الرئيسية / قراءات أدبية / جولة في ديوان “لخلاط”. بقلم الأستاذ الأديب بدال ولد ابراهيم اخليل

جولة في ديوان “لخلاط”. بقلم الأستاذ الأديب بدال ولد ابراهيم اخليل

أهداني صديق نفيس ديوانا نفيسا لشاعر تحس وأنت تقرأ له أنه يجول بك في كل أنماط وأساليب الأدب الحساني بتمكن منقطع النظير. إنه “ديوان لخلاط” للأديب عبد الله ولد اسنيد المذرذراوي عموما، النيفراري خصوصا.

أول ما يحز في نفس القارئ لهذا الديوان الجزل أن المحص غائب فيه، مع أهميته القصوى في الشعر الحساني لصعوبة قراءته دون وضع ما أمكن من الحركات على الأحرف. غير أن الساعي إلى الغوص في “ديوان لخلاط” يجد فيه من المتعة الأدبية ما يغفر “زلة” غياب المحص.

يذهب بنا الشاعر في ديوانه كل مذهب جميل، مذكرا بأغراض وأساليب كبار الأدباء، فعندما يفتخر ولد أبنُ بقوله:

آسيّةُ لا اتـْـظـــنّي   عَنِّ شاطنـِّي امْغـَـنِّ،

ينبري ولد اسنيد لغرض الفخر، معبرا، ربما، عن استيائه من تطاول شعراء إحدى المسابقات، بقوله:

اعـْـــلــيّـانَ لا اتناعـــــرْ    لفشاعرْ مليونْ شاعرْ

من شاعرْ فاكطاع واعرْ    ننــجح فيـــــــه، البيهْ

ذاكْ الِّ ما كان جاعـــــرْ    يـــجــعرْ فيهْ، ؤ فـــيهْ

يسكتْ ذاكْ الكانْ يَبْدَعْ    منهم كَــــبْــــلْ انجيهْ

يَسْوَ فيهْ اسغيرْ واجْدَعْ    واسْوَ شــــيَّبْ فــــيهْ

 

لا يترك الشاعر غرضا إلا وتناوله بإتقان، ففي ديوانه مديحيات طوال حسان، وفيه بكائيات طللية اكلاسيكية عذبة، كما لا يخلو من الغزل والمناظرات والتآييد والتراحيب. حتى اللواعج واللوعات تراها بادية في قريضه، فعلى شاكلة كبار الشعراء، يعاني ولد اسنيد من حرقة الزمان والمكان كلما تذكر ليلة أمضاها عند بئر يصعب نسيان تفاصيل مجريات أحداثها:

اعْطـَـــيْتْ ليْلَ فانزيْـلَ    فاحْسَيْ مانِ لُ ناسِـــــي

يـَ احْريكْ ذيْلْ امّكْ ليْلَ    ؤ يـَ احْريكْ ذيْلْ امّكْ حَاس

 

ولعل من أغرب المفارقات أن نفس الحزن الذي استبد بالشاعر النفراري ولد الولايه، استبد أيضا بالشاعر النفراري ولد اسنيد، فهنا وهناك “شخص” يرحل تاركا ثغرة كبيرة في وجدان الشاعرين. يقول ولد الولايه:

ركبتْ ذِ الْنـَبْـصَـرْ   لحْمَيـّـرْ لخظـــــرْ

وامش يجّـرْجَـــرْ   منْ هـُـونْ الصّاتِ

وابْكـيْتْ انـْـكـَـرّرْ   والـــذاريـــــــــاتِ،

فيما يقول ولد اسنيد:

رَكبتْ فـ ارْحيلْ    سبّتْ لكــتيلْ

خـَيْ ابْذِ الحيلْ   فـ البــــــــاديّ

رَحّــــالْ إميــلْ   وَقــْـتْ اعشيّ

ذاكْ أرَحّــــــالْ    بيــــهَ هـــــيّ

لَعَــــادْ الْمَــالْ    مــــالتْ بــــيّ

 

لا شك أن كبار الشعراء “يتهاتفون” في مخيلاتهم، في أحاسيسهم، في “ما ورائياتهم الأدبية”: نفس المشاغل، نفس الأدوات، وتارة نفس المفردات تقريبا. يقول الشاعر المرحوم أحمد ولد الطالب:

ذَ الِّ زاكـــلْ فيكْ افـْ ذَ الشّـط ْ    ما زكلُ فيـــــكْ امنادم كَــطْ

امناظـــــــرْ لك يامسْ لخبَــط ْ    وامْنْ الّ زاكلْ فيكْ: اسْكَيْتْ

الطفـْـلـَـه واكْفـَـيْتْ اعْلَ البطْ     الْفيهْ ازريـــكَ تشـّـغـْـلــــيتْ

وبأسلوب رائع بديع، يأتي الشاعر ولد اسنيد ليقول:

يلِّ منّـــــك فـ اهْـــــلاكْ    جَيْتْ انـْـدَوّرْ نلكـــــاكْ

وُوكفـْتْ اشوَيْ ابْهــــاكْ    افـــــزرّك نــتـْـــــــوَطّ

سَوّلــــتكْ ذ الْوَسّـــــاكْ    مَلْحَفتـــــك مــشـّـطّ

وافـّـمّـــــكْ من مسواكْ    اشـْــــظـَـيّ مُـــخـَـطّ

شنهُ؟ واطـْفـَيـْلْ احْذاكْ    يلعـــــبْ فـَ ايْــــدُ بَطّ!

وازريكَ من لفـــــــــريكْ    فـ امْـــــدَيْدَ من يَــــطّ

فـَ ايْدكْ! كلتيلِ، بيــــكْ     المَــــــلاحْ: اتـْـخَــــطّ

 

فهذا الإناء الصغير (“بـُـط” و”امْدَيْدَه”) يشغل بال الشاعرين، وذلك المذق (ازريكْ) “فيه ما فيه”، وبين كل تلك التلميحات يتراقص، في القطعتين، حرف الطاء بفخامته في جلسة أدبية نادرة “جمعت” شاعرين من جيلين مختلفين، ربما لم يعرف أي منهما شيئا عن الآخر.

وكجل شعراء البيظان، يظل ولد اسنيد مهموما، في شعره، بإشكالية “استَـكـْـهيلْ” خاصة عندما يتعلق الأمر بالوجد:

لغـــــلانَ كَطـّـيْـــتْ     أوَنــّـامسْ جَيْـتْ

وَاثــْـرِ كاعْ ابْطــَـيْتْ     عَنـْـهَ، لا حَــــوْلَ!..

كالتْ لِ غـَــــزّيـْـتْ     ماهِ مغـــــــسولَ

ذاكْ الِّ وَسّــــــيْتْ     شغلتْ لكـْـهُــولَ

إنه إنما يؤكد هنا سيْره الحثيث في فلك فحول الشعراء المحبطين من “حرب السنين” غير الرحيمة. يقول أحد الضحايا المساكين:

عَنْـدْ آكنـْـزْ انـْـــزَيـْـلَ     نـَـوْعَـــــدْهَ كلْ لّيْلَ

فيهَ فـــمْ اطـْــفـَـيْـلَ    هيّ سبّتْ لكـْــتيلْ

يَـغيـــرْ امْـغـَـيْـسيلَ:    كالتْ لِ يَـ لكـْـهَيـْـلْ

لـَـوَدْ لـَــكْ لكـْـهَيـْـلَ     تـَـمْ أوْعَدْهَ فـ الليْـلْ

 

يتميز شعر ولد اسنيد بما يمكن تسميته “الإبدالات”. فهو مولع بتقديم عبارة أو تأخير أخرى، وإحلال الواحدة محل الأخرى مع القدرة على سبك المعنى المراد في صيغ جديدة. إنه أسلوب معقد يحوّل فيه الشاعر الكلمة ويبدلها بأخرى معارة من مكان آخر دون أن يتأثر المضمون سلبا. يقول الشاعر، في رده على كاف صديقه ابـّـيْبيه:

لا دَلـّـيْتْ ابْحَدْ غالِ    ليْدْ ؤ رغْتْ ابْكـَـيْدْ

نرفدْ عنُّ ليْدْ مـا لِ    يَبْكَ حَدْ افـْــليْــــدْ

والمراد، في الصيغة المباشرة: “ما يَبْكَا لِ حَدْ افليْدْ”. لقد سلّمتْ “يبْكَ” مكانها لـ “لِ”، وسلمت “لِ” مكانها لـ”يَبْكَ”، ولم يفقد “الكاف” رونقه ومهارته في الرد على كاف ابيبيه:

رانِ نبغ ما ايْـــدلِّ    بيّ ولد اسنيـدْ

ليْدْ ابّدْع ؤ لا امّلِّ    يرفدْ عَنّي ليْــدْ

 

هذه الإبدالات، مع ما تعنيه من جمل اعتراضية شيقة، نجدها واضحة في قول ولد اسنيد:

تتـْـعَدّلْ غَيْبتْ حَدْ غـــــابْ    شَورْ أولادْ، ؤ ذِ ماهِ

كذبَ – بالبرْكـَـه- بوسْحابْ:   محفــوظ ؤ عبد اللهِ

بل يمضي أبعد في تعقيد ذلك الأسلوب النادر في قوله:

انكصْ يَـ العَكْلْ ألّا اشْوَيْ    للمحارم تخراصَـــكْ

واعْلَ ولـِّـي لـُخظتْ حَيْ   راصَكْ لعدتْ افراصكْ

 

إنه يريد أن يختط لنفسه أسلوبا يخلو من الانسيابية المملة تارة، لهذا أخّـرَ المجرور في الشطر قبل الأخير، واضعا إياه في مقدمة الشطر الأخير، ثائرا بذلك على الروتين.

