الرئيسية / الاخبار / حديث السبطين في صفة النبي صلى الله عليه وسلم

حديث السبطين في صفة النبي صلى الله عليه وسلم

قال الإمام القاضي أبو الفضل عياض بن موسى اليحصبي المالكي رحمه الله تعالى في كتابه الشفا بتعريف حقوق المصطفى (1/ 54) في الباب الثاني في تكميل الله تعالى له صلى الله عليه وسلم المحاسنَ خلقا وخلقا:
ورأينا أن نختم هذه الفصول بذكر حديث الحسن عن ابن أبي هالة لجمعه من شمائله وأوصافه كثيرا وإدماجه جملة كافية من سيره وفضائله … ثم ساق بسنده إلى محمد بن علي عن علي بن الحسين قال قال الحسن بن علي: سَأَلْتُ خَالِي هِنْدَ بْنَ أَبِي هَالَةَ عَنْ حِلْيَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ وَصَّافًا وَأَنَا أَرْجُو أَنْ يَصِفَ لِي مِنْهَا شَيْئًا أَتَعَلَّقُ بِهِ قَالَ:حديث السبطين في صفة النبي صلى الله عليه وسلم:
قال الإمام القاضي أبو الفضل عياض بن موسى اليحصبي المالكي رحمه الله تعالى في كتابه الشفا بتعريف حقوق المصطفى (1/ 54) في الباب الثاني في تكميل الله تعالى له صلى الله عليه وسلم المحاسنَ خلقا وخلقا:
ورأينا أن نختم هذه الفصول بذكر حديث الحسن عن ابن أبي هالة لجمعه من شمائله وأوصافه كثيرا وإدماجه جملة كافية من سيره وفضائله … ثم ساق بسنده إلى محمد بن علي عن علي بن الحسين قال قال الحسن بن علي:
سَأَلْتُ خَالِي هِنْدَ بْنَ أَبِي هَالَةَ عَنْ حِلْيَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ وَصَّافًا وَأَنَا أَرْجُو أَنْ يَصِفَ لِي مِنْهَا شَيْئًا أَتَعَلَّقُ بِهِ قَالَ:
[| [( كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم فَخْمًا مُفَخَّمًا يَتَلأْلؤُ وجهه تلألؤ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ أَطْوَلَ مِنَ الْمَرْبُوعِ وأقصر مِنَ الْمُشَذَّبِ عَظِيمَ الْهَامَةِ رَجِلَ الشَّعَرِ إِنِ انْفَرَقَتْ عَقِيقَتُهُ فَرَقَ وَإِلَّا فَلا, يجاوز شَعْرُهُ شَحْمَةَ أُذْنَيْهِ إذا هو وفره, أَزْهَرَ اللَّوْنِ وَاسِعَ الْجَبِينِ أَزَجَّ الْحَوَاجِبِ سَوَابِغَ مِنْ غَيْرِ قَرَنٍ بَيْنَهُمَا عِرْقٌ يُدِرُّهُ الْغَضَبُ, أَقْنَى الْعِرْنَينِ لَهُ نُورٌ يَعْلُوهُ وَيَحْسَبُهُ مَنْ لَمْ يَتَأَمَّلْهُ أَشَمَّ, كَثَّ اللِّحْيَةِ أَدْعَجَ سَهْلَ الْخَدَّيْنِ ضَلِيعَ الفم أَشْنَبَ مُفَلَّجَ الْأَسْنَانِ دَقِيقَ الْمَسْرُبَةِ كَأَنَ عُنُقَهُ جِيدُ دُمْيَةٍ فِي صَفَاءِ الْفِضَّةِ, مُعْتَدِلَ الْخَلْقِ بَادِنًا مُتَمَاسِكًا سَوَاءَ الْبَطْنِ والصدر مشيح الصَّدْرِ بَعِيدَ مَا بَيْنَ الْمَنْكِبَيْنِ, ضَخْمَ الْكَرَادِيسِ أَنْوَرَ الْمُتَجَرَّدِ, مَوْصُولَ مَا بَيْنَ اللَّبَّةِ وَالسُّرَّةِ بِشَعَرٍ يَجْرِي كَالْخَطِّ عَارِيَ الثَّدْيَيْنِ مَا سِوَى ذَلِكَ, أشْعَرَ الذِّرَاعَيْنِ وَالْمَنْكِبَيْنِ وَأَعَالِي الصَّدْرِ, طَوِيلَ الزَّنْدَيْنِ رَحْبَ الرَّاحَةِ شَثْنَ الكَفَّيْنِ والْقَدَمَيْنِ سَائِلَ الْأَطْرَافِ, أَوْ قَالَ سَائِنَ الْأَطْرافِ وَسَائِرَ الْأَطْرَافِ, سَبْطَ الْعَصَبِ خُمْصَانَ الْأَخْمَصَيْنِ مَسِيحَ الْقَدَمَيْنِ يَنْبُو عَنْهُمَا الْمَاءُ, إِذَا زَالَ زَالَ تَقَلُّعًا وَيَخْطُو تَكَفُّؤًا وَيَمْشِي هَوْنًا, ذَرِيعَ الْمِشْيَةِ, إِذَا مَشَى كَأَنَّمَا يَنْحَطُّ مِنْ صَبَبٍ, وَإِذَا الْتَفَتَ الْتَفَتَ جَمِيعًا, خَافِضَ الطَّرْفِ نظره إلى الأَرْضِ أَطْوَلُ مِنْ نَظَرِهِ إِلَى السَّمَاءِ جُلُّ نَظَرِهِ المُلَاحَظَةُ, يَسُوقُ أَصْحَابَهُ وَيَبْدَأُ مَنْ لَقِيَهُ بِالسَّلَامِ.
