الرئيسية / الاخبار / الجزء الثالث من القراءة الخاصة بشعر مجالس الشعار

الجزء الثالث من القراءة الخاصة بشعر مجالس الشعار

قراءة عمودية في تقاريظ أعصار أهل انيفرار للشعار

استوطنت قبيلة أهل أعمر إيدقب وسط إيكيد منذ القدم ، فكانت تقيم الفترة الطويلة من السنة في المكان الواحد، لكنها قد تنتجع شمالا أوجنوبا حسب دواعى الكلإ والأمن فتسيم مواشيها في مسارح انيفـرار و لعبونات و آشكركط و بوحفر وابير حيبلل وغيرها من آبار و أمواه القبيلة الشهيرة. وإلى ذلك يشير الـقاضى أحمد سالم بن سيد محمد في قوله:

مرأى الـــمنازل أصبحت قفرا *** من آل مـــــية جنب بوحفرا

أورى بقــــــــلبك لوعة وجوى *** لايــــــبرحان بقلبك الدهرا

ومـــــنازل بربى الثـــمام عفت *** ومـــنازل من دونها أخرى

تتحد جميع  المناطق الموريتانية  في تعريف الفتوة ، لكنها تختلف في تحديد الشروط التى يجب أن تتوفر في الشخص لكي يصبح معدودا من الفتيان، وذلك راجع إلى تأثرها بالتلونات المحلية.  ومن شروط الفتوة في إيكيد أن يبتعد الشخص عن كل ما يزرى بالمروءة شرعا و عادة، كما تعد من شروط صحتها قدرة المرء على نظم الشعر فصيحه وشعبيه وأن يكون له إلمام بالفن ومتذوقا له “مفتوح فزوان”.

 وفتية صدق أكرمين دعوتهم *** إلى اللهو في بهو من اللهـو مترج

فبات لذاك الــقوم ما بين منشد *** فصـــــــيح غناء أو قريض مـدبج

و أشــــرطة مــــما يلذ سماعه *** تدور عـــلينا بالحماس و بالشجى

من آل بنى المداح طورا وتارة *** من آل أبى العـــليا و آل أنكــــيذج

كانت أغلب الأسر الفنية القاطنة في إيكيد على اتصال دائم مع أهل انيفرار ، أما  أسر أهل انكذي  فكانت تقيم فترات زمنية طويلة قرب مضارب الحي وأغلب أبنائهم مسترضعون فيه، يقول الأديب محمد بن أمو مرحبا بأسر من أهل انكذي:

مَرِحْبَ و ِاطْـلٌوعْ الدَّرْجَ *** وَالنَّصْـــرَ فِلْهَــــوْلْ أبَدِيهْ

بِعْيَالْ امْحَـــمَّدْ ذ َالِّ ج َ*** وِاعْيَالْ أَحْمَدُّو وَاهْلْ ابيِّهْ

يطلق ” العصر” على اللِّداَتِ أي مجموعة  الأشخاص الذين تشملهم نفس الفئة العمرية،- قد تصل الفوارق العمرية إلى عدة سنوات بين أفراد العصر الواحد-  و تهتم الأعصار بالأمور العامة حيث تتنافس في اكتساب مقومات المروءة كالتضحية والبذل و الإيثار، وتبتعد عن كل الأفعال التى تزرى بها. ونظرا لنبل الأهداف فهم في تنافس مستمر على الريادة ، فكل مناسبة تعن للعصر تكون مسرحا لهذا التنافس الإيجابي وربما خلد بأدب باق مثل أماسى التمرين عل الإعراب المعروفة محليا ب “الزرك” ومباريات “التود”  والمناسبات الإجتماعية . يقول الشيخ الأديب اسلام بن ألمين بن شيبة مخاطبا عصر” المفليكين” على هامش مناسبة اجتماعية:

لَحَّـــكْلِ لَحْـــمَدْ ول اَيَّـــاكْ *** وِالعَــصْرْ الْمِتْــفَلَّكْ تِفْلاَكْ