 

وفي المقطوعة التالية يعكس عبارة “لاهِ انـْـرَ” فيجعلها “انـْرَ لاهِ” في سويعات لقاء لا يعتقد أنه سيتكرر أبدا:

نختيرْ انــراكْ   عاكبْ يَرْعاكْ

ملكَـــانَ ذاكْ   الِّـــــــي زاهِ

والْمانِ شاكْ   انُّـــــــــو لاهِ

كدْ الْوَسّيْتْ    يـَ تــنـــــزاهِ

الْنوْعُ تـــيْتْ    انـْـــــــرَ لاهِ

 

كما لا نعدم سرعة البديهة في شعر ولد اسنيد. فعندما طلب منه الشاعر العملاق المرحوم الطيب ولد ديدي شرابا وشايا وقطعة شعر، لم يتردد في تلبية طلبه، فقال:

الطيّبْ لاجَ عَنـْـدُ جَايْ   غايَ ما نختيرْ انسَكْريهْ:

ازريــكَ ذيكــيّ، وأتايْ   ذاكـُـوّ، والكافْ أراعــــيهْ

 

ولا يمكن لقارئ ديوان “لخلاط” إلا أن يستحسن قدرة الشاعر على “صب” الإسم غير منقوص ودون إخلال بالعروض، الأمر الذي يفشل فيه حتى مشاهير الشعراء أحيانا. هاكم قوله:

مريضْ إيلَ غلْبُ فـ ادْوَاهْ   حَدْ إعيـــنُ رَ منْ حينُ

محمــد خــونَ ولد ابّــاه   ولد أمينُ فيهْ إعِـــــينُ

 

أما قمة الإبداع لدى ولد اسنيد فتكمن في نجاحه الباهر في دخول “المدرسة الباكّاهية” والتخرج منها بامتياز فشلَ فيه كل، أو جل المحاولين. لقد تمكن الشاعر من حبك الجمل القصيرة، والخروج على “قانون” الوقف عند القافية، وإعطاء الأولوية للنقاط والفواصل، حتى لتبدو القطعة كأنها نثر محكم التنسيق والتنميق. لنرى قوله “شبه المنثور”:

“مرحْبَ، مرحْبَ. ذ بَلْ مرحْبَ بيكم، بلْ أهلْ مرحْبَ بيكمْ، بَلْ أصلْ    مرحْبَ بيكمْ فـَـ أصلـْـهَ. مرْسُولَ منْ كبْلَ، منْ تـَـلْ، من ساحلْ، من شـَـرْكْ. أصلـْـهَ واحدْ من شـَـعْبْ ابْلا مَفـْـصَلْ.  ما يكدرْ حَدْ إفـَـصّلـْـهَ…”.

عند إعادة بناء القطعة، نجد:

مرحْبَ، مرحْــــــبَ. ذ بَــــــــلْ    مرحْبَ بيــــــــــكم، بلْ أهــــــلْ

مرحْبَ بيـــكمْ، بَلْ أصــــــــــلْ    مرحْــــــــــبَ بــــيكمْ فـَـ أصلـْـهَ

مرْسُولَ منْ كــبْلَ، منْ تـَــــلْ،    من ساحلْ، من شـَـرْكْ. أصلـْـهَ

واحدْ من شـَـعْبْ ابْلا مَفـْـصَلْ    ما يـــــكدرْ حَــــــــــــدْ إفـَـصّلـْـهَ

 

لقد استطاع ولد اسنيد أن يكون أحد رواد هذه المدرسة، وأحد كبار المدافعين عن نهجها الفريد، بل لعله الوريث الشرعي لمؤسسها المرحوم محمد ولد باكا. لنترك شعره المنساب بحرية يعبر بنفسه عن نفسه، ونترك القارئ، هذه المرة، يحاول إعادة بنائه عموديا:

مرحْبَ – واسْوَ فـَ اهْلْ إلاهْ ما تنكالْ- احْنَ كلناهَ. مرحْبَ كلناهَ: واللهْ الَّ مرحْبَ، مَعْناهَ مرحْبَ بالوَفـْـدْ الّ جابْ للنفرارْ اخـْـبَرْ لنتسابْ فالنفرارْ امجيهْ، ؤُ لا غابْ  عَنُّ حَدْ؛ الناسْ الْكَاهَ: اكْهُولَ، رَجّالَ، شبَابْ،  اعْلَيَاتْ: أصْلًا سَوَاهَ.

