مقالات الدكتور محمذن باب بن اشفغ – اخبار انيفرار https://niefrar.org Thu, 03 Dec 2020 09:51:33 +0000 ar hourly 1 https://wordpress.org/?v=6.4.3 91258333 قراءة في يوميات “اغوانتنامو” … محمذباب بن أشفغ https://niefrar.org/?p=457 https://niefrar.org/?p=457#comments Thu, 19 Mar 2015 11:43:07 +0000 “يوميات غوانتنامو” (Guantanamo Dairy) كتاب ألفه المعتقل الموريتاني محمدو ولد صلاحي في زنزانته الموحشة في معتقل غوانتنامو سيئ الصيت. ولدى انتهائه، في أكتوبر2005. صادرته وزارة الدفاع الأمريكية. وبعد معركة ضارية مع محامي ولد صالحي تواصلت زهاء عشر سنوات دون ملل أو كلل، قبلت الإدارة الأمريكية الإفراج عن المخطوط الأصلي للكتاب بعد أن حذفت منه نحو 2600 مقطعا تراوحت بين كلمة واحدة وعدة صفحات. “يوميات غوانتنامو” (Guantanamo Dairy) كتاب ألفه المعتقل الموريتاني محمدو ولد صلاحي في زنزانته الموحشة في معتقل غوانتنامو سيئ الصيت. ولدى انتهائه، في أكتوبر2005. صادرته وزارة الدفاع الأمريكية. وبعد معركة ضارية مع محامي ولد صالحي تواصلت زهاء عشر سنوات دون ملل أو كلل، قبلت الإدارة الأمريكية الإفراج عن المخطوط الأصلي للكتاب بعد أن حذفت منه نحو 2600 مقطعا تراوحت بين كلمة واحدة وعدة صفحات.
وقد احتفت دور نشر مشهورة في مختلف أنحاء العالم بالكتاب فنشر، في مطلع العام الجاري، بأكثر من عشرين لغة ستنضاف إليها العربية قريبا، كما نشرت كبريات الصحف العالمية ملخصات له وتعليقات عليه.

ولم يكن هذا الاحتفاء العالمي اعتباطيا، فالكتاب مثل، بأسلوب مؤلفه الأخاذ وحسه المرهف وعمقه الفكري، ملحمة إنسانية ارتقت به إلى مصاف الأدب العالمي الراقي.

كما ألقى الكتاب، ببراعة ومرارة، أضواء كاشفة على تحكم أجهزة المخابرات في رقاب العباد في كل البلاد، وفضح ما يطبع هذه الأجهزة من ظلم وحيف وغطرسة، وذلك من خلال الصورة المؤلمة التي رسمها لفظائع الإهانة المعنوية والإكراه البدني التي تعرض لها في مونتريال وداكار ونواكشوط وعمان وباغرام وغوانتنامو رغم أن كل هذه الأجهزة لم تجد ما يدينه.

وقدم الكتاب شواهد ساطعة على المنزلق التي تردت فيه الولايات المتحدة، أكبر ديمقراطيات العالم، في خضم حربها على الإرهاب عندما مارست قواتها العسكرية وأجهزتها الأمنية أبشع صنوف التعذيب والتنكيل بمعتقل مدني أعزل بريء كما يحدث في أكثر الدكتاتوريات قمعا وتوحشا.

وبالجملة فإن “يوميات غوانتنامو” هي بمثابة شهادة جريئة ونادرة لمتهم لم تثبت إدانته خضع لاستجوابات عنيفة وكثيفة تواصلت دون انقطاع لمدة عدة سنوات وشارك فيها الجيش الأمريكي وعدد من وكالات التجسس الأمريكية بينها الإف بي آي والسي آي إيه، واضطر صاحبها تحت طائلة التعذيب إلى الاعتراف بجرائم لم يقترفها أصر المحققون على إلصاقها به كالمشاركة في الإعداد لتفجيرات الحادي عشر من سبتمبر 2001 ومحاولة تفجير مطار لوس آنجيلوس في مطلع عام 2000.

ولا ينكر ولد صلاحي أنه التحق في مطلع التسعينيات بوحدات قتالية تابعة للقاعدة في أفغانستان كانت تقاتل وقتها، بدعم ومباركة من واشنطن، حكومة كابول المدعومة من السوفييت، لكنه يؤكد أنه قطع جميع علاقاته بالقاعدة اعتبارا من عام 1992.