قُلْتُ صِفْ لِي مَنْطِقَهُ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَوَاصِلَ الْأَحْزَانِ دَائِمَ الْفِكْرَةِ لَيْسَتْ لَهُ رَاحَةٌ وَلَا يَتَكَلَّمُ فِي غَيْرِ حَاجَةٍ طَوِيلَ السُّكُوتِ يَفْتَتِحُ الكلام ويختمه بأشداقه وَيَتَكَلَّمُ بِجَوَامِعِ الْكَلِمِ فضلا لَا فُضُولَ فِيهِ وَلَا تَقْصِيرَ, دَمِثًا لَيْسَ بالجافي ولا المهين يعظم النِّعْمَةَ وَإِنْ دَقَّتْ لا يذم شئيا لَمْ يَكُنْ يَذُمُّ ذَوَاقًا وَلَا يَمْدَحُهُ, وَلَا يُقَامُ لِغَضَبِهِ إذا تعرض للحق بشيء حَتَّى يَنْتَصِرَ لَهُ وَلا يَغْضَبُ لِنَفْسِهِ وَلَا يَنْتَصِرُ لَهَا, إِذَا أَشَارَ أَشَارَ بِكَفِّهِ كُلِّهَا وَإِذَا تَعَجَّبَ قَلَّبَهَا وَإِذَا تَحَدَّثَ اتَّصَلَ بِهَا فَضَرَبَ بِإبْهَامِهِ الْيُمْنَى رَاحَتَهُ الْيُسْرَى, وَإِذَا غَضِبَ أَعْرَضَ وَأَشَاحَ وَإِذَا فَرِحَ غَضَّ طَرْفَهُ جُلُّ ضَحِكِهِ التَّبَسُّمُ وَيَفْتَرُّ عَنْ مِثْلِ حَبِّ الْغَمَامِ.
قَالَ الْحَسَنُ: فَكَتَمْتُهَا عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ زَمَانًا ثُمَّ حَدَّثْتُهُ فَوَجَدْتُهُ قَدْ سَبَقَنِي إِلَيْهِ, فَسَأَلَ أَبَاهُ عَنْ مَدْخَلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَخْرَجِهِ وَمَجْلِسِهِ وَشَكْلِهِ فَلَمْ يَدَعْ مِنْهُ شَيْئًا.
قَالَ الْحُسَيْنُ: سَأَلْتُ أَبِي عَنْ دُخُولِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ:
كَانَ دُخُولُهُ لِنَفْسِهِ مَأْذُونًا لَهُ فِي ذَلِكَ فَكَانَ إِذَا أَوَى إِلَى مَنْزِلهِ جَزَّأَ دُخُولَهُ ثَلَاثَةَ أَجْزَاءٍ جزءا لله وجزءا لأهله وجزءا لنفسه, ثُمَّ جَزَّأَ جُزْأَهُ بينه وَبَيْنَ النَّاسِ فَيَرُدُّ ذَلِكَ عَلَى الْعَامَّةِ بِالْخَاصَّةِ وَلَا يَدَّخِرُ عَنْهُمْ شَيْئًا, فَكَانَ مِنْ سِيرَتِهِ فِي جُزْءِ الأُمَّةِ إِيثَارُ أَهْلِ الْفَضْلِ بِإِذْنِهِ وَقِسْمَتُهُ عَلَى قَدْرِ فَضْلِهِمْ فِي الدِّينِ مِنْهُمْ ذُو الْحَاجَةِ وَمِنْهُمْ ذُو الْحَاجَتَيْنِ وَمِنْهُمْ ذُو الْحَوَائِجِ فَيَتَشَاغَلُ بِهِمْ ويشغلهم فيما يُصْلِحُهُمْ وَالْأُمَّةَ مِنْ مسألته عنهم وإخبارهم بِالَّذِي يَنْبَغِي لَهُمْ, وَيقُولُ: “لِيُبْلِّغَ الشَّاهِدُ مِنكُمُ الْغَائِبَ وَأَبْلِغُونِي حَاجَةَ مَنْ لَا يَسْتَطِيعُ إِبْلَاغِي حَاجَتَهُ فَإِنَّهُ مَنْ أَبْلَغَ سُلْطَانًا حَاجَةَ مَنْ لَا يَسْتَطِيعُ إِبْلاغَهَا ثَبَّتَ اللَّهُ قَدَمَيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ”, لَا يُذْكَرُ عِنْدهُ إِلَّا ذَلِكَ وَلَا يَقْبَلُ مِنْ أَحَدٍ غَيْرَهُ قَالَ فِي حَدِيثِ سُفْيَانَ بْنِ وَكِيعٍ: يَدْخُلُونَ رُوَّادًا وَلَا يَتَفَرَّقُونَ إِلَّا عَنْ ذَوَاقٍ وَيَخْرُجُونَ أَدِلَّةً يَعْنِي فُقَهَاءَ.
قُلْتُ فَأَخْبِرْنِي عَنْ مَخْرَجِهِ كَيْفَ كَانَ يَصْنَعُ فِيهِ؟ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْزُنُ لِسَانَهُ إِلا مِمَّا يَعْنِيهِمْ وَيُؤَلِّفُهُمْ وَلَا يُفَرِّقُهُمْ يُكْرِمُ كَرِيمَ كُلِّ قَوْمٍ ويوليه عليهم ويحذر النَّاسَ وَيَحْتَرِسُ مِنْهُمْ من غَيْرِ أَنْ يَطْوِي عَنْ أَحَدٍ بِشْرَهُ وَخُلُقَهُ وَيَتَفَقَّدُ أَصْحَابَهُ وَيَسْأَلُ النَّاسَ عَمَّا فِي النَّاسِ ويُحَسِّنُ الْحَسَنَ وَيُصَوِّبُهُ وَيُقَبِّحُ الْقَبِيحَ وَيُوَهِّنُهُ, مُعْتَدِلُ الْأَمْرِ غَيْرُ مُخْتَلِفٍ لَا يَغْفُلُ مَخَافَةَ أَنْ يَغْفَلُوا أَوْ يَمَلُّوا, لِكُلِّ حَالٍ عِندَهُ عَتَادٌ لَا يُقَصِّرُ عَنِ الْحَقِّ وَلَا يُجَاوِزُهُ إِلَى غَيْرِهِ ,الَّذِينَ يَلُونَهُ مِنَ النَّاسِ خِيَارُهُمْ, وَأَفْضَلُهُمْ عِنْدَهُ أَعَمُّهُمْ نَصِيحَةً, وَأَعْظَمُهُمْ عِنْدَهُ مَنْزِلَةً أَحْسَنُهُمْ مواساة وموازرة.
