الرئيسية / تأملات / لحظة الحلم …جزء من الوعي يختفي في الزمن..!

لحظة الحلم …جزء من الوعي يختفي في الزمن..!

هو حلم قصير راودني وأنا أطالع درج الوعي وأتفقد لحظاتى العزيزة جاهدا لا أريد أن أفقد جزء منها دون أن أشعره ولو قليلا وألمسه ولو نادرا …فوجدت لحظة النوم من تلك اللحظات العنيدة من الحياة التي ترواغنا وتريد أن تختفي علينا في الوعي …و لا نريد لها ذلك.
هو حلم قصير راودني وأنا أطالع درج الوعي وأتفقد لحظاتى العزيزة جاهدا لا أريد أن أفقد جزء منها دون أن أشعره ولو قليلا وألمسه ولو نادرا …فوجدت لحظة النوم من تلك اللحظات العنيدة من الحياة التي ترواغنا وتريد أن تختفي علينا في الوعي …و لا نريد لها ذلك.

النوم حالة طبيعية من الوعي وراحة ابيولوجية للدماغ فيها يدخل الانسان عالما مباينا لواقعه بعيدا عن التصور العقلي فيتسع مجال الخيال حتى يكون المستحيل ممكنا، ويستحيل الممكن فيسود الغموض والابهام الأشياء وتختلط الحقيقة بالآمال و المرئيات بمستوى كبير من الجهل يجعل الوضع مشوبا بفوضاوية في الظروف، حتى ينخرق المألوف وحسب الظروف التي ينام فيها النائم ينتج الجو صورا وأحاديث وتفاعلا قويا مع تلك المرئيات والمقطوعات الفوتوكرافية المنسوجة من البيئة والخيال والمجهول.

ويمضي النائم وكأنه يعيش حياته العادية بمستوى كبير من الحرية فيلاحظ نفسه وينتقدها وهو يخرج على ديدنه وحدوده الحمراء ونقاطه الصفراء وعلى رقابة الضمير الجمعي والفردي ويفقد السيطرة على واقعه المتناقض والعنيد.

ويبقى يتردد بين التفاعل مع ما تواجهه حواسه من واقعه الجديد والذي يمزج بين المستحيل والحيرة و بين الواقع والمألوف وبين مقارنة ذاته وهي تمارس الحياة في إنسان عينه وهو يطالعها عن قرب ويشعرها ويتاثر بكل ما يطالها وهو كذلك خارج حلبة الواقع…! عندها يتساءل أيهما أنا ؟ وأين يوجد هذا الواقع الذي تتجزء فيه ذاتي إلى أطوار من الوجود وأنماط من الوعي تحدث كلها في لحظة واحدة. ؟

وحين نستيقظ من النوم ونستحضر معنا بعضا من واقعنا الذي نؤوب منه تبدأ الحيرة تتسرب إلى عقولنا و يتملكنا العجب ! هنا بداية رحلة جديدة أساسها المقارنة والتحليل لآثارذلك العالم الغريب الذي لمسناه وعشناه قبل قليل من الآن… ونحن الآن لا نملك منه سوى ذكريات تطاردنا وأخرى نحلم بها …وسرعان ما تتشتت حيرتنا تلك ويتلاشى عجبنا ذلك حين تتطابق لحظة من الواقع مع أخرى من تلك الذكريات التي سبق لنا وأن عشناها في النوم!!

إن الحديث عن النوم حديث عن رحلة حسية عاشها الانسان خارج حياته الزمنية أو بالنسبة له على الأقل، كغائب حاضر ، يسكن غلافا من الوعي يجمع بين المألوف والمستحيل العادي والمستحيل العقلي، ويسافر في لاوعيه بكل حرية .

وحين نصل لعالم الحلم فإنا نقف على شاطئ العجز والحيرة ذلك العالم الذي يختزل أبعاد الكون في صورة واحدة تهمل حواجز الوجود التي تخيّل علينا هنا في الحياة العادية، فالزمن ذاك الكثيف يصبح مطاطا قيد التناول والمكان ذلك الفسيح ينسحب نهائيا، وتتبدل البنية التصورية بأخرى غير قابلة للتصور، وإذا كان إدراك الانسان في الحياة العادية لا يمكن أن يتجاوز معرفته فإن المعرفة في الحلم تختلف عن ذلك فأنت أحينا تحدث أناسا لا تعرفهم أصلا وتدخل أمكنة لم تراها من قبل وتألف أشياء لم يجربها حسك !… والأدهى من ذلك أنك أحيانا تعود وأنت تردد كلمات لا تعرف من أي لسان! وإذا بك تحفظ شيئا لم يخطر لك على بال …

وتتعدد نقاط الاستفهام التي تحيط لحظة النوم هذا الجزء الغائب أو المغيب من حياتنا حيث تختلف نظرتنا إليه كبشر يعي ذاته ويملك تصورا عنها، فمنّا من يتبرء من جميع ذكريات النوم مباشرة عند عودته للحياة الجادة، ومنا من لا تغادره تلك الذكريات بل ويظل يعرضها على المنطق والعقل والعادة، ومنّا من يقارن الحلم بالحياة العادية ويبحث جاهدا عن نقاط التصادم بينهما ونقاط تطابقهما ويمضي في تفسيرواقعه الجديد حتى يخلق معجما “سيميائيا” لكل صورة رآها في نومه، فيعد ويتوعد ويمني ويحمل ويفرح ويحزن تبعا لأحداث الحلم، ومع أنه لا يمكن إهمال أي لحظة من مسيرة الانسان عبر الزمن حين نحاول فهم أحداث الحلم، فإن هناك بعدا توفيقيا يحضر في صميم ماهية الحلم، ويزيح معظم الحملات الجادة التي نعملها في سبيل وعيه وعيا تاما.

وكلما يهمنا من أمر هذه اللحظة هو أنها جزء من حياتنا الطبيعية لا نريد له أن يختفي علينا ويضيع في مراتب الوعي أو أغلفة الزمن التي غالبا ما نحترم سلطتها المنيعة التي تمارسها على الأشياء.

ديدي نجيب

تعليق واحد

  1. محمدفال ولد محمد عبد القادر

    ديدي نجيب
    هذا النص أسلوبه العربي مفهوم ….أما مضومنه فغاب عن معرفتي !!

اترك رد