ويذكر ولد صلاحي أن الأمن الكندي استجوبه وراقبه ولم يجد ما يدينه به، وأن الأمن السنغالي اعتقله بأوامر من الأمريكيين لكنه بعد التحقيق معه خلص إلى براءته. ويقول إن مدير أمن الدولة بموريتانيا أبلغه في ختام فترة اعتقاله واستجوابه في نواكشوط أنه مقتنع ببراءته لكنه مضطر لتسليمه للأردنيين بناء على طلب من الأمريكيين وإن الأمر أعلى من نطاق سلطته واختصاصه. كما يروي أن الأمن الأردني الذي يعتبر أكثر الأجهزة الاستخبارية العالمية خبرة بالقاعدة انتهى بعد سبعة أشهر ونصف من التحقيق معه إلى براءته وقرر إخلاء سبيله لكن الأمريكيين استشاطوا غضبا عندما أطلعوا على نتائج التحقيق وقرروا نقله إلى معتقل لهم في باغرام بأفغانستان قبل ترحيله إلى غوانتنامو.

وفي عام 2010 حكم قاض فدرالي أمريكي ببراءة ولد صلاحي، بعد فحص متأن لملفه، وأمر بالإفراج عنه، لكن البنتاغون استأنف الحكم ليظل ولد صلاحي رهين محبسه.

وفي انتظار محاكمة جديدة لم تلح بعد مؤشرات على قرب انعقادها، تتواصل منذ قرابة أربعة عشر عاما محنة سجن ولد صلاحي التي سرد في مذكراته تفاصيل مؤلمة عن بعض مراحلها.

فهو يروي كيف عانى من التجويع الممنهج حيث ظل لأوقات طويلة يقدم له طعام بارد رديء ولا يعطى أحيانا سوى نصف دقيقة لتناوله. ويذكر أنه منع من النوم لفترات ممتدة بأساليب مختلفة منها الطرق المتواصل على باب زنزانته وتسليط ضوء قوي على عينيه وإجباره وبث موسيقى صاخبة في زنزانته بصوت مرتفع بدرجة لا تطاق وإجباره على ابتلاع كميات هائلة من الماء بحيث لا يكاد يأتي من المستراح حتى يعود إليه مجددا.

ويذكر ولد صلاحي أنه قضى ليالي محشورا في غرفة باردة كالثلاجة وهو يرتجف دون انقطاع كالورقة في مهب الريح. وهدد مرات بالقتل. أما الضرب المبرح وتعصيب العينين وتغطية الرأس بقبعة معدنية ضيقة تنغرس في الصدغ وتصم الأذنين وتصفيد اليدين والرجلين بالأغلال والسلاسل فحدث ولا حرج.

وكان سجل تعذيب ولد صلاحي النفسي والمعنوي حافلا. فالسب والشتم والتهديد تغلب على لغة المحققين، والسخرية من الإسلام والعرب تهيمن على خطاب الحراس. والتهم الموجهة إليه بأنه أحد أبرز الرؤوس المدبرة لهجمات 11 سبتمبر التي راح ضحيتها آلاف الأمريكيين تهم مخيفة ومرعبة. وقد منع من أداء الصلاة لفترات طويلة واضطر قسرا لإفطار رمضان في إحدى السنوات وتعرض للتحرش الجنسي من بعض المحققات. ومن أقسى ما عاناه إيهامه بأن والدته ألقي عليها القبض وستكون المرأة الوحيدة ضمن معتقلي غوانتنامو.

ويقول ولد صلاحي إن مفرقيه شابا من شدة الهم بعد أسابيع قليلة من إقامته بغوانتنامو وإن الضغوط النفسية آلت به مرة إلى نوع من الهلوسة بحيث بات يخيل إليه أنه يستمع إلى أحاديث أسرته ومقاطع من موسيقى بلاده وتلاوات قرآنية.

وفي ظل استمرار ظلم الأمريكيين الفادح له، يجد ولد صلاحي، في مذكراته، أوجه مقارنة عديدة بين حالته وبين حالة ملايين الأفارقة الذين جلبوا إلى أمريكا في عصر تجارة الرقيق. فالكل هجر قسرا من موطنه الأصلي وسيم سوء العذاب وسلب حريته واضطر في النهاية إلى التكيف رغما عنه مع بيئته الجديدة وسط تجاهل العالم من حوله.