 

إنه أسلوب رائع يشي بقدرة الشاعر على اعتلاء عرش تلك المدرسة وفرضها على الواقع الأدبي الذي لم تزل فيه غريبة، منعزلة، غير مفهومة إلا لمن رحم ربك من عباقرة النقاد ودعاة التجديد. لنقرأ له أيضا، دون أن “نـُـفـَـلـْوي” احتراما لمشاعر “الباكاهيين”:

بَـاسْمْ الشعبْ امْأيّدْ قواتْ العاشر تموز: اسْتـَـوْلاتْ اعْلَ حُكـْـمْ البلاد، ؤ جَاتْ الدّوْرْ امْنْ التخريبْ اتـْـحدْ. اعْطاتْ الوَعْدْ اعْلَ شيّاتْ لاهِ تتحقق ماهِ رَدْ، ما تحتاجْ اعْلَ سنواتْ اطـْـوالْ، ؤ لا تحتاجْ الحَدْ إروغْ الشعبْ ابْسياساتْ لستعمارْ الّ ما تنعَدْ. أبَدَ، مَانـَـللّ، ما سنْتـَـاتْ ابْذاكْ النوع أصلًا من عندْ الراصْ. ألّا كامتْ واتلاتْ اتروغ ابجهودْ اتشيّدْ ذاكْ الّحْكتْ مهدومْ، ؤ رَاتْ  امْنْ الشعب افـّـاشْ اتسنّدْ. سَوّاتْ المشاكلْ، خَوَاتْ    الشعْبَ، أدّاتْ الواجبْ، مَدّتْ ليْدْ ؤ سدّتْ حاجياتْ البلادْ اعْلَ طـُـولْ، ابْسَدْ حاجيات الفرْدْ، ؤ وَسّاتْ ياسر ما ذاكُ، ما ينعَدْ. ياسرْ: منُّ تركْ الفسادْ، ؤ منُّ تركْ استغلالْ الفـَـرْدْ للفــَـرْدْ، ؤ منُّ لَعـْـتِمادْ اعْلَ النفـْـسْ ؤ قيّامْ الحَدْ.

ولنختم إبداعات الشاعر، في المدرسة التي تبناها واستحق تاج عرشها بعد رحيل مؤسسها، بقوله:

هاذَ شَعْبْ الصنكَه موجودْ كاملْ،

وامْرَحّبْ بالوفودْ كاملْ،

وابْتـَـحقيقْ الوُعُودْ كاملْ،

ذيكْ اْلطَ، باشْ إعِينْ معاويّ شعْبُ وايْعُودْ شعْبُ ماهُ ضعيفْ: اعْتينْ

طاهَ وابْذلْ جهْدْ ؤ مَجْهُودْ امتانْ افنـَـوْبَ بَعْدْ امتينْ الحالْ، ؤ رَيْتْ اْلذاكْ اشهودْ عيّانْ، ؤ شَهْدُ بَـيْنْ أيْدينْ الناسْ انْ هاذَ ش ما كانْ اكـْـبَيْـلْ إصحْ افمُورتانْ تعدالُ،

ما كانْ افلمكانْ تعدالُ،

غافسْ لكْ لكينْ..

 

وأخيرا، أعتقد أنه لو قــُـدّر للشاعر ولد اسنيد أن ينكبّ على مدرسة التنقيط الباكاهية، وحدها، دون غيرها، لعرف من خلالها وعرفت من خلاله رواجا كبيرا، ولطرق بها وطرقت به أبوابا وآفاقا جديدة. إنها بالفعل تحتاج إلى شاعر متمكن باستطاعته أن يطورها ويعطيها دفعا فيقنع بها رواد عكاظات حسانية لم يفهموها بعد.

ومجمل القول أن “لخلاط” يمثل خليطا أو “خلـّـيْطة” من الأساليب والمدارس والإبداعات غير المسبوقة.

بدال ولد ابراهيم اخليل

 

 

 

 

 

 

 

 

.