عَنْ هذي الرِيحْ اليُومْ ايَّاكْ *** الِّ وَاسـَــــــاهَ تِتـْـــعَاجِنْ

مَاهَــــــللَّ مَــاهُ عِزِّتْ ذَاكْ *** الِّ فِكـْــــعُــورِتْ لِـمْرَاجِن ْ

أما علاقة الأعصار بمجالس الشعار فيبدو أنها قديمة فكفان المرحوم عبد الله بن الشيخ أحمد الفاضل –  الذى ينتمى لعصر المفيلكين – لا تزال تردد في الأشوار حتى اليوم، ومن ذلك قوله مخاطبا الفنان القدير الداه بن انكذي وقد غنى به الأخير في سين آزوازيل :

لــَـــوَّدْنَ مَا رَيْنَ *** يَالـدَّاهْ الشَّعَارَ

وِطْرَحْنَ رَاعِينَ *** دَبُّـوسْ الــدَّيَارَ

ومن شبه المؤكد أن عصر”الوَسَطْ” يعتبر مُجليا في إنتاج شعر مجالس الشعار، حيث أن أفراده كانوا يحرصون في شبابهم على حضور تلك المجالس وعلى قرض الشعر فيها بشقيه الفصيح والشعبي. كما تشى القطع النادرة التى وجدت من شعرهم -في تلك الفترة- بجودة قرائحهم وفحولة شعرائهم وتميز شعرهم ولذلك ربما فضله الفنانون على غيره. و إلى ذلك يشير الفنان الشاعر أحمد بن اشويخ بقوله:

عَصْرْ الوَسَطْ عَصْـــــرْ الَّتْـنزِيهْ *** يِعْــــمِ عَيْنْ المِتْــعَيَّنْ فِيهْ

أمِنْ بَاسْ الـــــــحِسَّادْ اتْنَجِّيهْ *** خَـــالِطْ لَـــدَابْ أزَيْنْ الخَطْ

شـِـــــــكْرُ يِكــْــدِرْ يُــوَرَّطْ فَيهْ *** شِـــــــكْرْ الغـــِيرُ لاَ تِتْوَرَّط ْ

عَصْرْ الوَسَطْ يِــــــزْكِلْ طَشَّ *** إفْــسَــــمْعُ مُحَالْ اتْشَكْرَطْ

يَناَّسْ الوَسـَـــــط ْيَــــــرِمَشَّ *** يَنـَّــــــاسْ الوَسَطْ  بُـــَرفَّط ْ

( يَرِمَشَّ: كلمة صنهاجية بمعنى سخي ، و بُرَفَطْ: كلمة ولفية تعنى الشيء الجميل.)

 و قد ضاع الكثير من تقاريظ أعصار أهل انيفرار للشعار ، خصوصا في الفترة الممتدة من بداية القرن وحتى نهاية الستينات حيث لم نستطع العثور إلا على نص يتيم أو نصين لكل عصر من أعصار تلك الحقبة ، وسبب ذلك طبعا هو عدم التدوين وموت الرواة وندرة تسجيل مجالس الطرب في الأسطوانات ، أما الأعصار المتأخرة فقد وجدنا لشعرائها عدة نصوص جيدة اخترنا منها نماذج كالعنوان عليها.

هذا وأنبه القراء الكرام أنى لم أحط بجميع الأعصار الأعمرية و لا بجميع الأشعار التقريظية ، بل أعتبر هذه العجالة بمثابة دعوة صريحة للباحثين المتخصصين من أجل تدارك هذا النوع من الأدب الذى صار مهددا بالإنقراض .يقول الشيخ الأديب سـيد محمد بن النجيب :

كَانْ اكْبِرْن َوَللَّ شِبْنَ *** عَنْ يَمْ أزَوَانْ اسْمِيعُ

إتـَـــمْ الَّايـَـــوْقَعْ مِنَّ *** كَانْ اسْمَـعْناهَ امَّاقِيعُ

 حازت الفنانة عيش بنت محمد اعل بن الشويخ بن أعمر بن انكذي وزوجها الفنان محمد عبد الرحمان بن انكذي على إعجاب شعراء عصر الوسط،  فانتدبوا لنصرة هذه العائلة والدعاء لها يقول الشيخ سيد محمد بن النجيب مخاطبا عيش:

ما مثل عيش لعــمرو الله مــــن شاد *** إذا تــــعاقب إنـــــــــشادا بإنـشاد

فاقت جـــميع شــــداة الخلق قاطبة *** شدوا وفى الـعود فاقت كل عـواد

فـهي فى الشــدو فى واد ومـــرتبة *** وغـــيرها من شداة الناس فى واد

تسبــــي بطــــرف ملــيح  زانه حور *** ومبـــــــسم كأقـــــــاح الـرمل وقاد

والله يجعــــــل منها الصيت منتشرا *** فى حـــاضر الناس أيا كـان والبادى

وقد انتشرت هذه الأبيات على ألسن المغنين من هذه الأسرة، وبما أن اسم عيش متكرر في الأسر الفنية الأخرى فقد وقع التباس في المعنية بالأبيات فصارت كل تدعيها لنفسها،  وهو ما حدا بالقاضى أحمد سالم بن سيد محمد أن يذكر اسم عيش بنت محمد إعل كاملا في أبياته التالية  تمييزا لها عن غيرها من العوائش فقال:

ثلاث خصال ليس فيــــهن من مثل *** لعيش و أعنى عيش بنتُ محمد إعل

مـــــلاحة وجه فى مـلاحة مبسم *** تســــــليك عن ليلى وهند وعن جمل

و حـــــسن غـــــناء ما لعـزة مثله *** ولــيس لإســـحاق المغنى ولا الفضل 

وضرب يد لم تســـمع الأذن مثله *** له مـــــــوقع فى القلب يذهب بالعقل

كما خاطبها أيضا بقوله:

إن شدوا تشدوه عيش لشدو *** ما لها فيه في الغنا من شبيه

تسمع الأذن فيه ما تشـــتهيه *** وترى العـــين فيه ما تشتهيه

ويبدو أن عصر “الهمال” كانوا متذوقين للفن ومن المعجبين أيضا بصوت الفنانة عيش بنت محمد اعل حيث نجد الأديب وشاعر العصر محمد بن امو يخاطبها بقوله:

سبتنى بحسن الصوت والمبسم الألمى *** وبالبهجة الحسنى إذا خفت النغما

وبالنــــظرة النجــــلاء عـــــيش وغــــــيرها *** حــــرام علـــــينا أن نــقول له كـلما

بيد أن الاتصال بين الأعصار والشعار لم يكن يقتصر فقط على انيفرار، بل في مهجر العمل، وقد وجدنا أبياتا نادرة للشاعر ول ألما بن محمذباب بن داداه  يبدو أنه قالها في بداية شبابه مخاطبا بها الفنانة عيش بنت محمد إعل ، ومن المعروف أن الشاعر ينتمى إلى عصر لِمْغَيْسْلَ:

يا حسن هول به نهولت في الحال *** من كـــــان ذا أذن أو كــان ذا بال

ما إن يرى مـثله فى موريتـــان ولا *** في سـينكال يرى دهرا و لا مالى

لو كـــنت ذا مال أو جـاه و مـــرتبة *** لـــه اشتريت و لكن لست ذا مال

أما شاعر  عصر قريش الشيخ أحمد بن محمذباب فيبدو أن مطربته المفضلة هي آمنة بنت محمد اشويخ حيث غنت له بأبيات تقريظية  في ابياظ سنيمه يقول فيها:

قد برت وتر عــــــودها الممتاز *** وهــــــــدته فـجــاء بالإعجاز

و تغــــنت فمن مصــــيخ إليها *** مســـــتميت وناطق باهتزاز

فــــبدا أن من يقـــــسها بغير *** مثل من قـــاس بلدة بالحجاز

خلال عقد الستينات وفدت الفنانة الراحلة محجوبة بنت الميداح على الحي، ثلاث مرات في مناسبات اجتماعية مختلفة ، وقد قرظها شعراء عصر الحافظين بالعديد من القطع الشعرية الجيدة ولم أستطع مع الأسف الحصول عليها أيام إعدادى لهذه المقالة.