وقد أبان ولد صلاحي عن قدر كبير من الحكمة والذكاء في تعامله مع قدره الجديد وتجسد ذلك في تقسيمه فترات اعتقاله إلى ثلاث مراحل تعتبر أولاها هي الأصعب. ففي هذه المرحلة يشعر السجين على الدوام بالخوف والعجز والهوان والتوتر. وفي هذا الجو النفسي المحبط يعسر عليه استيعاب انقطاعه القسري عن ذويه وعزلته المطبقة عن العالم الخارجي. كما أن السجانين يسلبون المعتقل إرادته بعد أن سلبوه حريته فيتحكمون في كل صغيرة وكبيرة من شؤونه: نومه وصحوه، أكله وذهابه إلى المستراح، حتى حركاته داخل الزنزانة. وكل هذه الأمور تهون إذا قيست بما يتعرض له السجين في هذه المرحلة من تعذيب مستمر يستحيل، أحيانا كثيرة، صبره وتحمله.

أما المرحلة الموالية فهي مرحلة بناء القدرة على الصبر وتنمية الشعور بالقرب من الله، وهي مرحلة استعان فيها ولد صلاحي بإيمانه وعزمه ووضوح أفكاره فاستطاع أن يطوع بقوته الروحية المتوهجة واقعه المادي الآسن فاستوعب وضعيته الفظيعة وتكيف مع مقتضياتها فنجح في تجاوزها في حين انتهت بالعديد من نزلاء غوانتنامو إلى الجنون.

وأما المرحلة الثالثة فهي مرحلة الانسجام، قدر المستطاع، مع بيئة السجن. وفي هذه المرحلة استطاع ولد صلاحي بلطفه وخفة روحه وإنسانيته الطافحة أن ينسج علاقات ود مع الكثير من سجانيه وجلاديه فانجذبوا إليه بعد أن كانوا ينفرون منه وأسدوا له خدمات في طليعتها إعارة الكتب والأفلام وساعده بعضهم مساعدة كبيرة في تطوير لغته الإنجليزية.

ومن ذكاء ولد صلاحي وقوة عزمه نجاحه في تحسين مستوى لغته الإنجليزية داخل محبسه إلى الدرجة التي استطاع أن يكتب بها مذكراته إذ لو ألفها بأي من اللغات الثلاث الأخرى التي يتقنها وهي العربية والألمانية والفرنسية لما كان الاهتمام بها بهذا الزخم إطلاقا.

وقد قال ولد صلاحي في ختام مذكراته إنه لم يكذب ولم يبالغ ولم يكتب إلا ما عاشه وشاهده وإنه حاول قدر المستطاع إنصاف الولايات المتحدة الأمريكية.

وإذا كانت شهادة ولد صلاحي قد عكست الجانب القاتم من صورة أمريكا، فإن الجانب المشرق من تلك الصورة مثله المحامون والحقوقيون الأمريكيون الذين لم يفتؤوا يناضلون باستماتة من أجل إخلاء سبيل ولد صلاحي والتعويض له عن الأضرار الجسيمة التي تكبدها من جراء سجنه الظالم. ولولا نضال هؤلاء الشرفاء لما وجدت “يوميات غوانتنامو” إلى النشر سبيلا.

ولا شك أن إقبال القراء في مختلف أنحاء العالم ، وخاصة في أمريكا، على كتاب ولد صلاحي سيشكل عامل ضغط على الإدارة الأمريكية يدفع في اتجاه الإسراع بالإفراج عنه.

وسيكون من المعيب أن لا تستغل جميع النخب الثقافية والقوى الحقوقية والسياسية الموريتانية هذه الفرصة لبناء إجماع وطني عام يسهم بقوة وجدية في المساعي العالمية الرامية إلى إخلاء سبيل المبدع الصبور محمدو ولد صلاحي ورفيقه أحمد ولد عبد العزبز وكل من لم تثبت إدانته من معتقلي غوانتنامو.

بقلم : محمد بابا ولد أشفغ

]]>
https://niefrar.org/?feed=rss2&p=457 1 457
مرحبا بولد آمنة في موقع نيفرار محمذن بابا ولدأشفغ https://niefrar.org/?p=437 https://niefrar.org/?p=437#comments Sat, 07 Feb 2015 14:29:35 +0000 قرات باستمتاع تدوينة نشرها موقع نيفرار
لصديقي الغالي محمد عبد الله ولد آمنة
واستعرض فيه معاني كلمات “العين والراص
والسلك”، وكانت تدوينة طريفة ولا غرو.
فمحمد عبد الله صاحب أدب وظرف وخصال أخرى
كثيرة. قرات باستمتاع تدوينة نشرها موقع نيفرار
لصديقي الغالي محمد عبد الله ولد آمنة
واستعرض فيه معاني كلمات “العين والراص
والسلك”، وكانت تدوينة طريفة ولا غرو.
فمحمد عبد الله صاحب أدب وظرف وخصال أخرى
كثيرة.
ومن أدبه أنه تناسى كلمتين هما “متن العين” و “متن الراص” ، يقول امحمد:

[| [(

عيني ماتخط من تخــراص (****) اعل زر ولمح تــــــــنحاص

اراص ِ ذلكَابظ من لرهــاص (****) اعل اللي مـــــثل ماه زين

الراص انهيت وحدُ خــــاص (****) وانهيت امـــعاه العين إلين

ولاعين الراص فمتن الراص (****) ولا عين العين فمتن العين

)] |] ومن ظرفه أيضا قوله “سليك من الدخان” بالتصغير، مع أن المشهور هو “سلك من الدخان” وولد آمنة خبير ب”نتره” فلعل تصغيره إياه إيذان ب”طلسه” نهائيا.

]]>
https://niefrar.org/?feed=rss2&p=437 3 437
النص القرآنى قابل لقراءات الجابرى الثلاث ولغيرها من القراءات: بقلم : محمذباب بن أشفغ https://niefrar.org/?p=375 https://niefrar.org/?p=375#comments Sun, 31 Aug 2014 17:59:03 +0000 الدكتور محمد عابد الجابرى رابع ثلاثة هم الدكاترة حسن حفنى وحسين مروه وطيب تيزينى كرسوا معظم جهدهم الفكري للبحث في التراث العربي الإسلامي.
وهو حامل مشروع فكري جديد يغاير و يمايز رؤية ومنهاجا ما سبقه أو زامنه من عربي مشاريع الفكر.. ولعل تفرد الجابرى وتميزه عن سائر الباحثين في حقل التراث المعرفي متأت من حرصه على التحلى بالموضوعية الفكرية حرصا دؤوبا قل أن يتوفر في سواه.
والدكتور الجابرى معروف لدى تلامذة الأقسام النهائية في ثانوياتنا الوطنية من خلال اسهاماته الثرة في كتاب “دروس في الفلسفة” المقرر في برنامج الباكلوريا الموريتانية وهو كذلك معروف لدى جل مثقفينا من خلال آثاره:
” العصبية والدولة” و ” من أجل رؤية تقدمية لبعض مشاكلنا التربوية والفكرية” و ” أزمة التعليم في المغرب” وخاصة من خلال كتبه الثلاثة الأخيرة ” نحن و التراث” ” الخطاب العربي المعاصر ” نقد العقل العربي الذى صدر جزؤه الأول ” تكوين العقل العربي” في أواخر السنة الماضية وينتظر صدور جزئه الأخير ” بنية العقل العربي” في أواخر السنة الجارية.الدكتور محمد عابد الجابرى رابع ثلاثة هم الدكاترة حسن حفنى وحسين مروه وطيب تيزينى كرسوا معظم جهدهم الفكري للبحث في التراث العربي الإسلامي.
وهو حامل مشروع فكري جديد يغاير و يمايز رؤية ومنهاجا ما سبقه أو زامنه من عربي مشاريع الفكر.. ولعل تفرد الجابرى وتميزه عن سائر الباحثين في حقل التراث المعرفي متأت من حرصه على التحلى بالموضوعية الفكرية حرصا دؤوبا قل أن يتوفر في سواه.

