الرئيسية / خصوصيات تاريخية / فتوى للشيخ الفقيه سيد محمد بن عبد الرزاق

فتوى للشيخ الفقيه سيد محمد بن عبد الرزاق

أتحفنا الأستاذ أحمدو بن محمد العاقل (آكل) بهذه الفتوى للشيخ الفقيه سيد محمد بن عبد الرزاق و فيما يلي نصها :

سؤال عن حكم الاقتداء بمن أداه تحري الحق إلي النطق بالحرف نطقا يخالف نطق الجادة به؟
جواب الشيخ الفقيه سيد محمد بن عبد الرزاق:

بسم الله وبه أستعين أما بعد فان غير المميز بين حرفين كمن لا يميز بين ضاد وظاء جعلوه من باب اللحن قال البناني عند قول الشيخ خليل: “وبغير مميز بين ضاد وظاء” : قال ابن عاشر: كأن المصنف صرح بهذه المسألة للتنصيص على عينها وان كانت داخلة في اللحن على كل حال فقد كان الأنسب أن يقول كغير مميز بين ضاد وظاء ونحو ذلك, قال البنانيأتحفنا الأستاذ أحمدو بن محمد العاقل (آكل) بهذه الفتوى للشيخ الفقيه [سيد محمد بن عبد الرزاق->http://niefrar.org/spip.php?article6] و فيما يلي نصها :

سؤال عن حكم الاقتداء بمن أداه تحري الحق إلي النطق بالحرف نطقا يخالف نطق الجادة به؟

جواب الشيخ الفقيه سيد محمد بن عبد الرزاق :

بسم الله وبه أستعين أما بعد فان غير المميز بين حرفين كمن لا يميز بين ضاد وظاء جعلوه من باب اللحن قال البناني عند قول الشيخ خليل: “وبغير مميز بين ضاد وظاء” : قال ابن عاشر: كأن المصنف صرح بهذه المسألة للتنصيص على عينها وان كانت داخلة في اللحن على كل حال فقد كان الأنسب أن يقول كغير مميز بين ضاد وظاء ونحو ذلك, قال البناني: وهو كما قال فإن ذلك هو ظاهر كلام الأئمة كابن رشد وابن شأس وابن الحاجب فإنهم لما ذكروا الخلاف في اللحن قالوا: ومنه من لا يميز بين ضاد وظاء, فهذه من أفراد ما قبلها انتهى المقصود منه .
وقد صرح البناني أيضا أن إطلاق خليل جواز الاقتداء بالألكن يشمل غير المميز بين ضاد وظاء للكنة فيه على قول عبد الباقي وما ذكره ( أي خليل من جواز الاقتداء بالألكن) لا ينافي ماقدمه من حكاية الخلاف فيمن لا يميز بين ضاد وظاء لتخصيص ماهنا بغير ما قدمه, وقال البناني عليه: لأن ما مر فيمن يقدر ( أي على التعلم وما هنا في عاجز لا يقدر) قال: هذا ما قال ابن رشد واللخمي وغيرهما انتهى منه وما بين القوسين مني للتوضيح هـ والعالم بمخارج الحروف وصفاتها الخبير باللغة والنحو الذي أداه تحري الحق إلى النطق بالحرف نطقا يخالف نطق الجادة به أعذر من اللاحن جهلا لأنه متأول و المتأول أعذر من الجاهل كما يستفاد من قول خليل كمتبع تأول وجوبه علي المختار, فانظر الشراح هنا في آخر فصل السهو.

واعلم أن حروف المعجم وإن كان عددها الأصلي مجمع عليه فمحالها وصفاتها قد يدخلها الاجتهاد لأنها قد تختلف فيها أئمة العربية كما وقع بينهم من الخلاف في العين والحاء فتقديم العين علي الحاء هو ظاهر كلام سيبويه وعليه الشاطبي وابن الجزري وقدم جماعة منهم ابن شريح والمهدوي الحاء على العين وكذا اختلفوا في الغين والخاء أيهما المتقدم فكون الغين المعجمة فبل الخاء المعجمة هو ما عليه الشاطبي وابن الجزري وهو ظاهر كلام سيبويه ونص الإمام مكي على العكس وذوقي في العين المهملة أنها قبل الحاء المهملة وكذا ذوقي تقدم الغين علي الخاء.

