الرئيسية / فيسبوكيات / ما ليلة حليمة بسر. تدوينة من صفحة الأستاذ يعقوب بن عبد الله

ما ليلة حليمة بسر. تدوينة من صفحة الأستاذ يعقوب بن عبد الله

لم أفكر، و أنا أخرج من الباب الكبير لفندق حليمة، في أن أهل باركل قد وفقوا – كعادتهم – في حسن استقبال و ضيافة وفود كبيرة قدمت من زوايا الوطن الخمس و”عربانه”. إذ لا غرابة في ذلك فقد عرفوا بالسخاء والكرم وتلك شنشنة نعرفها من أخزم .لكن ما أثار فضولي هو توفيقهم في اختيار المكان المناسب لاستضافة هذا القدر الكبير من الشخصيات الوطنية والعلمية الوازنة.

فندق حليمة :

من أشهر و أجمل فنادق العاصمة، وخدماته مشهورة بالجودة وبتعدد النجوم ، كما أن موقعه الاستراتيجي في وسط المدينة سهل من حضور المدعوين في الوقت وجنبهم الزحامات المرورية.

ولعل  أهل باركلل قد اختاروا فندق حليمة  لا لكون خدماته جيدة فحسب، بل لأن اسم الفندق يرمز للكثير من الدلالات العلمية والتاريخية الهامة، والتي يعرفون جيدا أن المدعوين سيتنبهون لها ويقدرونها حق قدرها.

ما يوم حليمة بسر:

غزا المنذر بن ماء السماء ملك الحيرة ، الحارث بن أبى شمر الغساني ملك العرب في الشام في جيش عظيم ، ولما التقى الجيشان برزت حليمة بنت الحارث من خدرها حاملة جفنة طيب وضمخت بها الفرسان ، فتحمسوا وهجموا على المنذر فأبادوا حراسه وقتله الفارس  لبيد بن عمرو الغساني في عين أباغ، لكن اسم حليمة صار الأشهر فأطلقت العرب المثل السائر : ما يوم حليمة بسر.

وبالفعل فقد وفق الباركيون في تنظيم اجتماع من أكبر و أنجح الإجتماعات في الوطن وقد وسعوا الدعوة فحضرتها كل المجموعات التي تربطها  أواصر التاريخ والجغرافيا مع المجموعات الشمشوية ، فأصبحت ليلة حليمة أيضا ليست سرا كما كان يومها.

حليمة والنابغة :

أشار النابغة الذبياني في بائيته الشهيرة التى يمدح بها  الغساسنة إلى يوم حليمة من خلال بيته الشهير:

تورثن من أزمان يوم حليمة *** إلى اليوم قد جربن كل التجارب

وقد قال قبله بيتين من عيون الشعر العربي فقوله :

تراهن خلف القوم خزرا عيونها *** جلوس الشيوخ فى ثياب المرانب

من التشبيهات العقم  التى لم يستطع شاعر بعده الوصول إليها و كذلك قوله :

ولاعيب فيهم غير أن سيوفهم ***بـــــهن فلول من قراع الكتائب

الذى يعتبره أهل البديع أبلغ مثال في نوع المدح بما يشبه الذم

أراد أهل باركل أن يظهروا للناس أن أحفاد الخمس لازالوا عاضين  بالنواجذ على ما أسسه آباؤهم ويحترمون الدستور الذي استوحوه من سورة الفرقان ، و قد ثبت بعد هذه القرون العديدة أن هدي تشمش هو الطريق الأقوم والصراط المستقيم ، فلم تفلح جميع التيارات الفكرية الالحادية عن ثنيهم عن شمائل سلفهم الصالح  كالصبر و التعلم والعمل و الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وحفر المياه و بناء المساجد و تعميرها…

 

حليمة  وبادية بنى سعد

كانت بطون قريش ترسل أبناءها إلى قبائل البادية المحيطة بمكة كمثل بني سعد بن بكر من هوازن وبني ليث بن بكر من كنانة لرضاعتهم لما اشتهرت به تلك القبائل من صفاء اللسان ونقاء اللغة فكانت المرضعات تأتين إلى مكة من البادية لإرضاع الأطفال.

وقد أرضعت حليمة بنت أبى ذؤيب بن عبد الله بن الحارث السعدية  رسول الله صلى الله عليه وسلم فصار أخا من الرضاعة لأبنائها عبد الله و أنيسة وحذافة المعروفة بالشيماء أبناء الحارث بن عبد العزى  الذى ينحدر من البدو المقيمين بالحديبية.

وقد أكد شباب أهل باركلل  أنهم مسترضعون في بنى سعد فقد دلت فصاحتهم و أشعارهم أنهم من مضغ الشيح والقيصوم ، فقد شنفوا آذننا بسموط الدهر و أمات لبتيت ، حيث اهتز المجلس وطرب الحضور وتفاعلوا مع الفتية الذين صعدوا المنبر فأجادوا الإلقاء و أحسنوا في المدح وبرهنوا على معرفة تامة بخصائص المجموعات الشمشوية فلله درهم و لافضت أفواههم.

الشيخ محمد فال بن عبد اللطيف و حليمة

لم يكن الشيخ محمدفال بن عبداللطيف ليفوت سانحة انعقاد هذا الاجتماع المبارك دون أن يخلده بشعر مثل تنضار اللجين كعادته حفظه الله ، لقد صعد المنبر و ألقى بنفسه قطعة شعرية في غاية الجودة ولم يطلها على عادة أهل ايكيد لكنها جاءت جامعة مانعة، والقطعة جعلتها ختاما مسكا لهذه التدوينة

أبــــأي تشمش قد دخلت البابا *** والرحــب فيه لقيت والإرحابا

لاقتك بالوجه البشوش عصابة *** فيها الوجيه الشـــيخ أحمد بابا

و دخــلت حضرته هماما سيدا *** لا طــــــائشا نــزقا و لا هيابا

لاقــــــــــتك منه حفلة و مآدب *** قد جــــمعت في طــيها الآدابا

جــــــفلى فليس يرد عنها وارد *** من صــــادر أو لابث أحقابا

و أواصـــر القربى بها قد قربت *** زادت عـــلى أسبابها أسبابا

من بـــــــــاركل وتلك فيهم عادة *** مـــــأثورة كتبت هناك كتابا

ما كـــــــــان يوم حليمة سرا فقد *** هز القلوب و هدأ الأعصابا

2 تعليقات

  1. بارك الله فيك وأكثر من أمثالك

  2. مقال جيد بارك الله فيك وعليك اخى يعقوب

اترك رد