وقد وظف في سبيل إدراك موضوعيته المتمنعة المستعصية استيعابه العميق للثقافة العربية الاسلامية العالمية، وتحكمه الكبير فيما أنتجته العلوم الانسانية الحديثة من طرائق في البحث مستخدما ما أحدثه من قطيعة منهجية واعية مع موروث الفكر العربي ترسانة تقيه عوادي اختلاط الذات الدارسة بالموضوع المدروس..
والدكتور الجابرى معروف لدى تلامذة الأقسام النهائية في ثانوياتنا الوطنية من خلال اسهاماته الثرة في كتاب “دروس في الفلسفة” المقرر في برنامج الباكلوريا الموريتانية وهو كذلك معروف لدى جل مثقفينا من خلال آثاره:
” العصبية والدولة” و ” من أجل رؤية تقدمية لبعض مشاكلنا التربوية والفكرية” و ” أزمة التعليم في المغرب” وخاصة من خلال كتبه الثلاثة الأخيرة ” نحن و التراث” ” الخطاب العربي المعاصر ” نقد العقل العربي الذى صدر جزؤه الأول ” تكوين العقل العربي” في أواخر السنة الماضية وينتظر صدور جزئه الأخير ” بنية العقل العربي” في أواخر السنة الجارية.
ومن خلال الكتب الثلاثة الأخيرة بدا الأستاذ الجابرى يبسط هيمنته الابستمولوجية على الساحة الفكرية العربية حتى أنه كاد يصبح سلطة مرجعية تفرض نفسها على كل باحث في مختلف فروع الحضارة العربية الاسلامية.
ولكن ما هي مقومات مشروع الجابري الفكري وما هو موقفه من الإرث العقلي العربي و إلى أي حد يطابق تشخيصه الفكري واقعنا الثقافي المعاصر؟ و إلى أي مدى وفق في تقديم بديله؟
يتهم أستاذ الفلسفة المغربي الفكر العربي المعاصر بأنه فكر لا يطابق واقعه أي لا يفهمه فهما سببيا و من ثم تأتت لا معقوليته، وقوام هذه التهمة أن إنتاج العرب الفكري من عصر النهضة إلى اليوم هو إما إنتاج وضعية مضت او إنتاج وضعية لم نعشها بعد . بعبارة أخرى الفكر العربي الراهن منقول إلى العرب المعاصرين أما من ماضيهم أو من ماضى الغرب وحاضره وهو في كلتا الحالتين لا يطابق واقعهم الحالى المعيش.
و انطلاقا من هذه التهمة يحدد الجابرى مكمن الداء في العقل العربي ويرى أن مراجعة العقل العربي بناء و آليات هو السبيل الأوحد إلى الخلاص من دوامة الاجترار والتكرار التى ينحبس الفكر العربي الراهن برمته في دائرتها الضيقة المنغلقة العقيمة.
ويقوده تشخيصه للعقل العربي عبر ما أنتجه من فكر على مر التاريخ إلى تبنى ثلاثة أنظمة معرفية متمايزة المناهج متباينة الرؤى تتقاسم في نظره حسب نسب متفاوتة الثقافة العربية الاسلامية منذ تأسيسها إلى اليوم وهذه الأنظمة المعرفية هي النظام البياني و النظام البرهاني والنظام العرفاني.
ويرى الجابرى أن حركة تدوين العلوم العربية الاسلامية في قرون الهجرة الأولى كرست النظام البياني باعتمادها اياه وسيلة أساسية لإنتاج المعرفة مقلصة من ثم دور النظامين البرهاني والعرفاني ولذلك غدت السمة البيانية هي الطابع المميز للعقل العربي من عصر التدوين إلى راهن الوقت.
و أهم ما يميز العقل البياني حسب تحديد الجابري له هو اعتماده من حيث المنهج على مبدأين هما ثنائية اللفظ والمعنى وقياس الفرع لأصل دون إعارة أدنى اعتبار للواقع وشروطه الموضوعية.
فالعقل البياني إذن عاجز بطبيعته عن تشخيص واقعه نظرا لقفزه عليه و لعدم منطقيته و لا معقوليته.
ولهذا يدعو الجابرى إلى قطيعة ابستمولجية مع الارث العقلي العربي و يسعى سعيا دؤوبا متجددا إلى تجاوز ما أنتجه الفكر العربي الراهن من قراءات.
فمشروعه الفكري المؤسس على العقلانية يتلخص إذن في محاولة تأسيس انطلاقة فكرية عربية جديدة على أساس نقد منهجي للفكر و أدواته.
و ما دام الأستاذ الجابرى يصف مشروعه الفكري بالانفتاح القابل للتحاور المرحب بالنقد فلا باس بأن نبدي بشأنه جملة من الملاحظات.
و أول ما نسجله مع الاعتراف المسبق بهاجس الشمول و التعمق الذى يطبع المشروع الجابري إننا لا نوافق صاحب ” نقد العقل العربي على ما ذهب اليه ضمنيا – و إن كان سكوته الصريح عنه سكوتا واعيا- من أن النص القرآني الذي انطلقت منه كل العلوم العربية الاسلامية من فقه ولغة و كلام وغيرها نص لا يقبل إلا القراءة البيانية وحدها.
ذلك أننا نعتقد بوعي و إدراك أن القرآن العظيم نص قابل لقراءات الجابرى الثلاث و ربما لغيرها من القراءات أيضا، فهو قابل للقراءة البرهانية بدليل ما يزخر به من الآيات الداعية إلى التعقل والتبصر و التفكر وهو قابل كذلك للقراءة العرفانية بحجة ما يحتويه من ءايات كثر تدعو إلى الايمان بالغيب المؤسس على الفطرة والذوق.
و إنه لمن الشطط التاويلى الزعم بأحقية أو تاريخية استبداد إحدى هذه القراءات الثلاث على الآخرين بل من المنصف أن نعتبر هذه القراءات متكاملة متلاحمة لكل منها حقلها المعرفي الخاص بها.
ونحن إذ ننوه بموقف الجابرى من مناهج البحث الغربية الحديثة التى يرى أنه يجب على الدارس أن يتخذها أدوات للبحث لا آليات للتفكير فإننا نلمس في أنفسنا نوازع إلى الشك في مدى افلاح الجابرى في التقيد بهذا الموقف في كتاباته.
ذلك أن مفاهيم الأنظمة المعرفية والقطيعة الابستمولجية التى اعتمدها الجابرى أدوات للبحث مستقاة كلها من الجهاز المفهومي الذى صاغه الفيلسوف الفرنسي المعاصرميشيل فوكو.
و لا يسعنا في الأخير إلا أن نقول إن انفتاح المشروع الجابرى وقبوله للتحاور أمران كفيلان إذا لقيا تجاوبا فكريا جادا وعميقا أن يضمنا تحسين المشروع وتحسنه فاستمراريته وتواصله.