وكذا اختلفوا بين الجيم و الشين فتقديم الجيم هوا لذي عليهالأكثر ومنهم الشاطبي وابن الجزري وقدم مكي والمهدوي الشين علي الجيم والتقدم هنا بالنسبة لأقصي الحلق لأن ابتداء عد المخارج جعلوه منه وكذالك ابن بري يصف الفاء بالتفشي تبعا لبعضهم وقيل به أيضا في الضاد والثاء والأكثر خص الشين بالتفشي انظر النجوم الطوالع فكل هذا منقول منه هـ
وقد نصوا علي أن العربي الذي لا يطاوعه لسانه على الخطإ تعذرت معرفته بعد اختلاط العرب بغيرهم وغاية ما يمكن بعد الاختلاط بذل الجهد في محل الحروف وصفاتها كما فعل أئمة العربية المقتدى بهم فكل من أجمع علي إمامته لنا أن نقتدي به ونذكر قوله للإجماع علي إمامته واعتبار قوله فمن قلد أحدهم ناجيا في نطقه إعرابه ويدل على ذالك قول ابن الجزري في الطيبية:

[| [( وكلما وافق وجه النحــوي === وكان للرسم احتمالا يحوي

وصح إسنادا هــو القرآن === فهـذه الثــــلاثة الأركــــان )] |]

فقد جعلوا من أركان القرآنية موافقة وجه من وجوه النحو وعلم ذالك متوقف على أئمة العربية واعلم أنه يؤخذ من جعلهم الخلاف في البسملة كالخلاف في الفروع – فجوزوا اقتداء من رأى أنها من الفاتحة بمن لايرى أنها من الفاتحة وعكسه وهي إما آية أو بعض آية على قول من رأوا أنها من الفاتحة – أن الخلاف في مخرج حرف أو في صفة من صفاته بين العلماء كذلك بالأحرى وعلى كل فالمتأول غير عامد ويرى صحة ما قرأ ولا يكون بحال أسوأ حالا من اللاحن جهلا الذي اعتمد ابن رشد واللخمي صحة صلاة المقتدى به قف على كلامهما في الحطاب ونص الغرض من كلام بن رشد :والرابع (أي من الأقوال) أن الصلاة خلفه مكروهة فإن وقعت لم تجب إعادتها وهو الصحيح من الأقوال لأن القارئ لا يقصد ما يقتضيه اللحن بل يعتقد بقراءته ما يعتقد بها من لا يلحن فيها وإلى هذا ذهب ابن حبيب, ونص الغرض من كلام اللخمي بعد أن حكى الأقوال الأربعة في إمامة اللاحن: والقول بالمنع ابتداء إذا وجد غيره أحسن إذا كان غيره ممن يقيم قراءته فإن أم مع وجود غيره مضت صلاته وصلاتهم لأن لحنه لا يخرجه عن كونه قرآنا إلى أن قال ولا فرق بين ما يغير معنى أم القرآن وغيرها لأن القارئ لا يقصد موجب ذلك اللحن ولا يعتقد من ذلك إلا ما يعتقد من لا لحن عنده .

وما علل به ابن رشد واللخمي صحة صلاة ذي اللحن جهلا هو الذي علل به صحة صلاته وصحة صلاة مامومه الشافعي في الأم ففيها بعد أن ذكر حكم الألكن ما نصه وكره أن يكون الإمام لحانا لأن اللحان قد يحيل معاني القرءان فإن لم يلحن لحنايحيل معاني القرءان أجزأته صلاته وإن لحن في أم القرآن لحنا يحيل معنى شيء منها لم أر صلاته مجزئة عنه ولا عن خلفه وإن لحن في غيرها كرهته ولم أر عليه إعادة لأنه لو ترك غير أم القرآن وأتى بأم القرآن رجوت أن تجزئه صلاته وإن أجزأته أجزأت من خلفه إن شاء الله تعالى وقال في الأم أيضا: أحب أن لا يتقدم أحد حتى يكون حافظا لما يقرأ فصيحا به وأكره إمامة من يلحن لأنه قد يحيل باللحن المعنى فإن أم أعجمي أو لحان فأفصح بأم القرآن أو لحن فيها لحنا لا يحيل معنى شيء منها أجزأته وأجزأتهم وإن لحن فيها لحنا يحيل معنى شيء منها لم تجز من خلفه صلاتهم وأجزأته إن لم يحسن غيره كما يجزئه أن يصلي بلا قراءة إذا لم يحسن القراءة إلى أن قال وإذا ائتموا به فإن أقاما معا أم القرآن أو لحنا أو نطق أحدهما بشيء بالعجمية في شيء من غيرها أي الفاتحة أجزأته ومن خلفه صلاتهم إن كان أراد القراءة بما نطق به من عجمية أو لحن فان أراد به كلاما غير القراءة فسدت صلاته انتهى المقصود منه.

