الرئيسية / فيسبوكيات / زيارة لبعض مقابر إيكيد

زيارة لبعض مقابر إيكيد

قضيت مؤخرا أسابيع في المذرذرة ، لقيت فيها أترابي وأحبابي وأصدقاء الدراسة بعد طول غياب، فرجع الزمن بنا القهقرى وتجاذبنا أطراف ذكريات ماتعة، وذات مساء كنت رفقة الصديقين العزيزين الأستاذ المحترم عبد الله “داهي” بن محمد المصطفى وعبد الله بن امين بن داداه، فاقترح علينا الأخيرالقيام بجولة في بعض مقابر إيكيد لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا، فوافقنا وباركنا رأي أهل الزبير وفألهم، وامتطينا سيارة الصديق داهي الذي اكتشفت خلال تلك الرحلة أنه أصبح خريتا ماهرا وبات أهدى من القطا في بطن الحوت، فلا بئر في إيكيد إلا ويعلم مكانها ولا شجر ولا نجم فيه إلا ويعرف اسمه وصنفه وأين يوجد فتبارك الله أحسن الخالقين.
يممنا شطر مقبرة بئر حيبلل الشهيرة، وبدأنا بإمامها الشيخ الصالح سيد الأمين بن أعمر، ولما اقتربت منه تذكرت القطعة الشعرية التي أنشدها الجد امَّد بن أحمد بن الحمد في زيارته الأولى لهذا المدفن، حيث خاطبهم قائلا:
أيا حــــضرة بابير حــــيبل قد ثوت *** و يا سيدي ســـيد الأمين أخا الفخر
بعثــــناكم وفدا إلى ســــــيد الورى *** سراج بنـــي عدنان فــــخر بني فهر
لقد طـــالما منــــتني النفس زورة *** أزوركموها في الذي فات من عمري
و ها أنا ياســــادات عند رؤوسكم *** ففي حـــاجتي قوموا فقد كــنتمُ ذخري
مررت بكم أرجو قضاء حوائجي *** و مستــــشفيا مما أجـمجم في صدري
و تيـــــسير عــــــلم مقرن بتقاته *** ويـــسرا يسيرا بـــعد ما كان من عسر
ووزريَ قد ضاقت به النفس ينمحي *** بكم ينـمحي ما قـد جنيـت من الوزر
وخصميَ لا تنـــسوه ردوه مكبتا *** فلا يعـــط مــا يرجوه مني مدى الدهر
زرت العالم النوازلي أحمذ بن زياد والشيخ الصالح عبد الرحيم بن الشيخ أحمد الفاضل ووقفت على ريعة زحفت رمالها على العديد من قبور الأعمريين كالشيخ عم بن سكم وابن شقيقه وغيرهم، وقد ساعدني مرافق لنا في الزيارة على تحديد مكانهم، سحت شآبيب الرحمة على قبورهم . كما زرت ضريح الدكتور الباحث جمال بن الحسن الذي لم يسعفني الحظ بلقائه حيا، ومررت مرور الكرام بأضرحة الوليتين اميه وعيش بنات الكوري وبالقبور التي قرب ركيزة الماقور جعلها الله رياضا من رياض الجنة ونفعني ببركتهم، “واللي اظمر اكيس أخوالو” كما يقولون، وختمت الزيارة بوقوفي أمام قبر السيد محمد بن صمب الفلاني، الذي أشهد له بحسن الخلق والبشاشة ودعوت الله أن يجازيه عني الجزاء الأوفى فقد كان لي صديقا وفيا وناصحا أمينا.
واصلنا سيرنا نحو العمق الإيكيدي، وطفق الصديق الخريت يعدد لنا المواضع التي مررنا بها، والأمواه المشهورة التي بجانبها، ويحدد لنا بدقة المسافات بين آشكركط وانيفرار وأبكاك وأغنجبرت، ثم وصلنا إلى مقبرة انيفرار المعروفة بصالحين امَّنِّ، وقد كانت مدفنا للأطفال الذين يموتون قبل بلوغ الحلم ولكن منذ دفن فيها الشيخ محمذ باب بن داداه، لم تعد حكرا على الصغار بل أوصى الكبار بعد ذلك على أن يدفنوا فيها بغرض مجاورة شيخ الشيوخ.
رضعت حب الشيخ محمذباب من “اسدايد” ووعت أذناي مآثره وأنا غض الإهاب فلا يكاد يمر يوم خال من ذكره في مجلس الأسرة، فيتحدثون عن علمه الغزير وفهمه الثاقب وعن خوفه من ربه وعن بكائه الدائم من خشية الله، وعن نصحه للمسلمين وورعه في التعامل مع محدثات الدهور أما محبته للمصطفى صلى الله علي وسلم وعترته فذلك ربع عزة … لقد أصبح عقلي الباطن يذكرني بالشيخ محمذباب كلما أثير موضوع المحبة …. قيل أن الميت يزار للصفة الكاشفة التي كانت تميزه في حياته، وقد زرت الشيخ محمذباب لعدة صفات فالرجل جمع في أديم واحد فقه الأصبحي وعقد الأشعري وتصوف الجنيد بله الأمهات والمتمات كما وهبه الله قلبا أنقى من الرق …. رحمه الله تعالى وبارك في عقبه.
من أمهم بيض اللحى كملا **** إذ ذاك وهو الناشئ الأمرد
وصحب المسجد من بعدها *** إن لم أقل صحبه المسجد
كان ختام الزيارة المرور بمدفن العود “أغودس”، فمررت رفقة الزملاء على فتيان الوسط ، فهذا العلامة النوازلي أحمد سالم بن سيد محمد، وبجواره ابن عمه الصالح الحكيم محمد العاقل و غير بعيد من الإثنين الهمام الورع الشاه وإلى الغرب منهم كامل الفتوة الشيخ سيد محمد بن النجيب ، ثم وقفنا أمام ضريح جار الرسول الجامع بين السؤدد والولاية والعلم الشيخ احماد بن أبا رحمه الله تعالى وجزاه عنا أحسن الجزاء. وقد كانت لي وقفة خاصة أمام شيخي هديل بني ديمان الشيخ بن احماد رحمه الله وأسكنه فسيح جناته.

اترك رد