مصدر المقال : أرشيف الوكالة الموريتانية للأنباء
جريدة الشعب الصادرة يوم الإثنين 29 شعبان 1405 الصفحة الأخيرة

]]>
https://niefrar.org/?feed=rss2&p=375 3 375
لا… لا عنصرية ولا محاباة في مواقف النبي محمذن بابا ولد أشفغ https://niefrar.org/?p=248 https://niefrar.org/?p=248#comments Thu, 09 Jan 2014 21:47:16 +0000 قرأت بحسرة وإشفاق مقال الشاب محمد الشيخ ولد مخيطير الذي ردد فيه بعضا من شبهات كثيرة يتداولها اليوم العديد من شبابنا على صفحات التواصل الاجتماعي في الإنترنت. وأعتقد أن من حق هؤلاء الشباب على من أوتي حظا من علم وعقل أن يناقشهم بهدوء ورزانة ويجادلهم بالتي هي أحسن ويستعرض معهم الحقائق التاريخية بموضوعية علَ الله أن ينتشلهم من حيرتهم ويهديهم إلى سواء السبيل.
قرأت بحسرة وإشفاق مقال الشاب محمد الشيخ ولد مخيطير الذي ردد فيه بعضا من شبهات كثيرة يتداولها اليوم العديد من شبابنا على صفحات التواصل الاجتماعي في الإنترنت. وأعتقد أن من حق هؤلاء الشباب على من أوتي حظا من علم وعقل أن يناقشهم بهدوء ورزانة ويجادلهم بالتي هي أحسن ويستعرض معهم الحقائق التاريخية بموضوعية علَ الله أن ينتشلهم من حيرتهم ويهديهم إلى سواء السبيل.

وفي انتظار أن ينبري من أهل العلم والعقل من يسلك هذا المسلك، فسأحاول من باب التطفل الرد على الشبهات الثلاث التي أثارها المقال.

أولا: فداء أبي العاص بن الربيع:
رأى الكاتب في قصة فداء صهر الرسول عليه الصلاة والسلام أبي العاص بن الربيع بعد أسره يوم بدر نوعا من المحاباة والأنانية. وخلاصة القصة أن زينب كبرى بنات الرسول بعثت من مكة بقلادة لفداء زوجها. وكانت لهذه القلادة قيمة رمزية كبيرة، فقد أهدتها خديجة بنت خويلد رضي الله عنها لابنتها البكر عندما زفتها لأبي العاص. ولما رأى الرسول القلادة عرفها ورق لها فقال لأصحابه: “إن رأيتم أن تطلقوا لها أسيرها وتردوا عليها مالها فافعلوا إن شئتم. فقالوا : نعم يا رسول الله”.

وفي هذه الحادثة حكم عديدة تبعدها من المحاباة والأنانية وتدرجها في صميم العدل والإنصاف، ومن أبرز هذه الحكم:

ـ أن الرسول عليه الصلاة والسلام لم يتخذ القرار بانفراد بل عرضه على أصحابه وترك لهم حرية الرفض أو القبول. ولذلك لا تحدثنا كتب السير والتاريخ عن أي لمز للمنافقين في هذا القرار.

ـ أن المشاعر التي أذكتها قلادة خديجة في نفس الرسول يختلط فيها الوفاء للزوجة بالحنان على البنت والعطف على الصهر، وهي مشاعر نبيلة تنم عن خلق عظيم ولا وجه لمقارنتها بنوازع الغرائز الهابطة كالمحاباة والأنانية.