فقف علي قوله إن كان أراد القراءة بما نطق به إلي آخره لتعلم أن القصد للقراءة معتبر وأنه يجعل المقروء وإن كان مغيرا بلحن أو عجمة ليس في حكم كلام البشر عند الشافعي لأن الكلام يبطل عنده الصلاة عمدا أو سهوا ولو لإصلاح ومذهبه في اللحن قريب مما لابن رشد واللخمي فيتقوى كلامهما بمذهبه في اللحن ومذهب الإمام أحمد قريب من ذلك أيضا قال في زاد المستنقع لأبي النجاالحنبلي وتكره إمامة اللحان قال في الروض المربع أي كثير اللحن الذي لا يحيل المعنى فإن أحاله في غير الفاتحة لم يمنع صحة إمامته إلا أن يتعمده ذكره في الشرح وان أحاله في غير الفاتحة سهوا أوجهلا أو لآفة صحت صلاته.

وفي حاشية كنون: اعلم أنه اختلف في اللحن في القرآن هل يسلبه القرآنية وهو ما عليه ابن أبي زيد قال لاأن كلام الله غير ملحون فليس الذي تكلم به كلام الله وهو مقتضى كلام القابسي وعبد الوهاب وهو الذي نص عليه في الإتقان وهوا لجاري علي تعريف القرآن بأنه اللفظ المنزل على سيدنا محمد صلى الله تعالى عليه وسلم للإعجاز بسورة منه المتعبد بتلاوته المنقول تواترا الموافق للعربية, أولا يسلبه وهو ما للخمي, قال أي كنون وهو أوسع للأمة يعني قول اللخمي, وبنى المازري إمامة اللحان على هذا الخلاف كما في الحطاب هـ منه.

واعلم أن تصحيح ابن رشد لقول ابن الحاجب بصحة صلاة ذي اللحن جهلا وصحة صلاة مأمومه مع الكراهة مع وجود الغير يعلم منه أن اللخمي لا ينفرد بالقول بأن اللحن غير العمد لا يجعل المقروء في حكم كلام البشر وكذا القائلون بأن اللحن الذي لا يغير المعنى لا يضر إن كان غير عمد, وكذا القائلون بأنه أي اللحن غير العمد في غير الفاتحة لا يضر غير المعني أم لا, فالعلماء القائلون بهذه الأقوال على قولهم أن يكون تغير القرآن بلا قصد – ومنه على ما قالوا تغيره جهلا – يجعل المقروء في حكم كلام البشر لكان مبطلا إذا كان جهلا ويترتب منه ألبعدي إذا كان سهوا إذ الكلام في الصلاة إنلم يكن سهوا أو لإصلاح مبطل والقول بصحةالصلاة مع اللحن غير المعني آم لا في الفاتحة أم لا عزاه ابن رشد لابن حبيب وصححه واستحسنه اللخمي والقول بعدم ضرر اللحن إن لم يغير المعني عزاه الحطاب لابن القصار والقاضي عبد الوهاب وتقدم أنه مذهب الشافعي والحنبلي والقول بعدم ضرره غير المعنى أم لا إن لم يكن في الفاتحة عزاه الحطاب لابن اللباد وابن أبي زيد وتقدم أيضا أنه مذهب الشافعي والحنبلي هـ ولا يمكن أن يكون الموسعون في اللحن غير المتعمد قائلين بأن المغير من القرآن العظيم بلحن أو لكنة هو نفس المنزل على رسول الله صلي الله تعالى عليه وسلم لخروج المغير بلحن أولكنة عن القرآن بقولهم في تعريفه الموافق للعربية والملحون غير موافق للعربية فليس هو المنزل على رسول الله صلي الله تعالى عليه وسلم فتعين أن العلماء القائلين بصحة صلاة غير التعمد أعطوه حكم القرآن فاغتفروا اللحن غير العمد لضرورة عموم الجهل وعدم القابلية لفهم علوم العربية كما يستفاد مما نقله كنون هنا هـ.