 وقد وجدت مؤخرا أبياتا جميلة للشاعر بباه بن اميه –وهو حافظ من عصر الحافظين- كان قد قرظ بها الفنانة عيش بنت محمد يحي بن الببان في إحدى زيارات أهل المختار بن الميداح للحي وقد غنت بها في سين كر:

إذا ما تغنت عيـــش بالمدح أو بكر *** تباعــــدت الأحزان والـــــهم والكدر

ســــريجــية الأوتار مــــيلية الغنا *** إذ ضــــربت وتـــــرا تنهول من حضر

تريك ابتــساما زانه حسن منطق *** تحاسد من أجليهما السمع والبصر

فتـــــاة إذا رام المــغنون شأوها *** شــأتهـم وأبقتهم حيارى على الأثر

وقاها إله العرش مــــــما تخافه*** و أيـــــدها بالنـــصر والعـــز والــظفر

كما وجدت أبياتا نادرة لشاعر عصر “العالمين”  أحمد سالم الملقب حدُّ بن امنِّ يخاطب بها المطرب القاضى بن انكذي:

أنت حظى من القــيون أقاضى *** وبـــــذا الــــحظ منهم أنا راض

أنت قاض على القيون جميعا *** دونك الهول فاقض ما أنت قاض

بلغ شعر مجالس الشعار أوجه مع شعراء عصر “الفتيان” حيث أتاحت لهم فرصة الدراسة في احسي المحصر و إعدادية روصو اللقاء بالعديد من الأسر الفنية، كما أن جو المنافسة الذى لا تخلو مجالس الشعار منه  جعلهم أكثر مراسا و أسرع بديهة.

حدثنى الثقة أنه حضر مجلسا فنيا في السطارة بداية السبعينات ضم منت أحمد بازيد بنت محمد عبدالرحمان ول انكذي و شعراء من عصر الفتيان منهم عبد الرحيم بن أحمدسالم و محمدسالم بن عبدالمؤمن و محمدفال بن عبداللطيف ، وقد ارتجلوا جميعا قطعا شعرية في غاية الجودة رغم صغر سنهم آنذاك .فمن ذلك قول الشاعرعبد الرحيم مخاطبا الفنانة منت أحمد بزيد:

غناك لي قد ســـــبا يا بنت أحمد با  *** زيد كما لي حسن الوجه منك سبا

حسن الغناء على الشادين فزت به ***  فمن يجـــاريك في ميــــدانه رسبا

وقرظها أيضا الشاعر محمد سالم بن عبد المؤمن في نفس المجلس بقوله :

أعن أخــــاك فقد ينـــــقاد بالرسن *** لبنت بازيد في إنشادها الحسن

أو فافته قبلُ عن خمر إذا شـــربت** بالعــــين أو شـــربت يا خل بالأذن

وقد أتحفنى الأستاذ بل بن ديد بثلاثة نصوص نادرة قرظ بها شعراء الفتيان الفنان القاضى بن انكذي. وتنضح القطع الثلاث بخلفية الفتيان العلمية والأدبية و من ذلك قول الأديب عبدالرحيم له:

كلنا اليوم عن غنا القاض راض ***  مذ سمعنا في الهول شدو القاض

فيه ســـلوى لنفس كل حزين  ***و شــفـــاء الأعــــراض و الأمــراض

وقول الأستاذ محمدفال بن عبداللطيف له أيضا :

غناؤك يا قاض يسر دواما *** وقولك في الشعار كان لزاما

وحكمك فيهم رافع لخلافهم *** وكاد لعمرى أن يحل حراما

وقول الشاعر محمد سالم بن عبد المؤمن له وقد أجاد في التلاعب باسمه:

أيا ناس هذا القاض يطرب فاعجبوا *** لــــــقاض يغـنى في الأنام ويـطرب

قـــــضاءا رواه عن أبـــــــــيه وجده *** فذا القـاض نجل القاض إيـان ينسب

فمهما رأى الزقاق أونــجل عــاصم *** فــــــتاويـه ذاقا ما يـــــــقر ويــطرب

وتبــــصرة الحــــــــكام قيــثارة له *** تساق إذا استعـصى خصـام وتضرب

فلا زال صدرا في مجالس حــكمه *** عـــــزيزا و لا زالت فـــتـاويه تـــطلب

كما خص الفتيان الفنانة تكيبر بنت محمد بن أحمد سالم بنصوص جميلة على هامش مناسبة اجتماعية في المذرذرة. حيث خاطبها الأستاذ محمدفال بن عبداللطيف بقوله:

غناء تكـــــيبر أحـــيى القلوبا *** وحرك جـــانبا مــــــنها طروبا

أرتنا من ضـــروب الــقول فنا *** أرانا مـــــن محـاسنها ضروبا

وكادت أن تـــتوب لـــها قلوب *** وهــذا القلب يابى أن يتوبا

كما خاطبها الشاعر عبد الرحيم بن أحمد سالم بأبياته الشهيرة:

 تكيبر صوتك المعسول في السحر ***به أثـــــرت شــــــعوري حـــين لم يثر

سقــــــيت آذاننا خـــــمرا و أعـيننا  ***  خمرا فصرنا سكارى السمع و البصر

فهـــــاك شــــــعري تقريظا أقدمه  ***  كأننــــي منه أهــــــــدي باقة الزهر.

IMG_8373

صورة نادرة تجمع أدباء من عصر لسياد 

 واصل شعراء عصر “الأسياد” -وخصوصا الشاعران القديران بلِّ بن ديد و محمدن بن عبد الله بن مناح -نفس الخط الذى انتهجه “الفتيان” من قبلهم ، فكتبوا أشعارا في غاية الجودة، وقرظوا أسرا فنية مختلفة، ، وقد انتشر السماع في عصرهم حيث عمت آليات التسجيل و ظهر التلفزيون.  وقد اقتصرنا هنا على ثلاثة نماذج من شعرهم كالعنوان على الباقى.

يقول الشاعر الأديب بل بن ديد مخاطبا الفنانة تكيبر بنت الميداح بعدما رآها على الشاشة:

على شاشــة التلــفاز مرت تكيبر *** أيا شــاعر أشعر إذا كنت تشعر

تراءت و مرت لحـــظة ثــم غادرت *** كما مــــر طـــــيف مــدلج متنكر

وقد تركت من شاهد البث صامتا *** يفــــــكر في مـــــــا قوله يتعذر

كما خاطب أيضا الفنانة المقتدرة لباب بنت أحمدو بن المياح وزوجها  الموسيقارعماد الدين الدبش بقوله:

لبابُ عمادُ قد عادوا فجادوا *** غناء في القلوب له اعتماد

يلـــــــــــحن ما تغنيه لباب *** فتشـــــــــدو ما يلحنه عماد

و قد خص الشاعر محمدن بن عبد الله بن مناح  الفنانة القديرة صباح بنت الميداح  بالأبيات الجميلة التالية وقدغنت بها في ابياظ سنيمه

غنى صباح و لاتنسي أخا طرب *** ألقــــاه شـــــدوك فــي نار من اللهب

أنســـاه حاضــــره حينا و ذكره *** ماضـــــيه يا عـجـــبا من أمـــره العجب

كل الشـــداة لهـم فن و مقدرة *** لكن في الخمر معنى ليس في العنب

وقد واصل شعراء عصر “الزركيين” ومن بعدهم  إنتاج تقاريظ الشعار حيث نجد الشاعر سلامى بن محمدن يخاطب الفنان سيد محمد ول أحمد لول بقوله :

ألا يـــــابن أحـــمد لول جدواك فائده *** ونفــــــسك للعـــلياء والمـجد رائده

عرفــــت بــــبر والــبرور مــــــــضنة *** فـــــلا بر إلا عـــــــن دوام مكــــابده