ـ كانت خديجة رضي الله عنها أول من آمن بالرسول وآزره ونصره وقد بذلت مالها وجاهها وراحتها من أجل التمكين للإسلام. ولهذا لا يستساغ أن يقابل المسلمون تضحياتها في أول نصر يحرزونه بأخذ قلادة أهدتها لفلذة كبدها فدية لصهرها وابن أختها. وعلى كل حال فرد القلادة لا يفي بشيء من حق خديجة على المسلمين، والله وحده قادر على مجازاتها ولذلك بشرها ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب.

ـ عندما ضغطت قريش، قبل الهجرة، على أزواج بنات رسول الله صلى الله عليه وسلم كي يطلقوهن، رضخ عتبة وعتيبة نجلا ابي لهب فطلقا رقية وأم كلثوم، لكن أبا العاص بن الربيع رفض مفارقة زينب غير مكترث بسطوة قريش وجبروتها وغير عابئ بإغرائها له بتزويجه بأي فتاة يختارها من جميلات القبيلة. وصب ذلك الموقف الأبي الوفي في اتجاه نصرة الإسلام وخذلان الكفر رغم شرك صاحبه. ولهذا فمكارم الأخلاق تقتضي، وقد وقع ابن الربيع في الأسر يوم بدر، أن يغتنم المسلمون أول فرصة تلوح ليردوا له جميله.

ـ كان من بين أسرى بدر عم النبي ساقي الحجيج العباس بن عبد المطلب وابنا عميه عقيل بن أبي طالب ونوفل بن الحارث. وقد كان عليه الصلاة والسلام يحب العباس كثيرا ولذلك جافاه النوم أول ليلة لعمه في الأسر. ولما سُئِل عن سبب أرقه أجاب: سمعت أنين العباس في وثاقه. وعندها أسرع أحد الصحابة فأرخى وثاق العباس. فلما علم عليه الصلاة والسلام بالأمر قال لصاحبه: اذهب فافعل ذلك بالأسرى جميعا . فلو كان عليه الصلاة والسلام يحابي ذويه لما عامل أقاربه الأعزاء معاملة سائر الأسرى.

ثانيا: مواجهة يهود بني قريظة بالقوة والعفو عن كفار قريش يوم الفتح:
رأى الكاتب أن قتل الرسول عليه الصلاة والسلام لمقاتلة بني قريظة بعد غزوة الأحزاب وعفوه عن كفار قريش يوم فتح مكة هو نوع من الكيل بمكيالين وضرب من محاباة الأهل والعشيرة. والحقيقة أن لكل من الواقعتين سياقها الأمني والسياسي الخاص.

فقد أبرم رسول الله عليه الصلاة والسلام عهد أمان مع بني قريظة لتحصين الجبهة الداخلية في المدينة وجوارها، لكنهم غدروا به وأقنعوا قريشا بغزو المدينة واعدين إياهم بأن يكونوا لهم ظهيرا ونجحوا في تأليب قبائل عديدة وكبيرة التحقت بقريش فيما عرف بغزوة الأحزاب. وقد حصن المسلمون المدينة بالخندق الذي حفروه على طول مدخلها الشمالي، لكن الأحزاب حاصرتهم قرابة شهر أنهكتهم فيه أيما إنهاك قبل أن يسلط الله على المشركين ريحا أدخل عصفها وبردها القارس الرهبة في قلوبهم واضطرهم إلى الفرار.

كان غدر بني قريظة بمثابة خيانة عظمى في ظرف يعاني فيه المسلمون ضعفا سياسيا وعسكريا كبيرا ولذلك كان من اللازم تلقينهم درسا رادعا لهم ولغيرهم.

وقد ذهبت الدعاية اليهودية وخاصة في هذا العصر إلى أن عقاب الرسول لبني قريظة شكل واحدة من أفظع المجازر البشرية في التاريخ. وهي تستند فيما ذهبت إليه إلى معلومة تناقلها بعض المؤرخين اليهود وجاءت في بعض كتب السيرة النبوية مفادها أن مئات من رجال بني قريظة قتلوا في تلك الحادثة.

لكن بعض علماء السيرة القدامى والمحدثين رأوا أن العدد مبالغ فيه كثيرا ملاحظين أن صحيحي مسلم والبخاري لم يرد فيهما على الإطلاق ذكر لعدد قتلى بني قريظة. وذهب هؤلاء إلى أن من قتلوا هم كبراء القوم وكانوا بمثابة مجرمي حرب.