فَسَأَلْتُهُ عَنْ مَجْلِسِهِ عَمَّا كَانَ يَصْنَعُ فِيهِ؟ فَقَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَجْلِسُ وَلَا يَقُومُ إِلَّا عَلَى ذِكْرٍ وَلَا يُوَطِّنُ الْأَمَاكِنَ وَيَنْهَى عَنْ إِيطَانِهَا وَإِذَا انْتَهَى إِلَى قَوْمٍ جَلَسَ حَيْثُ يَنْتَهِي بِهِ الْمَجْلِسُ وَيَأْمُرُ بِذَلِكَ ويُعْطِي كُلَّ جُلَسَائِهِ نصيبه حَتَّى لَا يَحْسَبَ جَلِيسُهُ أَنَّ أَحَدًا أَكْرَمُ عَلَيْهِ مِنْهُ, مَنْ جَالَسَهُ أَوْ قَاوَمَهُ لِحَاجَةٍ صَابَرَهُ حَتَّى يَكُونَ هُوَ الْمُنْصَرِف عَنْهُ, مَنْ سَأَلَهُ حَاجَةً لَمْ يَرُدَّهُ إِلَّا بِهَا أَوْ بِمَيْسُورٍ مِنَ الْقَوْلِ, قَدْ وَسِعَ النَّاسَ بَسْطُهُ وَخُلُقُهُ فَصَارَ لَهُمْ أَبًا وَصَارُوا عِنْدَهُ فِي الْحَقِّ مُتَقَارِبِينَ مُتَفَاضِلِينَ فِيهِ بِالتَّقْوَى, وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى صَارُوا عِنْدَهُ فِي الْحَقِّ سَوَاءً, مَجْلِسُهُ مَجْلِسُ حِلْمٍ وَحَيَاءٍ وَصَبْرٍ وَأَمَانَةٍ لَا تُرْفَعُ فِيهِ الْأصْوَاتُ وَلَا تُؤْبَنُ فِيهِ الْحُرَمُ، وَلَا تُنثَى فَلَتَاتُهُ, وَهَذِهِ الْكَلِمَةُ مِنْ غَيْرِ الرِّوَايَتَيْنِ, يَتَعَاطَفُونَ بِالتَّقْوَى مُتَوَاضِعِينَ يُوَقِّرُونَ فِيهِ الْكَبِيرَ وَيَرْحَمُونَ الصَّغِيرَ ويُرْفِدُونَ ذَا الْحَاجَةِ وَيَرْحَمُونَ الْغَرِيبَ.
فَسأَلْتُهُ عَنْ سِيرَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي جُلَسَائِهِ, فَقَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَائِمَ الْبِشْرِ، سَهْلَ الْخُلُقِ، لَيِّنَ الْجَانِبِ، لَيْسَ بِفَظٍّ وَلَا غَلِيظٍ وَلَا سَخَّابٍ وَلَا فَحَّاشٍ وَلَا عَيَّابٍ وَلَا مَدَّاحٍ, يَتَغَافَلُ عَمَّا لَا يَشْتَهِي وَلَا يُؤْيَسُ مِنْهُ, قَدْ تَرَكَ نَفْسَهُ مِنْ ثَلَاثٍ: الرِّيَاءِ، وَالْإِكْثَارِ، وَمَا لَا يُعْنِيهِ، وَتَرَكَ النَّاسَ مِنْ ثَلَاثٍ: كَانَ لَا يَذُمُّ أَحَدًا، وَلَا يُعَيِّرُهُ وَلَا يَطْلُبُ عَوْرَتَهُ، وَلَا يَتَكَلَّمُ إِلَّا فِيمَا يَرْجُو ثَوَابَهُ، إِذَا تكلم أطرق جلساؤه كأنما على رؤوسهم الطَيْرُ وَإِذَا سَكَتَ تَكَلَّمُوا, لَا يَتَنَازَعُونَ عِنْدَهُ الْحَدِيثَ, مَنْ تَكَلَّمَ عِنْدَهُ أَنْصَتُوا لَهُ حَتَّى يَفْرُغَ، حَدِيثُهُمْ حَدِيثُ أَوَّلِهِمْ, يَضْحَكُ مِمَّا يَضْحَكُونَ مِنْهُ وَيَتَعَجَّبُ مِمَّا يَتَعَجَّبُونَ مِنْهُ, وَيَصْبِرُ لِلْغَرِيبِ عَلَى الْجَفْوَةِ فِي الْمَنْطِقِ, وَيَقُولُ إِذَا رَأَيْتُمْ صَاحِبَ الْحَاجَةِ يَطْلُبُهَا فَأَرْفِدُوهُ, وَلَا يَطْلُبُ الثَّنَاءَ إِلَّا مِنْ مُكَافِئٍ, وَلَا يَقْطَعُ عَلَى أَحَدٍ حَدِيثَهُ حَتَّى يَتَجَوَّزَهُ فَيَقْطَعَهُ بِانْتِهَاءٍ أَوْ قِيَامٍ.
هُنَا انْتَهَى حَدِيثُ سُفْيَانَ بْنِ وَكِيعٍ، وَزَادَ الآخَرُ:
قُلْتُ كَيْفَ كَانَ سُكُوتُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: كَانَ سُكُوتُهُ عَلَى أَرْبَعٍ: عَلَى الْحِلْمِ، وَالْحَذَرِ، وَالتَّقْدِيرِ، وَالتَّفَكُّرِ, فَأَمَّا تَقْدِيرُهُ فَفِي تسوية النظير وَالاسْتِمَاعِ بَيْنَ النَّاسِ, وَأَمَّا تَفَكُّرُهُ فَفِيمَا يَبْقَى وَيَفْنَى, وَجُمِعَ لَهُ الْحِلْمُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم فِي الصَّبْرِ فَكَانَ لا يغضبه شيء يستفزه وجمع لَهُ فِي الْحَذَرِ أَرْبَعٌ: أَخْذُهُ بِالْحَسَنِ لِيُقْتَدَى بِهِ وَتَركُهُ الْقَبِيحَ لِيُنْتَهَى عَنْهُ وَاجْتِهَادُ الرَّأْيِ بِمَا أصْلَحَ أُمَّتَهُ وَالْقِيَامُ لَهُمْ بِمَا جَمَعَ لَهُمْ أَمْرَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ.
)] |]