وطبـــــعك ســـهل ليس فيه حزونة*** إذا وافد يـــــدلى شــــــهيدا ووافده

كأنـــك يــــوم الجـــود حاتــــم طيء *** وفي الليلة النحساء معن بن زائده

وإن رمت ضرب العود أطربت سامعا *** وجمعت من شــمل السرور أوابده

وفـــــيك خصال غـــــــير هذا كثيرة *** ولا خير في التـطويل من غير فائده

ويعتبر صديقنا الشاعر عبد الفتاح بن محمد سالم  الدَّيْشِينِيُّ من منتجى تقاريظ الشعار في أعصار الشباب  المتأخرة، حيث غنت له القيان بعدة نصوص جيدة ، سنختار منها نصا خص به  الفنانتين سكت و الزهر ابنتي الموسيقار سيمال بن همدفال فقال:

إذا أنشدت سكـــت فقد دخل الوقت *** فيدخل إجماعا إذا أنشـدت سكت

فمختار وقت الشدو ما هي أنشدت *** ومهما شدت بالبيت زهرتها الأخت

فكلــــتاهما في عالم الفن نجـــمة *** فغنوا إذا غابت و إن حضرت سكت

وكنت أيها الكاتب لهذه الأسطر كتبت تقريظا للفنان الشاب المتألق رشيد بن الميداح  :

إذا شــدا في المجلس الحاشد *** ينســـــيك كل مـــطرب قـــــاعد

بصـــــوته الراقــــــى و ألحــانه *** والسبق في الشور مع الشاهد

حــــاز الفــــــنون من أب مبدع *** فصـــــار نســــــخـــة من الــوالد

لو ظـــــنه هــــارون في عهده *** لما تســـــمــى باســـمه الراشد

رشـــــيد يا نــــــجما بدا صاعدا *** فـــــــبــــذ كــل مـــــــطرب رائد

ذا كـــــــاظم من غيظه ساهر *** وذاك حــــــال الــــــراشد الماجد

بورك فـــي عمـــرك فانبغ لنا *** جنـــــبت شـــــر النــافث الحاسد

بقلم يعقوب بن عبدالله بن أبنْ

الجزء الأول من القراءة

الجزء الثانى من القراءة

12 تعليقات

  1. أنت قاض على القيون جميعا *** دونك الهول فاقض ما أنت قاض

    C’est bien dit.

    Merci à l’auteur pour ses jolis textes

  2. مقال رائع ومفيد ..بوركت يا يعقوب ….”جنـــــبت شـــــر النــافث الحاسد”

  3. سيدأخمد بن الأمير

    مقال رائع كعادتك يا يعقوب. …. استقصاء شاف وأدب وفن وطرافة. … تبارك الله أحسن الخالقين

  4. زاوية غريبة يقرأ منها التاريخ تحمل بين سطورها حضارة عميقة.. تجعل القارئ يعيش لحظة زمنية مضت موضوع شيق ومتميز

  5. محمدن ولد امد ولد أحمدو

    إن التراث الثقافي والمعرفي ل”أهلي أهل لعبونَا وانيفرار … دوحة وارفة الظلال غرست بمنبت العلم والفهم وسقيت برقيق الشعر والأدب فأينعت وأثمرت بالثمار الطيبة في المنبع الطيب الذي يعهد بالصلاح والصفاء وتمده بحار زاخرة بالجواهر والدرر البهية، تلك الدرر التي أخرج لنا الأخ يعقوب بعضها من صدفها المكنونة، فلله دره من كاتب شاعر مرموق فتبارك الله أحسن الخالقين

