وبها تتجلى كل معاني الجمال . الحياة نبض وشعور وحركة وانتقال وصراع أضداد يتجسد في مألوف نتجاوزه بكل بساطة، ولا يسمح لنا منطقنا ولا عقلنا بالوقوف عنده ولو للحظة.

الدنيا هي مفردة من الزمن تنتمي لمسار طويل عشناه بالقوة والاضطرار، ويرى بعض الناس أنه لا معنى لفصل العبارتين عن بعضها البعض، فلا معنى للحياة دون الدنيا ولا معنى للدنيا دون الحياة؛ وهو نظر فيه نظر؛ فمن البديهي أننا حين نقصد الحياة فإنا نقصد شكلا من الوجود ينتقل بالشيئ من صفة لضدها بسرعة تحجب الانتقال، أما حين نعني الدنيا فإننا نبحر في قاموس الزمن وهي امتداد لعصور من الوجود سبقتنا وسنعيشها في عوالم مختلفة عن واقعنا، وهذا ما يحيلنا إلى أن المفردتين تنتميان لأصلين مختلفين ويتضح اختلافهما في الفرق بين الوجود والزمن؟ والوجود صفة تتجسد في الزمن؛ والزمن نسبة بين شيئين.

وهنا نكتشف أن الذي يخيل على ذهن المتدبر لهاتين العبارتين حتى يظنهما مركبا لا يختلف في الدلالة؛ ولا معنى لأحد جزءيه دون الآخر، هو أن الدنيا هي حدود حياتنا وهي ما يفسر حقية ما نعيشه هنا، ويمكن تفسير بنية الحياة بسهولة حين نستوعب كنه الدنيا.

ديدي نجيب

]]>
https://niefrar.org/?feed=rss2&p=2627 0 2627