التعليق: هذا الحديث هو أشرف حديث وأوفاه في هذا الباب شكلا ومضمونا فقد تزاحم على روايته أربعة من الصحابة كلهم من أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم, هم علي بن أبي طالب, وهند بن أبي هالة ربيب النبي صلى الله عليه وسلم, وريحنتاه صلى الله عليه وسلم الحسن والحسين, الذين كانا أشبه الناس به صلى الله عليه وسلم, وقد تقاسماه فكان في الحسن من أعلاه لسرته وسائره في الحسين, ثم إن أسانيده لم تخرج عن ذلك لأنه مروي بسندين أحدهما رجاله من أهل البيت والثاني من أهل ابن أبي هالة, وقد أخرجه عياض في الشفاء من ثلاث روايات, ورواه بتمامه مع اختلاف في بعض الألفاظ محمد بن هارون الدمشقي الأنصاري المتوفى 353هـ في كتابه صفة النبي صلى الله عليه وسلم (ص: 10), ورواه أيضا الطبراني في الأحاديث الطوال (ص: 245)، وفي معجمه الكبير (22/ 156), والنيسابوري في شرف المصطفى (2/ 93), وأبو نعيم الأصبهاني في دلائل النبوة (ص: 632), والبيهقي في دلائل النبوة (1/ 286), وفي شعب الإيمان (3/ 29), والبغوي في كتابه الأنوار في شمائل النبي المختار (ص: 343), والمقدسي في صفة النبي صلى الله عليه وسلم (ص: 149), وابن سيد الناس في عيون الأثر (2/ 393), وغيرهم وأخرجه الترمذي في الشمائل المحمدية (ص: 191), متفرقا إلا الجملة الأخيرة من كلام علي وهي وجمع له في الحذر إلخ.
ومما يحسن التنبه له شدة اهتمام الحسن رضي الله عنه بهذه الصفة وتعلقه بها كما يتضح ذلك من نعته لابن أبي هالة بأنه كان وصافا, وقوله: و”أنا أرجو – وفي أكثر الروايات: “أشتهي” -أن يصف لي, منها شيئا أتعلق به”, وكذلك قوله: فكتمتها الحسين زمانا, وقوله فوجدته قد سبقني, كل ذلك يدل على شدة اهتمامهما رضي الله عنهما بها, وأن لها فضلا كثيرا وبركة كبيرة ولا غرو, وللصالحين في ذلك كشوفات مذكورة وللناس فيه مجربات مشهورة, نسأل الله تعالى أن ينفعنا ببركته صلى الله عليه وسلم ويجعلنا من خدّامه ومحبيه المتعلقين به صلى الله عليه وسلم, وأن لا يحرمنا من فضله العظيم إنه ولي ذلك والقادر عليه.