  6. ديدي النجيب

    عنوان يحاول جمع شتات ديوان العصر الذهبي لجيل ذهب دون أن يوصي قلما بحفظ ما كتب من إنتاج أدبي حق له أن يتلى بالعشي والابكار.
    أختار صاحبه كما عودنا في جزأيه السالفين ـ طريقة استنطاق النصوص لتكتمل العملية ببناء منتظم يجمع إلى جاب التاريخ جملة من النصوص الأدبية الرصينة الدالة على قيمة الفن ؛ حيث كانت معرفته من شروط الفتوة في ثقافة مجتمعنا.
    يذكر للكاتب في نصه الأخير تطرقه لعدة نقاط أساسية لا يمكن تجاوزها:
    ـ ظاهرة “العصر” والتي ذابت في عصرنا واختزلها عالم التواصل وتجاوزتها الحياة المتحضرة،حيث جعل منها قضية تفرض على الادباء أن يجيدوا بحماسة في أدائهم.
    ـ قيمة الفن إذ نجد بعض من تغنوا بالفن وشاركوا في هذه المجالس على مستوى عظيم من العلم والمعرفة ولم يضرهم السماع للفن.
    ـ لفتة نقدية : حاول الكاتب من خلال نصه أن يزيل الغبار عن بعض النصوص التي طواها الزمن وكادت تتسرب من الذاكرة، وتنسب لغي قائلها، وصحح نسبة تلك النصوص لقائلها الصحيح، مزيلا بذلك لبسا كثيرا يسمع في بعض مجالس شعار اليوم؛ كما استحدث بعض الألقاب لشعراء من ذلك الجيل لم تك مألوفة في زمانهم.
    ونشير في الأخير إلى القيمة الثقافية الكبيرة التي يزخر بها هذا المقال والتي ستعظم مع تقدم الزمن، وعلى كاتبه أن يستمر ويتواصل ليصل حاضر القوم بماضيهم،

  7. تلميدت يعقوب

    بورك فـــي عمـــرك فانبغ لنا *** جنـــــبت شـــــر النــافث الحاسد

  8. الأمانة العلمية

    توصلت بعد نشر المقال بمعلومة تؤكد أن النص الشعري التقريظي التالى هو للقاضى أحمد سالم بن سيد محمد وليس لتربه الشيخ سيد محمد بن النجيب ولذلك وجب التنبيه
    ما مثل عيش لعمرو الله من شاد *** إذا تعاقب إنشادا بإنشاد الخ
    يعقوب بن عبد الله

  9. شكرا يعقوب على هذه النزهة الشيقة عبر الزمن والتي جبنا معك فيها فضاءات الزمن الجميل واستمتعنا بتجليات الرقي الإنساني .

    وترى الفتوة والمروة والأبو *** وة في كل مليحة ضراتها

    هن الثلاث المانعاتي لذتي *** في خلوتي لا الخوف من تبعاتها

    وكما تقول المقولة الفرنسية:

    un peu de douceur dans un monde de brutes

  10. مقال جميل و شيق قدم تعريفات و ملاحظات عن القبيلة و العصر و الفتوة تخللتها نصوص و طرف جميلة .. بودي لو تشرك في هذه المقالات مواقع الكترونية أخرى ..

  11. لفد تابعنا الجزء الأول والجزء الثانى والحمد لله من مقالك القراءة الخاصة بشعر مجالس الشعار فكنت ما شاء الله فى كل مرة تتحفنا بما يذكرنا ما قرأناه ويشدنا إلى الإنتظار لما هو قادم واليوم اكتمل المقال و كان ختاما مسكا فقد اتحفتنا بقطع نادرة كانت طي الكتمان فلا يسعنا هنا الا ان نشكر موقع انيفرار ومن خلاله نشكر القائمين عليه ونشكرك انت شكرا خاصا على دررك التى ما فتئت تتحفنا بها ونرجو من الله العلي القدير لك كل الخير والتقدم والإزدهار إنه على كل شيئ قدير وبالإجابة جدير دمت ودام قلمك

  12. نموذج رائع لشبابنا في هذاالعص وإعطاء قيمة لتراث السلف الصالح وتدوين. ماقيل فى هذا العصر الذي لا يراعي الأمانة العلمية شكرًا اخي. يعقوب إيه
    (ثلاث خصال ليس فيهن من مثل @ لعيش واعني عيش بنت محمد اعل ) …………أحسنت وأجدت مقال رائع

اترك رد