الرئيسية / تأملات / رمضان وحدود الحادثية

رمضان وحدود الحادثية

رمضان في ثقافتنا الاسلامية هو قطعة من الزمن تمتد على مدى شهر قد ينقص قليلا يمسك خلالها الانسان المسلم العاقل البالغ عن شهوتي الفم والفرج بقصد، من بيان الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر وحتى تغيب شمس النهار تماما.

وقد خص الله عباده المسلمين بهذا الشهر العظيم ليطلعهم على بعض ما للانسان من قدرات خارقة قد لا يستخدمها لغيرالحاجة الماسة. و يعتبرهذا الشهرفرصة كبيرة لادراك بعض النعم التي يسرح فيها الانسان دون أن يعي ذلك وليطلع الانسان كذلك على مستويات قيّمة من الجهاد والتحدي حتى يصطدم اضطراره بالايمان ورغبته بالصبر حتى يبتلى في رغباته الضرورية.

ولكننا نبالغ حين نصف الأمر بالامساك عن هاتين الشهوتين بأنه تحد لاضرارنا كبشر فكيف لو أننا أمرنا بهجر النوم بدلا من الشهوة الأولى وماذا لو حرّم عيلنا البول والتغوط بدلا من الشهوة الثانية؟…ترى كم ساعة سنقدر على الصبر ومن منا سيصلح صيامه حينها؟.

رمضان هو سلم للرقي بالانسان من حضيض الحادثية لقمم الصفاء والوعي إلى الحضرات العليا والمقامات السامية التي قلّ أن تخطر على القلب فقد لا نشعر ونحن نعيش لحظات من حياتنا الطبيعية أننا نصعد نحو الحقيقة أننا نسمو بخطى متسارعة صوب رزم الغيب المتشابكة حيث نفقد طعم الحياة وملذاتها اختيارا وعن قصد ونعوض ذلك بالصبر والجهاد والصمود من أجل نتيجة أعظم ستدوم وتدوم أكثر مما يمكن أن يصل إلية خيالنا الثابت والذي ينحصر في مألوف بنيتنا التصورية.

إنه شهر الجهاد …وفيه نذوق معنى كلمة الجها دتلك الكلمة التي كنا نسمع عنها في القصص ونراها في الكتب …هوشهر نجتاز فيه نحن البشر حدود الحادثية هو فعلا زمن يؤهلنا للتغير يضع أمامنا فرصة جديدة لاخيار علم آخر نطلقه على أنفسنا وجنس جديد ننتمي إليه ليس البشر، لو دام هذا الشهر أكثر لو دام سنة ونحن ملتزمون بنظامه الموحد فإننا سنخرج عن جنس البشر، لأن جانب الحادثية الذي يلتصق بنا قدما قابل للتغيير وهو ما يهبنا ماهية ثابتة أما حين نخرج على هذا الجانب المتغير ونتحدى حدود حادثيتنا و قدراتنا بقصد ومن دون مقابل، فإن ماهيتنا لابدّ تتغير وحدنا هو الآخر سيتغير.

ديدي نجيب

تعليق واحد

  1. جزاك الله خيرا عن الإسلام و المسلمين و تقبل الله منا ومنكم الصيام والقيام

اترك رد