ويرشد لكون تغير القرآن قد يغتفر للضرورة اتفاقهم على صحة صلاة الألكن و الأعجمي ونحوهما و اعتبار قراءتهم قراءة لأن المغير لكنة ليس هو المنزل على رسول الله صلي الله تعالى عليه وسلم ولكنهم أعطوه حكم القرآن لعجز الألكن وأعطوا أيضا على الذي صححوه اللحن غير العمد حكم القراءة لضرورة عموم الجهل وعدم القابلية كما يستفاد مما نقله كنون هنا.

وبهذه النقول المتقدمة يعلم أن من قال من العلماء إن اللحن سهوا يترتب منه سجود البعدي ينبني قوله على أن اللحن جهلا مبطل بناء علي أنه يخرج المقروء عن حكم القرآنية إلى حكم كلام البشر فيكون سهوه يترتب منه البعدي وعمده وجهله يبطلان, وأما على قول من قال من العلماء أن اللحن جهلا لا يبطل الصلاة ولا يخرج عن حكم القرآن فسهوه لايترتب منه شيء ولذا لم يذكر الحطاب والبناني لما استقصيا أحوال اللحن وأحكامه بالسبر والتقسيم في اللحن سهوا إلا أن صاحبه صلاته صحيحة ولم يعرجا علي أنه يسجد البعدي هـ

ومما ينبغي التنبيه عليه أن القائلين بصحة صلاة ذي اللحن غير العمد وصحة صلاة المقتدي به لم يجعلوا هنا اللحن جهلا في حكم اللحن عمدا وإن كان المشهور أن الجهل في العبادات في حكم العمد إذ ربما عذروا الجاهل كما هنا وكما يقف عليه متتبع نصوصهم.

كتبه جــامــعــه ســـيـــد مـــحـــمــد بــن عـــبـــد الرزاق بـن ســـيـــد مـــحـــمــد بــن الشـــيـــخ أحـــمــــد

3 تعليقات

  1. الحمد لله بشركم الله بخير
    لقد جاءت هذه الفتوى في وقت مناسب حيث أن بعض الأيمة يحاول النطق بالضاد في كلمة (الضالين) في حين ينطقها طبيعية في كلمة (المغضوب ) وهذا أمر غريب.
    نشكر الأستاذ أحمدو على نشر هذه الفتوى التى ستفرج عنا نحن العامة المقتدون.
    ونسأل المولى عز وجل أن يطيل في عمر شيخنا سيد محمد ويحقق له أمانيه في الدنيا والآخرة إنه سميع مجيب

  2. وخيرت حت بشيخنا سيد محمد بن عبد الرزاق نفعنا الله ببركته وعلمه. وجزى الله الأستاذ أحمدو بن آكل على نشر هذه الفتوى المفيدة
    دمتم

  3. محمدن ابن عبد الله ابن مناح:معلقا علي فتوي الشيخ العلامة سيدي محمد بن عبدو أطال الله بقاءه [في قضية اللحن عمدا أو سهوا في مخارج الحروف الخ…:
    شفيت غليل السامع السائل المعني****وبينت أحكام الشريعة في[اللحن]
    وسقت نقولا أو ضحت كلّ ما خفــا**** وأصبح فيهاالحق عن غير ها تغني
    بفهم سليم فاتح كل مشكـــــل*****علي علماءالقطر أجمعهم أعنــي
    ولا غرو،إن كنتم مفاتيح مقفل***من العلم مهمي كان في اللحن والّلكن
    جزيتم بخير والحفيظ يحوطكـــم*********ويكلؤكم من كل إنس ومن جن
    بجاه شفيع الخلق في كل موطن ******* عليه صلاة الله دوما بلا مــــن

اترك رد