أما في فتح مكة فكان الإسلام في عنفوان قوته العسكرية والسياسية يدخله الناس أفواجا، وكانت قريش في حالة تفكك وضعف وانهيار أفضى بها إلى استسلام شامل. وكانت الحصافة السياسية تقتضي إصدار عفو شامل عن قريش وهو ما أعلنه عليه الصلاة والسلام بنبل وأريحية في ندائه الخالد لقريش: “اذهبوا فأنتم الطلقاء”. ومع ذلك استثني النبي من هذا العفو عددا من ألد أعداء الإسلام كانوا بمثابة مجرمي حرب ـ ككبراء بني قريظة ـ وأمر بقتلهم ولو وجدوا متعلقين بأستار الكعبة.

ثالثا: إكرام هند بنت عتبة والصدود عن وحشي:
زعم الكاتب أن الرسول عليه الصلاة والسلام وقف موقفا عنصريا تمييزيا عند ما أكرم هندا بنت عتبة وصدَ عن وحشي بعد إسلامهما لأن هندا سيدة قرشية نبيلة ووحشي عبد حبشي وضيع رغم أن هندا هي من أجرت وحشيا لقتل سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب يوم أحد وهي أيضا من مثّـل بعم النبي.

ولم يرد في كتب السير أنه عليه الصلاة والسلام عامل هندا معاملة تفضيلية بعد إسلامها، لكن قوة شخصية بنت عتبة وفصاحتها هي التي خلدت حضورها البارز في الأبطح حيث بايعت النبي رفقة مجموعة من النساء. ومن بين تعليقاتها الخالدة في ذلك اليوم قولها لرسول الله بعد أن كشفت عن نقابها وقدمت نفسها: “والله ما كان على الأرض أهل خباء أحبّ إليّ من أن يذلّوا من خبائك، ولقد أصبحت وما على الأرض أهل خباء أحبّ إليّ من أن يَعزّوا من خبائك”.

أما وحشي فكان يدرك تماما مكانة حمزة العظيمة عند رسول الله والمسلمين كافة ولذلك لما فتحت مكة أيقن أن الموت بات يداهمه ففر إلى الطائف، فلما قرر أهل الطائف اعتناق الإسلام فكر في اللجوء إلى الشام أو اليمن… يقول وحشي: “إني لفي ذلك من همي إذ قال رجل ‏:‏ ويحك‏!‏ إنه والله ما يقتل أحداً من الناس دخل في دينه‏.‏ فلما قال لي ذلك خرجت حتى قدمت على رسول الله المدينة، فلم يرعه إلا وأنا قائم على رأسه، أشهد شهادة الحق‏.‏ فلما رآني قال‏:‏ وحشي؟ قلت‏:‏ نعم‏. قال‏:‏ اقعد فحدثني كيف قتلت حمزة‏.‏ فحدثته…‏ فلما فرغت من حديثي قال‏:‏ ويحك‏!‏ غيب وجهك عني، فلا أراك‏.‏ فكنت أتنكب رسول الله حيث كان، فلم يرني حتى قبضه الله‏”.

ليس في الأمر إذن أدنى تمييز أو عنصرية وإنما هو الوفاء والعدل في أجلى صورهما. فالوفاء لسيد الشهداء أسد الله وأسد رسوله هو ما يفسر الرغبة في تغييب وجه قاتله، والعدل يقتضي عدم سلب وحشي أيا من حقوقه إذ الإسلام يجب ما قبله، وفعلا تمتع وحشي بكامل حقوقه بما فيها أسماها أي الجندية في جيش المسلمين إلى أن انتهى به الأمر بأن حظي بشرف قتل مسيلمة الكذاب.

إن مثل هذه الشبهات التي وقع الشاب ولد امخيطير ـ هداه الله وتاب عليه ـ فريسة لها تتأتى أساسا من أمرين ينبغي التنبه لهما جيدا. أما الأمر الأول فهو قراءة أحداث السيرة قراءة انتقائية تعزلها عن سياقاتها التاريخية مما يشوش على المتلقي العادي فهمها وإدراك الحكم الكامنة وراءها.

وأما الأمر الثاني فهو أن الكثير من مظاهر الظلم والاضطهاد في المجتمع ألبسها بعض الفقهاء، مع مر الوقت، لبوسا دينيا لأسباب مختلفة يختلط فيها القصور في فهم النصوص الشرعية وإدراك حيثيات الواقع بالأهواء والمصالح الشخصية. ولا شك أن إسباغ الشرعية الدينية على ممارسات منافية تماما لجوهر الإسلام كالعنصرية أمر منفر يدفع غير المطلعين اطلاعا دقيقا على حقيقة الشرع إلى تصديق ما يثار من شبهات حول الإسلام.

]]>
https://niefrar.org/?feed=rss2&p=248 4 248