 

 

 

 

 

6 تعليقات

  1. قرأت مقال الناقد الكبير الاستاذ بدال بن ابراهيم اخليل، وقد جمع فيه رؤية نقدية متأنية، لديوان أدب أهل لقراءة نقدية رزينة، وكان ناقدنا على علم بحيثيات أديبنا صاحب الديوان، وعلى وعي بمقاصده البلاغية وعلى اطلاع بثقافة الأدبية، وعلى علم كذلك ببعض خصائصه الشخصية، كل ذلك عون في القراءة النقدية.
    فوجدته أنصف وأحسن في ملاحظاته النقدية التي تبرهن على علو كعب كاتبها.
    فقد حز في المفصل في دقائق نعوته ومرامي أوصافه وتصنيفاته، وتنبه للكثير من المباحث النقدية التي تحتاج للدراسة والتأني، وجاء على ذلك بالأمثلة الحية.
    واشاطره الراي حين يلاحظ أن صاحب الديوان استطاع أن يقفز على الحواجز العروضية، مرخيا العنان لنفس المعنى على حساب الشكل العروضي، وهنا يصدق عليه قول أبي العتاهية : أنا أكبر من العروض”، وهو بذلك يثبت لنا أحقيته بتصدر مدرسة “التزحال” المعروفة في المنطقة، ويعجبني كذلك في “اغن ابيد” أنه لا يتقيد بترتيب الجملة ويتحكم في السياق فيقدم ويؤخر وفق المعنى المنشود وتبعا للفراغ العروضي الملتزم.
    وإذا كان الطيب ول ديد قد استطاع أن ينجح في “الافلاق” وياتي في ذلك بالعجب، فقد استطاع صاحب هذا الديوان أن يأتي بافلاق جديد هو ما يطلق عليه صاحب المقال ““الإبدالات” وأسميه “بإفلاق المعنى” والأمثلة كثيرة على ذلك، مثل قوله:
    جيت اندور نسك منشال@كازية وامنين اتاوكت
    ألحكت الكاز الا مزال @ افبلو لحموم أتاوكت
    وقوله:
    كلت اكاره كول التصراح@عن لعادت وات انباعت
    والل لاه عبد الفتاح @الناس اراهي ضاعت

    وكل ذلك إنما يدل على أن كاتبنا كان نعم الناقد البصير، وما خانته الملاحظة، وإنما دلت على رسوخ قدمه في النقد وعلى اطلاعه الأدبي الثقافي.

  2. احمد سالم بن محمدن (سلامي

    احمد سالم بن محمدن (سلامي)
    أسك يخي بدال ،لقد كشفت النقاب عن محاسن هذا الديوان وعلقت عليه تعليقا أدبيا يدل على اطلاعك على كل محتوياته وفحصها فحصا نقديا موجبا جلوت به عنها صدأ الإهمال والخمول الذي طالما غطى الكثير من إبداعات المنطقة التي لا تريد علوا في الارض ولا فسادا فلك الشكر يا صديقي الذي أعده من أولئك الأصدقاء النوادر الذين اتشرف بصداقتهم ، واعتذر لمن لا يريدون او لا يحبذون هذا النوع من التصاريح بأني لم أصرح بكل ما يمكنني أن أصرح به ،

  3. محمدسالم ولد عبدالمومن من نواذيبو

    أبدع و أبدعت وأبدعتم

  4. يعقوب بن عبد الله

    مقال جميل و جولة ممتعة في ديوان لخلاط مع خريت بصير بالأدب، بدال كاتب و ناقد من الطراز الرفيع ،و نحن في موقع انيفرار نشكره علي إتحافه للموقع بهذه الدرة الأدبية النادرة.

  5. شكرا جزيلا للأديب و الكاتب بدال على هذه الجولة الممتعة في ديوان الشاعر المفلق ابيد بن اسنيد ولا غرو أن يكون لبدال صولات و جولات في دهاليز الشعر الحساني ومدارسه وهو من هو في ذلك الميدان (ترجعل فيه التاديت).

  6. اتفلو الطلع لول :

    مرحْبَ – واسْوَ فـَ اهْلْ إلاهْ*** ما تنكالْ- احْنَ كـــلناهَ.
    مرحْبَ كلناهَ: واللــــــــــــهْ***الَّ مرحْبَ، مَعْـــنــــــاهَ
    مرحْبَ بالوَفــــــــْـدْ الّ جابْ*** للنفرارْ اخـْـبَرْ لنتسابْ
    فالنفرارْ امجيهْ، ؤُ لا غابْ*** عَنُّ حَدْ؛ الناسْ الْكــَاهَ
    اكْهُولَ، رَجّالَ، شــــــــــبَابْ*** اعْلَيَاتْ: أصْــلًا سَوَاهَ

اترك رد