عيد البقرة

ما رأيكم في أن نحدده عيدا جديدا ندرجه في الأعياد العالمية ونطلق عليه “عيد البقرة” أو اليوم العالمي للبقرة، نحتفل به كل سنة ونخلده بشتى صيغ التخليد من الاحتفالات والمهرجانات والفعاليات الأخرى ذات الدلالة العميقة.ما رأيكم في أن نحدده عيدا جديدا ندرجه في الأعياد العالمية ونطلق عليه “عيد البقرة” أو اليوم العالمي للبقرة، نحتفل به كل سنة ونخلده بشتى صيغ التخليد من الاحتفالات والمهرجانات والفعاليات الأخرى ذات الدلالة العميقة.
وبديهي أن الهدف من هذا العيد سيكون لفت “النظر” حول الوضعية المزرية لهذا الكائن الحي الذي يشاركنا نفس الهواء ونفس الماء، وتذكير الرأي العام الدولي والوطني بأهميته وهوانه على الناس رغم ما له من منافع وفوائد جمة على المجتمع والفرد والبلاد واقتصادها على العموم، وضرورة حمايته من تعسف الرعاة القساة والجزارين الجبارين، وتصحيح كثير من المفاهيم والأحكام المسبقة حوله وأكبرها ما سجله عليه أبو تمام الطائي من أنه حيوان بليد حيث ضربه مثلا لذلك في قوله:

على نحت المعاني من معادنها@@@ وما علي بأن لا تفـــــهم البقر

وإذا تمهد لديك هذا فأي يوم نختار لهذا العيد؟ في الأمر سعة ولكن من المحبذ أن يكون من الأيام التي لها دلالات واضحة أو رمزية ثابتة.
فلو حفظ لنا التاريخ اليوم الذي أخرج فيه السامري العجل لبني إسرائيل وله خوار أو حفظ لنا اليوم الذي ذبحوا فيه البقرة الصفراء لوقع الإجماع على أحد اليومين.
أما اختيار “يوم العجل” فمؤسس على تجذر حب العجل في قلوب “هذا الشعب المختار” فيمكن إسقاط هذا الحب على قلوب الشعوب الأخرى غير المختارة.

وأما اختيار تاريخ ذبح البقرة الصفراء فلأن فيه تخليدا وتقريرا لما تعرضت له تلك البقرة الحسناء الفاقع لونها، معافاة لغلام من بني البشر كان بارا لأمه ونكالا بمجرم ارتكب جريمة قتل ثم رمى بها بريئا فذهبت البقرة الصفراء ضحية لكل ذلك.
ولكن التاريخ لم يحفظ لنا – مع الأسف- شيئا من ذلك فبقي أن نبحث فيما دون كائنة ابريكل مثلا. وهنا أيضا لا يسعفنا التاريخ بشيء محدد، بيد أننا نعرف أن هذه الكائنة كانت في أشهر الصيف من أواخر الستينات من القرن الماضي.
وهنا أيضا تعرض أمامنا مشكلة في اختيار اليوم المناسب فأشهر الصيف كلها مليئة بالأعياد حتى أنه لم يبق فيها موضع أصبع لعيد جديد، فلو ذهبنا نختار منها يوما لتكسرت النصال على النصال ووافق عيد البقرة عيد من أعياد الثورات البيضاء أو الحمراء أو الزرقاء أو ذكرى من ذكريات تلك التقلبات السياسية، أو وافق عيد الشجرة والشجرة والبقرة ليستا صديقتين ولا من جنس واحد.
فلا بد لنا – والحالة هذه- أن نعدل عن أشهر الصيف كلها: آيارها وحزيرانهاوتموزها ولنبحث في أشهر الخريف فلعلها أن تكون أكثر مناسبة لما نحن بصدده لأنها أشهر يكثر فيها لبن البقر فيكون اختيار يوم من أيامها فيه نوع من الاعتراف بالجميل لجنس البقر على ما بذله من اللبن في بلادنا والزبد والجبن ومشتقات اللبن الأخرى في البلدان الأخرى.
وهنا أيضا لابد من الحسم بين متنافسين خطيرين هما أغسطس وسبتمبر أيهما يحظى بشرف هذا العيد المقترح، أما شهر أغسطس فليس من شهور الخصب على البقر لأن البقر فيه يكاد يموت جوعا جراء ما يسمى في الحسانية “بدمنار” وهي حالة نفسية تجعل البقر يتأنف عن أكل الحشيش القديم الربعي ولا يحصل من العشب الجديد على طائل لأنه صغير الحجم والبقرة لا تنتفع إلا بما تلوي فيه لسانها مرة أو مرتين.
وبناء على ذلك تعين لنا شهر سبتمبر فلنختر أحد أيامه وهنا سينادي علينا هاتف نسمع صوته ولا نرى شخصه ويقول خذوا منها ما شئتم واتركوا لي فاتح سبتمبر فهو يوم مازال مشغولا.
ولعلنا سنرد على الهاتف قائلين: لابد لنا منه فما بعده إلا فصل “ألاوه” بحره ولهيبه وأيام عموده. معنى اختيار شيء من أيامه مالا يخفى من المشقة على المحتفلين فحر “ألاوه” لا تتأتى فيه الاجتماعات ولا الحفلات ففيه يسيح البقل وتنضب الإضاء وينتشر الذباب.
وقد أدركنا أهل الحكمة والتجربة من سلفنا الصالح وهم يقولون إن شهور ألاوه شهور تخطى فلا يمارس فيها نشاط له بال لشدة حرها، حتى أن البقر نفسه يعفي نفسه من طلب الرزق طوال هذا الفصل فيكمن في النهار ولا يأكل في الليل إلا قليلا. فلابد لأهل البقر من اختيار فاتح سبتمبر عيدا للبقرة وسيعرض ذلك على الهيئات الدولية لإقراره مع أننا لا ندري هل سيكون للهند عليه تحفظ لاعتبارات لا ندرك حقيقتها ولكن لحسن الحظ فإن هذا البلد وإن كان من البلدان المقلعة، فإنه لا يتمتع بعد بحق النقض على عظمه وقدمه، فيكفي أن نقنع الأعضاء الدائمين والأعضاء العائمين في المجلس حتى يصدر القرار الثاني الواجب التطبيق وتتطوع دول بتطبيقه “كما ينبغي” ولو كانت تلك الدول لا تملك البقر جارة ولا كارة.
الاستاذ محمد فال بن عبد اللطيف
المصدر : جريدة الشعب

2 تعليقات

  1. أحمد البحراني

    كنت أقرأ حديثا عن أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام أنه قال: في البقر و ألبانها دواء. و رأيت أن أكبر سورة في القرآن الكريم قد سميت باسم هذا الكائن الجميل و الذي نشرب من لبنه كل يوم، فقلت لماذا لا يوجد يوم للبقر؟ بحثت فوجدت أن هناك يوم عالمي للحليب معتمد من منظمة الأمم المتحدة للغذاء في الفاتح من يونيو… إلى أن أوصلتني شبكة العنكبوت إلى قرية انيفرار في موريتانيا.

    شكرا لكم على هذه المقالات المفيدة و التهكمية الممتعة في نفس الوقت،،
    أحمد البحراني
    قرية البلاد القديم من جزيرة البحرين

  2. we5yert 7ag 3andiiii

اترك رد