محمد الأزعر بن حامد بن يحظيه غفر الله له ولوالديه.

7 تعليقات

  1. محمدن بن عبدالله بن مناح معلقا علي حديث السبطين في صفة النبي صلي الله عليه وسلم بقول البو صيري رحمه الله تعالي:
    كل وصف له ابتدأت به استو*****عب أخبار الفضل منه أبتداء

    الي أن يقول :
    كيف يستوعب الكلام سجايا*****ك وهل تنزح البحار الر شاء
    ليس من غاية لوصفك أبغيـ*****هاوللقول غاية وانتهـــا ء
    إنما وصفك الزمان وآيا ****تك فيما نعده الآنــــــا ء
    غير أني ظمئان وجد ومالي****بقليل من الورود ارتواء الخ
    نفعناببركة المادح المحب لرسول الله صلي الله عليه وسلم وبالممدوح
    الذي هو خاتم النبيئين وإمام المرسلين عليهم صلوات الله أجمعين

  2. اللهم صل على سيدنا محمد وسلم تسليما كثيرا

  3. الحمد لله

  4. جزاكم الله خيرا

  5. صلى الله عليه و على اله الطيبين الطاهرين وصحبه و سلم

  6. وخيرت نفعنا الله بمعرفة هذا الحديث و صفاته صلى الله عليه وسلم و طالبين منكم اتلود لشرح شمائل ببها للعلامة محمد فال ولد عبد اللطيف

اترك رد